د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة : حين يُقدّم السفير الإيراني في عمّان مصطفى زاده - قبل أيام - عرضا لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن، يقضي بتزويد الأردن بالنفط، والطاقة لمدة 30 عاما - مجانا - مقابل تبادل الزيارات الدينية بين عمّان، وطهران، فإن تصريحا كهذا، لا يمكن النظر إليه إلا كجزء من زاوية الاهتمام الإيراني المتنامي بالدول الإسلامية؛ لمحاولة بناء تحالفات إقليمية، ودولية، وإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، تستطيع - من خلالها - مقاومة العزلة، والعقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، وحتى تحقق نفوذا سياسيا، يخدم مخططات حكام إيران من ملالي الصفويين - تماما - مثل ما تحقق في جنوب لبنان.



تعمل إيران باستراتيجية فاعلة على غرس بذور الفتنة المذهبية، والسياسية في المجتمعات العربية والإسلامية. وتأمل على سبيل المثال : كيف استطاعت إيران أن تكون قوة مؤثرة؛ لنشر التشيع في عدد من الدول الإفريقية، وذلك - من خلال - نفوذها الدبلوماسي في السفارات؛ لتقدم ما تريد عن طريق عدد من الهيئات، والمؤسسات الخيرية، والاجتماعية، والثقافية - التابعة لها -؛ مستغلة الأوضاع الاقتصادية المتردية لمعظم دول المنطقة، وحاجتها الماسة إلى الحصول على مساعدات اقتصادية، أو نفطية. وإذا حصل لهم الإذن بذلك، تغلغلوا في كيان الحكومة، وأحكموا السيطرة عليها، بمقدار الحرية التي منحت لهم. فكان من آثار ذلك، أن أشغلوا الدول الإسلامية بأنفسها؛ نتيجة الاستقطابات الإيرانية، وصرفهم عن عدوهم الحقيقي، كل ذلك بسبب تدخلاتها المقلقة، ومشروعها المريب، وخطاباتها العنترية.

كلام - السفير الإيراني - مصطفى زاده، هو من باب ذر الرماد في العيون، والتمويه على مناشط إيران الرافضية، بعد أن استفحلت فتنتهم الطائفية في أنحاء من العالم، إذ لم تعد محصورة في العراق، وسورية، ولبنان، وفلسطين، واليمن، بل أصبحت تهدد استقرار المنطقة ككل، - ولا سيما - أن زيارات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، التي قام بها لعدد من دول القارة - خلال العامين الأخيرين - ، تندرج تحت مساعي الدولة الشيعية؛ لتصدير مبادئها الرافضية إلى إفريقيا، عبر توثيق علاقاتها مع دول القارة السمراء، - باعتبار تلك الدول - على رأس قائمة أولويات إيران في سياستها الخارجية؛ من أجل ترسيخ الوجود الإيراني في المنطقة، عن طريق تقديم المال الوفير، والدعم اللوجيستي؛ حتى يسهل نقل المذهب الرافضي من خلال بناء الحوزات العلمية، والمراكز الثقافية، إضافة إلى توجيه الدعوات المجانية لزيارة طهران، ومنحهم إقامات في فنادق فخمة.

ما سبق، يجعلني أؤكد دائماً على أن سفراء إيران يتقنون دورا مزدوجا في الدبلوماسية، والدعوة في آن واحد، فظاهر مهمتهم الدبلوماسية، وباطنها الدعوة إلى التشيع، وتصدير مبادئ الثورة الخمينية، - كون - تلك البلدان أصبحت ساحة للتنافس السياسي، والاستراتيجي والإقليمي المعلن، لدرجة أن نفوذهم بات يوصف، بأنه « دولة داخل دولة «، وحققت - من خلال - تجاربها السابقة نجاحا لأهدافها السياسية، ومخططاتها العنصرية والطائفية، وألحقت الأذى بالنسيج الاجتماعي، والديني لهذه الدول، وهددت أمنها الوطني.

ولأن الأيديولوجية الصفوية الفارسية، تسير قدما للتمدد في نشر أفكارها، ونهجها الأيديولوجي في الدول العربية، فإن الحقيقة التي لا بد أن ندركها أولا: أن على النخب العلمية، والثقافية، والسياسية، التصدي للمشروع الإيراني قبل استفحاله، وعدم ترك الساحة فارغة أمامه. فنشر التشيع لا يقوم إلا عبر مخطط، يقوم على رصد الأموال، وتجنيد الأشخاص، وتكوين خلايا نائمة ذات ولاء لدولة إيران، ولمراجع شيعية، تشتغل حسب أجندات صفوية عنصرية معادية للدول السنية. وبالتالي فإن وحدة الصف، هي نقطة القوة المادية والروحية التي ننطلق منها؛ للتصدي لمطامع المشروع الإيراني.