كولون - ماجد الخطيب (الشرق الأوسط) : {
عندما تتحول الرياضة إلى هوس دائم} في الرياضة صحة وعافية، وليس عبثا أن يقول المثل«العقل السليم في الجسم السليم». لكن عندما تتحول الرياضة إلى هوس عند البعض فيرفض التوقف عن الركض حتى أثناء المرض، ويغيب عن حفلة عيد ميلاد ابنه بسبب الهرولة، فان الحالة لا تدل على عقل سليم ولا جسم سليم، بل إدمان مرضي حسب رأي البروفيسور توماس شاك.
وهنا لا ينظر الدكتور شاك إلى هرمون السعادة الأندورفين، الذي يبعث السعادة في قلب المرأة الساعية إلى الرشاقة، أو الرجل الساعي إلى الاحتفاظ بالشباب، والذي يتم فرزه أثناء ممارسة الرياضة، بل ينظر إلى عامل «الهوس»، أو لنقل الإدمان على الاندورفين، الذي يقود إلى إدمان الرياضة. ولا شك أن تنامي ستوديوهات اللياقة البدنية بسرعة، والموضة الداعية للكمال الجسماني، وتنامي الوعي الصحي، هي من أهم عوامل ظهور حالة الادمان على الرياضة.
وذكر الطبيب المختص في علم نفس (سيكولوجيا) الرياضة أن هرمون الاندورفين ليس السبب الوحيد عند البعض كي يدوس على ألم ساقه بهدف عدم التخلي عن برنامجه الرياضي المحدد، لأن السعي إلى التكامل الرياضي يخفي بين طياته بعض الأهداف التي تعتبر بمثابة اختبار لإرادة الشخص. وهي أهداف وإرادات تعبر عن فشل الشخص في تحقيق برامجه في نواحي الحياة الأخرى، حسب رأي أستاذ الرياضة من جامعة كولون الرياضية (غرب).
وحسب ملاحظة شاك فان إدمان الرياضية بين الرجال يصيب الرجال من أعمار 30 الى 50 سنة، وعلى الأخص أولئك الرجال، الذين فشلوا في حياتهم العملية أو توقفت مسيرة حياتهم الوظيفية بسبب الفصل أو التسريح من العمل أو المرض.
أما أكثر النساء اللواتي يتعرضن لخطر الإدمان فهن البنات قبل سن 20 سنة. وهنا يلعب السعي نحو الرشاقة النموذجية والوزن المناسب الدور الأساسي في نمو الهوس عند البنات. والملاحظ عند هذه الفئة من النساء، اللواتي يطلق عليهن الباحث اسم «عدّاءات الجمال» ارتباط إدمان الرياضة مع حالة تجويع النفس المرضية. وليس هناك أعراض ثابتة تكشف المرض عند النساء والرجال، لكن الشعور بالإحباط حد الكآبة بسبب التغيب عن موعد ركض واحد، او تفويته، قد يدل على نشوء الحالة عند البعض. كما أن ظهور حالة «الحرمان» عندهم بعد 24 الى 26 ساعة من الانقطاع عن ممارسة الرياضة، قد تكشف بدورها عن الإصابة بالمرض. وتتولد حالة الحرمان نتيجة شعور داهم بأن على الرياضي ممارسة الرياضة رغم المعوقات الموضوعية مثل دواعي المرض والإصابة والمناسبات الاجتماعية الهامة.
وتكشف الدراسات التي أجراها شاك أن 5 الى7% من المهرولين يعانون من هوس الرياضة أو الإدمان على الركض. ويعاني هؤلاء من أعراض وإصابات جسدية، كالآلام والتشنجات والتعب، أو من الأعراض النفسية مثل الصداع والإرهاق واضطراب النوم، عند توقفهم لفترة عن ممارسة الرياضة.
عدا عن ذلك فان الشخص المعاني من إدمان الرياضة يميل بالتدريج لممارسة الرياضة سرا كي يتجنب ملاحظات وتحذيرات الأهل والأصدقاء. والملاحظ أن المدمنين على الرياضة لا يمارسون رياضتهم المفضلة، الركض مثلا، في أوقات الفراغ الاعتيادية ويختارون الفجر أو حلول الظلام لعطل لعمل ذلك.
مواقع النشر