توقع نشوء نزاعات قانونية مستقبلا مع ازدياد الحاجة للتمويل الإسلامي
ثغرات قانونية وحالات قصور في عقود التمويل بالبنوك الإسلامية
القانوني خالد العقيل - الاقتصادية - الرياض
[align=justify]كشف خالد بن عقيل العقيل المحامي والخبير القانوني عن أن هناك ثغرات وحالات قصور في بعض عقود التمويل الإسلامي، لا سيما في الجانب المتعلق بالصياغة، وقال العقيل لـ ''الاقتصادية'' إن السبب في ذلك يعود إلى وجود ضعف في الصياغة القانونية الناجم عن غياب الرؤية وفهم البيئة القانونية للعمل المصرفي الإسلامي. وأضاف العقيل أن بعضاً من العقود يتضمن بنوداً أو شروطاً غير قابلة للتنفيذ أو التطبيق لدى المحاكم، وأنه اطلع على عقود تمويل إسلامية في دول الخليج ودول عربية وإسلامية وقارن بينها، ولاحظ أن بعضها فيه مخالفة شرعية والبعض الآخر من هذه العقود يصعب التحاكم والتنازع فيه، فضلاً عن وجود شروط مجحفة لا يعلمها العميل، فإلى تفاصيل الحوار:
قلت إن هناك ثغـرات وحالات من القصور في عقود التمويل في المصارف الإسلامية، فما أشكال هذه الثغرات ومدى تأثيرها في العميل؟
بالطبع، فإن المصرفية الإسلامية تستند إلى الجانب الشرعي في أعمالها للوصول إلى آلية يمكن من خلالها أن يحصل العميل على تمويل عن طريق أكثر من صيغة شرعية كالبيع أو الإجارة أو الشراكة دون أن يضطر إلى الاقتراض ويدفع فائدة لقاء هذا القرض، وعليه فإن عقود التمويل تعد ركنا أساسيا في العمل المصرفي، وهي العمود الفقري الرابط بين المؤسسة المالية من ناحية والعميل من ناحية أخرى في إطار أحكام الشريعة وجهات التحاكم القضائي، وعند الاطلاع على بعض عقود التمويل المختلفة بعد المقارنة بينها، لاحظت أن هذه العقود يشوبها كثير من الثغرات القانونية وفيها شيء من القصور، كما أن بعضها يتضمن نصوصاً متضاربة ومخالفة لطبيعة عمل هذه المؤسسات، والبعض الآخر من تلك النصوص فيه تناقض وتضارب، إضافة إلى وجود بعض الشروط ضمن هذه العقود لا يمكن تطبيقها من الناحية الواقعية، سواء كان ذلك لدى المحاكم أو لدى لجان التحكيم حال حدوث نزاع بين أطرافه.
إلى ماذا تعزو هذا الضعف في إعداد العقود وأين هي المكاتب الاستشارية والقانونية المعتمدة، وأين مؤسسات البحث والمؤتمرات، لماذا لم تتطرق لهذه الإشكالية؟
الضعف البادي على العقود يؤكد أن صياغتها لم تكن على المستوى المطلوب من الخبرة القانونية العالية الذي يتناسب مع أهمية هذه العقود، وربما يكون من أعد هذه العقود لا يجمع بين الأهلية القانونية والشرعية الكافية ولا يعرف البيئة القانونية الخاصة بتلك العقود وما يرتبط بها من تعاملات، وللأسف فإن الدراسات التي تتطرق لهذا الجانب قليلة جداً، وبعضها نظري وليس دراسة مقارنة أو تطبيقية لما هو موجود فعلا، فضلاً عن أن هذه الدراسات لا تولي اهتماماً كبيراً بالجوانب القانونية، وذلك من خلال صياغة عقود العملية المصرفية وضبط وتحديد آلية تنفيذها بشكل قانوني ومنظم، على عكس ما هو موجود من دراسات كثيرة جدا تغطي الجوانب المصرفية أو الجوانب الشرعية لعمليات التمويل المصرفي الإسلامي، كما أشير هنا إلى أن الأمر نفسه ينطبق على اللقاءات والمنشورات الورقية والبرامج المرئية والمسموعة والندوات والمؤتمرات المتعلقة بالتمويل الإسلامي، فإنها كذلك يقل ويـندر فيها دراسـة وتناول الجـوانـب القانونية في العقود المصرفية؛ وهناك كثير من المؤتمرات المهمة لم تتناول الجانب القانوني كمحور رئيس أسـوة بغيره من المحاور الشرعية والمصرفية والاقتصادية.
