جنيف/بيروت (رويترز) : نحت روسيا والولايات المتحدة جانبا خلافاتهما الحادة حول سوريا لإبرام اتفاق يوم السبت يقضي بتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية الأمر الذي يؤدي إلى تفادي القيام بعمل عسكري أمريكي ضد حكومة الرئيس بشار الأسد.


اجتماع بين الوفدين الأمريكي والروسي برئاسة كيري ولافروف في جنيف يوم السبت - رويترز

ويطالب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد محادثات استمرت ثلاثة أيام في جنيف بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف بأن يسلم الأسد "قائمة وافية" بمخزوناته من الأسلحة الكيماوية خلال أسبوع.

وسيبدأ المفتشون الدوليون العمل بسرعة للتخلص من كل الأسلحة الكيماوية لدى سوريا بحلول منتصف العام القادم وهو "هدف طموح" على حد وصف كيري.

وإذا لم تلتزم سوريا بالاتفاق تتعهد واشنطن وموسكو بالتعاون معا في الأمم المتحدة لفرض عقوبات رغم أن هذه (العقوبات) لم تتقرر بعد ومن غير المرجح أن تؤيد روسيا العمل العسكري الذي قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه يجب أن يظل خيارا مطروحا.

وقال كيري إن أوباما يحتفظ بالحق في شن هجوم بدعم من الأمم المتحدة أو بدونه.

وأصاب الاتفاق معارضي الأسد بخيبة أمل وكانوا يتوقعون قبل أسبوعين ضربات جوية أمريكية في أي لحظة ردا على هجوم بالغاز السام على المناطق التي يسيطرون عليها.

ورغم تأكيدات كيري ولافروف بأن الاتفاق قد يضع أساسا لاتفاق أوسع للسلام قالت المعارضة إن الأسد لن يلتزم به وأن الاتفاق الذي يضع نهاية للقتال لا يزال بعيدا.

وقصفت طائرات حربية سورية مجددا مناطق تسيطر عليها المعارضة في ريف دمشق يوم السبت.

وأصابت الحرب الأهلية السورية العلاقات بين أكبر قوتين عسكريتين في العالم بالفتور ودفعتها إلى مستويات حقبة الحرب الباردة لكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه اليوم السبت يتيح فرصة لتجنب الدخول في مواجهة أكبر.

وبالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإن الاتفاق يعيد إدارة الأزمة السورية إلى الأمم المتحدة. وبالنسبة لأوباما فإنه يحل معضلة نجمت عن إحجام الكونجرس عن تأييد الضربات الجوية التي كان يستعد لشنها بدون تفويض من الأمم المتحدة.

لكن لا تزال هناك صعوبات كثيرة أمام الاتفاق أهمها التحدي الفني المتعلق بتدمير ترسانة كيماوية ضخمة تضم مواد معقدة وخطيرة في ظل حرب أهلية ضارية.

وقال كيري في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف في جنيف "تنفيذ هذا الإطار الذي يتطلب يقظة ودعم المجتمع الدولي والمحاسبة الكاملة لنظام الأسد يمثل طريقا شاقة."

وقال لافروف إن الاتفاق "يظهر أن هناك إرادة... تمكن روسيا والولايات المتحدة من تحقيق نتائج في المشكلات الأهم بما في ذلك مشكلة أسلحة الدمار الشامل."

وتابع قائلا "التنفيذ الناجح لهذا الاتفاق سيكون له معنى ليس فقط من زاوية الهدف المشترك لإزالة ترسانة الأسلحة الكيماوية ولكن أيضا لتجنب السيناريو العسكري الذي سيكون كارثيا لهذه المنطقة وللعلاقات الدولية ككل."

وفي اسطنبول رفض اللواء سليم إدريس رئيس المجلس العسكري الأعلى التابع للمعارضة السورية الاتفاق وقال إنه لن ينهي الحرب الأهلية. وقال إن الاتفاق ضربة لآمال المعارضة في الإطاحة بالرئيس السوري الذي التف على الاتفاق بنقل بعض أسلحته الكيماوية إلى لبنان والعراق خلال الأيام القليلة الماضية لتفادي تفتيش محتمل من الأمم المتحدة.

أما العقيد قاسم سعد الدين وهو قائد عسكري آخر في المعارضة في شمال سوريا والمتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى فقال لرويترز إن قواته لن تتعاون. وقال فلتذهب خطة كيري ولافروف للجحيم مضيفا ان المعارضة ترفضها ولن تحمي المفتشين او تدعهم يدخلون سوريا.

لكن مسؤولا أمريكيا قال إن واشنطن تعتقد أن كل الأسلحة الكيماوية لا تزال موجودة في مناطق خاضعة لسيطرة القوات السورية.

ورغم الانفراجة الدبلوماسية فان ضحايا الاسلحة الكيماوية يمثلون اثنين في المئة فقط من اجمالي الوفيات في الحرب الاهلية التي قتل فيها أكثر من 100 الف شخص.

وقال سكان يوم السبت ان طائرات حربية سورية قصفت أحياء تسيطر عليها المعارضة في العاصمة دمشق وان قوات حكومية اشتبكت مع مقاتلين من المعارضة.

وقال سكان وناشطون من المعارضة سئلوا بشأن الاتفاق انه لن يفيد المواطنين السوريين.

وقال ناشط من المعارضة في حي تسيطر عليه المعارضة بدمشق "النظام يقتل الناس منذ أكثر من عامين بكل أنواع الاسلحة. الاسد استخدم الاسلحة الكيماوية ست أو سبع مرات. القتل سيستمر. لن يحدث تغيير."

وأذاعت وسائل الاعلام السورية المؤتمر الصحفي لكيري ولافروف على الهواء مشيرة الى ان دمشق راضية عن الاتفاق.

ولم تحقق الجهود الاصلية للتوصل الى حل سياسي للصراع والتي اطلق عليها "خطة جنيف" والدعوة الى تشكيل حكومة انتقالية تقدما يذكر حيث رفض الاسد التخلي عن السلطة وأصرت المعارضة على انه لا يمكن ان يصبح جزءا من أي حل سياسي جديد.

ويقول خبراء ان ازالة سوريا مئات الاطنان من الاسلحة الكيماوية المنتشرة في منشآت سرية سيمثل مشاكل كبيرة في ظل حرب أهلية مستمرة.