كثيرا ماكنت أفكر في تبعات وتداعيات قضايا الرسوم والأفلام المسيئة على أيدي الكتاب والصحفيين ومخرجي ومنتجي الأفلام الغربيين وأهـل الغـرب بصفة عـامـة
فكانت ردود أفعالنا الدينية والعاطفية عاصفة بالغة العنف والهياج
( 1 ) فمن دعوات شديدة الإنفعال إلى مقاطعة كافة أومعظم المنتجات والصناعات الغذائية وغيرها لبعض البلدان الغربيه
( 2 ) إلى مظاهرات هستيرية يتخللها حرق الأعلام والصور حتى وصل الأمر إلى التهديد بالتصفية الجسديه
( 3 ) وأقلها درجة من حيث قوة ردود الأفعال ذهاب بعض المحسوبين على الأمم الإسلامية بصفة عامة إلى ديار المسيئين بصفتهم دعاة وبدون أدنى تفويض من أي جهة أو هيئة إسلامية معتبرة ومعترف بها رسميا فاجتهدوا على قدر علومهم وعقولهم ولكن النتائج كانت عكسية على غير ماكانوا يتوقعون رغم تكلفهم الحكمة والإبتسامت الصفراء
مهلا إخوتي وأخواتي وهلمٌّوا إلي للمناقشة الموضوعية الهادفة وبالتفصيل ولنبدا بأولا
( 1 ) فبرغم النتائج الفورية المبهرة لهذا القرار الشعبي العربي الإسلامي الذي ترتب عليه اهتزاز إقتصاديات الدول المعنية بالماقاطعة وجحوض أعين أساطين السياسة والإقتصاد في تلك الدول إلا أن تسونامي هذه المقاطعة الشعبية مالبث أن انحسر بنفس السرعة التي بداء بها حيث لم تؤتي هذه المقاطعة أكلها على المدى البعيد
فماهي إلا أسابيع حتى تلاشى الحماس وتوقف تماما ولذلك أسباب كثيرة يأتي في مقدمتها شعور هذه الشعوب بالإحباط وخيبة الأمل حدالصدمة من مواقف دولهم سياسيا واقتصاديا إضافة لتفكك هذا التضامن الشعبي بسبب أزمات الثقة بين هذه الشعوب والمجتمعات في بعضها البعض وبلبلة الظنون فيمن هو جاد ومن هو غير جاد ومتردد ومن هو متخل عن المقاطعة إضافة لتراجع الزخم الإعلامي وعودة الإنتعاش الإقتصادي للدول المعنيه
هنا إن لم نلتمس كل العذر فعلى الأقل بعضه لقياداتنا العربية والإسلامية التي ترتبط مع كل دول العالم بمصالح إستراتيجية على كافة المستويات خاصة وأن معظم هذه الدول تمثل كل واحدة منها حلقة متينة مرتبطة بحلقات أخرى بنفس القوة من المتانة والترابط في منظومات منظمات واتحادات سياسية واقتصادية عملاقة مثل دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة ونحن حين نصطدم بإحدى دول ذلك الإتحاد فإننا تصطدم بالإتحاد نفسه كمن يصطدم بمركبته بجبل أشم وهذا تهورإن لم يكن انتحار سياسي واقتصادي قد يقضي على قاعدة التأييد والإحترام التي نقف عليها في ملعب المصالح المتبادلة على كافة الأصعده
وقد يقول قائل وهو يتسائل لماذا إذاً يهينون ديننا ورسولنا صلى الله عليه وسلم
فمن وجهة نظر شخصية أعتقد
أنهم لايملكون إجابات شرعية أو عقلية منطقية لهذا الأمر بل نحن وحدنا نملك الجواب بل كل الأجوبة موثقة بالحجج المقنعة لنا أولا قبل غيرنا علينا أن نعود لكتاب الله ونتدبره في كل أمورنا ونعود لسنن رسولنا صلى الله عليه وسلم وإليكم بعض الأمثلة التي لاتحصى من حكم كتاب الله الكريم
قال تعالى
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110
وقال سبحانه
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }
الأنعام10
وقال عز من قائل
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125
وقال ربنا عز وجل
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99
وقال سبحانه وتعالى
{وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً }الأحزاب48
وقال الله
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً }الأحزاب57
وقال سبحانه
{وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }آل عمران176
وتأمل في قوله تعالى
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً }الفرقان31
لنحكم عقولنا ونتبصر في آيات الله تعالى فالإحترام في كل شيء لم يعد بالقوة و لايأتي من الآخرين إلا عن قناعة عقلية ونظرة واقعية ونحن في حقيقة الأمر أمم مستضعفة تنظر إلينا الأمم الغربية على أننا رعاع من البشر محدودي القدرات العقلية والإبداعية و لاهم لنا إلا متع الجنس وجمع الأموال وقتل الناس
وهذه الحقيقة المرة عن واقعنا في أعين الآخرين ونحن ساهمنا بأنفسنا في صنع هذه الصورة المشوهة عن شخصيتنا العربية المسلمة بردود أفعالنا العاطفية و الغير منطقية
وأفعالنا القاتلة التي تصيبنا نحن دائما في مقتل قبل أن تصيب غيرنا بدليل أننا لازلنا نعاني وبكل ذل من تبعات 11سبتمبر حتى وصل الأمر إلى العبث في مناهجنا الدراسية على كافة المستويات والدرجات على أيدي الأنجاس الجدد حتى تجرؤا وتطفلوا على الكتاب والسنة المطهره
لاأدعوا هنا إلى التسليم والإذعان معاذ الله ولكني أدعو إلى اتباع المنهج الرباني القرآن الكريم والسنة المطهرة في كيفية التعامل بحكمة وحنكة مع أعدائنا حسب مقتضيات الحال والظروف مهتدين ومقتدين بهذا الهدي المبارك فالقرآن الكريم وأحكامه والسنن المستمدة منه فيها كل الحلول لكل صغيرة وكبيرة من أمور ديننا ودنيانا
وما يهمنا هنا وفي هذه الظروف العصيبة هو استنباط الأحكام والحكم في الكر والفر والحيلة ومهادنة من هم أقوى منا عتادا وأقل عددا ولكنهم أطول منا باعا في صناعة القتبلة والطائرة والمدفع وحتى وسائل الترف والقرف
ولكن المقرف حقا أننا كعرب بصفة عامة لم نعي أو نعترف بعدأننا أمم مستهلِكة مستهلَكة غير منتجة أبدا برغم نعم البترول ونعم الأنهار والأنعام
فإلى أين وصلت المقاطعه ؟؟
إنها جلبة عاطفية لم تتجاوز حناجرنا وزبد لفظي لازال يذهب جفاءً والمنتجات لاتزال تغرق أسواقنا برغم وجود البدائل العربية الممتازة المعدومة والمهدرة في ظل تزاوج عربي قاصر و فاسد لم ينجب سوقا عربية مشتركة ولم يتبنى حتى جنينا تجاريا حتى بالتلقيح الصناعي الشرعي
يتبع إن شاء الله تعالى بعد المناقشة التي قد تشمل 2و3 من مشمول هذا الموضوع
مواقع النشر