.. بسم الله الرحمن الرحيـم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسموا بمعاني الأخلاص الصادقة
لتكـون لنا منبعـاً نستقي منه علـو الهمـة..
أرجو من الله أن نستفيـد منها وأن نتعلـم منها و أن تستمتعـوا بها..
إن أحب القلـب وملك الحب قلبه , فإنه سيرجـو دوماً رضا من يحب , فبرضا المحبوب يصير كل شيء جميلاً, و إن ملأ الرجاء و الحب قلبـه, لخـاف ألا ينـال ما يرجوه و لعظم قدر محبوبه في قلبه فخشيه دائماً و ملأ قلبه تعظيماً و إجلالاً له, فلم يرض بغير رضاه بديلاً فعمل فقط لرضاه و اهتم بما يقربه منه فأفلـح..
هكـذا المؤمن همته رضا الله.. فيعمل عمله خالصاً لله .. .مخلصاً فيه, فيسمو بالإخلاص القليل..
فما الإخـلاص؟~..
ما رأيكم أن نذهب إلى رياض اللغـة العربيـة..لنعرف معناها لغوياً..
خلص خلوصاً خلاصاً، أي صفا وزال عنه شوبه، وخلص الشيء صار خالصاً وخلصت إلى الشيء وصلت إليه,فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه من الأخلاط والشوائب. والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية.وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء. وقال الفيروز أبادي: أخلص لله ترك الرياء.
..//~
ماذا استنتجنا من رحلتنا إلى رياض لغتنا الحبيبة ؟..
- استنتجنـا أن الإخلاص هو تنزيه العمل عن أن يكون للمخلوقين و جعله للخـالق وحده, فلا نصيب لغير الله فيـه..أي أن تكون نية العمل خالصة لله وحده
ولكي تتضح الصورة,فكن مثلا معلمآ وألقي درسا أحتسب أجره عند الله, ولكن الطلبه لهم نصيب من عملي فيفهم ..هذا ليس منافياً للإخلاص, و لكن ليس معنى الإخلاص أن أخلص في نيتي لله , و في نفس الوقت لا أبـالي إن فهم الطلبه أم لا, أو إن عاملتهم بشكل جيد أم لا..
-أما إن تصدقت لإرضاء فلان فهذا هو المرفوض الذي يناقض الإخلاص..
قال ابن القيم –رحمه الله -: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أن تقصده وحده لا شريك له.
وتنوعت عبارات السلف فيه، فقيل في الإخلاص:
-أن يكون العمل لله تعالى، لا نصيب لغير الله فيه.
-إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.
-تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
-تصفية العمل من كل شائبة.
- نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
- استواء عمل الظاهر والباطن.
- من تزين للناس فيما ليس منه سقط من عين الله.
- إنه سر بين الله والعبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده والله قد يعلم الملائكة ما يشاء من أحوال العبد.
- الإخلاص أن لا تطلب على عملك شاهداً إلا الله، وإذا داوم عليه الإنسان رزقه الله الحكمة.
فلا تبالي بأي ملاحظة نابية قدمت لك من مخلوق, لعمل اقتنعت بصحته و أخلصت فيه لربك.. ولا تجعل جل اهتمامك كلمة ثناء ما قدمت لك..
فمن أسباب علو همتك إخلاصك,فكلما ازداد إخلاصك زادت همتك..لأنك ستكون مرتاح و متطلع للغد بنظرة مشرقة..
يا همم المؤمنين لا ترضي بغير الله بديلاً..
قال تعالى:((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً))أحسن عملاً أي أخلصه وأصوبه.
قيل للفضيل بن عياض الذي ذكر هذا: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل وإن لم يكن خالصاً وكان صواباً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون موافقاً للسنة، ثم قرأ : ((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)).
- -:- وقال تعالى: ((ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)) يعني أخلص القصد والعمل لله ، والإحسان متابعة السنة، والذين يريدون وجه الله فليبشروا بالجزاء (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه))، (( ذلك خير للذين يريدون وجه الله))
- "أن تعبد الله كأنك تراه"..
- من منا قرأ هذه الجملة في يوم ما, ما رأيك أن نتذكر نص الحديث الشريف:-
- وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام المشهور لما سأله عن الإحسان قال: ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ).
