صنعاء - زكريا الكمالي (الأناضول) : بدأت الحكومة اليمنية مؤخرا بالدفع بدماء جديدة إلى هرم الجيش وقيادة المعارك ضد الحوثيين وقوات صالح، طالت رئاسة هيئة الأركان، ما يوحي بتحول مرتقب في خارطة المعركة خلال الأيام القادمة.
وبعد أشهر من ركود نسبي في سير المعارك على الأرض، أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي أمس الأول الإثنين، (قبل أيام من حلول الذكرى الثالثة لاجتياح العاصمة صنعاء) قرارا بتعيين العميد الركن طاهر العقيلي رئيسا لهيئة الأركان العامة، وترقيته إلى رتبة لواء، ليكون خلفا للواء محمد المقدشي الذي أُزيح إلى منصب شرفي بصفة مستشار للقائد الأعلى للقوات المسلحة، ومندوب لليمن في القوات المشتركة للتحالف العربي.
وكان اللواء "المقدشي" قد تقلد منصب رئاسة الأركان بعد قرابة شهر من عمليات التحالف العربي (قبل نحو عامين ونصف العام)، ويثني عسكريون على الرجل كونه أسس نواة للجيش الوطني بعد أن سيطر الحوثيون و"صالح" على جميع معسكرات الجيش ومخازن الأسلحة، فيما يحمله آخرون أسباب الفشل في إحراز تقدم نوعي بجبهات مهمة وخصوصا "نهم" و"صرواح "شرقي صنعاء.
ويبدو أن الحكومة الشرعية أرادت تغيير خارطة المعركة على الأرض، والتخطيط لاستعادة المزيد من الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من أجل التقدم إلى صنعاء، التي تحل ذكرى سقوطها في أيدي الحوثيين يوم 21 سبتمبر / أيلول الجاري.
ويعول أنصار الشرعية على القائد العسكري الجديد لهيئة الأركان في إحداث تحول عسكري يضيق الخناق على الحوثيين وصالح، واستغلال فترة الصراع الدائر وسط تحالفهما في تحقيق اختراق جذري وخصوصا في معركة تحرير صنعاء.
وينحدر الرئيس الجديد لهيئة الأركان العقيلي من محافظة عمران، الخاضعة بشكل كامل لسيطرة الحوثيين شمالي البلاد، والتي تمثل الخزان البشري من المقاتلين الموالين لصالح والحوثيين خلال الحرب.
ووفقا للسيرة الذاتية التي اطلعت عليها الأناضول، يمتلك العقيلي شهادات مختلفة في المجالات المدنية والعسكرية، فإلى جانب ماجستير "الدراسات الاستراتيجية" من السودان، يحمل الرجل شهادة ماجستير أيضا في العلوم العسكرية.
وكانت آخر المناصب العسكرية التي تقلدها العقيلي قائدا للواء 9 مشاة، ومديرا لغرفة العمليات التابعة للقوات الشرعية في محافظة الجوف شمالي البلاد.
ومن المؤكد أن الحكومة قد اتخذت قرار تعيين رئيس هيئة أركان الجيش، بالتنسيق مع التحالف العربي المساند لها بقيادة السعودية.
فخلال الأيام الماضية، عقد رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر 4 لقاءات مع قيادات قوات التحالف المرابطة في محافظة عدن، التي عاد إليها قادما من الرياض عشية عيد الأضحى، كما أجرى الرئيس هادي اتصالا هاتفيا بولي العهد السعودي والمشرف الأول على عمليات التحالف الأمير محمد بن سلمان، وفقا لوكالة سبأ الرسمية.
وأعلن بن دغر خلال تلك اللقاءات، أن الحكومة "تسيطر على 85 بالمائة من الأرض وتتقدم نحو تحقيق النصر الأكبر"، ووفقا للوكالة الرسمية، فقد ناقشت اللقاءات "الخطط العسكرية للمرحلة المقبلة"، دون إيراد أي تفاصيل أخرى.
ولم يكشف رئيس الحكومة خلال تلك اللقاءات عن المعركة الأولى التي قد يتم البدء بها، لكنه دائما ما كان يتحدث خلال الفترة الماضية عن قرب تحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين وصالح.
واعتبر مراقبون أن قرار تغيير رئيس هيئة الأركان كان ضروريا بشكل كبير لعدة أسباب، من أجل تغيير المعادلة العسكرية.
ويرى الباحث اليمني أستاذ علم إدارة الأزمات الدولية نبيل الشرجبي، أن اللواء المقدشي أخفق بشكل كبير في التواصل مع أبناء محافظة ذمار التي ينحدر منها، وتعد الخزان العسكري للرئيس السابق صالح، و(أخفق في) عمل أي اختراق بأوساطهم من أجل استمالتهم لصفوف الشرعية وقتال الحوثيين، بالإضافة إلى ترك الكثير من العمل العسكري، وكان لا بد من تغييره.
وقال الشرجبي في تصريحات للأناضول، "تعيين رئيس جديد للأركان ربما قد يكون مؤشرا على تحريك معركه جبهة صنعاء، والجميع يعرف أن عمران التي ينتمي لها رئيس الأركان الجديد هي الكتلة البشرية الأكبر للحوثيين، ولذا فإن أولى مهامه قد تكون محاولة تحييد تلك الكتلة البشرية عندما يتم فتح جبهة صنعاء".
ووفقا للباحث اليمني، يرتبط رئيس الأركان الجديد بعلاقات جيدة مع كثير من قيادات وأفراد الحرس الجمهوري الموالي لصالح.
ويعتقد الشرجبي أن كل ذلك لن يغير كثيرا في المعادلة، بل يتطلب الأمر ـ وخصوصا إذا كانت الشرعية تنوي فعلا تحقيق انتصارات نوعية ـ إحداث تغييرات أخرى في استراتيجية الشرعية والتحالف بقيادة المعركة، وخاصة لجهة إعطاء أولوية للمعارك البرية.
ومع استمرار الحوثيين باعتقال وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي منذ أواخر مارس 2015، وعدم تعيين الحكومة الشرعية بديلا عنه، يبرز رئيس أركان الجيش بموقع الرجل الأول للعمليات العسكرية، خلف رئيس الجمهورية الذي يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر والذي يشغل منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب الدور الأكبر في هذا التغيير، وفقا لمصادر الأناضول.
وبعد قرابة عامين ونصف العام على انطلاقة عاصفة الحزم، تمكنت الحكومة الشرعية من استعادة محافظات الجنوب من الحوثيين وأغلب محافظة مأرب (شرق)، وأجزاء واسعة من محافظة تعز (جنوب غرب).
وتقول الحكومة الشرعية إنها باتت تسيطر على 85 بالمائة من الأراضي اليمنية، لكن مراقبين يرون أن الرقعة الجغرافية الأهم ما زالت في أيدي الحوثيين وصالح، وهي العاصمة صنعاء، ومحافظة الحديدة الاستراتيجية الواقعة على البحر الأحمر غربي البلاد.
مواقع النشر