بيروت (رويترز) - لم يتمكن الموت من أن يسلب أنغام الموسيقار فريد الأطرش وهجها وتأثيرها على العشاق كما كان واضحا خلال ندوة أقيمت يوم الاثنين ضمن أنشطة معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته التاسعة والخمسين.
وتمحورت الندوة حول كتاب "فريد الأطرش العالمي نابغة عصره" لمؤلفه المهندس اللبناني محمود الأحمدية وهو رئيس منتدى أصدقاء فريد الأطرش الذي يضم المئات من عشاق الفنان الراحل.
وامتلأت قاعة المحاضرات بالكبار وبعض المراهقين قبل وقت طويل من الموعد المقرر للندوة التي تخللتها وصلات موسيقية وغنائية سلطت الضوء على بعض أعمال الأطرش وقوبلت بالتصفيق القوي والآهات القادمة من مختلف أنحاء القاعة.
قدمت الندوة الإعلامية اللبنانية نهلة الريس حاطوم وشاركت فيها الأديبة الدكتورة نور سلمان ورئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين وجيه فانوس وشقيق الموسيقي الراحل وديع الصافي إيليا فرانسيس الصافي.
واستهلت الأمسية الأديبة نور سلمان قائلة "ماذا يبقى لي لأقوله وأنا قد أنهيت قراءة هذا الكتاب المكتنز بالفائدة والغني بالمعلومات والشواهد كما هو أمين في توثيقه جديا في جمعه لكل ما هو غير معروف مبدئيا عن الراحل الكبير مؤكدا عالمية الفنان الكبير فريد الأطرش؟".
وسلطت الضوء في مداخلتها على جذور الموسيقار الراحل قائلة "فريد الأطرش أصله من آل علوان وهو قادم من قبيلة عاصرت سيف الدولة الحمداني وانتقلت إلى معرة النعمان وبعد ذلك جاءت إلى المتن- برمانا واستملكت. سافر فريق من آل علوان إلى جبل العرب وكان زعيمها يعاني من ضعف في السمع ولقب بال-أطرش- وهذا اللقب أصبح عائلة كل هؤلاء".
وأضافت "وفي حين حمل فريد الأطرش عدة جنسيات لكن الجنسيات الأصلية التي نسبت له هي اللبنانية ثم السورية ولاحقا السودانية".
وعن شخصيته قالت سلمان "فريد الأطرش كان يتمتع بخلقية رفيعة ونبل وأخلاق أضف إلى هذه العناصر التواضع".
وفي كلمته قال رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور وجيه فانوس "أدخل اليوم رحاب فريد الأطرش من باب الثقافة. وشخصيا لا أرى في الموسيقى والغناء والأفلام السينمائية سوى أدوات تعمل في بناء ثقافة المجتمع. أن يكون المرء مثقفا يعني أن يكون قد تمكن من تحصين قدرة إنسانية على التفاعل مع العيش. وفريد الأطرش كان مثقفا وظهرت تلك الثقافة من خلال شخصيته التي تميز بها. وقد تمكن تاليا من أن يثقف الناس".
ووسط تصفيق الحضور سأل فانوس "كم من عاشق عبر عن حبه من خلال أغاني فريد الأطرش؟ أذكر منها (يا بو ضحكة جنان) و(جميل جمال) و(يا ريتني طير لأطير حواليك). أقول أيها السادة أنه لا يمكن للعاشق ألا يخطر في باله أغاني الأطرش. وهنا تمكن ثقافة هذا الموسيقار الكبير".
أما شقيق الملحن اللبناني الراحل وديع الصافي إيليا فرنسيس الصافي فوصف الكتاب قائلا إنه "أقرب إلى موسوعة. هذا الكتاب يتسم بالوفاء والنبل. وهو يسلط الضوء على أكثر من جانب في حياة الأمير فريد الأطرش. غالبا ما كان شقيقي وديع –الصافي- يردد على مسامعي –فريد أمير بأخلاقه وموسيقاه".
وفي كلمة كتبها مؤلف الكتاب محمود الأحمدية في النشرة التابعة لمنتدى أصدقاء فريد الأطرش "العود اشتاق إلى أميره... والطبيعة اشتاقت إلى ربيعها... لأول همسة... يا نسمة تسري... نجوم الليل... عش أنت... بنادي عليك... شموع ما زالت تضيء هذا الغث السمين وهذه الدربكة في ليل الفن المعاصر وتعود بنا وبسنوات العمر إلى الماضي الجميل حيث ملأ النغم سماء الشرق...كانت الدنيا غير هذه الدنيا وكان الفن غير هذا الفن".
وعن فريد الأطرش قال "أول فنان عربي أدخل فن الأوبريت للسينما العربية في فيلم انتصار الشباب عام 1930. أول فنان عربي أدخل الآلات الموسيقية الغربية لتعزف موسيقى عربية مثل الكلارينيت والأورج والجيتار منذ عام 1939. أول فنان عربي أدخل المقدمات الموسيقية الطويلة للأغنية العربية في فيلم (حبيب العمر) عام 1945. وأول فنان عربي يفوز بجائزة أعظم عازف عود في العالم في مسابقة تاريخية لأحسن عازفي الآلات الموسيقية وذلك في تركيا عام 1962".
وتخللت الندوة وصلة موسيقية على آلة العود مع المؤلف اللبناني أديب شعبان الذي قدم أغنية "الحياة حلوة". وكانت بعدها مقطوعة "لأكتب ع وراق الشجر" مع الملحن وعازف الكمان مأمون ضو.
وتم تقديم مجموعة من أغاني الموسيقار الراحل بصوت الشابة سندي ريمون اللطي.
ويقع الكتاب في 400 صفحة وهو يوثق المحطات العالمية التي أبرزت فن فريد الأطرش كما يسلط الضوء على التعتيم الذي واكب مسيرة فريد الأطرش خلال حياته وبعد رحيله وذلك بالوقائع والوثائق.
كما يسلط الضوء على فريد الأطرش الإنسان الذي تألم كثيرا بعد وفاة شقيقته المغنية أسمهان التي لها وجودها المحوري في الكتاب لاسيما من جهة تأثيرها الفني على شقيقها فريد.
مواقع النشر