الطائف - واس : تنظم الهيئة العامة للسياحة والآثار رحلات للمجموعات السياحية إلى مزارع الورد في الهدا والشفا بمحافظة الطائف ضمن جهود دعم الاستقطاب السياحي لمهرجان الورد الطائفي الذي تنطلق فعالياته يوم غدٍ الأربعاء برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة في حديقة الملك فيصل النموذجية بالقديرة.
ظˆط±ط¯ ط§ظ„ط·ط§ط¦ظپ.jpg
وأوضح المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف طارق محمود خان أن الهيئة ستنفذ برنامج مسوحات إحصائية سياحية يشارك في تنفيذها 6 باحثين وباحثات للتعرف على توجهات الزائرين واستقصاء مرئياتهم.
وبيّن أن الهيئة العامة للسياحة والآثار ستقيم جناحاً يتم من خلاله توزيع البروشورات السياحية ، وخريطة الطائف إضافة إلى العديد من المطويات الإرشادية منها مطوية عن الورد ، وأخرى عن فواكه الطائف ، ومطوية عن العسل والسمن ، ومناطق الجذب السياحي ، وكتيب اكتشف الطائف ، والتراث العمراني.
ونوه بدعم وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في الإعداد والتنسيق المبكر لمهرجان الورد الطائفي وبالمتابعة المستمرة من معالي محافظ الطائف رئيس مجلس التنمية السياحية فهد بن عبد العزيز بن معمر لكافة مراحل العمل واهتمامه بكل التفاصيل والجزئيات لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا المهرجان ودعم المزارعين الذين يمثلون نواة هذا القطاع .
وأفاد خان أن الهيئة أعدت مركزاً للمعلومات في مقر المهرجان ليتمكن الزوار من الحصول على معلومات عن جميع مناطق المملكة ، وذلك عبر نظام اللمس على الشاشة الإلكترونية كما يوفر معلومات سياحية لزائر المحافظة كأسماء دور الإيواء من فنادق وشقق مفروشة وأسواق تجارية وخيارات الأنشطة والفعاليات المقامة والمعارض والمهرجانات السياحية الموسمية.
احبتي في درة المجالس ،، دوماً ومنذ زمن احببت الح\يث عن الطائف ووروده وعيونه وقثوره ،، ومن ذاكرتي ،، ذاكرة طفولتي ،، هذا ولو بدأت اليوم بطرح ما كتبته الصحف ،، ربما ،، قد نصل إلى تطريقة إلى الطائف وجني بعض ثماره.
بدء الاستعداد لإقامة أكبر مهرجان للورد الطائفي بحديقة الملك فيصل النموذجية
العديد من الفعاليات خصصت للأسرة والطفل- الطائف – اسماعيل ابراهيم : بدأت الاستعدادات لإقامة أكبر مهرجان للورد الطائفي صيف العام الحالي ، وقامت لجنة المهرجانات بدراسة عروض مقدمة من عشر شركات من مناطق المملكة للمنافسة على تنظيم المهرجان الذي سيرعى افتتاحه صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة.
وأعلن رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالطائف رئيس لجنة المهرجانات بمجلس التنمية السياحية نايف بن عبد الله العدواني أن مهرجان الورد للعام الجاري سيكون أحد أهم المهرجانات الجاذبة للاهالي والسياح في ظل توسيع مشاركة ملاك مزراع الورد ، وكبار منتجي الدهن والماء العطري لهذا المنتج الزراعي المميز ,بالاضافة الى مشاركات واسعة من الجهات الحكومية المختصة ومنها أمانة الطائف والجامعة وإدارة التربية والتعليم للبنين والبنات ووزارة الزراعة باقي الادارات المختصة.
وأكد أن المهرجان سيحمل الكثير من الافكار المبدعة بالاضافة الى المزيد من البرامج والفعاليات المصاحبة والتي ستعزز التعريف بورد الطائف وتعمل على تنمية هذا القطاع الزراعي وتطويره بإذن الله.
