بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(سبق) الرياض:-
في الوقت الذي كان فيه المواطنون ينتظرون قرارا رادعا من شركة المياه الوطنية (مصلحة المياه سابقا) بحق مصانع المياه التي استخدمت مادة البروميت الخطرة في منتجاتها بنسبة تتجاوز الحدود المسموح بها دوليا ومحليا، صُدم المتابعون بقرار (شركة) المياه إمهال المصانع المخالفة 45 يوما لتصحيح أوضاعها. وهو ما أثار تساؤلات عريضة محورها : أيهما أهم .. صحة الإنسان أم أرباح المصنع؟
"سبق" حصلت على نسخة من الخطاب الذي وجهته الشركة الوطنية للمياه إلى المصانع المخالفة، حيث جاء فيه: "إشارة إلى الاجتماع الذي تم بوحدة أعمال الرياض بخصوص مناقشة نواتج التطهير (البروميت) ونتيجة لتجاوز تركيز البروميت عن الحدود المسموح بها في المواصفات القياسية السعودية لمياه الشرب المعبأة (25 ميكرو جرام /لتر).. (والذي) يؤثر على صحة المستهلكين، ونظرا لقيام الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بعزمها بتعديل الحد الاقصى للبروسيت في المياه المعبأة بحدود 10 ميكرو جرام/لتر كحد اقصى ، عليه ينبغي الأخذ بالاعتبار هذا التعديل والعمل على اتخاذ الاجراءات المناسبة لانتاج مياه مطابقة للمواصفات بعد التعديل الموضح أعلاه وذلك خلال 45 يوما من تاريخه".
ويعني ذلك أن الشركة غضت الطرف عن التجاوزات التي كانت موجودة أصلا، وطلبت من المصانع تخفيض نسبة (البروميت) وفق التعديل الجديد للمواصفات والمقاييس، ولم تتخذ أي إجراء عقابي أو تحقيقي مع المسؤولين عن رفع نسبة البروميت ومخالفة الحدود المسموح بها قبل التعديل.
وكانت الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس قد حددت، كما جاء في الخطاب، نسبة (25 ميكروجرام من البروميت) كحد أقصى لإستخدام المادة في تصنيع المياه، ثم خفضت الحد الأقصى في قرار جديد ليصل حتى (10 ميكروجرام) لكل لتر. وعندما زارت شركة المياه الوطنية مصانع المياه الـ 15، وجدت أن نسبة البروميت أعلى من نسبة 25 ميكرو جرام في اللتر، ولكنها انتظرت حتى صدور القرار الجديد من هيئة المواصفات والمقاييس الذي يلزم بتخفيض البروميت إلى ما دون 10، وطلبت من المصانع المخالفة البدء الآن بتحسين أوضاعها لتتوائم مع القرار الجديد، ممهلة إياها مدة 45 يوما، لتسويق المياه الموجودة في مخازنهم والتي تحتوي على معدلات خطرة من البروميت.
ووسط هذه الأنباء التي تدق جرس إنذار حول خطورة المياه المعبأة والتي تباع على نطاق واسع، ومع عدم تحديد الشركة الوطنية لأسماء المصانع الـ 15 المخالفة، فإن المواطن يبقى في حيرة بين العطش أو الإصابة جراء تعاطي معدلات غير طبيعية من البروميت الخطر.
وطالب الدكتور فهد الخضيري عالم أبحاث طبية ورئيس وحدة المسرطنات في تخصصي الرياض في تقرير نشرته صحيفة" الرياض" مؤخرا بالإعلان عن قائمة المنتجات التي تجاوزت فيها مادة البروميت الحدود المسموح بها وفقا للمواصفات السعودية، فيما حذر الاهالي من استهلاك المياه المعبأة لحين صدور قرار رسمي يؤكد سلامة تلك المنتجات بما يتوافق مع المواصفات التي تضمن مأمونية تلك المياه.
وأكد الخضيري أن المياه المتداولة من أغلبية المصانع العاملة في السوق السعودي غير صالحة للاستهلاك الآدمي، داعيا الأهالي في الوقت نفسه الاتجاه إلى مياه الشبكة الحكومية، موضحا أن مياه الشبكة من أفضل المياه على المستوى العالمي، مستندا إلى تحاليل مخبرية تؤكد سلامة تلك المياه. وأضاف الخضيري:" منتجات الشبكة المحلية ذات مواصفات أفضل من مياه الشرب المعبأة بواسطة المصانع وآمنة صحيا، ويتولى الإشراف عليها أناس لا يسعون للربح المادي".
