طبرق، د. سعد القزيري (مدونة الهدار) ليس من الصعب إيجاد أو تقديم تعريف للمتحف فحتى غير المتخصصين يعرفون بأن المتحف هو ذلك المبنى الذي يعرض مجموعة من الأشياء قد تكون من الأشياء التاريخية أو العينات العلمية أو المنتجات الصناعية بغرض اطلاع الجمهور عليها أي أنها تفتح للمشاهدة بغرض التسلية والترفيه والدراسة أيضا يتميز هذا التعريف بالشمولية والعمومية وهناك العديد من التعريفات برزت من قبل المتخصصين:
تعد اكثر علمية فقد عرفتها المنظمة الأمريكية للمتاحف (AAM) "أنها تلك الأماكن التي تهتم بجمع التراث الإنساني والطبيعي والحفاظ عليه وعرضه بغرض التعليم والثقافة" أما منظمة المتاحف العالمية (ICOM) فتعرف المتحف على أنه معهد دائم لخدمة المجتمع لا يهدف إلى ربح مادي يعمل على جمع وحفظ وعرض التراث الإنساني والطبيعي والعلمي بغرض الدراسة والتعليم والمتعة "[1] وهذا التعريف يشمل جميع المتاحف على اختلاف أنواعها، التي تتمثل في أربعة مجالات أساسية هي:
1- الآثار والتراث الشعبي،
2- الفنون الجميلة،
3- الصناعات،
4- التاريخ الطبيعي.
ويتفرع منها عدة فروع وأنواع تخدم الهدف الرئيسي من المتاحف.
والمتاحف الأثرية هي بيت القصيد هنا حيث تُعد من أقدم أنواع المتاحف، وهي الأصل الذي اشتقت منه جميع أنواع المتاحف فيما بعد، ويمكن تعريفها بأنها الأماكن التي تعرض بها البقايا والمخلفات الأثرية التي نتجت من الحفريات في المواقع والمدن الأثرية، والتي ترجع إلي حضارات الأمم السابقة، تشمل المعروضات الأدوات والأواني والمخلفات التي تبرز تاريخ شعب من الشعوب وحضارته سواء من الناحية الاقتصادية والدينية والاجتماعية والفنية.
والزائر لهذا النوع من المتاحف يخرج بحصيلة ثقافية ومعلومات قيمة عن تاريخ الشعوب السالفة وحضارتها إذا ما توفرت في المتحف الإمكانات المادية من وسائل عرض تقنية وأيدٍ فنية مدربة تدرك الهدف الحقيقي الذي بنيت من أجله المتاحف.
وهذا النوع من المتاحف لا تقتصر مهمته على العرض فقط، فهو مؤسسة علمية تعليمية ثقافية مهمتها التنقيب عن الآثار لجمع المادة الأثرية بطرق علمية، وصيانة اللقى والمخلفات الأثرية المعروضة في المتحف والمحافظة عليها من السرقة والعبث بها، وإعداد الدراسات العلمية حول تلك الآثار.
وإعداد البرامج التثقيفية والتعليمية والتربوية وفقا لاحتياجات المراحل التعليمية المتعددة، والمستويات الثقافية المختلفة بحيث يكون المتحف على صلة وثيقة بالمجتمع وهذا من أسمى الأهداف التي من الضروري أن تبنى من أجلها المتاحف في الوقت الحاضر.
وانطلاقا مما سبق فإن المتاحف تقدم للمجتمع خدمات تعليمية، وتحافظ على التراث الحضاري، وتقوم بتفسير الماضي للمجتمع و تغذي غريزة الانتماء للوطن، كما أنها تقدم الخبرات الفنية والجمالية، وتهيئة الجو الترفيهي للمجتمع [2]، وهذه هي أهم وظائف المتاحف [3].
وبناءََ على أن المتاحف الأثرية هي أماكن تعكس ماضي المجتمع الذي تخدمه، ومرآة تبرز الحضارة التي كان عليها ذلك المجتمع، إذا فهي من الأماكن التي يحرص السائح على زيارتها، وبسبب أهميتها فهي تعد من أهم المعالم السياحية التي يحرص منظمو الرحلات السياحية أن يزورها السياح، كما أن دوائر السياحة والحكومات تسعى إلى التعريف ببلدانها عن طريق المتاحف، ويتمثل ذلك في الإنفاق على بنائها والحرص على انتشارها خاصة في المدن الرئيسية، حيث أصبحت كل دولة تقيم متحفا وطنيا خاصا بها تحاول من خلاله إبراز تاريخ بلادها وحضارتها من خلال معروضاته التي تنتقى من اغلب المدن والمواقع الأثرية فالسائح الزائر للعاصمة فقط عند زيارته له يطلع على الكثير من آثار تلك المدن والمواقع دون الحاجة أن يزور تلك الآثار في مواقعها الأصلية، وفي نفس الوقت تمثل المتاحف الوطنية العامة نوعا من الدعاية السياحية لتك المواقع بحيث يشحذ السائح همته ويزور تلك الآثار، لذا يوصى بأن لا تعرض في المتاحف الوطنية جميع القطع الأصلية إنما نسخ عنها، وتزود بالصور والمخططات للمواقع الأثرية البعيدة لكي يشتاق ويرغب السائح أن يزورها، كما أن أسلوب العرض التشويقي من شأنه أن يعزز رغبة السائح في زيارتها.
أما إقامة المتاحف الإقليمية فهو ضروري حيث أن السائح على الرغم من زيارته للمدن الأثرية والاطلاع على ماضيها العريق من خلال التجوال بين معالمها المعمارية من معابد ومقابر ومسارح وأسواق ومباني عامة وخاصة تعد زيارته ناقصة ومعلوماته مبتورة فهو لم يطلع على الحياة اليومية للسكان:
• ماذا يفعلون؟
• ما أدواتهم؟
• أين الأشياء التي كانت تدفن معهم في قبورهم؟
• ما الذي عثر عليه أثناء التنقيب و الحفر في المدينة؟
هذه أسئلة تدور في ذهن السائح، ولايستطيع الإجابة عنها إلا وجود متحف تعرض به تلك الأشياء، فمن خلال المتحف يتعرف السائح على الحياة اليومية، والسياسية والتاريخية والاقتصادية وعلى العادات الاجتماعية والطقوس الدينية ويشاهدها عن قرب، ويفضل الكثير من السائحين زيارة المتاحف مقارنة بزيارة المواقع الأثرية نفسها خاصة كبار السن أو من لا يستطع مجاراة الأدلة السياحيين بسبب صعوبة فهم اللغة أو ضيق الوقت، بينما توجد في المتاحف وسائل الإيضاح السمعية والبصرية ومتوفرة بعدة لغات، كما أن السائح له الحرية المطلقة في اختيار المعلومات التي يرغبها، أو الأشياء التي يريد الاطلاع عليها، وكلما كان أسلوب العرض ممتعا ومشوقا اقبل السياح على زيارة المتاحف والإفادة منها واستمتعوا بزيارتها، وهي تعد في نفس الوقت ضرورية ومكملة لزيارة المواقع والمدن الأثرية.
تعليق: شكراً لكم على الدعوة، طارف القوريني
للإطلاع على المحاضرة كاملة
مواقع النشر