القاهرة (دويتشه ﭭيله) : جامعو القمامة التقليديون في القاهرة يعرفون محليا باسم "الزبالين"، هم في الغالب من المسيحيين الأقباط وعملهم جمع القمامة وتصنيفها وإعادة تدويرها ويسكنون على إطراف جبل المقطم. الجديد هو مشروع لتنظيم جهدهم وزيادة دخلهم.
شاب يعمل بجمع القمامة بحي الزبالين في القاهرة
وسط جبال القمامة في أطراف جبل المقطم بشرق القاهرة، تجلس فتاة في الرابعة عشرة من عمرها وتقوم بفصل النفايات العضوية عن الأوراق وعبوات البلاستيك. الفتاة هي واحدة من "
الزبالين" الذين يجمعون القمامة لإعادة تدويرها في منطقة حي الزبالين في المقطم. تقول والدة الفتاة أم جورج البالغة من العمر 35 عاما: "
لا أذهب لجمع القمامة بنفسي ولكني أستأجر سيارة وأشخاصا ليجمعوا القمامة ويأتوا بها إلى هنا"، مضيفة أنها تعمل على فصل القمامة "
و بيع الكارتون والبلاستيك والمواد المطاطية التي تستخدم في صنع القفازات."
مشكلة القمامة من أكبر المشاكل التي تواجه القاهرة، المدينة ذات السبع عشرة مليون نسمة والتي تنتج نحو 14 ألف طن من القمامة يوميا، ويُلقى كثير منها في الشوارع. جامعو القمامة بحي الزبالين يجمعون ما يقرب من 85 بالمائة من مجمل النفايات التي تنتجها العاصمة المصرية.
إضافة إلى ما يقوم به جامعو القمامة، فهم يتولون تدوير بعض النفايات لتكون علفا يقدم لمزارع
تربية الخنازير. تعرض الزبالون إلى حملة شنتها السلطات المصرية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، واستهدفت خنازيرهم وقد نتج عنها قتل نحو 300 ألف من الخنازير التي كانوا يربونها فيما وصفته السلطات المصرية في عام 2009 بالأجراء الوقائي ضد أنفلونزا الخنازير التي انتشرت آنذاك. شكل ذلك ضربة قاضية لجامعي القمامة، حيث أن الخنازير كانت حلقة أساسية في عملية تدوير القمامة لأنها تأكل النفايات العضوية ويتم بيع لحمها فيما بعد.
بعد التغيير وتنحي مبارك بدأت بعض المنظمات في دعم جامعي القمامة، كما أوضحت وزيرة البيئة السابقة ليلى إسكندر، كاشفة أن السلطات تخطو بجد لتقنين عمل جامعي القمامة.
نصف سكان حي الزبالين يعانون من مرض ألتهاب الكبدي الفيروسي
مشروع تجريبي
أُطلق برنامج تجريبي لقياس مدى نجاح العمل مع الزبالين، بعد أن فشلت طرق أخرى ومنها التعاقد مع شركات أجنبية لجمع القمامة. ومن المفترض أن يقوم وزير البيئة الجديد خالد فهمي باستكمال الإصلاحات.
تقول الوزيرة السابقة ليلى إسكندر "
محافظ الجيزة أول من وافق على المشروع لأنّ الشركة الأجنبية المتعاقد معها انسحبت من ثلاث مناطق، فاضطر المحافظ لسد الفجوة وكان على استعداد لتجربة فكرة جديدة."
الوزيرة السابقة كانت تعمل مع جمعية "
روح الشباب" التي أسسها جامعو القمامة من منطقة المقطم، وتدعم الجمعية جامعي القمامة لتأسيس مشاريع متوسطة وصغيرة تتيح لهم فرصة التعاقد مع السلطات المحلية.
يجني الزبالون حالياً ما يقرب من 4 جنيهات مصرية (0.41 يورو / 0.56 دولار) يومياً مقابل جمع القمامة من المنازل. في إطار المشروع الجديد ستدفع الحكومة 12 جنيهاً (1.2 يورو /1.6 دولار) عن كل وحدة سكنية.
تصف إسكندر الخطوة بأنها "
نقلة كبيرة، وهي تتيح لهم الفرصة لتحديث شاحناتهم وتحسين مظهرهم الخارجي، ليعيشوا حياة كريمة ويعنوا بتعليم أولادهم."
تشجيع الشباب
مدير جمعية "
روح الشباب" عزت نعيم جندي أشار إلى أن الزبالين قد أنشأوا أكثر من 750 شركة لجمع القمامة بمنطقة المقطم وحدها بعد أن اقتنعوا بفكرة المشروع،مضيفا أنّ الزبالين لن يستفيدوا وحدهم من تقنين جمع القمامة، ولكن التغيرات ستشجع الشباب بشكل عام على المشاركة.
يقول جندي "
كثير من المصريين العاطلين عن العمل بدأوا بالفعل في التسجيل لجمع القمامة وإعادة تدويرها" مضيفاً "
أنهم أقبلوا على المهنة بعد أن أدركوا اعتراف الحكومة بها."
وبالرغم من احتمالية المنافسة من خارج مجموعة الزبالين من الطائفة القبطية إلا أن جندي لا يرى في ذلك خطورة إذ توجد كميات من القمامة تكفي الجميع، بحسب قوله.
يقول جندي إن القاهرة وضواحيها "
تنتج يومياً 14 ألف طن من النفايات، يجمع منهم الزبالون تسعة آلاف طن، وتبقى 5 آلاف طن لا توجد جهة محددة تتعامل معها،" مضيفاً أن الشركات الأجنبية لا تستطيع جمع كل المتبقي، وبذلك فإن نحو 3 آلاف طن تظل في الشارع دون أن يجمعها أحد".
بعد سنوات من المعاناة، يعاني نصف الزبالين من مرض
التهاب الكبدي الفيروسي/ Hepatitis C– بحسب
جمعية روح الشباب، التي تأمل أن يقدم المشروع مساعدة للزبالين.
فايز عبد المسيح لا يريد أن يستمر أولاده في جمع القمامة من بعده
التعليم من خلال قناني غسول الشعر (shampoo)
في مدارس حي الزبالين بمنطقة المقطم ، لا يدرس الأطفال القراءة والكتابة والرياضيات فحسب، بل يتعلمون أيضاً كيفية عد وفصل عبوات الشامبو الفارغة لإعادة تدويرها.
تشجّع المدرسة الأطفال على الحضور بانتظام بأن تدفع لهم أجراً على جمع الزجاجات الفارغة، في هذا السياق تقول معلمة تقنيات الانترنت ماري مفيد أن هذا يسمح للأطفال بالتعلم فيما يكسبون المال لأسرهم.
البعض لا يبدو مقتنعا بالفكرة، كما كشف الزبال عبد المسيح فايز الذي شكك في نجاح فكرة المشروع وهو يحتضن ابنه ذي السابعة، وقال:"سكان المنازل كانوا يدفعون لنا أجرة شهرية مباشرةً، ولكنهم الآن سيدفعون مبلغا إضافيا على فاتورة الكهرباء، معنى ذلك أنّ الحكومة ستأخذ جزءا من المبلغ المخصص لنا" ومضى مستاء إلى القول "لا أثق في الحكومة، وأفضّل أن أعمل بنفسي لضمان رزقي ورزق أولادي".
ولكن فايز يريد أن يواصل أولاده الدراسة حتى لا يفنوا حياتهم في جمع القمامة مثلما فعل هو وأبوه وجده من قبله.
مواقع النشر