نعم التاريخ يعيد نفسه أحياناً ، فيسقط ريال مدريد أمام بوروسيا دورتموند مرة جديدة – رغم فوزه المعنوي – بالأمس في سانتياجو برنابيو بهدفين ، حيث ودع الفريق الملكي دوري الأبطال قبل خطوة واحدة من المباراة النهائية الفاصلة التي ستقام الشهر المقبل في ستاد ويمبلي الإنجليزي الشهير بالعاصمة لندن .. نعم لم يستفد الريال من دروس دورتموند السابقة حينما فاز الالمان مرة بملعبهم 2/1 ثم تعادلوا 2/2 في العاصمة مدريد في دوري المجموعات، ثم عاد دورتموند ليفوز 4/1 في الدور قبل النهائي .. ومن قبلها في العام الماضي تكرر الموقف نفسه بشكل أكثر توازناً وكبرياء عبر ركلات الترجيح حينما خرج الريال أمام فريق الماني آخر هو بايرن ميونيخ . ولم يستفد مورينيو من كل هذه الدروس وخرج للعام الثاني على التوالي امام الالمان.. ولكن يبقى السؤال: هل كان في الإمكان أفضل مما كان ، أم أن سيناريو كلاسيكو الريال وبرشلونة كان أهون للاسبان ألف مرة من الرعب الالماني ؟؟
الواقع أنه كان في الإمكان أفضل وأبدع مما كان ..ولكن لولا تفريط مهاجمي الريال في الربع ساعة الأولى أمام مرمي دورتموند ، حيث تبارى هيجواين وكريستيانو وأوزيل في إضاعة ثلاثة أهداف سهلة لم تتح فرص مثلها على الإطلاق في المباراة ، وفي الشوط الثاني تأخرت الانتفاضة البيضاء لما قبل النهاية بسبع دقائق من خلال الهدف الأول لكريم بنزيما ثم الهدف الثاني قبل النهاية بدقيقتين ، ولو جاءت هذه الأهداف مبكرة او حتى قبل النهاية بربع ساعة لأختلف الحال والسيناريو ولكان يمكن للريال ان يستكمل ثورته للثأر بالإطاحة بالمنافس الالماني العنيد .
■■ وبالمقابل فإذا كان مورينيو قد عانى من خذلان لاعبيه له وخاصة كريستيانو وأوزيل وتشابي الونسووهيجواين، فقد كان له أخطاء في التكتيك والتشكيل ومنها مشاركة مودريتش على حساب خضيرة في خط الوسط في وجود اوزيل مما أضعف من الوسط الملكي وأعطى الفرصة لدورتموند للسيطرة وشن العديد من الهجمات المرتدة الخطرة التي كادت تتحول إلى أهداف لولا إستبسال الحارس لوبيز الذي أنقذ هدفين على الأقل .
■■ أما الفريق الالماني فيستحق التهنئة رغم هزيمته بهدفين ، لأنه مر وعبر إلى النهائي وأسقط الريال العتيد ، ولأنه كان الأفضل بدنيا وتكتيكياً ، وأثبت أن فوزه مرتين على الريال لم يكن بضربة حظ ، وكاد نجوم دورتموند أن يسجلوا أكثر من مرة ، وكان مدربهم كلوب ذكياً في التعامل مع معطيات المباراة خاصة في إدخار الجهد في الشوط الأول ثم إظهار المخزون والعنفوان البدني والحيوية التي أرهقت الريال في الشوط الثاني .
■■ في أحد مقالاتي السابقة بعنوان "برشلونة وريال مدريد في معركة الدفاع عن كبرياء الكرة الأجمل في العالم ".. قلت أن على البارسا والريال أن يضاعفا الجهد ويخرجا أفضل ما لديهما ،في المهمة الصعبة ومعركة الكبرياء للكرة الأجمل حالياً في العالم، ليعوضا ما فشلا فيه الموسم الماضي ، و يقدما لمحبي الكرة العالمية وجبة دسمه بمباراة نهائية تاريخية في مايو المقبل بإستاد ويمبلي الجديد بالعاصمة الإنجليزية لندن.. ولكن فشل أحدهما وهو الريال عندما أخفق في تعويض هزيمته الكبيرة أمام دورتموند في الذهاب 1/4 ، وإكتفى بفوز شرفي 2/ صفر لم يمح العار ولم يرد الإعتبار !
■■ ..أما برشلونة الذي كانت فضيحته أكبر في مرحلة الذهاب بالخسارة 0/4 أمام بايرن ميونيخ ، فإنه على موعد مع فرصة أخيرة مساء اليوم في الكامب نو ، ليست فقط فرصة أخيرة للتعويض والتأهل شبه المستحيل إلى النهائي الاوروبي ولكنها فرصة للدفاع عن سمعة وبرستيج كرة "التيكي تاكا" الأنيقة التي تشبه تناول الطعام بالشوكة والسكينة وهي المحاولة اليائسة لإنقاذ الكبرياء وماء وجه الكرة الإسبانية.
مواقع النشر