الكويت (الأنباء) : تحتضن مدينة «ناغويا» جامعا أنجز عام 1998 وانشأته مجموعة من الطلاب من السودان وباكستان وعدة دول ممن كانوا يدرسون في اليابان وتديره جمعية ناغويا الإسلامية التي يرأسها الباكستاني عبدالوهاب قريشي بمساعدة زوجته اليابانية سارة التي تعتبر أكثر داعية نسائية في البلاد تتنقل بين المدن والجزر لنشر الدعوة الإسلامية بطلب وتشجيع من زوجها الذي يعتبر أن أفضل طريقة للوصول إلى اليابانيين هي عبر مواطنين مثلهم.


الزميل محمد الحسيني مع عبدالوهاب
قريشي وسارة قريشي والامام أحمد العلمي
في مكتبة مسجد ناغويا

بسعادة كبيرة يستعرض عبدالوهاب وسارة ومعهما إمام المسجد المصري أحمد العلمي صورا عن تاريخه وزواره ومنهم إمام الحرم الشيخ خالد بن حميد ويتحدثون عن أن السبب الرئيسي لإنشائه كان المضايقات التي تعرض لها الطلاب من اصحاب إحدى الشقق التي كانوا يستأجرونها للتجمع والصلاة حيث كان يخشى أن يتسبب ذلك له بمشاكل مع الحكومة.

قضية أخرى تشغل عبدالوهاب وسارة وهي «الأكل الحلال» التي حاول بعض التجار كما قالوا تحويله إلى قضية كبرى ومعقدة بينما هم يحاولون نقل الصورة إلى اليابانيين وخاصة أصحاب المطاعم والمرافق بأن خلق بيئة «حلال» من حيث الأكل والخدمات لزبائنهم هو أمر متاح وسهل وليس صعبا على الاطلاق.

تفتخر بان اولادها الأربعة الذين يعتنقون الدين الاســلامي يتحــدثــــون اليابانية كما الباكستانية والإنجليــزية وتنشط سارة على «الفيسبوك» بعد ان كانت على علاقة مع مجموعة من الدعاة الكبار من الاكاديميين اليابانيين القادرين على مساعدتها ومنهم د.كمال أوكودا. يضم المسجد مكتبة توفر نسخاً من القرآن والمطبوعات الإسلامية بعدة لغات: التايلندية والصينية والألمانية والبنغالية وغيرها..

ويقول عبدالوهاب، الذي قدم إلى اليابان عام 1981 ويفتخر بأنه بنى مسجدا آخر بكلفة 1.5 مليون دولار في «غوفو»: لليابانيين مفهوم آخر عن الإله والحياة والموت ومع ذلك فإننا نبذل كل الجهود لنقل صورة ديننا بتسامح وصدق وأمانة.


أبرز الدعاة الإسلاميين في اليابان وتبدو بينهم سارة


امين توكوماسو

درس في الازهر ومنذ اعتناقه الاسلام قبل 50 عاما وهو يعمل على الدعوة في بلاده، ونتيجة لجهود طويلة جدا تحقق الحلم الذي سعى اليه مع تأسيس المركز الثقافي الاسلامي في طوكيو.

يرأس الحاج امين «كيمياكي» توكوماسو جمعية مسلمي اليابان، وهي جمعية خيرية لا تتعاطى الانشطة السياسية التزاما بالقانون، تضم مئات الاعضاء من المسلمين أفرادا وعائلات.


مسجد ناغويا

«تعرض الاسلام الى حملة تشويه كبيرة بسبب الحروب في الدول الاسلامية واحداث 11 سبتمبر وما تقوم به «داعش» اليوم» يقول الحاج توكوماسو، مضيفا «اليابانيون شعب شديد الاطلاع ويتابع كل الاخبار ولذلك تكونت صورة سلبية عندهم عن الاسلام».

هذا هو السبب الذي دفعه كما يوضح للعمل على الاستثمار في مركز ثقافي وليس في بناء مسجد «نحن نستقطب الشباب الياباني لأننا نقول لهم تعالوا تثقفوا وهم يتفاعلون معنا، وقد خصصنا احد ادوار المبنى الجديد للمركز كمصلى بمساعدة من الحكومة التركية».


الداعية اليابانية سارة

ويذكر الحاج توكوماسو ان في اليابان 100 جمعية وجهة اسلامية، وعند كل منها مسجد او مصلى واكبر مساجد البلاد هو مسجد طوكيو الذي بنته تركيا، مؤكدا ان دستور اليابان ينص على الحرية الدينية، والحكومة لا تتدخل في عبادات الناس ومعتقداتهم، ولذلك فهم يعملون بكل حرية، ولا يحد من جهودهم الا قلة الموارد.

