بايون - موسى أبو زعنونة (دويتشه فيله) بعد عبورهم الحدود الإسبانية الفرنسية، يتوقف جزء كبير من المهاجرين في مدينة بايون الفرنسية، ليستريحوا ويختاروا طريقة تنقلهم لوجهتهم داخل فرنسا. لا سيما وأن بلدية المدينة أعدت مركز استقبال للمهاجرين، بالإضافة لوجود متطوعين
تمثل مدينة بايون محطة مهمة للمهاجرين القادمين من إسبانيا إلى فرنسا. فعلى الرغم من أنها لا تقع على الحدود مباشرة، وأن معظم المهاجرين لا يقضون فيها فترة طويلة، إلا أنها تشكل حالة خاصة بسبب مركز "بوزا" للإيواء، والذي يستقبل المهاجرين بمجرد وصولهم إلى المدينة، ويسمح لهم بالمكوث لمدة ثلاثة أيام، على أن يقوموا خلال هذه الفترة بتوفير طريقة لاستكمال رحلتهم شمالاً في فرنسا، إما على متن الحافلات أو القطار.
ومن جانب آخر، يقدم متطوعون وجمعيات محلية بعض الخدمات للمهاجرين المتواجدين في المركز، أو أولئك الذين انتهت فترة إقامتهم فيه.
زار فريق مهاجر نيوز المدينة، والتقى بالقائمين على مركز "بوزا"، كما قابل جمعية "دياكيتي" التي تعمل مع المهاجرين.
مركز"بوزا".. مركز استقبال وإيواء "طارئ"
لا يتوقع المشاة على ضفاف نهر "أدور" في مدينة بايون، أنهم بصدد المرور بمحاذاة مركز لإيواء مهاجرين خاطروا بحياتهم للوصول إلى أوروبا.
يعتبر مركز "بوزا" نادراً من نوعه في هذه المنطقة، فموقع مدينة بايون وخدمة الإيواء التي يقدمها المركز للمهاجرين، جعلا منه محطة مهمة لجزء كبير من المهاجرين الذين عبروا الحدود الإسبانية متجهين إلى المدن الكبرى في فرنسا.
خاصة وأن مهمة عبور الحدود الإسبانية الفرنسية في إقليم الباسك، ليست بسيطة وتتطلب العديد من المحاولات، مع الانتشار الكبير للشرطة الفرنسية بالقرب من المنطقة.
تم افتتاح هذا المركز في كانون الثاني/يناير 2019، في محاولة من بلدية بايون للسيطرة على التوافد الكبير للمهاجرين، الذي بلغ ذروته في صيف 2018. حيث تجمع المهاجرون في البداية في ساحة "الباسك"، وفي الخريف تم تخصيص موقف سيارات تحت الأرض لهم، ثم مدرسة، إلى أن تم افتتاح المركز.
ووفقاً لفيليب، مدير المركز، عادة ما يصل المهاجرون صباحاً ويغادرون في مساء اليوم ذاته، لكن المركز يسمح لهم بالبقاء لمدة ثلاثة أيام.
-
بعد المرور بإسبانيا ثم مدينة بايون الفرنسية يصل كثير من المهاجرين إلى باريس
مخيم للاجئين في باريس
بعد المرور بإسبانيا ثم مدينة بايون الفرنسية يصل كثير من المهاجرين إلى باريس
وفي شباط/فبراير 2019، بلغ عدد المهاجرين المتواجدين في المركز في أحد الأيام، 258 مهاجراً، لكن الأعداد أخذت بالانخفاض، لا سيما وأن القائمين على المركز قرروا تقليص طاقته الاستيعابية إلى 120 مهاجراً، بسبب الجائحة. ويبلغ متوسط عدد المهاجرين المتواجدين في المركز في هذه الفترة، 40 مهاجراً.
ويفصل المركز النساء والأطفال عن الرجال، ويوفر لهم أماكن للنوم وأسرّة، بالإضافة إلى بعض المستلزمات الصحية. ويوجد في المركز ثمانية أماكن للاستحمام، وثمان دورات مياه، بالإضافة إلى غرفة لغسيل الملابس وغرفة مخصصة للصلاة. كما يوجد مخزن للمواد الغذائية تتم تعبئته ثلاث مرات كل أسبوع من قبل "لا بونك أليمونتير".
ويتم توزيع وجبات غداء وعشاء على المهاجرين، وبعض المخبوزات أو الحلويات في الصباح.
وقال فيليب "الوضع في المركز شبيه بالقرية. بمجرد وصول المهاجرين لأوروبا، يجب أن يستوعبوا أن الحياة هنا مبنية على النظام، لدينا مثلاُ حاويات القمامة المقسمة حسب المواد العضوية والمواد القابلة لإعادة التصنيع. لدينا أماكن للاستحمام وأماكن للغسيل، والجميع يشارك في الحفاظ على هذا النظام".