هل ترى أن هناك حاجة فعـلية لوجود جهات متخصصة لإعـداد وصياغة عقود التمويل الإسلامي ودراستها قبل التوقيع عليها؟
نعم هناك حاجة ماسة لكون هذا الأمر يتعلق بموضوع استراتيجي في عمل المصرفية الإسلامية، وهشاشة العقود ستكبد المصرفية الإسلامية مبالغ كبيرة لو كان هناك وعي قانوني لدى العملاء والمستفيدين، ولذلك فإن الحاجة مُلحّة جداً للاهتمام بهذا الأمر وتسليط الضوء على الجانب القانوني للعملية المصرفية من خلال دراسة وتحليل عقود التمويل المصرفي دراسة قانونية مهنية ودقيقة، وإبداء الملاحظات على تلك العقود وإعادة صياغتها صياغة قانونية سليمة، وتتوخى العدالة وتطبق أسسها بما يكفل مصالح الأطراف في عقود التمويل المصرفي الإسلامي، وكذلك الاهتمام بالجانب القانوني في كيفية وآلية تنفيذ هذه العقود وضمان حسن تطبيق نصوصها بما يجعل إتمام العملية المصرفية بشكل قانوني ابتداءً بصياغة العقود وانتهاءً بتنفيذ مضامينها.
ما مدى مراعاة الجانب القانوني في عقود التمويل الإسلامي الحالية من واقع خبرتك وتجربتك المهنية؟
دعـني أؤكد لك أنه من المؤسف حقا أن الدراسات القانونية حول العمليات المصرفية للبنوك الإسلامية من خلال الصيغ الشرعية المعتمدة كالمرابحة أو التورق أو الإيجار المنتهي بالتمليك أو الشراكة المنتهية بالتمليك وغيرها من صيغ التمويل الإسلامي السالفة الذكر، كانت قليلة جدا ولم يأخذ الجانب القانوني في العمليات المصرفية الأهمية والعناية التي يستحقها، كما أعطيت الأهمية والعناية لغيره من الجوانب الشرعية والمصرفية، لذا تبدو الحاجة ملحّة لإعطاء شيء من الاهتمام بالجوانب القانونية في عمليات التمويل المصرفية التي تقوم بها البنوك الإسلامية.
ما ملامح العقد القانوني ومواصفاته بالنسبة للتمويل الإسلامي؟
كما هو معلوم فإن المصرفية الإسلامية تقوم على البحث عـن صيغ للتمويل سـواء للشركات أو الأفـراد، حيث يكون هذا التمويل خالياً من الفوائد الربوية من جهة، ومن جهة ثانية يكون متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية ومنسجماً مع ضوابطها وقيودها، وكما هو معلوم فإن هناك عـدة صيغ لعـقـود المصرفية الإسلامية للتمويل أهمها (المرابحة) و(التورق) و(الإيجار المنتهي بالتمليك) و(الشراكة المنتهية بالتمليك)، وإن لكل صيغة من هذه الصيغ طبيعتها الخاصة بها وطريقة العمل وآلية التنفيذ المتميزة بها عـن سواها، ولهذا فإن هناك أركاناً ثابتة للعقد، وهناك أركان خاصة حسب طبيعة التعاقد، وعليه فإن إسلامية المؤسسة يجب أن تعكس في مختلف تعاملاتها القانونية.
هل لك أن تستعـرض لنا أبرز حالات القصور والثغـرات القانونية في عقود التمويل الإسلامي؟
بالطبع فإن المجال لا يتسع للإحاطة بكل تلك الشوائب والثغرات القانونية في عقود التمويل الإسلامي على اختلاف أنواعها، ولكن يمكنني تسليط الضوء على عينة ونموذج من ذلك وهو عقد المرابحة باعتبار المرابحة إحدى صيغ التمويل الإسلامي، فهناك قصور في الرقابة القانونية على عقود المرابحة من حيث الإعـداد والصياغة ومراعاة مصالح الأطراف وحتى من خلال التطبيق العملي لتلك العقود، إذ لا توجد في بعض البلدان أو المصارف الإسلامية الهيئات القانونية الاحترافية المختصة بالرقابة على عمل تلك المصارف وتحديد مكامن العيوب والقصور في عقود العمليات المصرفية وإجراءات تنفيذ تلك العمليات، وهذا ما يسبب ضرراً لأطراف تلك العمليات.