محصول الورد الطائفي من المزارع
وعقدت لجنة المهرجانات اجتماعاً موسعاً مع ملاك مزارع الورد في الهدا والشفا والمواقع السياحية التي تشتهر بزراعة الورد ، وناقشت معهم العروض المقدمة من الشركات الداعمة لنشاطهم وسبل المشاركة الايجابية الفعالة في هذا المهرجان السنوي الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار مع شركائها في القطاعين العام والخاص وبدعم من صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.
وأبان أن مهرجان العام الحالي سيقام بحديقة الملك فيصل النموذجية بالقديرة وسيكون هناك استعدادات ضخمة لاطلاق هذا الحدث السياحي بما يتواكب مع الشهرة العريضة لهذا المنتج الزراعي المميز.
يذكر أن مهرجان العام الماضي جذب أكثر من 200 ألف زائر وسائح واقيم بحديقة السداد وتضمن المهرجان إقامة معرض ضخم للورود والزهور بمشاركة أكثر من 50 عارضا من كبار منتجي الورد الطائفي بالإضافة إلى مشاركة الجهات الحكومية المختصة ، وتم تخصيص موقع للحرف والمهن اليدوية التقليدية والتي لها علاقة بزراعة وإنتاج الورد ، وموقع مخصص للمأكولات الشعبية الشهيرة ، وتم توزيع أكثر من 100 ألف مطبوعة دعائية ، ورافقه نشاط علمي مكثف عن الورد الطائفي من خلال المحاضرات والندوات المتخصصة .. وجذبت سجادة الزهور والورود التي أنشأتها أمانة الطائف بشكل هندسي بديع في وسط الحديقة آلاف الزوار ، وتم استخدام أكثر من 100 ألف شتلة من الزهور لإنشائها.
تاريخ الورد الطائفي
تعد محافظة الطائف التي تبعد عن مكة المكرمة نحو 80 كيلومترا من أغزر الأماكن الزراعية في منطقة مكة المكرمة إنتاجا. وتشتهر الطائف، التي تعد أيضا من الأماكن السياحية في السعودية الأكثر استقطابا للسياح وللمصطافين من داخل المملكة ومواطني دول الخليج العربي،
بزراعة الورود والزهور الطبيعية التي تدخل في صناعة العطور سواء المحلية أو التي تنتجها البيوت العالمية المتخصصة في العطور الشهيرة، حيث يتم تصدير الوررد بعد تقطيره أو في حالته الطبيعية إلى حيث الطلب سواء السوق المحلي أو الدولي،
وشهدت السنوات القليلة الماضية تصدير مئات الشحنات الى دول العالم.
يؤكد عُباد بن عبيد الله القرشي، صاحب مزرعة ورد في الهدا، أن ورد الطائف لا مثيل له في العالم، فهو أكثر رائحة وعطرا من الورود المشابهة له في الشام وغيرها، ويضيف أن ورد الجوري الشامي أكبر حجما وأكثر جمالا من الطائفي، لكن رائحته ليست بالقوة التي تميز ورد مدينته، مبينا فشل محاولات بعض كبار أصحاب المزارع بزراعته في غير أرضه، وقال بثقة المزارع في أرضه
«السر هنا في هذه الأرض وفي التربة التي تسقى عادة بماء المطر وندى الضباب». وتشتهر ضواحي الطائف وأوديتها، كالهدا والشفا والغديرين والضحياء ووادي محرم وغيرها، بزراعة ورد الجوري، وتم إحلال شتلاته في مساحات واسعة من الحقول الزراعية بعد أن هجر معظم المزارعين في الموسم زراعة الخضراوات والحبوب والأعلاف، لتواضع مردودها قياسا بمداخيل الورد الذي يضمن للمزارع دخلا عاليا في كل موسم. الا أن موسم العام الحالي أصيب بنكسة مؤقتة