وخصصت البلدية ستة موظفين في المركز، يتواجدون من الساعة الثامنة صباحاً حتى التاسعة مساءً، ويتكفلون باستقبال المهاجرين وتعبئة بياناتهم، وإرشادهم أثناء تواجدهم في المركز. يعلق فيليب "نحاول مساعدتهم في محطتهم السريعة هنا. الحافلات المخصصة لمغادرة المدينة، فهي تمر بالقرب من المركز، ويمكن شراء تذاكرها من نقاط بيع قريبة أيضاً".
وأشار القائمون على المركز إلى أنهم يستطيعون طلب تدخل الرعاية الصحية عند الحاجة.
ووجهت بعض الجمعيات المحلية انتقادات لإدارة المركز بسبب الإجراءات الشديدة المعمول بها، بالإضافة إلى تقييد عمل المتطوعين على حد تعبيرهم. أما فيليب، مدير المركز، فرد قائلاً "نعم. نحن لا نسمح بدخول أو خروج المهاجرين بعد الساعة السابعة مساء، ونقوم بتوزيع وجبات العشاء على الساعة السابعة والنصف مساءً. يجب أن يكون هناك إطار وقوانين واضحة، وكل شخص مسؤول في موقعه يأخذ القرارات التي يجدها في مصلحة مهمته. لذا يجب احترام القوانين".
جمعية "دياكيتي".. متطوعون يحاولون التخفيف عن المهاجرين
في نهاية كل أسبوع، وعلى بعد مئات الأمتار من مركز "بوزا"، يجتمع متطوعو جمعية "دياكيتي" في مركز "غادشيتشي" الشبابي. ويباشرون في تحضير بعض المشروبات والوجبات الخفيفة للمهاجرين، وتوزيع الملابس عليهم، بالإضافة إلى تخصيص زاوية لتقديم المشورة الطبية وتوزيع الأدوية اللازمة من قبل طبيبة متقاعدة متطوعة مع الجمعية.
عادة ما يأتي المهاجرون من مركز "بوزا" إلى اللقاءات الأسبوعية، قبل أن يستكملوا رحلتهم، بالإضافة إلى بعض المهاجرين الذين يبقون في "بوزا" بشكل استثنائي لفترات أطول من الليالي الثلاثة المسموح بها، أو من خرجوا من المركز وما زالوا يتجولون في شوارع المدينة.
-
لاجئون في فرنسا
خلال زيارة فريق مهاجر نيوز إلى لقاء جمعية "دياكيتي"، الأحد 27 حزيران/يونيو، تواجد نحو 20 مهاجراً في المركز الشبابي، واستلموا بعض الملابس والأدوية، في أجواء مرحة وإيجابية، بررها أحدهم قائلاً "هنا نشعر بحرية أكثر من تلك الموجودة في مركز (بوزا)".
وتعمل الجمعية في مجال مساعدة المهاجرين منذ عدة سنوات، وشهدت فترات ذروة توافد المهاجرين، كما حاولت التفاوض مع السلطات لتحسين ظروف استقبال المهاجرين. قالت لوسي، وهي متطوعة في الجمعية، "قدمنا عدة اقتراحات في هذا الصدد، كإنشاء مطبخ ثابت في مركز بوزا، وإنشاء عيادة خاصة للمهاجرين، بالإضافة إلى مطالباتنا بتحسين الشروط والقوانين المعمول بها في المركز. نادراً ما يتم التعاون مع اقتراحاتنا من قبل القائمين على المركز".
التوجه إلى المدن الفرنسية الكبرى.. وتجنب دوريات الشرطة
ينطلق المهاجرون من بايون باتجاه المدن الفرنسية الكبرى، كتولوز وبوردو وباريس وليل، وغيرها. ويستقلون القطارات والحافلات في محاولة للوصول إلى وجهتهم.
لكن معاناتهم مع الشرطة الفرنسية لا تنتهي بدخولهم أراضي الجمهورية، فدوريات الشرطة تنتشر في محطات الحافلات والقطارات حتى مدينة بوردو. ويصعد عناصر الشرطة على متن القطارات ليبحثوا عن أي تواجد للمهاجرين، بهدف إعادتهم إلى إسبانيا، حتى بعد مكوثهم في فرنسا لعدة أيام.
قال مامادو، وهو مهاجر غيني التقاه فريق مهاجر نيوز في بايون يوم الأحد الماضي، "وصلت أول أمس إلى هنا، ونمت ليلتين في مركز بوزا"، ثم أخرج من حقيبته تذكرة حافلة من بايون إلى محطة بيرسي في باريس، وقال مبتسماً "غداً سأتوجه إلى باريس، أتمنى ألا تعترضني الشرطة". اليوم، أرسل مامادو رسالة، جاء فيها "وصلت إلى باريس بسلام، سأقوم بطلب اللجوء هنا".
مواقع النشر