ش.ع/ ع.ج (DW) : فرس البحر – حيوان غريب الأطوار بكل معنى الكلمة، فالذكر هو الذي يحمل ويضع الصغار وليست الأنثى. كما يفتقد للأسنان ولا يبحث عن الطعام وإنما ينتظر قدومه إليه. فريق من الباحثين الألمان يكشف سر هذه الأمور الغربية.
هناك بعض الحيوانات التي تثير اهتمام العلماء بشكل خاص على غرار فرس البحر الذي تطورت لديه عبر الزمن العديد من الخاصيات الجسدية والتصرفات الغريبة. ولكن ما السبب في ذلك ياترى؟
حل هذا اللغز المحير جاء على يد فريق من الباحثين من مدينة كونستانس الألمانية. فهذه "الأمور الغريبة" لدى فرس البحر تعود إلى تغييرات جينية طرأت عليه على مر العصور، على ما كتب فريق البحث العلمي بقيادة الباحث في علم الأحياء والبيولوجيا آكسل ماير من جامعة كونستانس في المجلة الطبية "نيتشر" (طبيعة). ووفقا لأبحاث هؤلاء فقد فقد فرس البحر الجينات الخاصة به، فيما تضاعفت لديه جينات أخرى. "لقد حاولنا انطلاقا من جينوم الحيوان إيجاد إشارات أو توضيحات لاختلاف شكل فرس البحر وتصرفاته"، على حد تعبير ماير. وخلال أبحاثهم اكتشف العلماء الألمان بالتعاون مع فريق علمي من الصين وسانغفورة السبب الذي جعل فرس البحر يفتقد لأسنان.
حاسة رؤية قوية تعوض غياب الأسنان
وجود الأسنان لدى السمك ولدى الإنسان يعود إلى عدد من الجينات. لكن فرس البحر فقد على مر العصور هذه الجينات. وفي سياق متصل، يوضح ماير أن هذا الحيوان ليس بحاجة أيضا للأسنان، ذلك أنه لا يفترس الطعام وإنما يمتصه عبر خطمه.
كما اختفت لديه أيضا الجيينات المسؤولة عن حاسة الشم. في المقابل يتمتع فرس البحر بحاسة بصر قوية من خلال عينين تتحركان بشكل مستقل عن بعضهما، مما يتيح لها النظر للأمام والخلف في آن واحد. وبالتالي فإن حاسة الشم لديه تلعب دورا ثانويا.
كما يوضح الباحثون عدم وجود زعانف تحت البطن إلى فقدان جين آخر. ويوضح ماير أن الزعانف لدى السمك تلعب دورا على غرار دور الرجلين لدى الإنسان، وتنقل مجلة "نيشتر" أن "كل حيوان لديه أطراف أمامية وأخرى خلفية. وفرس البحر يفتقد للجين المسؤول عن وجود هذه الأطراف. وبالتالي ليست هناك أي صلة مباشرة بين الجينوم والشكل الخارجي للحيوان."
الذكر هو الذي يحمل ويضع الصغار
بيد أن فقدان الجينات على مر العصور ليس السبب الوحيد وراء حدوث التغييرات البيولوجية لدى فرس البحر. ففي سياق متصل يوضح ماير قائلا: "عندما يتضاعف الجين، فإن الجين الأول يؤدي دوره الأصلي، فيما يسمح الجين الآخر بحدوث طفرات أو بظهور وظائف أخرى". يذكر أن ألواحا عظمية تغطي جسم فرس البحر.
كما يعتقد ماير أن تضاعف الجينات قد يكون وراء حمل الذكر وليس الإمثى هي التي تحمل وتضع الصغار. وخلال التزاوج تضع الإنثى البيض في أكياس الذكر الذي يخصب البيض داخليا ويحمله داخله حتى يفقس ويُطلق النسل الجديد المكتمل في البحر.
ويؤكد ماير أن فرس البحر يسعى بالدرجة الأولى إلى تفادي لفت الأنظار إليه إذ "لا ترى هذا الحيوان يسبح في المياه بحثا عن الغذاء وإنما يلصق ذيله بالأعشاب البحرية أو في أحد الشعاب المرجانية وينتظر مرور أي شيء يمكن أن يقتات منه. فالطعام يأتي إليه ولا يبحث عنه". يذكر أن ذيل فرس البحر يتسم بالقدرة على التشبث بالأعشاب البحرية مما يجنبه الانجراف بقوة تيارات المياه. كما يمكنه تغيير لونه للتخفي من أعدائه.
مواقع النشر