تبوك - (الحياة البرية) : بينما تزدحم قبة السماء بالغيوم الداكنة ، ينشطون! وحينما تتساقط أول قطرات الغيث هم أول من يستقبلها، وحين يرعد الرعد بصوته الأجش، يبادلونه التحية بدعوات تتصاعد لقبة السماء و بأهازيج فرح مطمئنة له أننا هنا بانتظار قصائدك. فيفرحون بالمطر و كأنهم أعشاب برية تطرب لأنشودة المطر..
عاشقوا الغيوم تتكون من ثلاثة مغامرين هم: (
عبد الرحمن الحويطي) و (
أنور العنزي) و (
إبراهيم العطوي)، جمعهم حب الطبيعة و الصداقة الشفافة الجميلة كالغيث..
حالما تتشكل السحب الداكنة تجدهم قد ركبوا سيارة الدفع الرباعي (
أم الجمايل) ،ليتعقبوا المطر و يروا كيف تهتز الأرض بفضل ربها، فكم التقط لهم ضوء البرق حينها من صور بديعة.
تبادلت الحديث ذات مودة مع الأستاذ عبد الرحمن الحويطي حول الطبيعة في تبوك، و ذكرت له أنني أبحث عن صورة للذئب العربي ،فوعدني خيراً و ذكر لي أنه يصادفه على الدوام في رحلاته البرية. و خلال أقل من يوم بعث لي الأستاذ الحويطي بصور لذئب كان قد دهسته سيارة في البرية، عقب الأستاذ الحويطي لأسفه البالغ لاستهانة الشباب بهذه المخلوقات، كنت متفاجئاً من ثقافته في الحياة البرية و من ما يورد لي من حقائق كان قد رصدها ،قلت له أن لديك (بصيرة باحث في الطبيعة).
أخبرته برغبتي في صور أخرى لذئب حي ،و مقطع فديو ، فوعدني أن عن قريب سيتصل بي ليزودني بتلك المادة .كنت متفائلاً به لكن جزءاً من نفسي يردد :هذا الأمر صعب للغاية على محب للبرية، سلوك الذئاب حذر للغاية ،وهي حيوانات ليلية و قليلا ما تظهر في النهار و نادرا ما تظهر بمناطق يقيم بها الناس .
لم يتبق لي سوى الانتظار..
يوم السبت و حين كانت السماء متشحة بالغيوم، كانوا هناك يستمتعون، وحين أخبرني بذلك أ.عبدالرحمن قلت له: تشبهون مطاردو الزوايع و الأعاصير بتعقبكم للغيوم ،ففي الأمر مخاطرة بحق، فذكر لي أنه مجموعة جمعتهم الصداقة و عشق البر ،وحينما يذهبون للبر في مثل هذه الظروف قد يصادفوا من يمدوا له يد العون.
فكرة رصد الذئب العربي كانت مسيطرة على المجموعة ،و فجأة ترآى لهم طيف حيوان ضاري يركض في البرية ،فتعقبوه ،جاء ببالهم أنه قد يكون كلباً، أو حتى ثعلباً لكن العين الراصدة لدى أحدهم أكدت أنه ذئب.
اقتربوا من الحيوان لمسافة قصيرة ،وتفاجأوا أنه لم يفر و لم يخف منهم ،بل ثبت بمكانه ،تمكنوا من التقاط مجموعة من الصور التوثيقية الرائعة للذئب العربي، و تمكنوا كذلك من تسجيل مقطع فديو له.
السر في عدم فرار الذئب منهم سهل للغاية ! أنهم كانوا باتجاه عكس الريح فلا يلتقط الذئب رائحتهم، و لعل هذه أولى أسرار تعقب الحيوانات البرية، السر الثاني الهدوء و عدم الجلبة.. ولعل الذئب قد آنس منهم وداً و لمس شجاعتهم فلم يتردد في أن يلتقطوا له بعض الصور، فإن كان هو نبيل البراري فهؤلاء الشباب هم نبلاء البراري من الانسان، فلم يصوبوه بطلقة ناريةغادرة ترديه قتيلا،و لم يطاردوه بسيارتهم الفتية فيردوه متردياً. بل اكتفوا بتأمل جماله و رصده و توثيقه. لعله حينها لم يتردد بالثبات في مكانه.
عاشقوا الغيوم (عبد الرحمن و أنور و إبراهيم) لكم عبق الثناء و شذاه على توثيقكم و رصدكم وتعاونكم معي..
لكم الغيم و أزهار النفل و النعنع البري..
كتب النص: مدير الموقع د. عبد الهادي بن أحمد العوفي
تم نشر هذه المادة بالتعاون مع موقع (الطبيعة في تبوك)
مواقع النشر