قبل ليلة من إشعال بائع الفاكهة المتجول محمد البوعزيزي النار التي قتلته حرقا ووصلت شرارتها مشارق العالم العربي ومغاربه، قال لأمه إن البرتقال والتمر والتفاح الذي بحوزته كان من أفضل ما رأت عيناه وإنه سوف يبيعها في اليوم التالي ويشتري لها بعض الهدايا، حسب ما تعيده واشنطن بوست من قراءة تلك الأحداث.


قال البوعزيزي لأمه "إن غدا ليوم حسن".

لسنين عديدة، كان البوعزيزي يحدث أمه عن الفساد الذي يسود سوق الفاكهة، حيث يعتبره رجال الشرطة مرتعًا لهم يأخذون منه أكياس الفواكه بدون ثمن ولا حتى إيماءة شكر، ويستمتعون بإذلال الباعة والسخرية منهم، بل ويمعنون في إهانتهم بإجبارهم على حمل الفواكه التي أخذوها غصبًا إلى سياراتهم.

قبل بزوغ فجر 17 ديسمبر/ كانون الأول دفع البوعزيزي عربته في الأزقة محاولا شق طريقه إلى سوق الفاكهة. اعترضه عناصر من الشرطة وحاولوا مصادرة بضاعته. عم البوعزيزي رأى الواقعة فهرع لنجدة ابن أخيه وحاول إقناع عناصر الشرطة بأن يدعوا الرجل يكمل طريقه إلى السوق طلبا للرزق.

العم ذهب إلى مأمور الشرطة وطلب مساعدته، واستجاب المأمور وطلب من الشرطية فادية حمدي التي استوقفت البوعزيزي برفقة شرطيين آخرين أن تدعه وشأنه. الشرطية استجابت ولكنها استشاطت غضبا لاتصال عم البوعزيزي بالمأمور.



حنق وانتقام
ذهبت إلى السوق في وقت لاحق وبدأت مصادرة بضاعة البوعزيزي ووضعت أول سلة فاكهة في سيارتها وعندما شرعت في حمل السلة الثانية اعترضها البوعزيزي، بحسب علاء الدين بدري البائع الذي يعمل على عربة بجوار عربة البوعزيزي.

قال بدري "لقد دفعت محمد وضربته بهراوتها".

ثم حاولت الشرطية أن تأخذ ميزان البوعزيزي، وحاول مرة أخرى منعها، عندها دفعته هي ورفيقاها فأوقعوه أرضًا وأخذوا الميزان. بعد ذلك قامت الشرطية بتوجيه صفعة للبوعزيزي على وجهه أمام حوالي 50 شاهدا.

عندها عزّت على البوعزيزي نفسه وانفجر يبكي من شدة الخجل.

وبحسب الباعة وباقي الشهود الذين كانوا في موقع الحدث، صاح البوعزيزي بالشرطية قائلا "لماذا تفعلين هذا بي؟ أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل".



الغليان
بعد الصفعة، ذهب البوعزيزي إلى بهو المدينة وطلب أن يلتقي بأحد المسؤولين. قال له الموظف، كلا وطلب منه الذهاب إلى البيت وأن ينسى الموضوع. عاد إلى السوق وأخبر زملاؤه الباعة بأنه سوف يُعلِم العالم كله عن الحيف الذي وقع عليه والفساد المستشري في النظام.

قال إنه سيشعل النار في نفسه.

بائع آخر في السوق اسمه حسن قال "كنا نظن أنه مجرد كلام".

بعد ذلك، تناهت إلى سمع باعة السوق أصوات صراخ تتعالى من مكان قريب.

محمد البوعزيزي، وبدون أن يقول أي شيء بعدما قاله لزملائه في السوق، وقف أمام مبنى البلدية وسكب على نفسه مخفف الأصباغ (ثنر) وأشعل النار في نفسه.

اشتعلت النيران، وأسرع الناس وأحضروا طفايات الحريق ولكنها كانت فارغة. اتصلوا بالشرطة، لكن لم يأت أحد. ولم تصل سيارة الإسعاف إلا بعد ساعة ونصف من إشعال البوعزيزي النار في نفسه.

والدة البوعزيزي قالت إن قرار ابنها جاء "ردًّا ارتجاليًّا نتيجة الإهانة التي لحقت به". عيناها الزرقاوان اغرورقتا بالدموع عندما وضع زوجها وعاءً من الجمر بجانب قدميها. الجمر هو الوسيلة الوحيدة التي تمتلكها عائلة البوعزيزي للوقاية من البرد. هذه العائلة لا تمتلك مالا ولا سيارة ولا كهرباء، ولكن الفقر لم يكن سبب تضحية محمد بنفسه كما تقول والدته. إنه النضال من أجل الكرامة.

عملية استعراضية
تقول والدة البوعزيزي إن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي زار ابنها في المستشفى وقام بعملية استعراضية عندما سلمها شيك بمبلغ 10 آلاف دينار تونسي (حوالي 7.2 آلاف دولار أميركي)، إلا أن الشيك صودر من يديها بعد اكتمال عملية التصوير.

قالت الأم "لم أحصل على أي شيء من مبلغ الشيك".

بعد ثلاثة أسابيع من حرقه لنفسه، توفي البوعزيزي في المستشفى الذي كان يرقد فيه.

في مطلع شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ألقي القبض على الشرطية فادية حمدي، ولكن بعد فوات الأوان.



كانت شرارة النار التي أشعلها محمد البوعزيزي قد أشعلت تونس. ثم وصلت بعد ذلك إلى مصر واليمن والبحرين والأردن وسوريا وليبيا والمملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان العربية. أما بن علي فقد هرب.

مع تحياتي : مقالة منقولة - كلمات هي من ما سطرت أقلام واشنطن بوست ،،،
فماذا كتب عن زعماء امثال البوعزيزي ؟
حتى ولا ندم،، وما زال شباب تونس يواصل محاولاته لعبور البحر إلى إيطاليا،، إلى فرص يلمس مستقبل افضل من ما عليه الأمر في بلده ،، ( تونس ) !!!