بعد أن فاجأت موجة صقيع المنطقة تركت آثارها على محصول الورد وكمياته السنوية، الأمر الذي سيترك تأثيره على مؤشر سعره بالزيادة بنحو 50 في المائة تقريبا. ويعتمد المزارعون هنا على التقويم الزراعي القديم والمرتبط بعلم الفلك وحركة النجوم. فمنه يعرفون مواعيد زراعة كل صنف من الأشجار المثمرة ومواسم حصادها. وتبدأ فترة زراعة شتلات الورد الجديدة مع حلول برج (الطرف) يقابله الأسبوع الأخير من شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام ويمتد نحو 75 يوما. ومع حلول الموسم الزراعي يبدأ المزارعون بحفر أخاديد في تربة الحقول الزراعية، لتطرح فيها أغصان صغيرة قصت بعناية من شجر الورد، ثم يهال عليها السماد وتسقى بالماء عند انقطاع المطر، وفي مواعيد محددة. وتحظى أشجار الورد المنتجة بعناية خاصة وتشذيب متواصل مع توفير دائم للماء والسماد حتى موسم الحصاد الذي يبدأ عادة في شهر أبريل (نيسان)، ويستمر حتى نهاية مايو (آيار) من كل عام. ويحرص المزارعون على إبقاء شجرة الورد قريبة من الأرض، بحيث لا يزيد ارتفاعها أكثر من متر ونصف المتر ويقص ما يرتفع عن ذلك. ويفسر عُباد القرشي الحكمة من وراء ذلك بأنه مهم لتحفيز الشجرة على إنتاج أقصى قدر ممكن من الورود كل صباح، مشيرا الى أن عملية قطف الورد لا بد أن تبدأ قبل طلوع الشمس، حيث يكون الورد نديا وفواحا.
ويبيع المزارعون كل ألف وردة بخمسين ريالا سعوديا (نحو 13 دولارا) لمعامل التقطير. وتنتج كل شجرة نحو 250 وردة يوميا طوال موسم الحصاد الذي يستمر قرابة الشهر ونصف الشهر.
ويؤكد صالح الغريبي ـ صاحب مزرعة لإنتاج الورد الطائفي عن مراحل تصنيع الورد وتقطيره وتعبئته، أوضح أن صناعة ماء وعطر الورد الطائفي تمر بعدة مراحل أهمها وضع ما بين 4 ـ 10 آلاف وردة في إناء خاص بطبخ الورد ويوضع على درجة حرارة معينة ويطلق على هذه العملية «العروس». أما العملية التي تليها فتسمى «الثنو» فيما يطلق على المرحلة الأخيرة «الساير». ويشير الى أن نسبة تركيز رائحة عملية «العروس» تصل إلى 80 في المائة والثنو الى 50 في المائة، أما الساير فتصل نسبة التركيز فيها إلى 20 في المائة يتم بعدها تعبئة الورد في تولات صغيرة, ويتراوح سعر تولة الورد الصافي الواحدة ما بين 1000 ـ 1500 ريال.
ويشير الغريبي الى أن نسبة كبيرة من منتوج ماء وعطر الورد الطائفي قد تم حجزها مسبقا من بعض الزبائن في السعودية وبعض دول الخليج العربي، مؤكدا أن قيمة الصفقات التجارية التي تتم ما بين رجال الأعمال الخليجيين ومزارعي الورد تجاوزت العشرة ملايين ريال سعودي في بعض المواسم. لم تعد شهرة عطر الورد تقتصر فقط على السعودية أو العالم العربي بل امتدت لتشمل دول أوروبا، وعزا الغريبي ذلك إلى قيام بعض الشركات السعودية المتخصصة في إنتاج العطور بإفتتاح فروع لها في لندن وباريس اللتين تعدان من أكثر المدن الأوروبية اجتذابا للسياح وعشاق العطور من مختلف دول العالم, ويقول «مما يعزز هذه الفرضية تلقي منتجي ومصنعي الورد الطائفي عروضا من بعض البيوت العالمية المتخصصة في إنتاج العطور».
