دويتشه ﭭيله : غادر الكثير من أبناء وبنات الجاليتين اليهوديتين الكبيرتين سابقا في مصر وتونس بلدانهم ولم يبقى إلا القليل منهم، و الباقون يعانون من كثرة الشكوك فيهم، وبات وضعهم بعد الربيع العربي أصعب من ذي قبل.
أصبح عدد اليهود الذين يؤدون الصلاة في المعبد اليهودي الكبير في تونس، قليلا جدا، إذ لم يتبق من 100 ألف يهودي في تونس سابقا إلا ما يتراوح بين 1500 و2000 شخص. فمعظم اليهود تركوا البلاد. أما في مصر فيمكن القول إن الجالية اليهودية أصبحت غير قائمة تقريبا. ومن المحتمل أن تؤدي نجاحات الإسلاميين الانتخابية في الدولتين إلى انتهاء تاريخ اليهود فيهما.
في الماضي عاشت جاليات يهودية كبيرة في جميع مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إلا أن اليهود في الشرق اعتبروا أعداء بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948 والحروب الإسرائيلية العربية في أعقابه. وهاجر مئات الآلاف منهم إلى إسرائيل وأوربا والولايات المتحدة.
لم يبقى في مصر إلا 100 يهودي
عاش اليهود في مصر منذ عصر الفراعنة. إلا أن عددهم انخفض بشكل ملحوظ. ولا يعيش اليوم في القاهرة والإسكندرية إلا حوالي 100 يهودي، معظمهم من النساء المسنات، كما قال دافيد هاراري في حديث مع DW. وترعرع هاراري البالغ من العمر 73 عاما في مصر. وهو يشغل اليوم منصب أمين الصندوق في جمعية اليهود من أصل مصري في فرنسا.
معبد ميمون اليهودي في القاهرة
أصبحت معظم المعابد اليهودية القديمة في مصر متاحف بحتة. ورغم أن الحكومة قررت عام 2010 ترميم معبد ميمون في القاهرة، إلا أن الصلاة لا تتم فيه إلا نادرا جدا.
النزاعات في إسرائيل تترك آثارها على يهود مصر أيضا
تمت إعادة فتح معبد ميمون في ظل نزاعات سياسية ودينية عنيفة. وهناك تقارير صحفية تقول إن مسؤولين حكوميين رفضوا حضور الاحتفالات في المعبد بهذه المناسبة بعد حصول اشتباكات بين قوات الأمن الإسرائيلية وفلسطينيين. والتوترات بين إسرائيل والفلسطينيين تترك آثارها أيضا على آخر اليهود في مصر، رغم أنالبلاد وقعت عام 1979 اتفاقية سلام مع إسرائيل.
و خابت آمال اليهود المصريين في انفراج أوضاعهم بعد الربيع العربي، كما يقول هاراري. "لم يتحسن الوضع، وإنما ازداد سوءا"، فرئيسة الجالية اليهودية في القاهرة تتعرض للمراقبة ويتم التجسس عليها ولا تستطيع التعبير الحر عن رأيها. و في الإسكندرية أغلقت السلطات المعبد في أعياد هذه السنة، كما قالت وسائل إعلام إسرائيلية. إلا أن ممثلين عن السلطات المصرية نفوا ذلك فيما بعد.
يهود تونس في وضع أفضل بقليل
أما في تونس فلا تزال الحياة اليهودية قائمة إلى حد ما، ففي تونس العاصمة وفي جزيرة جربة يتم في يوم السبت من كل أسبوع فتح بعض المعابد اليهودية. إلا أن عدد المصلين اليهود، حتى في أهم الأعياد، أصبح، على العكس مما كان هو الحال سابقا، قليلا، كما يقول روجيه بيسموت رئيس المركز العالمي ليهود شمال إفريقيا الذي يتخذ من مدينة مرسيليا مقرا له.
"بدأ الوضع يتغير بعد حرب الأيام الستة عام 1967 والانتقال إلى عدم التفريق بين المواطنين اليهود والإسرائيليين"، كما يقول بيسموت، مشيرا إلى أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أصبح لهذا السبب نزاعا بين اليهود والمسلمين. ولذلك تركت معظم الأسر اليهودية البلاد.
شعارات معادية لليهود
أدت التغيرات في سياق الربيع العربي في تونس أيضا إلى انتعاش الأمل في تحقق تكافؤ جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم. ورغم النجاح في إسقاط الرئيس زين العابدين بن علي، حصل، في ظل الفوضى، بعد ذلك اعتداءان على معبدين يهوديين، حيث حاول إسلاميون متشددون في أحدهما اقتحام المعبد الرئيسي في تونس العاصمة. ورفعوا خلال ذلك شعارات معادية لليهود.
داخل معبد الغريبة في جزيرة جربة
رغم أن الرئيس الانتقالي، المنصف المرزوقي، وعد اليهود بحمايتهم، إلا أن قلقهم بقي قائما. وعليه طالب رئيس الجالية اليهودية في جربة، بيريز طرابلسي، مؤخرا بالمزيد من الحماية. وأشار طرابلسي في وسائل الإعلام التونسية إلى محاولة فاشلة لاختطاف يهودي في مدينة جرجيس.
في حالة ازدياد الوضع سوءا سيترك آخر اليهود أيضا البلاد
كما يقول روجيه بيسموت رئيس مركز اليهودية في شمال أفريقيا، لا تتخذ الحكومة التونسية الجديدة موقفا واضحا من قضية حماية اليهود والأقليات الأخرى. "يتجنب حزب النهضة الديني الحاكم الإدلاء بتصريحات واضحة بهذا الشأن لأن السلفيين حلفاء له." وهؤلاء السلفيون يتسمون بموقف معاد لليهود. وإذا ازداد وضع اليهود سوءا، سيهاجر آخر اليهود أيضا من تونس.
مواقع النشر