مارك كنفر (بي بي سي) : أظهرت اختبارات جديدة أن بعض أنواع أشجار الزيتون لديها القدرة على ما يبدو لمقاومة بكتيريا تشكل تهديدا خطيرا لصناعة زيت الزيتون في أوروبا.
هذه الآفة غزت آلاف الهكتارات من مزارع الزيتون في بوليا بجنوب إيطاليا
وتمنح هذه النتائج الأمل في الحد من تأثير هذه الآفة التي وصفها الخبراء بأنها واحدة من "أخطر مسببات الأمراض للنباتات في العالم".
وحذر الخبراء من أنه في حال تفشي هذا المرض على نطاق أوسع عالميا، فإنه قد يؤدي إلى تدمير محصول الزيتون في الاتحاد الأوروبي.
وبدأ باحثون ايطاليون هذه الدراسة عام 2014 بتمويل من الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA)، وشملت الدراسة نوعين رئيسيين من التجارب: التلقيح الاصطناعي (عن طريق الحقن) والتلقيح عن طريق ناقلات مصابة (حشرات) جمعت من الحقل.
وأجريت الاختبارات على مجموعة متنوعة من أنواع النباتات بما في ذلك مجموعة من أشجار الزيتون والعنب وحجر الفاكهة (اللوز والكرز) وأنواع من البلوط.
فهم أكبر لنشاط الآفة
وقال جوسيبي ستانكنيلي رئيس وحدة سلامة النباتات والحيوانات في الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية (EFSA) لبي بي سي إن "النتائج الأولى مصدرها التلقيح الاصطناعي لأن الاختبارات الميدانية بدأت في الصيف، ولذا فإن لم يمر عليها سوى ستة أشهر فقط، ولذا فإن المتوفر هو جزء فقط من هذه النتائج".
وأضاف: "النتائج الرئيسية هي أنه بعد مرور 12 إلى 14 شهرا من إجراء التلقيح الاصطناعي على نوعيات مختلفة من أشجار الزيتون، وجد الفريق أن النباتات الصغيرة تنمو بشكل معتاد في المنطقة التي تظهر فيها أعراض الذبول".
وأوضح أن "فريق البحث توصل أيضا إلى أدلة على تحرك البكتيريا عبر الشجرة باتجاه النظام الجذري وكذلك الأفرع."
لكنه أشار إلى أن "ما تبين أيضا (من خلال الاختبارات) هو أن بعض الأنواع أظهرت قدرا من التكيف مع البكتريا، إذ أنها نمت في بساتين مصابة، لكن لم تظهر عليها أعراض قوية للإصابة بها كما هو الحال في الأنواع الأكثر عرضة".
الباحثون يأملون في أن تساعد الدراسة في تشكيل استراتيجية لاحتواء انتشار المرض الذي قد يكون له آثار مدمرة
واعتبر ستانكنيلي أن هذه النتائج مهمة من حيث توفير ملعومات لمربي هذه الأشجار.
لكنه أشار إلى أنه من المبكر جدا القول إن المحصول الناتج من الأصناف التي أظهرت قدرا من التكيف مع الإصابة لم تقل أو تتأثر عسكيا بالرغم من ذلك.
وأصدرت لجنة صحة النباتات التابعة لهيئة سلامة الأغذية الأوروبية تقريرا في يناير/كانون الثاني حذرت فيه من أن هناك معلومات تفيد بأن هذا المرض يؤثر على المحاصيل التي لها أهمية تجارية من بينها الليمون والعنب واللوزيات.
لكن النتائج الخاصة بالتجارب الأخيرة تمنح بصيصا من الأمل.
وقال ستانكنيلي: "يبدو أن الزيتون هو المضيف الرئيسي لهذه السلالة في حين أشجار الحمضيات والعنب لم تظهر عليها العدوى، سواء في الحقل أو عن طريق التلقيح الاصطناعي".
وأضاف بأن العدوى لم تنتشر عبر الحمضيات ونباتات العنب التي جرى تلقيحها اصطناعيا، ولم يجر العثور على البكتيريا في أماكن أخرى غير تلك التي جرى فيها حقن النبات.
لكنه أضاف بأن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث على اللوزيات أو الفواكه ذات النواة الحجرية.
الدراسة سعت إلى تحديد أنواع النباتات الأكثر عرضة للآفة المسببة للأمراض القاتلة لأشجار الزيتون
وتغزو بكتيريا "كزيليلا فستديوزا" أوعية النبات التي تستخدم في نقل الماء والمواد الغذائية، ما يسبب أعراضا على النباتات المصابة مثل الجفاف الشديد لأوراق الشجر وذبولها، ثم في نهاية المطاف موت النبات.
ومنذ اكتشاف المرض للمرة الأولى في أشجار الزيتون جنوبي إيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، سجل اكتشافه أيضا في عدد من الأماكن الأخرى بينها جنوبي فرنسا.
وحتى الآن، لم تكتشف هذه الآفة في أسبانيا، أكبر مستهلك لزيت الزيتون في العالم.
وحذر الخبراء من أنه في حال تفشي هذا المرض، الذي لديه العديد من العوائل والناقلات، على نطاق أوسع عالميا، فإنه قد يؤدي إلى تدمير محصول الزيتون في الاتحاد الأوروبي.
وتعد أوروبا أكبر منتج ومستهلك لزيت الزيتون على مستوى العالم.
ووفقا للمفوضية الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة ينتج 73 في المئة ويستهلك 66 في المئة من زيت الزيتون في العالم.
وأشارت تقارير صدرت مؤخرا إلى أن بكتيريا "كزيليلا فستديوزا" تسببت في زيادة أسعار زيت الزيتون بواقع 20 في المئة خلال عام 2015.
وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنها ستقدم سبعة ملايين يورو لتمويل أبحاث في هذه الآفة.
ويأتي هذا التمويل ضمن ميزانية أبحاث الاتحاد الأوروبي الجديدة، التي تعرف باسم مبادرة "هورايزون أو أفق 2020".
وتعد هذه المبادرة جزءاً من الجهود المبذولة لمكافحة هذه البكتريا قبل انتشارها بصورة أوسع لمناطق أخرى رئيسية تنتج الزيتون في أنحاء أوروبا.
وأصابت هذه الآفة مزارع الليمون في أمريكا الشمالية والجنوبية على مدى عقود، لكنها ظلت مقصورة هناك حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي حينما سجل اكتشافها في أشجار الكمثرى في تايوان.
وقالت المنظمة الأوروبية والمتوسطية لحماية النباتات إن هذه الآفة اكتشفت من جانب الدول الأعضاء في نباتات قهوة مستوردة من أمريكا الجنوبية، لكن هذه النباتات جرى السيطرة عليها ولم تنتشر البكتريا بشكل أوسع.
مواقع النشر