تقول مها العتيبي، وهي معلمة في مدرسة للبنات في الهدا، إن الطالبات في هذا الموسم يتسابقن يوميا في تقديم باقات صغيرة من الورد الملفوفة بنباتات عطرية للمعلمات كل صباح.وتكشف العتيبي أن الورد كسائر النباتات يتأثر بنفسية الأشخاص المحيطين به، فالمزارع الذي يملك سريرة نقية ونفس طيبة ينتج وردا نظرا وذا رائحة نفاذة، أما المزارع ذو النفس الحقود فإنه ينتج وردا ذابلا ومليئا بالدود
وتتذكر (أم علي) وهي سيدة في العقد السادس من العمر أنها اعتادت أن تمضي أيام الربيع في منزل تملكه هنا وتطل شرفاته على حقول الورد، أيام جميلة عايشتها عندما كانت النسوة وبناتهن يخرجن مبكرات وقبل شروق الشمس لجني الورد في موسم القطاف. وتقول «كن يقفن كمجموعات صغيرة في صفوف أفقية أمام حقول أشجار الورد للتسابق في جني أكبر كمية منه، وهن يتغنين بألحان شعبية جميلة عن ورد الجوري الطائفي». وبالمشاهدة، يبدو أن الأسر وسكان الضاحية الآن تخلوا عن هذا التقليد المتوارث في مواسم زراعة وحصاد المحاصيل بشكل شبه كامل. فلم تعد النساء والفتيات يقمن بهذه المهمة، بعد أن غزت المدنيّة الحديثة المكان حيث استبدلت المنازل الشعبية المبنية بالطين والخشب والحجارة، والمحفوفة بعرائش العنب وأبراج الحمام البلدي، ببنايات خرسانية ذات نوافذ صغيرة، وتعلوها الأطباق اللاقطة للفضائيات. كما ساهم التعليم النسوي أيضا في اندثار هذا التقليد الجميل الذي كان علامة بارزة للتكاتف الأسري في مواجهة متطلبات حياتهم البسيطة. والمفارقة المحزنة أنه تم استبدال أنامل نساء وفتيات القرية بأصابع عمالة أجنبية، جلهم من عمال (النظافة)، ليقوموا في ساعات فراغهم بحصد منتوج الورد بوحشية بادية على بتلات الورد الطرية وسيقانها الغضة.
وعلى امتداد طرق وشوارع محافظة الطائف وضواحيها يصطف الباعة لعرض الورد بصناديق بيضاء مصنوعة من الفلين بجانب الفواكه والمحاصيل الزراعية الأخرى للأهالي والزوار وللمصطافين الذين يحرصون على اقتناء كميات منها في طريق عودتهم، تذكارا لأيام سعيدة قضوها في عروس المصائف.
وتشتهر خمس عائلات رئيسية، وهي آل قاضي وآل كمال وآل قرشي وآل غريبي وآل صلحي، بتخصصها في صناعة دهن وماء الورد. وتسيطر هذه الأسر على حصة الأسد في إنتاج دهن وماء الورد المحلي. لكن ذلك لا ينفي دخول آخرين الى هذه الصناعة وإن كان إنتاجهم أقل كمية وجودة، كما أن هناك معامل خاصة تعود ملكيتها لشخصيات اجتماعية مرموقة، يحصر إنتاجها من دهن الورد على أصحابها فقط الذين يقومون بتقديمها على سبيل الإهداء لمعارفهم وخواصهم في مواسم الإنتاج.
معمل «القاضي» أو بيت الورد: في مبنى كبير وقديم بحي السلامة، يقع (معمل القاضي للورد) أحد أقدم معامل الورد وأكثرها إنتاجا في مدينة الطائف. ويعرف هذا المبنى الذي كان يقيم فيه سادن الكعبة الشريفة الراحل الشيخ طه عبد الله الشيبي ببيت الورد نظرا لذيوع شذى العطر منه للبيوت المجاورة له. في الساعات الأولى من صباح أيام الموسم يبكر الأخوة الأربعة حسن وعبد الله وعمر وإبراهيم أبناء محمد القاضي مع كتيبة من العمال الى معملهم قبل مواجهة قوافل عربات النقل المحملة بكميات كبيرة من الورد في عبوات مختلفة الأحجام مصنوعة من الخيش المبلل. ويتم توزيع العمل وفق ترتيب دقيق، وحسب المهام الموكلة لكل واحد منهم. ويتصدى عبد الله القاضي كالعادة في مدخل المبنى في استقبال جموع المزارعين ليبدأ عملية عدّ ووزن الورود على ميزان تقليدي. ويبادر أولا الى عدّ ألف وردة على حدة، ثم يضعها في كفة الميزان ويقوم العمال بوضع كميات مساوية على الكفة الأخرى. ومع كل عملية وزن يحتفظ بوردة من كل ألف في وعاء صغير بجانبه لمعرفة عدد الكمية الموزونة لكل مزارع على حدة. وبعد الانتهاء يسجل أرقامه وحساباته في دفتر خاص لتسجيل الكميات الواردة وأصحابها. وتحفظ الورود بعد عملية الجمع في حاويات كبيرة تصنع من سعف النخيل أو من شرائط بلاستيكيه.
