سكاي نيوز - لمياء راضي : أظهر الاعتداء الذي راح ضحيته 17 جنديا مصريا في منطقة رفح الحدودية بين مصر وقطاع غزة قصور السيطرة المصرية على شبه جزيرة سيناء الاستراتيجية واختراقها من جماعات جهادية مسلحة. كما أوضح الاعتداء ضرورة مراجعة بنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية التي تحد من عدة وعدد القوات المصرية في هذه المنطقة الحيوية.
وطالب وزير الخارجية الأسبق المرشح الرئاسي،عمرو موسى، بإعادة النظر في بنود اتفاقية السلام التي كان هو عضوا في وفد المفاوضات التي أدت إلى إبرامها في مارس عام 1979. وقال موسى عبر صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك " أقترح بقوة على الرئيس محمد مرسي أن يستعد وبصفة عاجلة لطلب تعديل الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية حتى تتمكن الجهات الأمنية والقوات المسلحة من فرض الأمن في سيناء ومراقبة الحدود ووقف التسريبات الإرهابية". وأشار موسى إلى أن "الأمر يتطلب خطوات واضحة تحمي السيادة والدولة المصرية بمختلف مكوناتها".
من جانبه، أكد الخبير الاستراتيجي أيمن سلامة لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "يستحيل على القوات المصرية المحدودة عدة وعتادا ملاحقة ومكافحة الأعمال الإرهابية النوعية مثل التي حدثت الأحد الماضي ومكافحة التهريب عبر الحدود سواء تهريب البشر، الذخائر أو المخدرات". "الأوضاع الجغرافية في سيناء يستحيل معها على قوات حرس الحدود خفيفة التسليح وقليلة العدة والعدد وقوات الأمن المركزي المتواجدة هناك أن تفرض الأمن وتسيطر على الوقف و تحديدا في المنطقة المتاخمة لحدود مصر مع إسرائيل وقطاع غزة"، حسب سلامة.
وأشار الخبير إلى أن عملية الأحد "هي أكبر عملية إرهابية نوعية تحدث في سيناء منذ 20 عاما"، وذلك من حيث الهدف والموقع، فإذا كانت عمليات سابقة أوقعت عددا أكبر من الضحايا في شبه الجزيرة، إلا أن أيا منها لم توقع هذا العدد من الجنود.
وأكد بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه في توقيت الإفطار هاجمت مجموعة إرهابية بقوة 35 فردا أحد مقار تمركز قوات حرس الحدود المصرية جنوبي رفح، ما أسفر عن مقتل 16 جنديا، وإصابة 7 آخرين، منهم 3 إصابات حرجة. وأشار البيان إلى أن المجموعة الإرهابية استولت على مركبة مدرعة واستخدمتها في اختراق الحدود المصرية الإسرائيلية من خلال معبر كرم أبو سالم جنوبي قطاع غزة، حيث صدتها القوات الاسرائيلية ودمرت المركبة.
واعتبر سلامة أن "هناك إصرار ورفض غريب من الإسرائيليين للمطالب المصرية المشروعة بتعديل الملحق الأمني للمعاهدة على الرغم من أن نصوص الملحق والاتفاقية يسمحان لطرفي المعاهدة بمراجعة وتعديل مثل هذه الترتيبات الأمنية". ورجح أن يكون منفذي العملية قد "تدربوا في أفغانستان أو باكستان"، لكنه لم يستبعد أيضا احتمال أن "تكون لإسرائيل يد في العملية" لوقف سياسة التقارب والمساعدة التي بدأها مرسي تجاه حكومة حركة حماس الإسلامية في قطاع غزة.
من جانبه، قال مدير مركز الدراسات الفلسطينية بمصر، إبراهيم الدراوي، إن قلة عدد وعتاد القوات المصرية في سيناء يعد "أزمة حقيقية حيث أن السلاح الموجود لا يسمح بأن تفرض مصر سيطرتها على سيناء". وأكد على "ضرورة إعادة النظر في قيود هذه الاتفاقية التي تكبل الجيش المصري". واعتبر الدراوي أن عملية رفح تحمل توقيع تنظيم القاعدة ولكنه في الوقت نفسه لم يستبعد أن تكون قد تمت أيضا "بتخطيط إسرائيلي".
وذكّر بتصريحات لقادة إسرائيليين في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، قالوا فيها إن "الموساد اخترق الجانب المصري وإنهم قادرون على إحداث إرباك في الداخل إذا سقطت مصر في قبضة الاسلاميين".
وشدد على ضرورة أن يسفر الاجتماع بين الرئيس مرسي وقادة الجيش والأمن عن "خطوات فعلية قوية لامتصاص حالة الغضب والتذمر لدى الشعب المصري الذي يرى أن الانفلات الأمني في سيناء يشكل خطرا جسيما ويضرب السيادة والكرامة الوطنية". وشدد الدراوي على "قيام القوات الأمنية المصرية قبل ثورة يناير باستعداء لأهالي سيناء، خاصة البدو، حيث كان يتم اعتقالهم وتساء معاملتهم، حتى نساءهم، لدى وجود أي اشتباه."
بدوره لفت الباحث المختص بشئون الجماعات الجهادية، كمال حبيب، إلى أن "التيار السلفي الجهادي سواء من الجانب المصري أو من الجانب الغزاوي هو من قام بالعملية" . ورأى أن "الطبيعة النفسية والحماس الغالب على سكان هذه المناطق خاصة الشباب يجعلهم "عرضة للاختراق من جانب القاعدة". وقال "بعد ثورة يناير حدث انفلات أمني في كل مصر وموضوع سيناء مركب جدا ويجب أن يعطى أهمية قصوى وأن يفرض الجيش سيطرته على هذه المنطقة"، حسب حبيب، الذي يستغرب موقف إسرائيل التي دعت مصر بعد العملية إلى فرض سيطرتها على سيناء بينما ترفض إعادة النظر في بنود الاتفاقية.
واستبعد حبيب أن تصبح سيناء "مرتعا ومعقلا لتنظيم القاعدة"، حيث أن "الوضع في سيناء ليس مماثلا لوضع القاعدة في اليمن حيث قام التنظيم بالسيطرة على أجزاء كاملة من البلاد وأقصت عنها الجيش والأمن، بينما في مصر يقومون بأعمال خاطفة متباعدة".
مواقع النشر