(DW) : في شمال الدائرة القطبية بالنرويج يتم تخزين بذور من كافة نباتات العالم. هذا المشروع يعد لأسوأ الاحتمالات التي قد تصيب الكرة الأرضية، سواءً كانت حروباً أم كوارث طبيعية. نتعرف في هذه السلسلة المصورة على مخزن سفالباد.
نظرة واحدة لأرخبيل شبيتزبيرغن شمال الدائرة القطبية، والذي يتبع النرويج، تكفي للظن بأن المرء داخل صحراء متجمدة، إذ لا يمكن تصور وجود حياة هنا. لكن الجو هنا في معظم الأوقات صحو. وفي الصيف، تشرق الشمس 24 ساعة! لكن في الشتاء يسود ظلام دامس ومستمر، وتنخفض درجات الحرارة إلى 25 درجة تحت الصفر.
بالإضافة إلى كون المنطقة نائية للغاية، فإن تكاليف المعيشة فيها مرتفعة مقارنة ببقية أجزاء النرويج، إذ يجب نقل كل مصباح وكل تفاحة وكل مسمار إما بالطائرة أو بالسفينة مسافة 950 كيلومتراً.
على بعد كيلومتر واحد تقريباً من عاصمة الأرخبيل، يقع كنز حقيقي للبشرية بأكملها، ولكنه يبدو من الخارج وكأنه بوابة لمخبأ عسكري تبرز من قلب الثلج. إنه مخزن سفالباد لبذور النباتات.
بعد عبور البوابة المصنوعة من الخرسانة المسلحة، يقود ممر يمتد 120 متراً إلى الأسفل تدريجياً وإلى عمق الجبل. داخل هذا المخزن، تعمل أجهزة التكييف على إبقاء درجة الحرارة ثابتة صيفاً وشتاءً، والتي تبلغ سبع درجات تحت الصفر.
في نهاية النفق تقف هذه البوابة حارسة على أكبر مستودع لبذور النباتات في العالم. سبب اختيار أرخبيل شبيتزبيرغن لاحتضان هذا المستودع هو أن طبقة الثلج الكثيفة تعتبر بمثابة درع حماية طبيعي لهذه البذور. أما سبب إقامة هذا المستودع فهو الخوف من اختفاء التنوع النباتي بشكل غير متوقع، إما بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب أو التلوث البيئي.
أسباب تخزين بذور النباتات في هذه المنطقة هي أن النرويج دولة مسالمة لا تخوض حروباً. كما أن أرخبيل شبيتزبيرغن جزء من المنطقة المشمولة باتفاقية شبيتزبيرغن، التي تم توقيعها عام 1920 وتنص على إبقاء المنطقة منزوعة السلاح. كما أن الأرخبيل مستقر من الناحية الجغرافية. إلى ذلك، يقع هذا المستودع على ارتفاع 130 متراً فوق سطح البحر، ما يحميه من أي فيضانات.
يتم نقل بذور النباتات إلى هذا المستودع ثلاث مرات سنوياً. وتتسع صالات التخزين في مستودع سفالباد إلى 4.5 مليون نوعاً من النباتات بشكل إجمالي، بواقع 500 بذرة لكل نوع. وبهذا، فإن المخازن الثلاثة في مستودع سفالباد تتسع لـ2.25 مليار بذرة. ولكن في الوقت الراهن، لا يتم إلا استخدام صالة التخزين الوسطى.
بسبب الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، تم ولأول مرة في تاريخ المستودع سحب بعض بذور النباتات منه. الجهة التي طلبت البذور هي المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، والبذور التي طلبتها هي نوع من أنواع الحبوب المقاومة للمناخ الجاف في الشرق الأوسط. هذا وتم نقل مقر هذا المركز العلمي من حلب إلى بيروت.
يتم تخزين بذور النباتات القادمة من ألمانيا في عبوات مصنوعة من الألمنيوم ومفرغة من الهواء ومحكمة الإغلاق. حالياً، يعتبر مستودع سفالباد مأوى لـ865 ألف عينة من 5103 نوعاً من النباتات حول العالم، من أفغانستان وحتى جمهورية أفريقيا الوسطى. وتضم القائمة الرسمية للنباتات في المستودع أنواعاً من 217 دولة.
مواقع النشر