العربية - كشف تقرير اقتصادي حديث أن سبع أسواق رئيسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- من بينها السعودية- تواجه عجزا في توفير مساكن ذات كلفة ميسرة، تكفي للوفاء بالطلب اللازم بسبب مشكلات تعرقل زيادة العرض من وحدات المساكن الميسرة.
وقدر التقرير النقص الذي تواجهه هذه الأسواق بما يقارب 3.5 ملايين وحدة سكنية ميسرة الكلفة، منها 400 ألف وحدة في السعودية وحدها.
وأوضح تقرير أصدرته شركة جونز لانج لاسال، الشركة العالمية الرائدة في قطاع الاستشارات والاستثمارات العقارية أمسن أن الحكومة السعودية أدركت الحاجة إلى توفير مزيد من المساكن كجزء من باقة الحوافز الاجتماعية والمالية الأشمل التي أقرت بأوامر ملكية أخيرا وتبلغ 133 مليار دولار.
وقال التقرير المنشور في صحيفة الاقتصادية السعودية، إن الأسواق السبعة المتمثلة في السعودية، والبحرين، والإمارات، وعمان، ومصر، والمغرب، والعراق تواجه مشكلات تعوق من توجهها إلى زيادة الطلب على المساكن الميسرة، لعل أبرزها ارتفاع قيمة الأراضي، ما قلل من إمكانية شراء الأراضي بتكلفة ميسرة، ارتفاع التكاليف الرأسمالية اللازمة لتطوير البنية التحتية ذات الصلة مثل الكهرباء والصرف، إضافة إلى تكاليف توفير وسائل النقل العام المناسبة متعددة الأشكال من أجل تسهيل الوصول إلى الأماكن البعيدة وانخفاض العوائد المالية، مقارنة بالقطاعات السكنية الأخرى، إلى جانب الوصول المحدود للتمويل المناسب للعائلات منخفضة الدخل، نظرا لعدم نضوج أسواق الرهن العقاري بوجه عام، وانخفاض القبول لتقنيات أنظمة البناء بين مطوري المنشآت الذين سيعملون على تحقيق وفورات حجم مناسبة، ما سيعمل على تحقيق هوامش ربح أفضل.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي يزيد فيه اهتمام الحكومات في شتى أنحاء المنطقة بتوفير منازل جديدة، فإن الطلب يتجاوز المعروض بكثير, حيث تواجه المنطقة نموا سكانيا يزيد بنحو ضعفين على المتوسط العالمي. ومع هذا النمو السكاني السريع المتجدد، يقدر التقرير أنه لا يزال هناك نقص حاد في أكثر من 3.5 مليون مسكن ميسر الكلفة على نطاق الأسواق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأن هذا الطلب سيستمر في الزيادة متجاوزا مقدار المعروض على مدار الأعوام الخمسة القادمة على الأقل.
ويتباين نطاق هذا النقص بين أكثر من 1.5 مليون وحدة في أكثر الأسواق ازدحامًا بالسكان مصر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 15 ألف وحدة فقط في عمان.
ويقول ديباك جين رئيس فريق الخبراء المتخصص في الإسكان ميسر الكلفة في شركة جونز لانج لاسال: إنه بينما يتحول التركيز بعيدا عن المجتمعات العمرانية الفاخرة، تقدر شركة جونز لانج لاسال أن توفير مستويات كافية من الإسكان ميسر الكلفة ربما يمثل الفرصة الوحيدة الأكبر أمام مجال العقارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الوقت الحالي. فهناك نقص ملحوظ حاليا في الإسكان ميسر الكلفة تشهده جميع الأسواق الرئيسية في شتى أنحاء المنطقة، ومن المتوقع أن يتزايد هذا النقص بينما تعمل الحكومات على الاستجابة للحاجة إلى توفير مستويات كافية من الإسكان ميسر الكلفة من أجل التعامل مع إحدى القضايا الاجتماعية الرئيسية التي تواجه السكان في تلك المنطقة.
وأوصى التقرير بأنه يتعين على الحكومات توفير مزيد من الدعم، حيث إنه من غير المحتمل أن يقوم القطاع الخاص بإنشاء مساكن كافية دون مساعدة وحوافز.
ويقترح التقرير أنه ينبغي على الحكومات أن تسعى لتعزيز خلق قطاع رهن عقاري أكثر نشاطا وتشجيع المبادرات الأخرى ذات الصلة من أجل تحفيز وزيادة إتاحة التمويل للإسكان منخفض التكلفة، إضافة إلى زيادة مشاركة المجتمعات المحلية بشكل أكثر نشاطا، مشيرا- أي التقرير- لأهمية تحسين التصميمات الحضرية وتنمية المجتمع لتجنب إنشاء أحياء سكنية عشوائية. وأنه يتعين على الحكومات تطبيق منهج أكثر شمولية للتخطيط الحضري عن طريق توسيع إطار العمل الحالي إلى ما هو أكبر من محيط المناطق المدنية الحالية.
وأشار جين إلى أنه ونظرا لتزايد الطلب على الإسكان ميسر الكلفة في شتى أنحاء المنطقة، برزت حاجة ملحة لإعادة التفكير بشكل جذري في سياسات الإسكان وبرامج التنمية الوطنية. وعلى الرغم من أن الحكومات في جميع أنحاء المنطقة بدأت في تخصيص موارد مالية كبيرة للتعامل مع النقص في الإسكان ميسر الكلفة، فإن التحدي يمتد ليصبح أبعد من كونه مشكلة تتعلق بالاستثمار. داعيا الحكومات المشاركة بشكل أكبر لتجنب التكاليف الاجتماعية والاقتصادية المرتفعة التي يتسبب فيها المنهج التدريجي الحالي، حيث تقع معظم أماكن الإسكان ميسر الكلفة في أماكن بعيدة يصعب الوصول إليها. علاوةً على هذا، يتطلب نطاق الطلب شكلاً أكثر شمولاً واستراتيجية من الإدارة لتعزيز الطلب وضمان بناء النوع الصحيح من المنشآت في الأماكن المناسبة التي يسهل على الأشخاص تدبير تكاليفها.
ويضيف قائلاً: "حتى تلعب السوق دورا أساسيا في حل المشكلة، ولكي تصبح المدن ناجحة وتعمل بفعالية وكفاءة، يجب أن يكون الإسكان ميسر الكلفة مرتبطا بحاجات السوق المستهدفة على نطاق أوسع. كذلك، يتطلب الأمر تصميما وتخطيطا أكثر ابتكارا بما يؤدي إلى إنشاء مجتمعات متماسكة أكثر جذبا ومستدامة بيئيا، مشيرا إلى أن توفير التمويل ومن ثم تمكين العائلات منخفضة الدخل من تحسين مستقبلهم يعد عنصرا آخر من عناصر الحل الشامل المطلوب، إضافة إلى الحاجة إلى إعادة التفكير في العلاقة الحالية بين الحكومة وقطاع التطوير العقاري من أجل إعداد اتفاقيات استثمار أكثر جذبا وفاعلية".
مواقع النشر