هل من المتوقع حدوث منازعات قانونية أمام القضاء طالما أن العـقود كما ذكرت تتضمن ثغـرات قانونية أو شرعـية؟
نعم إن هذا أمر متوقع بالتأكيد، حيث عند نظر القضاء للنزاع فإنه أول ما ينظر إلى أساس المعاملات التي على ضوئها تم حصول التمويل والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر عقد البيع أو الإجارة أو الشراكة، وكذا الأمر فيما يتعلق بالوكالة أو الكفالة وأحكامهما، ومن المتوقع أيضاً نشوء نزاعات قانونية مستقبلاً مع ازدياد الحاجة للتمويل الإسلامي، ومع تنامي حجم وأصول المصرفية الإسلامية وما يترتب على ذلك من إمضاء وإجراء عـدد من العقود القانونية لتنفيذ عمليات التمويل، ففي (السودان) مثلاً يشوب نموذج عقد بيع المرابحة المعمول به لدى أحد البنوك عـدة عـيوب شكلية وموضوعية وثغرات قانونية، وذلك فيما يتعلق بصياغة العقد، وكذلك إغـفال نـقاط جوهـرية لها آثار قانونية مهمة على العقد، حيث يغفل نموذج عقد المرابحة المشار إليه ذكر مكان إجراء وإمضاء العقد وهذه نقطة جوهرية لمعرفة مكان مجلس العقد، وما قد يترتب على ذلك من آثار قانونية فيما يتعلق بالاختصاص وغيره، وكان الأولى أن يحدد مكان العقد وتاريخه بشكل دقيق وواضح.
كما يلاحظ في مقدمة نموذج عقد المرابحة المشار إليه أنها تشير إلى طلب شراء مقدم من الطرف المشتري إلى البنك لشراء بضاعة بطريقة غامضة حيث استعملت عبارة (بواسـطـته) لتـني (مـنـه)، وهي غير دقيقة المعنى وكلها لا داعي لها. كما أنه مذكور بأن طلب الشراء (الموقع بواسطته) فلا يُعلم من الذي مـوقعه هـل هـو البـنـك أم الـطـرف الثاني؟! وهذا خطأ قانوني فادح. كما يـلاحظ في صياغـة عـقـد المـرابحة المذكور أن البضاعة المـشار إليها في المقدمة لم تحدد بشكل تفصيلي وواضح، فكان يجب أن يشار إلى ذكر وتفصيل نوعها وعـددها ووصفها وصفاً وافياً في العقد أو يشار إلى ذكر تفصيلها الوارد إما في ملحق وإما في عقد الشراء أو طلب الشراء الصادر من المشتري. ومن المعلوم أن وصف المبيع وصفاً مانعاً من الجهالة أمر جوهري في عـقود البيع من الناحية الشرعية.
واللافت في نموذج العقد المذكور أنه يشير في أحد بنوده إلى احتمال فشل المشتري في استلام البـضاعة أو جـزء مـنها أو استلام المـسـتندات.. بينما أغفل تماماً تحديد آلية وتواريخ هذا الاستلام فكان الأولى أن يذكر أن آلية التسـليم تتم من خـلال خـطاب يُـرســل مـن البنك إلى الطـرف الـثاني يذكر فـيه تحـديد تاريـخ الاستلام أو أن يكون الاستلام بعـد أجل معـين من تاريخ كل خطاب، أو بدلاً من ذلك يذكر جدول وتواريخ التسليم حتى يوقع عـليها ويلـتزم بها المـشـتري. ومن المـثـير للعـجـب أن نموذج العـقـد المـشـار إليه ذكـر أن البضاعة تخزن لدى (الــبـنـك)، ومعلوم أن البنك ليس لديه مخازن وأن طبيعة عمله المصرفية تشكك في وجود مستودعات، وفضلاً عن ذلك فقد جاء العقد خالياً من ذكر مصاريف أو أجرة تخزين البضاعة خلافاً لما هو متعارف عليه.
وفي ظل كل هذه العيوب والشوائب التي تكتنف نموذج عقد المرابحة المشار إليه فإن هذا يجعل شبهة الصورية في هذا العقد قائمة، إذ إنه احتمال لا يمكن استبعاده وأن هذا العقد ربما يستعمل كغـطاء لدين بفائدة.
سبق أن أشرت إلى أن القصور والخلل لا يقتصران على الصياغة القانونية لتلك العـقود وإنما في التطبيق أيضاً.. بين لنا ذلك من خلال عـقد المرابحة هذا؟!
