بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،
يطرح الكثير من المرضى تساؤلا عن مدى جدوى الكاميرا الكبسولة في التشخيص والعلاج ومدى توفرها وهل تغني عن المناظير التقليدية للجهاز الهضمي، وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات يجدر بنا معرفة بعض المعلومات عن هذه الكبسولة وعن مدى الاحتياج لها وفوائده وعيوبها ثم يمكن لنا الحكم عند مقارنتها بالمناظير التقليدية.
يعتبر اكتشاف الكبسولة (Wireless video endoscopy or video capsule endoscopy) من التحولات المثيرة في مجال الكشف لكل القناة الهضمية وخصوصا تلك المناطق التي لا يمكن الوصول لها بواسطة المناظير التقليدية مثل معظم أجزاء الأمعاء الدقيقة، حيث تستطيع الحصول على صور عالية الدقة والوضوح بقوة تكبير تصل إلى 8 أضعاف وهذه أكبر من قدرة المناظير التقليدية من حيث التكبير في الصورة، بحيث تسمح برؤية الخملات المبطنة للأمعاء بوضوح، وهي تحصل على الصور في حالة تكون القناة الهضمية في وضعها الطبيعي (أي لايستدعي الأمر ضخ كمية من الهواء داخل القناة ، كما هو الحال في المناظير التقليدية ولذا تكون الصور المأخوذة أقرب للوضع الطبيعي بدون أي تمدد جراء الهواء).
دخلت الكبسولة إلى الأسواق وأصبحت في متناول الأطباء في عام 2000 للميلاد وتتكون من الكبسولة (نفس كاميرة التصوير والجزء الآخر عبارة عن مسجل بيانات رقمي محمول) وقد اتضحت جدواها بشكل جيد في تحديد بعض حالات النزف من القناة الهضمية عند تعذر معرفة مصدر النزف بواسطة المناظير التقليدية وأيضا تفيد في بعض التهابات الأمعاء أو بعض أنواع الأورام بداخل الأمعاء الدقيقة كما أنها تفيد في معرفة مدى تأثير الأدوية وخصوصا مضادات الالتهاب (NSAIDs )على بطانة الأمعاء الدقيقة وأيضا تفيد في معرفة الوضع الصحي للخملات ، وبذلك يمكن معرفة مدى قدرة الأمعاء على الامتصاص وهذا يعطي مؤشراً لعمل فحوصات إضافية للتأكد من سلامة بطانة الأمعاء من بعض الأمراض مثل مرض حساسية القمح (celiac disease )
خطوات عمل الكبسولة:
يمكن عمل الكبسولة للمريض سواء داخل أو خارج المستشفى بحيث يصوم المريض عن الأكل والشرب لمدة 12 ساعة قبل ابتلاع الكبسولة كما ينصح بأخذ محلول خاص لإزالة كل محتويات الأمعاء حسب إرشادات الطبيب المعالج، ليتم التقاط صور واضحة وتكون أكثر جدوى، وبعد أن يقوم المريض بابتلاع الكبسولة ( حجمها تقريبا 11مم في 26 مم) مع قليل من الماء يتم تثبيت بعض الحساسات اللاقطة على جلد المرض في مناطق مختلفة (الصدر والبطن) وهي بدورها موصلة بجهاز تسجيل رقمي ليتم تخزين الصور الملتقطة بواسطة كاميرا الكبسولة على شكل (JPEG files) كما يحتوي الجهاز على مصدر طاقة (بطارية قابلة للشحن) ثم توضع جميعا في حزام مثبت حول خصر المريض وتستمر لمدة 8 ساعات ثم يعود المريض ويتم اخذ الجهاز الرقمي وتحميل كل الصور منه إلى الكومبيوتر ليتم الاطلاع عليها، وتأخذ الكاميرا الصور بسرعة فائقة ( صورتين في الثانية ) ليكون لدى الطبيب 55 ألف صورة تحتاج إلى المراجعة وبشكل دقيق حيث أن بعض الأمراض قد لا ترى إلا في صورة واحدة أو صورتين من كل هذا العدد من الصور لذا فقد تستغرق قراءة الصور وإصدار التقرير ما يقارب الساعة ونصف الساعة ، أيضا يمكن معرفة سرعة حركة الأمعاء إذا ما تمت معاينة الصور عن طريق الفيديو بسرعات مختلفة.
عدم وجود الأضرار
يتضح لنا من ميزات الكاميرا الكبسولة عدم وجود أي نوع من الأضرار التي يمكن أن تصاحب المناظير التقليدية من حدوث انتفاخا ت أو ألآم أو ثقب أو تمزق في جدار الأمعاء، لكن من نقاط الضعف في الكبسولة أنها لأتسمح بأخذ عينة من الأنسجة الداخلية للأمعاء أو القيام بأي تدخل علاجي من ربط أو حقن أو كي أو ليزر أو تدبيس الأنسجة النازفة مثلا، وجميع هذه التدخلات يمكن القيام بها وبشكل دقيق عند استعمال المناظير التقليدية، أيضا من نقاط الضعف أن الكبسولة لا تصل إلى المستقيم (آخر جزء من الأمعاء) في الوقت المحدد للتسجيل في حوالي 25 % من الحالات مما يعني عدم معاينة القولون بشكل كامل في مثل هذه الحالات، وتبرز هذه المشكلة بشكل كبير عند المرض المنومين أو من سبق أن أجريت له عملية للأمعاء الدقيقة أو عند عدم اخذ المحاليل التحضيرية بشكل دقيق أو أن يعاني المريض من بطئ شديد في حركة المعدة مثل بعض مرضى السكري.
أيضا ينصح بعدم استعمالها في بعض الحالات مثل مرضى الزهيمر أو عند معرفة وجود ضيق في المريء أو الأمعاء أو المرضى الذين لا تسمح لهم حالتهم الصحية القيام بعمليات لو استدعى الأمر أو من يكون لدية جهاز تنظيم ضربات القلب.
ومع ذلك تضل للكبسولة فوائد متعددة ففي دراسة أمريكية في (Hospital of University of Pennsylvania ) وقد نشرة في مجلة (Clin Gastroenterol Hepatol ) لعام 2008، حيث تضمن البحث 40 طبيبا، تم إجراء لقاء مع كلا على حدة قبل وبعد عمل الكبسولة في 98 مريضا، قام الأطباء بتغيير الخطة العلاجية ل 67 % من المرضى وقد ذكر الأطباء أن التغيير في الخطة العلاجية كان مبنيا بشكل مباشر على النتائج المأخوذة من تقرير الكبسولة.
كما أشارت دراسة أمريكية أخرى نشرة في (Gastrointest Endosc 2002 ) عن توصل الباحثين إلى معرفة مصدر النزف من الأمعاء الدقيقة في 11 مريضا من 21 مريضا لم يتم التعرف على مصدر النزف بكل الطرق الأخرى (obscure bleeding ) أي بنسبة 55 %.
ومن هنا يتضح لنا الفرق بين هذه الأجهزة الطبية وعن مدى جدوى وتميز كل واحد عن الآخر، لذا فإن اختيار الطبيب المختص لأي نوع منها يعتمد على نوع وظروف الحالة الصحية للمريض.
وقد قامت بعض المستشفيات والمراكز الطبية المتقدمة في المملكة بتوفير هذا النوع من الكاميرات ليتسنى للأطباء المتخصصين الوصول إلى التشخيص الصحيح ليساعد على تقدم الرعاية الصحية.
مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية ..والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته
مواقع النشر