نواكشوط - واس : أكد فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز رئيس جمهورية موريتانيا الإسلامية، أهمية دور علماء السنة في نشر الإسلام الوسطي الصحيح، الذي يرسخ لقيم المحبة والأمن والسلم الاجتماعي، مطالباً العلماء بأخذ زمام المبادرة في تثقيف المجتمع وتحصين الشباب ضد مخاطر الانحراف والتطرف والغلو، وإعادة المغرر بهم إلى جادة الصواب بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأشار فخامته، خلال افتتاحه اليوم بقاعة المؤتمرات الدولية بالعاصمة نواكشوط، المؤتمر العلمي الدولي لعلماء السنة ودورهم في مكافحة الإرهاب والتطرف، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني، إلى أن الأمة الإسلامية تواجهه تحديات الإرهاب الذي أستباح الدماء والإعراض والأموال، ما أشعل نار الفتن وأسهم في إنحراف الشباب عن جادة الصواب، لافتاً النظر إلى أن الآمال معقودة على علماء الأمة في التصدي لكل الممارسات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين، ما ينبغي أن تتظافر الجهود في تحصين الأجيال ضد ظاهرة الإرهاب البغيضة.
وأثنى فخامته على دور رابطة العالم الإسلامي في توحيد كلمة المسلمين، وجهودها المشكورة في تنظيم المؤتمرات والمنتديات التي رسخت رسالة الإسلام السمحة ومكارم الأخلاق، ما أسهمت في تثقيف المجتمع الإسلامي بالدين الإسلامي الصحيح.
إلى ذلك، أوضح معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي خلال كلمته في المؤتمر أن التطرف الذي ينتج عنه العنف والإرهاب باسم الجهاد أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو العمل على إقامة الدين وإعادة المجد للأمة، من أعظم البلاء الذي ابتلي به المسلمون في هذا الزمن العصيب، مشيراً إلى أن معالجة هذه الآفة مسؤولية مشتركة بين عدة جهات، وتأتي الأسرة التي يتلقى فيها الأبناء الرعاية الراشدة والتربية الصالحة ضمن أولوياتها.
ولفت معاليه، إلى أهمية دور مؤسسات التربية والتعليم التي تكمل مهمة الأسرة، وتغرس في الشاب القيم والتعاليم التي تجعل منه فرداً صالحاً في دينه مسهماً في تنمية وطنه، بجانب المسجد الذي يوجه إلى أهل الحي من خلال الخطب والدروس والمحاضرات نصائح في الإرشاد والإصلاح ونشر الاعتدال والوسطية في فهم القضايا والمفاهيم الدينية، وتصحيح الأخطاء الواقعة فيها، مطالباً الإعلام بمؤسساته ووسائله المختلفة إلى نشر كل ما يسهم في تعزيز الانتماء الديني والوطني، وحماية المجتمع من الانحراف والابتعاد عن القيم الأصيلة التي تحكمه، وربط الحرية بالمسؤولية الدينية والاجتماعية، إضافة إلى تنمية الوعي بالقضايا والمشكلات التي تهم الوطن والمجتمع، والإرشاد إلى معالجتها بالحكمة والحوار والنقد المنضبط بالأخلاق والآداب، البعيد عن التهويل والإثارة والإسفاف.
وشدد على أهمية دور العلماء الذين يؤدون رسالتهم من مواقع خاصة، أو من خلال هيئات ومؤسسات رسمية أو شعبية في نشر العلم، والفتوى ومعالجة القضايا الشرعية، إلى جانب حراسة الدين من التحريفات والتأويلات الباطلة في مفاهيمه وأحكامه ومقاصده التي تصدر من المضلين الذين لا يخلو منهم زمان، والتصدي للتطرف الذي ينتج عن بعض التنظيمات والجماعات التي تمارس العنف والإرهاب باسم إعزاز الدين والذود عن حرمات المسلمين، وتنشر فهماً شاذاً في المفاهيم الشرعية ذات العلاقة بالأحكام السلطانية، كالجهاد والحدود والحسبة والقضاء، والعلاقات مع غير المسلمين أفراداً ودولاً.
وأكد الدكتور التركي أن معالجة الغلو والتطرف تنطلق من الفحص العميق للأسباب التي أدت إلى نشأته، ومنها الإعراض عن شرع الله، واستعاضته بنظم وضعية متعارضة معه في المبادئ والغايات، والظلم الإجتماعي، والتساهل في التصدي للمظاهر الفكرية والسلوكية المتعارضة مع الإسلام، والاستخفاف بالفرائض والحرمات والمقدسات، ما يسهم في تنامي التطرف في العالم الإسلامي والنشاط الطائفي الذي بدأ يظهر في العديد من الدول الإسلامية، ويروج له عبر مجموعة من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، مستهدفاً تمزيق الأمة الواحدة.
وأعرب معاليه عن شكره لفخامة رئيس جمهورية موريتانيا الإسلامية، على رعاية هذا المؤتمر وافتتاحه، منوهاً باهتمام فخامته بالعمل الإسلامي في خدمة قضايا الأمة، وترسيخاً للوسطية والاعتدال، مشيداً بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - في التصدي للتطرف والإرهاب، ودعم جهود الرابطة في هذا المجال وغيره، والسعي في إيجاد أطر إسلامية مشتركة لاحتواء هذه الظاهرة المضرة بالأمن والاستقرار المسيئة للأمة ودينها والمسببة للتدخل الأجنبي في شؤونها.
من جانبه، أشاد رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الشيخ عبد الله بن بيه في كلمته، بتكوين تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، مؤكداً أن مشكلة الإرهاب لها جوانب فكرية خارجة عن النسق الديني والإنساني، وتحتاج إلى اهتمام كبير ومبادرات قوية من علماء السنة في معالجة هذه الظاهرة.
فيما أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني في كلمة له على استرداد دور علماءنا الأجلاء في إشاعة المعرفة بالحكمة والموعظة الحسنة وتقديم الإسلام في صورته الناصعة وفق منهج الوسطية والاعتدال والتسامح، الرافضة لكل أشكال العنف والانحراف.
بعد ذلك بدأت جلسات المؤتمر العلمية، حيث تضمنت الجلسة الأولى محور " أهل السنة والجماعة ووحدة الأمة المسلمة " وتناولت ثلاثة موضوعات، لزوم الجماعة وذم الفرقة والاختلاف، وأهل السنة وهوية الأمة المسلمة، وفقهاء المالكية وتعزيز قيم الوسطية في المجتمع، فيما تضمنت الجلسة الثانية محور " الإرهاب والتطرف في ميزان الشرع " وتناول موضوعات حرمة الدماء وعصمتها في الإسلام، وفتنة التكفير الفكري الخارجي، والجهل بالدين سبيل للغلو والتطرف.
مواقع النشر