اكتمال المركز على سبيل المثال يتطلب نحو مليونين ونصف المليون دولار، أمّن منها اعضاؤها من خلال ما يدفعونه من رسوم وما يتلقونه من مساعدات وتبرعات من السعودية والامارات وتركيا نحو مليون، ما ساعدهم على البدء بتنفيذه، واغلبهم عمال في شركات لا يستطيعون التفرغ ويسدد كل منهم 80 دولارا سنويا مقابل 130 دولارا للعائلة اذا كانت منضوية في الجمعية، لذلك وبعد تقاعده يقوم الحاج امين بنفسه بالمهام الادارية والمتابعة مع تأكيده على انها لا تخضع لقيادة فردية بل تعتمد النظام الشهري.

«قبل 30 عاما كنا 3000 مسلم ياباني، واليوم نحو 10 آلاف وعازمون على زيادة العدد من باب التزامنا تجاه ما يقتضيه ديننا»، هكذا يبدأ الحاج توكوماسو وهو يعدد مهام وانشطة الجمعية.

تأسست جمعية مسلمي اليابان في العام 1952 كأول جمعية اسلامية في البلاد، ونالت الاعتراف الرسمي عام 1968 ويقع مقرها الرسمي حاليا في يويوغي بحي شيبويا في طوكيو.

تهدف الجمعية لمد يد العون الى المسلمين والى ممارسة شعائر الاسلام السمحة بما يتماشى مع تقاليد المجتمع الياباني وتعريف اليابانيين بالاسلام حتى يصبح مألوفا بالنسبة اليهم وتقوية عقيدتهم ودعم اواصر المحبة مع المسلمين خارج اليابان.

وقد قامت الجمعية منذ تأسيسها بارسال الطلاب الى البلدان الاسلامية حتى يعودوا حاملين ما تعلموه واصدرت العديد من المطبوعات من اهمها ترجمة معاني القرآن وترجمة الاجزاء الكاملة لصحيح مسلم وتفسير الجلالين، كما تنشط الجمعية في التواصل مع المؤسسات التعليمية والثقافية في اليابان وفي مجال حوار الاديان، كما تمتلك وتدير مقبرة خاصة بالمسلمين حيث يتم الدفن وفق الشريعة الاسلامية، وتنظم معسكرات لاعضائها واحتفالات في الاعياد الاسلامية، كما تقدم المشورة للراغبين في اداء فريضة الحج واثبات الشهادة للمسلمين الجدد واتمام مراسم الزواج.

تعددت القصص والدراسات حول دخول الاسلام الى اليابان، لكن من ابرز ما قدم من معلومات في هذا المجال ورد في كتاب «الاسلام في اليابان» لمؤلفيه د.صالح مهدي السامرائي ود.سليم الرحمن خان، والذي اشار الى ان اتصالات جرت بين القرنين 17 و19 بين المسلمين واليابانيين، ولكن اول اتصال رسمي بين اليابان والدول العثمانية كان في العام 1871، حيث زار اسطنبول عدد من الشخصيات الرفيعة في اليابان لتوطيد العلاقات بين الامبراطوريتين، فقرر السلطان عبدالحميد الثاني ارسال سفينة تحمل وفدا عثمانيا الى اليابان عام 1889 وصلت السفينة «آل طغرل» الى ميناء يوكوهاما وعلى متنها 665 شخصا بقيادة الاميرال عثمان باشا واستقبل الامبراطور الياباني السفينة وقائدها وركابها وقوبلوا جميعا بالترحيب من الشعب الياباني، واثناء عودة السفينة بعد 3 اشهر واجهت اعصارا شديدا في اليوم التالي وهي لاتزال بالمياه الاقليمية اليابانية، فغرقت ولم ينج من ركابها الا 69، هزت الحادثة الامبراطوريتين واقيم للضحايا نصب تذكاري لايزال قائما في اليابان ويحتفل بذكراهم كل 5 سنوات، مرة في اليابان ومرة في تركيا، وقام اليابانيون بحملة تبرعات لعائلات الضحايا ومن بين الوفد الذي ذهب لتسليم الاموال كان صحافي يدعى اشاتورو نودا التقى في اسطنبول اول مسلم انجليزي وهو عبدالله غليام، وبعد تعرفه عليه اشهر اسلامه وسمى نفسه عبدالحليم، ولعب دورا كبيرا في تطور العلاقات اليابانية مع العالم الاسلامي، وتلاه في الخطوة العديد من اليابانيين منهم احمد اريجا الذي اعتنق الاسلام في بومباي بعد دخوله احد المساجد وحسن هانانو الضابط والصحافي الذي اصدر مجلة «الاخوة الاسلامية» لاحقا.