هناك عـدة ملاحظات تطبيقية على العقد المشار إليه ولا يمكن تجاهلها، إذ إنه ذكر في العقد أن تاريخ طلب الشراء هو نفسه تاريخ بيع البضاعة للمشتري وهذا غير معقول إذ يجب أن يكون طلب الشراء هو السابق ثم تأتي بعد ذلك موافقة البنك على هذا التعـميد ليقوم البنك بمخاطبة الجهة المالكة للبضاعة (الجهة المصدرة)، ولذلك هذان التاريخان يجب أن يكونا مختلفين بفترة زمنية، وإن دمجهما في يوم واحد يدل عـلى عـدم معـرفة وإدراك لكيفية تسلسل التعاملات القانونية. كما أن نموذج العقد يشير في أحد بنوده إلى حـق البنـك ببيـع البضاعة على حساب المشتري بالسعر الذي يحصل عليه وبالصورة التي يراها مناسبة.. وهذا النص وإن كان معمولاً به ويمكن أن يكون مقبولا كصيغة من صيغ الضمان إلا أنه يمكن أن يرفض عـند تطبيقه بالطريقة المذكورة في هذا البند لأن البضاعة في حقيقتها تعـد مملوكة للمشتري، وإذا كان الأمر كذلك فإن يد البنك على هذه البضاعة هي يد أمانة وعليه مراعاة القواعـد العامة الشرعية والقانونية بهذا الخصوص عند التصرف بأملاك الغـير.
ولمزيد من التفصيل بخصوص النقطة أعلاه فإن إدارة أي بنك من أجل أن تكون ناجحة في عملها عليها مراعاة الالتزام بالآلية الصحيحة في البيوع دفعاً للشبهة، وذلك من خلال الإعـلان عن البيع وعمل مزاد عليه وتحت إشراف جهة مهنية أو قانونية أو قضائية، لا سيما أن بيع البضاعة بطريقة قانونية يحقق مصلحة للبنك أولاً بالحصول على قيمة أعلى لضمان سداد الدين، وكذلك مصلحة للمدين بالوفاء بأكبر قـسـط من الـدين، وفـوق ذلك فإن تكاليف ورسـوم البيع يـمكن أن يتحملها المشتري الجديد للبضاعة بالمزاد وإن لم يمكن ذلك فإن المصاريف يتحملها المشتري. وفضلاً عن كل ذلك فإن نموذج العقد المشار إليه مشوب بعدة أخطاء وثغرات شرعية لا يتسع المجال الآن لعرضها. وكل هذا يجعل الحاجة ماسة لإعـادة صياغة ودراسة مثل هذه العـقود وصياغتها صياغة قانونية مهنية تراعى فيها الدقة والصواب وتـؤخذ في الحسبان الجوانب الشرعية والمصرفية، حيث يكون عقد المرابحة متكاملاً وخالياً من أية عـيوب أو شوائب، وتوضع آلية تنفيذ هذه العقود وإجراءات العملية المصرفية في إطار قانوني يحكمها ويؤمن سلامة تنفيذها وإتمامها.
هل من نماذج أخرى مشابهة لتلك الحالات؟
لا شـك أن حالات القـصور والثغرات القانونية في عـقود التمويل الإسـلامي لا تقتصر على بلـد عـربي معين ففي (مصر) أيضاً يمكننا ملاحظة مثل تلك الحالات من خلال تـتـبـُّـع مراحل عملية المرابحة لدى أحـد البنوك فيها وهي طلب شراء بضائع يستتبع بـعـقد وعـد بالشراء يحرره ويوقعه المشتري وانتهاء بعقد بيع المرابحة الذي يوقعه كل من المشتري والمصرف الإسلامي في الدولة العربية المشار لها.
ذكرت أن القصور في صياغة العقود ملاحظ بشكل لافت للانتباه في نموذج طلب الشراء في البنك الذي أشرت له بمصر!
هذا صحيح، فنموذج طلب الشراء في أحد البنوك في مصر الذي يوقعه المشتري فيه قصور في صياغته؛ حيث إنه يتضمن عـبارة (أعلن رغبته بشراء بضاعة تمهيدا لبيعها لنا بنظام المرابحة الإسلامية.. إلخ)، فهذا الإعلان غير ملزم لسبب جوهري هو خلو ثمن الشراء، وهو يتضمن الفرق بين شراء البنك وبيعه العميل، حيث إن المقصود التزام الأمر بالشراء بنظام المرابحة يجب أن يستند أولاً إلى قاعدة معرفة السعر الأصلي للبضاعة عند وجودها بالمصدر، وثانياً يجب معرفة القيمة المضافة التي يربحها البنك، ومن ثم تضاف للسعر وذلك لسبب أن نظام المرابحة قائم على مبدأ إعطاء البائع ربحاً محدداً يضاف إلى التكلفة الإجمالية.
