((( 3 )))
نذالة حمايريه
----------------------------------
حين كنت غلاما ابتاع لي والدي رحمه الله حمارا قصيرا يتناسب مع قامتي وقدراتي كغلام صغير حتى يتيسر لي امتطائه بيسر وسهولة قياسا على طول قامتي المتطاولة للقفز فوق ظهر ذلك الحمار مستعينا ببعض الحجارة والأواني القديمة تحت قدمي أوجره أحيانا إلى منخفض صغير حتى أتمكن من امتطائه
و لايمكن لمثل هذا الحمار أن يتجاوز حجمه ووزنه و مكانته بين الحمير مهما بلغ من الدعك والتلميع حتى لو أطلقناه في مخازن التمر والنوى وحقول البرسيم والتبن
ولكن هذا الحمار رغم قزمنته حوى في رأسه من المكر والدهاء كماً يفوق مافي رؤوس أشرار الثعالب
وتطورت معه هذه الخصائص حتى وصلت إلى درجة النذالة والمنذلة والمناكدة معي بالذات ؟؟؟
وفي أيامنا كطلبة في بداية السبعينيات الهجرية كنا نذهب إلى المدرسة راجلين وقليل منا كنا نتباهى بمركباتنا من طرازات الحمير وأنواعها
فعيال النعمة المرفهين يمتطون حميرا مرفهة أيضا و فارهة في كل شيء في ضخامتها وقوة احتمالها وجريها
وحتى ما يظنه الحمـّارة خببا وهوخمعا و وهي تمشي الهوينا وأعناقها مشرئبة مع طيف انحنائة غرور حمايري من أسفل الرقبة إلى أعلاها
وهي تهذب برقابها هذبا يسلب ألباب خبراء وأرباب الحميره الذين يتمايلون طربا مع حركة الحمير ذات اليمين وذات الشمال وهي تتهادي جذلة على رنات الأجراس الثمينة التي تطوق أعناقها العريضة وأنوفها شامخة إلى الأعلى بصورة حمايرية أيضا
يكرم عنها شموخ أصايل الخيل بأنوفها
حتى الركوب على هذه النوعية من الحمير المنعمة وبدون بردعة فهو مريح ومرفه وآمن للغاية ويمكن للمرء أن يغفو وهو متمدد على ظهورها على عكس حماري القزم الذي ليس له ظهر البتة
سوى عموده الفقري الناتيء الذي يتوسط أعلى ضهره من فوق أضلعه البارزة مما يظطرني لوضع البردعة على ظهره رفقا بعموده ودرءا لضرر محتمل
قد يصيبني في مقتل شديد الحساسية
مع انزلاق البردعة غالبا عن ظهره أعني عموده الفقري ومن ثم سقوطي
(تحذير سقوط متكرر )
أخرج من المدرسة أحيانا ومعي البردعة التي أخاف أن تسرق وعند الإنصراف لا أجد حماري اللئيم فأحمل البردعة مع حقيبة المدرسة إلى البيت
وأنا غاضب جدا فلست خائفا على حماري النذل من السرقة فهو أخبث من أن يحاول أحد سرقته حيث لو حاول أحد ذلك يطلق جرس إنذار القايلة المميز والذي أعرفه وأميزه من بين كل الحميرسواءا حمير الذوات أو حمير الغلابا كحماري التعس
ولكني غاضب من نذالته معي فمن لئمه يعالج الحبل المربوط فيه كسائر الحمير المربوطة في مربط جماعي أمام المدرسة يذكرني بمرابط خيول الكاوبوي مع الفارق
فماعذر الحمار ابن الحمارة ابن الحمار فليس لديه زوجة أو ابناء يهتم لأمرهم حتى يتركني بهذه الطريقة الخسيسه ؟؟
حين أقترب من البيت متعبا مجهدا ألمح من بعيد رأسه من خلف الزريبة وقد انتصبت أذنناه إلى الأعلى وجحضت عينيه خوفا وهلعا
مع إطلاق أبواق خفية لاأسمعها عن بعد ولكني أعلمها من طبائع هذا الحمار النكد
ومن شدة ذكائه وخبثه يطلق النفير بنغمة مميزة تطلب النجدة من والدي الذي ينتهرني ويمنعني من التفاهم مع هذا الحمار اللئيم
وأنتهز الفرصة في غياب والدي فأضربه بالخيزران ضربا شديدا مبرحا كي أوؤدبه ولكن هيهات أن تؤدب حمارا فالحمار حمار كسائر الحمير التي بعضها بدون ذنب وأذنين
ولقد بائت كل محاولاتي معه بالفشل حتى استرضائه بالتمر والنوى وغزير التعليف لم تجدي معه نفعا ومثله من أمثاله لايستحق المعروف والحسنة فاتق شر من أحسنت إليه من الحمير وخصوصا حمير النعمه
لجأت إلى الخبراء والمستشارين الحمايريين ولم تجدي وصفاتهم ولم تنفع خبراتهم فلجأت إلى آخر حيلة في علاج وتأديب الحمير المتمنذله
فقط شرنقة ذات فتحات صغيرة على هيئة كيس صغير مليئة بالخنافس تربط بإحكام في أعلى ذيل الحمار أي حمار فيتربى الحمار تماما
مثل ما تأدب حماري على أيدي الخنافس البريئة ولكني لازلت حائرا كيف نربط شرنقة في مؤخرة حمارأجبع لاذيل له ولا أذنان ؟؟؟
مواقع النشر