«ناغويا».. العابقة بتاريخ «الساموراي»


الدولفين الذهبي أو «الأوركا» يزين قمة قلعة ناغويا


جانب من قلعة ناغويا


جدارية تستعرض تاريخ «الساموراي»


صورة في المتحف للحظة قصف
القلعة في الحرب العالمية الثانية
قبل إعادة ترميمها وبناء أجزائها لاحقا

بعد ايسي شيما، توجهنا الى ناغويا، رابعة كبرى مدن البلاد من حيث عدد السكان. تشتهر ناغويا بوجود قلعة شهيرة، وبالقرب منها يقع فندق «ريست ان القلعة» الذي يطل عليها في مشهد رائع. هواة السياحة والثقافة على موعد مع احد اروع المتاحف في المدينة، متحف توكو غاوا الذي انطلق عام 1935 ويحتوي على كنوز واحدة من اشهر العائلات في تاريخ اليابان بعد ان وصلت عن طريق الارث الى الحفيد التاسع عشر اواري توكوغاوا، علما ان هذه العائلة كانت خلال الحقبة المعروفة بحقبة الـ «ايدو» (1603 ـ 1867) واحدة من الافرع العائلية التي يُختار منها «الشوغن» او حاكم البلاد العسكري، فسيوف للساموراي وخوذ ومقتنيات ومزهريات ولوحات وقطع اثاث ومسرح الـ «نوه» التقليدي تعود الى تلك الفترة وغيرها من الموجودات العابقة بالتفاصيل تثير متعة السياح، تماما كما حديقة المتحف الذي اقامته العائلة. المدينة كانت تعد عندما انشئت قبل قرون الاجمل في المنطقة، وهي تبعث ببحيراتها وشلالاتها وجسورها الخشبية وزهورها واشجارها العملاقة الراحة والسعادة في النفس.

وليس بعيدا عن متحف التوكوغاوا تقع قلعة ناغويا الشهيرة والتي يتوج قمتها «الاوركا» او تماثيل الدلافين الذهبية الضخمة، دمرت هذه القلعة التي تشرف على المدينة في الحرب العالمية الثانية، لكن مجلس المدينة اعاد بناءها محييا مختلف التفاصيل، خصوصا تلك المتعلقة بالساموراي وبأحدث الاساليب والتقنيات، وأثناء التجول بين ارجائها نجد صور تعرضها للقصف والحريق قبل اعادة تشييدها. وبالقرب من القلعة يقع فندق «وست ان» الذي تطل غرفه عليها ويعد من أهم فنادق «ناغويا»


حديقة متحف وقصر توكو غاوا


جداريات عليها رسومات تجسد النمور داخل قصر توكوغاوا

تشجيع الصادرات والاستثمارات


مدير ادارة الشرق الاوسط وافريقيا
للبحوث في الهيئة تاكاشي تسونيمي

للتجارة الخارجية في اليابان هيئة خاصة تحمل اسم «جيترو»، وتعمل على تشجيع عمل الشركات اليابانية في الخارج، حيث تعتمد اليابان على استثمارات شركاتها ومواطنيها لتعدل ميزان المدفوعات وعلى تحفيز الصادرات اليابانية الى الخارج، كما توفر تسهيلات لوجستية للمستثمرين الجدد في اليابان ومنها مقر لاطلاق اعمالهم.

مدير ادارة الشرق الاوسط وافريقيا للبحوث في الهيئة تاكاشي تسونيمي اوضح ان للهيئة 5 مكاتب في الشرق الاوسط في كل من دبي والرياض، واسطنبول وطهران وتل ابيب.

بداية تحدث تسونيمي عن الاستثمارات اليابانية في الكويت، مشيرا الى ان تحديد نسبة 35% لبرنامج «الاوفست» عائق كبير يقلل من تنافسية الكويت، مقارنة بدول اخرى في المنطقة لا تفرض هذه النسبة العالية، وعن خفض اسعار الطاقة، قال انه رغم استفادة اليابان على صعيد تخفيض كلفة الطاقة من ميزانيتها العامة، الا انها تخشى من انعكاسات سلبية ايضا كون الشرق الاوسط وتحديدا الدول النفطية فيه تشكل مجال استثمار مهما للشركات اليابانية، وهي خصصت جزءا كبيرا من ايراداتها لمشاريع البنية التحتية بمشاركة الشركات اليابانية، لافتا الى ان عددا كبيرا من هذه الشركات يقارب الــ400 شركة اسست مكاتب لها في دبي، وتدير اعمالها من هناك، رغم تحديات تراجع اسعار النفط وهاجس «داعش» المتنامي.

وبين تسونيمي ان الشركات اليابانية تتميز بالالتزام ازاء الدول التي تستثمر فيها ولا تتسم بسرعة الانسحاب مع بروز التحديات وهذا ما يميزها.