ماذا عـن عـقود بيع المرابحة خليجياً وهل هذه العقود في حاجة لإعادة الصياغة؟
إنه بالاطلاع على نموذج عقد بيع بالمرابحة لدى أحد البنوك في دولة خليجية (قطر) وباستعراض جوانب الخلل القانونية فيه، فإن ما يلفت الانتباه في نموذج هـذا العقد أنه جاء خالياً من المقدمة وهي مهمة في جميع العقود عـموماً، وفي مـثل هذا العقد أكثر أهمية وذلك لارتباط هذا العقد باتفاق سابق، وكان الأولى أن يشار إلى الاتفاق الـسابق وهو (الوعـد بالشراء) بطريقة قانونية منظمة. ثم إنه من جهة أخرى، إذا كان هناك طلب للشراء (وعـد بالشراء) مؤرخ بتاريخ سابق عـلى عـقـد المرابحة يعـتبر (إيجابا) من المـشـتري لشراء البضاعة، فلا بد من إيضاح ذلك بطريقة واضحـة لا تقبل اللبـس أو الغموض وذلك من خلال المقدمة.
كما يظهر في البند الأول من نموذج العقد المذكور ورود عـبارة (الموقعان) بصيغة المثنى، وذلك عند الإشارة إلى وعـد الشراء، مع العلم أن وعـد الـشـراء حسبما يظهر وما هو معروف عادة يكون من طرف واحد وليس من طرفين. ثم إن البند الثالث من نموذج العـقد ينص بوضوح على أن البضاعة في حيازة البنك، بينما يظهر بوضوح الشك في حيازة البنك للبضاعة ووجودها تحت يد البنك بدليل أن البند السادس من نموذج العقد يوضح أن البضاعة ربما لم تصل بعد وأنها ليست في حيازة البنك، حيث تمت الإشارة إلى حالة امتناع مستقبلية من المشتري عن تسلم المستندات الخاصة بالبضاعة. ومن المعلوم أن البضاعة مع مستندات الشحن الخاصة بها يصلان في وقت واحد إلى الميناء أو المطار.
ما الحل بوجهة نظرك القانونية وكيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
لا شك أنه من أجل نجاح المصرفية الإسلامية وحتى تحوز الثقة المطلوبة لدى عموم الناس، فإنه يفضل أن تكون اتفـاقيات وعـقـود التمـويل مـتوازنة بين الطرفـين (الـبـنـك أو المصرف الإسـلامي من جهة والعميل أو المتموّل من جهة أخرى)، وأن تكون هذه العقود محققة لمبدأ العدالة التي هي أساس وعـماد الشريعة الإسلامية، وذلك خلافاً لما لوحظ من كون عـدد كبير من العقود يتجه لصالح طرف معين ولا يراعي مصلحة الطرف الآخر، ومن المهم جدا كذلك تجنب الغموض وعـدم وضوح بنود العقد والحرص على أن تكون واضحة وصريحـة، حـيث لا تحتاج إلى الـتأويـل لأكـثـر من معـنى أو يصعب تفـسيرها بشكل جليّ، مما يـؤدي إلى ظهـور نزاعات بين الأطراف. كما أنه من الضروري أن يتم النص في عـقـود التمـويل على تحديد المرجعـية الحاكمة لنصوص العقد، وأن تكون ملتزمة بتطبيق شروط المتعاقدين. وأن تكون جميع بنود العقود قابلة للتنفيذ والتطبيق العملي. إضـافـة إلى ضرورة الأخـذ في الحسـبان عـند صياغة العـقـد ما إذا كان الأطراف من بلدان مختلفة، وما يتطلبه ذلك من ضمان آلية تنفيذ نصوص العقد أو تنفيذ أي حكم يصدر في أي نزاع يحصل بين أطراف العقد.
وإن الحل حسب وجهة نظرنا هو في إسناد عـقود التمويل المصرفي إلى جهات خبرة قانونية متميزة تجمع بين الفقه بالقانون والإلمام بالأحكام الشرعية لأصول المعاملات المصرفية والتي من أهمها وأبرزها أحكام البيع والإجارة والشراكة والوكالة والكفالة (الضمان)، وذلك لتعلق جميع عقود التمويل الإسلامي على واحد أو أكثر من هذه المعاملات الشرعية أعلاه، كما يضاف إلى ذلك أن العلم والإدراك بتفاصيل المعاملات من الناحية العملية والواقعية ضروري وجوهري حتى تتم الصياغة القانونية لتلك العقود وفي ضوء كل حالة من حالات التعاملات المصرفية مثل المرابحة أو الشراكة المنتهية بالتمليك أو التورق أو الإيجار المنتهي بالتمليك.[/align]
مواقع النشر