باعتبار أن 3.5 % من القيمة السوقية للقطاع العقاري في سوق الأسهم لا تعكس الواقع.. محللون:
تحول الشركات من مطورة إلى مؤجرة أثر
سلبا على القطاع العقاري في سوق الأسهم
أمل الحمدي - الإقتصادية - جدة
في الوقت الذي تشهد فيه السوق العقارية السعودية طفرة عقارية تعد الأكبر في تاريخ السعودية, إلا أن الوضع مختلف مع الشركات العقارية المساهمة في سوق الأسهم، حيث لم تتجاوب مع ما يحدث في السوق في ظل الإنفاق الحكومي والخاص على المشاريع، فلم تتجاوز القيمة السوقية للقطاع العقاري 3,5 % في سوق الأسهم السعودية أي ما يقارب 47 مليار ريال، وهو رقم متواضع لا يعكس واقع القطاع العقاري في الاقتصاد السعودي وحجم السيولة الموجهة له، خاصة بعد الأوامر الملكية التي أقرها خادم الحرمين الشريفين في الشأن العقاري والتي تتجاوز قيمتها الإجمالية 300 مليار ريال. ولفت عدد من الاقتصاديين إلى أن النمط الاستثماري للشركات العقارية وتحولها من مطور إلى مؤجر باعتمادها على العوائد التأجيرية وعدم إدراج شركات عقارية كبيرة في سوق المال السعودية أثرت سلبا في أداء القطاع العقاري لسوق الأسهم, مشددين على أن القطاع لن يحقق أي تقدم في حال استمرار الاستثمارات العقارية بهذا النمط.
ووفقا للدكتور ياسين الجفري فإن التشغيل العقاري للشركات العقارية يختلف عن واقع القطاع العقاري للشركات المدرجة في سوق الأسهم، فالأسلوب والنمط الاستثماري العقاري يسيران بشكل معاكس مع أداء القطاع في سوق الأسهم, فأغلب الشركات العقارية تعتمد اعتمادا كليا على إيرادات التأجير للعقارات المطورة من قبلهم مبتعدين عن الوظيفة الرئيسية لهذه الشركات في التطوير العقاري مما عكس أداء الشركات العقارية في سوق الأسهم وأضعف فرص مشاركتها في تطوير وتحسين القطاع بالشكل الذي تعكسه السوق العقارية, وقال: ''أغلب الشركات العقارية تحولت من مطور إلى مؤجر مما جعل تطور القطاع في سوق الأسهم ضعيفا لا يتناسب مع التنمية العقارية التي تشهدها المملكة وإضاعة فرص عقارية كبيرة تنمي السوق العقارية وسوق الأسهم''.
وأوضح أنه ورغم تحرر بعض الشركات من أسلوب التأجير إلا أنها تظل تعتمد على مخزون قطع الأراضي الموجودة لديها وقدرتها على الاستحواذ على مخزون إضافي من الأراضي الخاصة بها, بذلك أصبحت الشركات العقارية تعمل بصورة مباشرة على إضعاف أداء القطاع العقاري في سوق الأسهم، فالقيمة السوقية للسوق العقارية أكبر بكثير من القيمة الدفترية الحالية, فالشركات العقارية تقدر بسبعة مليارات ريال وهو لا يعكس القيمة الفعلية للعقار مقيمة بالأصول التي تتجاوز 70 مليار ريال كقيمة حقيقية للعقارات بحسب الأصول مما يرفع القيمة السوقية للقطاع في سوق الأسهم بشكل قوي ومتحكم في السوق, لذلك لا بد للشركات العقارية الرجوع للتطوير وترك الاستثمار العقاري خاصة الشركات الكبيرة.
وأشار الجفري إلى ضرورة تغيير نمط الاستراتيجية التي تسير عليها أغلب الشركات العقارية وأن تدخل هذه الشركات بقوة لتحريك روؤس الأموال, وذلك ببيع المشاريع الخاصة بها مما يرفع إيراداتها أضعافا مضاعفة للقيمة الدفترية الحالية، وبالتالي تنعكس على تحسين أداء القطاع العقاري في سوق الأسهم, موضحا أن القطاع لن يحقق أي تقدم في حال استمرار الاستثمارات العقارية بهذا النمط. وأرجع محمد العمران - محلل مالي - ضعف أداء الشركات العقارية المدرجة في سوق الأسهم إلى عدة عوامل رئيسية يتصدرها اعتماد البعض منها في إيراداتها وبشكل شبه كامل على عوائد التأجير (مثل التعمير وطيبة ومكة والعقارية وغيرها) وتأثر البعض الآخر بمشكلات تسويقية ومالية (مثل دار الأركان وإعمار المدينة الاقتصادية)، وكانت النتيجة وجود ارتباط ضعيف بين أداء السوق إجمالا وأداء هذه الشركات بشكل خاص, إضافة إلى عدم إدراج شركات عقارية عملاقة في السوق المالية وبقائها على شكل ملكية خاصة حتى الآن، إما على شكل شركات مساهمة مغلقة أو شركات ذات مسؤولية محددة في حين لا يزال الكثير من المشاريع على شكل مؤسسات فردية أو باسم أشخاص طبيعيين, مما أثر في القطاع العقاري وجعله يسير باتجاه معاكس لأداء الشركات العقارية القائمة على أرض الواقع,
ولا تتناسب مع القيمة السوقية للقطاع. وأضاف العمران ''تبلغ القيمة السوقية للقطاع العقاري في سوق الأسهم السعودية الآن ما يقرب من 47 مليار ريال تعادل نحو 3,5 في المائة فقط من القيمة السوقية الإجمالية لسوق الأسهم السعودية وهي نسبة متواضعة لا تعكس بأي حال من الأحوال أهمية القطاع العقاري بالنسبة لاقتصاد المملكة''.
وحول الآلية التي تعمل لتحسين أداء الشركات العقارية المدرجة في السوق أوضح العمران ضرورة الموازنة بين قرارين: إما الدخول في مشاريع عقارية تطويرية ما سيزيد من درجة المخاطرة (كما هو حال دار الأركان عند إدراجها في السوق) وإما الدخول في مخاطر منخفضة مقابل الحصول على دخل منتظم من عوائد الإيجارات (كما هو حال معظم الشركات العقارية المدرجة في السوق حاليا) مبينا أن تحسين الأداء التشغيلي للشركات العقارية المدرجة في السوق مرتبط بعوامل ستزيد من درجة المخاطر الاستثمارية, وقال: '' لابد للشركات والمستثمرين عموما أن يضعوا في اعتبارهم أن العائد المرتفع يعني أخذ مخاطر عالية وأن العائد المنخفض يعني أخذ مخاطر منخفضة ويترك القرار لكل شركة تحديد ما تراه مناسبا لخططها وأهدافها''.
مواقع النشر