وتتسع كل واحدة منها لعشرة آلاف وردة. وترص في ردهات طويلة لحين انتهاء عملية توريد الورد. ويصل عدد ما يرد يوميا الى أكثر من مليون وردة يجلبها مزارعون من ضواحي مختلفة تعودوا على حصر بيع إنتاجهم بمعمل القاضي منذ سنوات بعيدة. ولا تخفى روح الصداقة الحميمة بين المزارعين وآل القاضي، وهي نتاج سنوات طويلة من التعامل بالثقة والمسؤلية. ولا يتورع المزارعون من طلب مبالغ مالية من أصحاب المعمل كقرض آجل لحين سداده من قيمة محصولهم من الورد في الموسم المقبل.
سرير الورد
بعد أن يفرغ الجميع من صلاة الظهر، يقوم العمال بعملية تهوية الورد قبل عملية غليه بنثره على كامل مساحة الديوان الرئيسي للمعمل ليشكل سريرا من الورد، تتجاوز مساحته الإجمالية أكثر من 150 مترا مربعا، في مشهد يفوق الخيال سحرا وجمالا ونشوة وسط كل هذا الجمال الحقيقي للورد الطائفي. ويقوم الأخوان عمر وإبراهيم بمتابعة عمليات الإنتاج التي تحتاج الى دقة كبيرة في العمل، خوفا من أي خطأ طارئ قد يكلف خسارة جسيمة. ويحتوي المعمل على 96 وعاءً نحاسيا في ثمانية صفوف متقابلة لغلي الورد واستخلاص مائه ودهنه الثمين. وأقدم هذه الأوعية (قدر) نحاسي هندي الصنع يسمى بـ«الحضرمي» نقش على طرف فوهته سنة صنعه قبل نحو مائتي عام تقريبا. ويطلق آل القاضي على قدور قطع الورد القديمة أسماء الأسر الشهيرة في مدينة الطائف دلالة على العلاقة الحميمة وروح المحبة التي تجمع بينهم. وتختلف سعة كل قدر عن الآخر، فمنها ما يتسع لعشرين ألف وردة ومنها ما يتسع لثمانية آلاف وردة فقط، وجميعها مصنوعة من النحاس، وتطلى دوريا بمادة القصدير لتشكل طبقة عازلة تمنع عملية تأكسد النحاس بفعل الماء والحرارة العالية. ويميز الشيخ عمر بخبرته الطويلة أنواع الورد ومكان زراعته بمجرد النظر إليه واستنشاق عبيره. ووصف ورد الشفا بأنه عادة ما يكون ريّانا بالماء وأكبر حجما من ورد الهدا الذي يعد أفضل الأنواع نظرا لتميزه بشذى نافذ ورائحة قوية.
غسيل الكعبة
وعطر الورد على خلاف دهن العود أكثر الزيوت العطرية تداولا في الخليج والمستجلب من الهند وبورما وكمبوديا وغيرها. فالعود يزداد قيمة ورائحة بالتعتيق، وكلما زاد تعتيقه ارتفع ثمنه. يقول عمر القاضي إن تعتيق الورد يقلل من جودته خصوصا إذا ما تعرض للضوء والحرارة. وينصح من يريد حفظه لمدة طويلة أن يزيل اللسان البلاستيكي من عمق العبوة ويحكم إغلاقها، نظرا لأن البلاستيك يتفاعل بالتخزين الطويل مع الدهن ويؤثر على جودة وتركيز رائحة عطر الورد..