أن تعبد الله عز وجل كأنك تراه أمامك فيوصلك هذا إلى دوام خشيته سبحانه وتعالى. فتتقي عملك خوفاً منه و رجاء رحمتـه..و إن شق عليك ذلك فاستحضر مراقبة الله لك.. فلا تجعل الله أهون الناظرين إليكِ
تذكر أن علو همتك ألا ترضي بغير الله بديلاً.. فليكبر إخلاصك في نيتك لأي عمل, و صدق ستصل بهذا الإخلاص إلى مرحلة لن تبالي فيها بأي شيء سوى رضا ربك وستعيش في راحة نفسية كبيرة.. فلن تهتم بكلام الناس, فمن يهمك هو رب الناس..
- أتذكرون المثل الذي ضربه الله –عز و جل- لنا في القرآن, عن الرجل الذي هو ملك لشركاء متشاكسون و رجلاً سلماً لرجل..
أيهما أفضل .. لا شك أن الثاني هو الأفضل وما فيه الثاني أفضل لنفسه بالتأكيد
فهـو فقط همه رضا من هو سلم له.. فيفني عمله و يقدم أفضل ما عنده في سبيل إرضـاءه و قد ينجـح..
فأن يكون المرء ملكاً لشركاء متشاكسون , بطبيعة الحال يصعب إرضاءهم لاختلاف طبائعهم فيتعب المرء وقد يفني عمره ولم يحصل رضـاهم..
كذلك العامل لأجل الناس..
فمن رحمة الله تعالى و حكمته أن منعنا الرياء في عملنا , فالإخـلاص راحة لنا ,الإخلاص يريح الناس (يوم يقول الله للمرائين:- اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.)
..فكروا جيداً.. وتذكروا إن وقعتم في ذلك أن باب التوبة مفتوح فلا تقنطوا من رحمة الله..
النجاة تكون بسببه في الآخرة.
-اجتماع القلب في الدنيا وزوال الهم لا يكون إلا به : (( من كان الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كان الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر عليه )).
-مصدر رزق عظيم للأجر وكسب الحسنات ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه حتى ما تجعل في فم امرأتك)) {رواه البخاري}.
-نجي من العذاب العظيم يوم الدين ,يقول صلى الله عليه وسلم : ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لم يتعلمه إلا ليصيب به عرض من عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))، وقال: (( من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار)).
الإخلاص ينجي الإنسان من حرمان الأجر و نقصانه ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل غزى يلتمس الأجر والذكر فقال لا شيء له"ثلاثاً" إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه.و قال صلى الله عليه وسلم : (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)).
كذلك الإخلاص هو أساس أعمال القلوب ، وأعمال الجوارح تبع ومكمل له، الإخلاص يعظم العمل الصغير حتى يصبح كالجبل ، كما أن الرياء يحقر العمل الكبير حتى لا يزن عند الله هباء(( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً )).
قال ابن المبارك: (( رب عمل صغير تكثره النية ورب عمل كبير تصغره النية )).
و قد يكون الانسان عاصياً و يعمل عملاً خيراً قد لا يسـاوي في عيون الناس شيئاً ولكن بإخلاصه الكبير في هذا العمـل, تغفر به كبـائره..كقصة البغي
للإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته لما دنت وفاته قال لشخص يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت و وقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة، فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك.
قال الفضيل: إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك. ومن أصلح لله سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح ما بينه وما بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه.
والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته ومن شاهد في إخلاصه الإخلاص فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص.
قال مكحول: ما أخلص عبد قط أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
قال أبو سليمان الداراني: إذا أخلص العبد انقطع عنه كثرة الوساوس والرياء.
كان السلف يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا يعلم عنها زوجة ولا غيرها. وأعز شيء في الدنيا الإخلاص.
- الحماس للعمل للدين.
- أن يكون عمل السر أكبر من عمل العلانية.
- المبادرة للعمل واحتساب الأجر.
- الصبر والتحمل وعدم التشكي.
- الحرص على إخفاء العمل.
- إتقان العمل في السر.
- الإكثار من العمل في السر.
..
على المرء أن يخلص في نيته و ألا يلتفت لحجم عمله و حسب
فرب عمل تعظمه النية..
ولقاح الهمة العالية النية الصالحة,فإن اجتمعا بلغ العبـد مراده..
و نعمـة الإخـلاص من أعظم النعـم..
فأدمن الدعاء بأن يرزقك الله الإخلاص سراً و جهـراً..
- ويكون بإتقـان العمـل.. و جعـله في أفضل صورة, و الاستفادة مما يقدم إليك من نقدٍ بناء و تجارب من سبقك ... لتحسينه و الارتقاء به..
- و عند نهاية كل عمل ضع لنفسك ورقة صغيرة..
- بها هذه الأسئلـة:-
.مما راق لي.
مواقع النشر