واعرب المسؤول الاستثماري عن قلقه من حدة النزاع بين المملكة العربية السعودية وايران قائلا: هذا يؤرقنا جدا، فالسعودية اصبحت سوقا يضم 30 مليون مستهلك، ويهمنا جدا اضافة لكونها مصدرا مهما للنفط، وكذلك ايران التي تضم 80 مليون نسمة وقد رفعت عنها العقوبات تهمنا ايضا، ومؤخرا عقد هنا في طوكيو مؤتمر عن فرص الاستثمار فيها بحضور 310 مشاركين، مضيفا : ليس من مصلحة الشركات اليابانية ان تسوء الامور.

تطور التقنيات الطبية عنوان من عناوين اليابان

أهم رعاية لمرضى غسل الكلى


د.يامان وكازوكو موتوهاشي القائمان
على مستشفى «توكاتسو كلينك»


أجهزة متطورة تتوافر في كل فروع المستشفى

تعلن اليابان ضمن خططها لتشجيع السياحة التركيز على السياحة العلاجية في ظل الإمكانيات المتقدمة والعمل المستمر في الشركات اليابانية على تطوير التقنيات العلاجية، ومن ضمن جولاتنا كانت زيارة إلى مستشفى «توكاتسو كلينك» المتخصص بفروعه الـ 10 في غسل الكلى.

وكان لنا لقاء مع مدير المستشفى د.شينغو يامان ورئيسة وحدة التخطيط كازوكو موتوهاشي، حيث استعرضا الدراسات التي تؤكد بالأرقام تقدمهم مقارنة بباقي المستشفيات. كما قمنا بجولة في أرجاء أحد فروع المستشفى واطلعنا على توزيع الاجهزة والمرضى بشكل يضمن أعلى درجات الراحة والنظافة والرعاية.

وعلمنا من د. يامان عن وجود تواصل مع المملكة العربية السعودية بهدف إنشاء مركز للمستشفى فيها، كما أكد الرغبة في التعاون مع الكويت في مجال العلاج وتبادل الخبرات.

معهد العلوم الرياضية والمركز الوطني للتدريب أكبر استثمارين يابانيين لصناعة الأبطال


لقطة جوية للمركز والمعهد حيث يُصنع الرياضيون ويستعدون لأولمبياد طوكيو 2020
بهدف إعداد الأبطال ورفع علم اليابان في المحافل الدولية، ارتأت الحكومة اليابانية إنشاء مرفقين ضخمين لدعم الرياضيين وبناء رياضة متفوقة، الأول: هو «معهد اليابان للعلوم الرياضية»، والثاني: هو «المركز الوطني للتدريب».

معهد العلوم الرياضية الذي بدأ العمل فيه عام 2001 يساهم في مجال البحث العلمي والطبي على 3 صعد:


1- دعم برامج الطب الجسدي والنفسي ومتابعة لياقة اللاعبين وإجراء الفحوص الدورية لهم.
2- القيام بالأبحاث المستمرة لتطوير قدراتهم.
3- توفير عيادات شاملة لعلاجهم وبرامج تأهيلهم.


أما مركز التدريب فهو مجمع يتضمن منشآت من الأكثر تطورا في العالم لإجراء التمارين في كل الرياضات.

وما إن تدخل المبنى حتى تجد امامك خلية نحل من الرياضيين، كل في القاعة المخصصة لرياضته ومنهم نجوم حققوا ميداليات وبطولات عالمية.

«الأنباء» رافقت ناو كاميشادا المسؤولة في مجلس الرياضة اليابانية، وهو المجلس المنوط به النهوض بالرياضة كهيئة حكومية تشرف على الرياضة، ، وذلك في جولة على ارجاء المباني والملاعب، حيث اطلعنا عن كثب على استعدادات اللاعبين في أجواء حماسية كبيرة، زادها توهجا فوز طوكيو بشرف استضافة الألعاب الأولمبية في العام 2020. وإلى جانب النجاح التنظيمي المرتقب من بلد يشتهر بالعبقرية، فإن اليابان تسعى الى الفوز بأكبر عدد من الميداليات بعدما حققت 36 ميدالية في أولمبياد لندن.

توضيح
في الحلقة الأولى ذكر في اللقاء مع المتحدثة باسم الخارجية السيدة تاكاكو إيتو أنها أشارت إلى حضور الرئيس بوتين إلى مؤتمر «مجموعة الـ 7» في مايو المقبل في «إيسي شيما»، والصحيح أنها لم تشر إلى مشاركة الرئيس الروسي في القمة وأنها تحدثت عن العلاقات مع روسيا بشكل منفصل عن حديثها عن اجتماع المجموعة.

في الحلقة الرابعة والأخيرة: جولة في عالم «تويوتا»