وفي مقال للدكتور محمد الطفيل في صحيفة "الرياض" بتاريخ 12 أكتوبر2008 اوضح ان التوعية الصحية من قبل المستهلك ومن قبل المسؤولين في مصانع تعبئة مياه الشرب الموجودة أو المنتجة داخلياً في المملكة أو المستوردة من الخارج والتي تعبأ في مصانع خارج المملكة لازالت ضعيفة, حيث أن التوعية الصحية بمضار البروميت (Br03) لازالت ضعيفة لدى العاملين في هذه المصانع وكذلك المستهلكين لهذه المياه. وأضاف: "يجب أن يكون لديهم وعي بمضار ومساوئ البروميت (Br03) وانها مادة خطيرة ممنوعة في أوروبا ومسموح بها في حدود ضيقة في أمريكا وهي مادة ضارة بكميات زائدة ولفترات طويلة أو .1.ملجرام باللتر."
وأوضح الدكتور الطفيل أنه من خلال تحليل عينات من مياه الشرب المعبأة والتي تنتج محلياً أو تستورد من خارج المملكة بجهاز LC/ICP/MS أظهرت النتائج أن أكثر من 50% من العينات الموجودة في السوق السعودي تحتوي على نسبة عالية من البروميت, وهذا مما يزيد الثقل المناط بالوزارات والدوائر الحكومية المعنية بمراقبة الأسواق والمحافظة على صحة المجتمع.
وبين إن استخدام الأوزنة بتنقية وتطهير المياه المعبأة يتطلب التحكم بكمية الأوزون (O3) المحررة على المياه المعبأة حتى لا يزيد على المستوى المحدد والمسموح به, وبنفس الوقت يؤدي الغرض وهو تنقية وتطهير الماء المعبأ في القوارير البلاستيكية والمعدة للاستهلاك الآدمي . واشار الى انه وجد بالتحليل أن المياه المعبأة قبل تمرير الأوزون (O3) بها نسبة ومستوى تركيز البروميت في المياه صفر أو غير موجود بتاتاً , فيما وجد في بعض العينات بعد تمرير الأوزون (O3) ان نسبة البروميت عالية جداً وفي بعض العينات الأخرى وجد أن تركيزه ومستواه في حدود النسبة المسموح فيها خليجياً وهو .25.ملجرام فيه بالولايات المتحدة الأمريكية ..1.ملجرام/لتروهذا دلالة على أن بعض المصانع تمرر الأوزون بطريقة عشوائية غير مدروسة مما له تأثير ضار على مستهلكي هذه المياه المعبأة. وتابع :" المقاييس المعتبرة لدول الخليج وهيئة المواصفات السعودية هي 0.25جزءاً من البليون والمقاييس الأمريكية هي 10أجزاء من البليون ومن مصلحة المستهلكين وصحتهم وسلامتهم يجب تفادي المياه التي تحتوي على تركيز عال من البروميت. وحيث ان الأجهزة العلمية الحديثة متوفرة وفي متناول الجميع لذلك يجب مراقبة الأسواق والزام مصانع المياه وكذلك المستوردين لمياه الشرب المعبأة بكتابة نسبة البروميت على القارورة البلاستيكية على ألا تزيد على النسب والتركيز المحدد خاصة ان هذا مطبق في بعض دول الخليج المجاورة ويجب عدم فسح دخول مياه شرب معبأة في المملكة وتوزيعها حتى يتم تخفيض مستوى البروميت العالي إلى النسب المقبول".
وأمام هذا الوضع تساءل مواطنون عن السبب في مراعاة شركة المياه الوطنية لمصالح المصانع وتجاهلها ولا مبالاتها بصحة المواطن والمستهلك؟ واذا كانت الشركة أعطت مهلة لتلك المصانع، فما مصير منتجاتها في الاسواق؟ وهل صحة الانسان غير مهمة لهذه الدرجة؟
وقال مواطن: "كمستهلك للمياه المعبئه ماذا علي أن افعل وهل المياه المعبأة أصح أم المياه المفلترة التي تأتي من المصلحة, وأي أجهزة التعقيم او الفلاتر يجب علي أو من الأفضل أن استخدمها؟.. إننا حائرون أمام كل ذلك ولا أحد يفيدنا بشيء". وقال آخر: "عوضا عن العقوبات الصارمة نجد شركة المياه تطلب من المصانع تصحيح اوضاعها ..هذه خيانة للامانة واستهتار بارواح الناس وصحتهم ويجب معاقبة المتسببين في هذا الامر والتشهير بهم فالناس كانوا يعتقدون انها افضل مياه و يسقونها لاطفالهم ؟ اين المراقبة والمتابعة لهذه المصانع؟". ولا تزال التساؤلات قائمة.
مواقع النشر