الشاعر: ابي الحسن التهامي
قصيدة رثاء
تجربة حزينة
شاعر فقد ابنه في عمر الزهور
[poem=font=",6,green,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
حكم المنية في البرية جار = ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا = حتى يرى خبرا من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها = صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها = متطلب في الماء جذوة نار
وإذا رجوت المستحيل فإنما = تبنى الرجاء على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظة = والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مآربكم عجالا إنما = أعماركم سفرٌ من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا = ان تسترد فإنهن عوار
فالدهر يخدع بالمنى ويغص ان = هنَّا ويهدم ما بنى ببوار
ليس الزمان وان حرصت مسالما = خُلق الزمان عداوة الأحرار
إني وُترت بصارم ذي رونق = أعددته لطلابة الأوتار
والنفس ان رضيت بذلك أو أبت = منقادة بأزمَّة المقدار
أثنى عليه بإثره ولو انه = لم يغتبط أثنيت بالآثار
يا كوكبا، ما كان أقصر عمره = وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر = بدرا ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه = فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستل من أترابه ولداته = كالمقلة استلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه = في طيه سر من الأسرار
إن يعتبط صغرا فرب مقمم = يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها = لترى صغارا وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا مضى = بعض الفتى فالكل في الآثار
أبكيه ثم أقول معتذرا له = وفقت حين تركب الأم دار
جاورت اعدائي وجاور ربه = شتان بين جواره وجواري
ثوب الرياء يشف عما تحته = وإذا التحفت به فانك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها = أم صُورت عيني بلا أشفار
جفت الكرى حتى كأن غراره = عند اغتماض العين وخز غرار
ولو استزارت رقدة لطحا بها = ما بين أجفاني من التيار
أُحيي الليالي التم وهي تميتني = ويميتهن تبلج الأسحار
حتى رأيت الصبح تهتك كفه = بالضوء رفرف خيمة كالقار
والصبح قد غمر النجوم كأنه = سيل طغى فطفا النوار
والهون في ظل الهوينا كامن = وجلالة الاخطار في الاخطار
تندي أسرة وجهه ويمينه = في حالة الاعسار والإيسار
ويمد نحو المكرمات أناملا = للرزق أثنائهن مجار
يحوي المعالي كاسبا أو غالبا = أبدا يداري دونها ويداري
قد لاح في ليل الشباب كواكب = ان أمهلت آلت إلى الأسفار
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي = هذا الضياء شواط تلك النار
شاب القذال وكل غصن صائر = فينانه الأحوى إلى الإزهار
والشبه منجذب فلم بيض الدمى = عن بيض مفرقه ذوات نفار
وتود لو جعلت سواد قلوبها = وسواد أعينها خضاب عذار
لا تنفر الظبيات عنه فقد رأت = كيف اختلاف النبت في الأطوار
شيئان ينقشعان أول وهلة =ظل الشباب، وخلة الأشرار
لا حبذا الشيب الوفي وحبذا = ظل الشباب الخائن الغدار
وطرى من الدنيا الشباب وروقه = فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري
قصرت مسافته وما حسناته = عندي ولا آلاؤه بقصار
نزداد همسا كلما ازددنا غنى = والفقر كل الفقر في الاكثار
مازاد فوق الزاد خُلِّف ضائعا = في حادث أو وارث أو عار
إني لأرحم حاسدي لحر ما = ضمنت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم = في جنة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رمت كتم فضائل = فكأنها برقعت بوجه نهار
وسترتها بتواضعي فتطلعت = اعناقها تعلو على الاستار
ومن الرجال معالم ومجاهل = ومن النجوم غوامض ودراري
والناس مشتبهون في ايرادهم = وتفاضل الاقوام في الاصدار
عمري لقد أوطاتهم طرق العلا = فعموا فلم يقفوا على آثاري
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا = وعمى البصائر من عمى الأبصار
هلا سعوا سعي الكررام فأدركوا = أو سلموا لمواقع الأقدار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل = لا خير في يمنى بغير يسار[/poem]
مواقع النشر