ويشير الى أن معمل (القاضي) يعتمد على إنتاج ماء الورد أكثر من إنتاج الدهن، نظرا لأن معملهم يعد من بين أكبر المنتجين له في المملكة، ويعملون على تغطية الاحتياج المحلي منه وتصدير الفائض للطلبات المتزايدة في الخارج، خصوصا في دول الخليج العربي، وماء الورد الطائفي الذي يعبأ ويخزن في قنانٍ زجاجية كبيرة سعة 20 لترا، قبل تعبئته جاريا، ويستخدم لأغراض متنوعة خصوصا في صنع الحلويات الشرقية وإضافته الى ماء الشرب وهو على نوعين:
النوع العادي الذي يباع في قنانٍ زجاجية صغيرة سعة 250 ملم وتباع في الأسواق بسعر 10 ريالات للعبوة الواحدة. والنوع المميز المعروف باسم (العروسة) وهو الماء المكرر من غلي الورد لاستخراج الدهن في القطفة الأولى - وتباع العبوة الصغيرة بسعر 30 ريالا (9 دولارات). وهو النوع المفضل عند الخليجيين في استقبال ضيوفهم وتوديعهم في المناسبات والأفراح برشه على الضيوف نساء ورجالا بقنان خاصة تعرف بمرشات الورد، تصنع بطرق فنية متنوعة من النحاس والزجاج وتجمل بماء الذهب والنقوش والفصوص والأحجار الكريمة الأصلية والتقليدية. كما تستخدمه النساء بعد اكتشاف أهميته التجميلية في تنظيف البشرة وتغذيتها، أو بإضافته الى الأقنعة التجميلية للوجه والجسم المصنوعة محليا لإعطائها رائحة مقبولة علاوة على خواصه العلاجية المفيدة لبعض الأمراض الجلدية. وشرب كميات معتدلة من ماء الورد الطائفي له خصائص نافعة في الإنشراح وطرد الاكتئاب النفسي البسيط للمصابين به. كما أن ماء الورد ودهنه عنصران أساسيان في عملية غسل الكعبة المشرفة ودهن جدرانها مرتين كل عام، جريا على السنة النبوية الشريفة، وإظهارا للاهتمام اللائق بقدس الأقداس الإسلامية
سر العطر الأصلي
ويبين إبراهيم القاضي طرق اكتشاف جودة دهن الورد الأصلي من المغشوش بقوله: دهن الورد الأصلي يعرف من رائحته المميزة التي لا يمكن تقليدها، مبينا أن النخب الأول ذو لون مصفر ضارب الى اللون الأخضر قليلا، والأخضر الواضح منه سيئ، وليس لزجا لزوجة الزيت، بل هو خفيف لا يترك أثرا زيتيا على الملابس أو الجسم عند التطيب به. كما أن النوع الجيد لا يحتاج الى تعريضه لمصدر حراري ساخن عند تجمده بالبرودة، بل يذوب بمجرد ملامسته لحرارة اليد العاديةوعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن رائحته لا تبقى لمدة طويلة على الجسم فهو سريع النفاذ ويمتصه الجسم بسرعة، كما أن رائحته تزول بالاغتسال. ويضيف أن (تولة) دهن الورد الواحدة، وهي العبوة المستخدمة بسعة (11.7 غرام) فقط، تحتاج الى تقطير نحو 40 ألف وردة لإنتاجها.
وسعر النوع الأصلي نحو 1500 ريال (400 دولار) من المعمل مباشرة.
ويعلل زيادة أسعاره في الأسواق وبفارق كبير (نحو ألف دولار) عن السعر الذي طرحه بأن سوق العطور تقوم أساسا على المغالاة في السعر لإقناع المشتري الباحث عن الأجود، بأن ما حصل عليه هو الأفضل قياسا الى ثمنه المرتفع، وهذا استغلال تجاري واضح.
وأكد أن دهن الورد الطائفي ليس فيه درجات أو قطفة أولى وقطفة ثانية، كما يشاع بين الناس. هناك فقط نوع جيد وآخر رديء، والجيد منه هو الذي يتم استخلاصه وقطعه بالتقطير من 40 ألف وردة، ولا يتكرر غليها أكثر من مرتين في قدور الغلي، فزيادة التقطير تسيء للمنتج النهائي من الدهن. أما الرديء فهو ما يتم استخلاصه من عدد أقل من الورد وبتكرار تقطيره..
