عمان - سليمان الخالدي (رويترز) - حثت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد الدول العربية التي تباشر تحولا نحو الديمقراطية على تقليص أنظمة الدعم باهظة التكلفة بشكل تدريجي لكنها لم تلق إلا استجابة حذرة من وزراء مالية دول المنطقة المتخوفين من التداعيات الاجتماعية لمثل تلك الخطوات.



وقالت مديرة صندوق النقد إن على الدول العربية التي تسعى صوب الديمقراطية أن تمضي قدما في الإصلاحات الهيكلية وتقليص أنظمة الدعم التي يقدر الصندوق أنها تكلف دول المنطقة 237 مليار دولار سنويا.

وأضافت أن متوسط معدل النمو البالغ حوالي ثلاثة بالمئة في العالم العربي لا يكفي لمواكبة نمو قوة العمل في المنطقة التي تعاني من ارتفاع معدلات الفقر في الريف.

وأبلغت لاجارد المشاركين في مؤتمر للصندوق بالعاصمة الأردنية عمان "النمو الذي نراه في المنطقة ويبلغ حوالي ثلاثة بالمئة في المتوسط ينبغي أن يزيد زيادة كبيرة للاستجابة لمتطلبات الشبان الذين ينتظرون للانضمام إلى سوق العمل."

وقالت "لذا رسالتي لكم هي السعي نحو الانضباط المالي والمضي قدما في الإصلاح الهيكلي للاستفادة من الاستقرار الذي تحقق لكي ... تبلغوا النمو اللازم لخلق فرص العمل الضرورية."

واتفق وزراء المالية من دول المنطقة على ضرورة إصلاح الدعم الذي يلتهم جانبا كبيرا من الميزانيات.

لكنهم أضافوا أن التكاليف الاجتماعية عامل مهم يحول دون تسريع إصلاح أنظمة الدعم.

وألقي باللوم من قبل على سياسات تقشف اتبعتها الحكومات التزاما بتوجيهات الصندوق في زيادة الفروق الاجتماعية وإشعال الاحتجاجات في بلدان بأنحاء المنطقة.

واحتاجت حكومات دول عربية مستوردة للطاقة مثل تونس والأردن واليمن إلى شهادات سلامة اقتصادية من صندوق النقد نظرا لاعتمادها على دعم المانجين الغربيين للمساعدة في سد عجز الميزانيات.

وقال رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور إن بلاده التي واجهت احتجاجات شعبية بعد 2011 واضطرت إلى معالجة الإنفاق الحكومي المتزايد عن طريق إنهاء دعم الوقود مما أدى إلى قلاقل مدنية قد أجبرت على طلب مساعدة الصندوق باعتباره "طبيبا يصف العلاج الصحيح".


مديرة صندوق النقد الدولي تتحدث مع طفل من اللاجئين السوريين في مدرسة بمخيم للاجئين - رويترز

وقال مسؤولون آخرون ومصرفيون إن الصندوق تعلم للتو دروس السنوات القليلة الماضية وبدلا من الضغط على الدول العربية المعتمدة على المساعدات لتحقيق أهداف مالية صارمة بصرف النظر عن التكاليف الاجتماعية بدأ يراعي التحديات الداخلية التي تواجهها.

وقالت لاجارد إنه في حالة الأردن خفف الصندوق أهدافه المالية ضمن اتفاق لقرض تحت الطلب قيمته مليارا دولار أبرم في 2012 لمساعدة المملكة على دعم اقتصادها وتخفيف أثر استقبال أعداد ضخمة من اللاجئين السوريين.

والمؤتمر الذي انعقد تحت عنوان "بناء المستقبل" هو الأول من نوعه منذ الثورات العربية وشارك فيه وزراء ومجموعات ممثلة للمجتمع المدني ومنتقدون لسياسات الصندوق.

وقالت لاجارد إن هناك مؤشرات على استقرار اقتصادات مثل المغرب وتونس والأردن ومصر بعد أكثر من ثلاث سنوات من القلاقل والاضطرابات السياسية لكن هناك حاجة لبذل المزيد.

وقالت "الاستقرار هش وبحاجة إلى تعزيزه بالانضباط المالي المتواصل وزخم الإصلاح الذي يمضي قدما بالفعل دون تراجع."