الورد الطائفي عطر الملوك وأغلى وأثمن عطر ورد في العالم بات مطلب الوجاهة والتميز، ومحافظة الطائف السعودية اشتهرت منذ زمن بعيد وحتى وقتنا الحالي بزراعة الورد حتى ارتبط اسمه باسمها وبات يعرف باسم الورد الطائفي، وامتد اهتمام الأهالي بالورد إلى أن أقيمت معامل لانتاج ماء وعطر الورد وتسويقه ليس على النطاق المحلي فقط بل على المستوى العالمي.
وتحتضن هذه المحافظة التي تتربع على قمم جبال السروات أكثر من 2000 مزرعة للورد منتشرة في منطقتي الهدا والشفا وغيرهما حيث يقوم البعض منهم بتسويقه على أشكال ورود مختلفة بالأسواق المحلية فيما البعض الآخر يقوم باستخراج مائه وعطره في المعامل المنشأة لهذا الغرض.
تبدأ مواعيد زراعة شتلات الورد في فصل الربيع وتستمر عملية الري من بعد التشذيب في فصل الربيع إلى نهاية فصل الصيف فيما يبدأ موسم قطف الورد مع بداية دخول فصل الصيف وهو نهاية شهر مارس/آذار وأوائل شهر إبريل/نيسان ويستمر لمدة تتراوح ما بين 35 و45 يوما وتختلف باختلاف توالي الفصول الأربعة حيث تتأخر مدة بداية القطف في كل سنة من 10 إلى 15 يوما.
وعن أهم المشاكل التي تواجه زارعي ومنتجي الورد الطائفي ذكر حميد الثقفي وهو أحد المهتمين بزراعة الورد أن مزارعي الورد يعتمدون في هذا النوع من الزراعة بشكل مباشر على الأمطار حيث ترتفع معدلات الإنتاج في الموسم المطير ويصبح هناك فائض يزيد عن حاجة السوق. أما في مواسم الجفاف فيشهد المنتوج انخفاضا حادا، ونتيجة لهذا التذبذب يصبح هناك عدم اتزان ما بين العرض والطلب وهو ما يتسبب في إرباك للمزارعين وينعكس على عدم قدرتهم على الالتزام بالعقود الموقعة مع أصحاب المصانع المتخصصة في إنتاج العطر الطائفي.
ويرى الثقفي أن حل هذه المشكلة يكمن في استقطاب مستثمرين كبار لديهم القدرة على إنشاء مزارع كبيرة تعتمد بشكل كبير على مياه الآبار أو خزانات ضخمة يتم بواسطتها تخزين كميات كبيرة من مياه الأمطار للاعتماد عليها وقت الحاجة. ويضيف أن أكثر المزارعين في بلاد تثقيف وبالحارث وبني مالك وبني سعد كانوا إلى وقت قريب يزرعون الورد الطائفي والزهر للاستهلاك المحلي حيث جرت العادة في هذه المناطق بتقديم الورود والزهور في مناسبات الزواج والخطوبة وفي الزيارات الودية التي تتم ما بين الأقارب والأصدقاء. وتتعدد استخدامات الورد الطائفي حيث يضاف إلى مياه الشرب لإضفاء نكهة خاصة كما يستعمل كعلاج للصداع وأمراض القلب وآلام الأسنان. ويوضح الثقفي أن بعض النساء يستخدمنه بوضعه بين خصلات شعورهن على شكل أكاليل وعقود توضع على الرأس والعنق للفتاة المتزوجة وأقاربها في ليلة الزفاف، بيد أنه يرى أن هذه العادة الجميلة انقرضت في ظل زحف العطور الباريسية وقدوم أكاليل الزهور المستوردة. ودعا الثقفي منتجي العطور في السعودية العمل الى إنشاء وتأسيس مصانع حديثة لتطوير صناعة الورد الطائفي الذي لا يزال على حد تعبيره يعتمد في صناعته على طرق بدائية جدا بعيدة عن حياة التطوير التي تعيشها صناعة الورد في العالم.
مواقع النشر