النفوذ الإيراني وصل إلي جمهورية جزر القمر العربية
شواهد تؤكد اعتناق رئيس الدولة
للمذهب الشيعي سرا.. وسامبي ينفي
رسالة جزر القمر-سامح عبد الله
أحمد عبدالله سامبي
------------------------------------
ظاهرة جديدة يلمحها من يزور جزر القمر هذه الأيام, وهي انتشار النفوذ الإيراني هناك بشكل ملفت للأنظار, ووفقا للمراقبين فإن وجود الإيرانيين, وقيامهم بأنشطة مختلفة داخل الدولة لم يكن مألوفا قبل فوز الرئيس الحالي أحمد عبدالله سامبي بالانتخابات الرئاسية في عام2006, وقدوم وفد إيراني كبير ورفيع المستوي مكون من53 شخصا بينهم ثلاثة وزراء وعدد من رجال الدين لتهنئته.. سياسيون بارزون في جزر القمر يربطون الوجود الإيراني بتعاطف الرئيس سامبي مع إيران التي تلقي فيها علوما دينية في فترة شبابه, ويتمادي بعضهم ليتهم الرئيس باعتناق المذهب الشيعي سرا والسعي لنشره في الدولة العربية السنية, وهو ما نفاه الرئيس في أكثر من مناسبة.
الوجود الإيراني في جزر القمر حاليا ينحصر في أربعة مجالات أخطرها مؤسسة الرئاسة, حيث تتولي عناصر إيرانية مسئولية الإشراف علي تأمين الرئيس أحمد عبدالله سامبي, ووفقا لما أكده أحد السياسيين القمريين; فإن تلك العناصر مسئولة عن تأمين الرئيس داخل الدولة وفي الرحلات الخارجية التي يقوم بها أيضا.
إضافة إلي ذلك أقامت إيران مركزا طبيا تابعا للهلال الأحمر الإيراني ومكانه في العاصمة بجوار السفارة الليبية وأمام فندق لو موروني, ومركزا ثقافيا بوسط المدينة, ومركزا آخر للمساعدات الإنسانية واسمه رسميا لجنة إمداد الإمام الخميني في جزر القمر المتحدة ومقره علي الطريق الرئيسي المؤدي لمطار العاصمة. وتستعد إيران حاليا ـ كما أفادت بعض المصادر ـ لافتتاح سفارة لها قريبا.
النشاط الرئيسي للمركز الطبي يدور بالطبع حول تقديم أشكال الرعاية الصحية لأفراد الشعب القمري مجانا, أما لجنة إمداد الإمام الخميني فتقوم بأنشطة إنسانية مختلفة أهمها تنظيم دورات تدريبية مدتها3 شهور لتعليم الشباب القمري الحرف المختلفة( نجارة كهرباء, خياطة) وكيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر. وقد قامت اللجنة منذ إنشائها حتي الآن بتنظيم أربع دورات شارك فيها800 من القمريين, بمعدل200 مشارك في كل دورة.
أما النشاط الآخر فهو رعاية الأسر الفقيرة وتقديم الدعم المادي والعيني لهم ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من المساعدات التي تقدم كل شهرين500 أسرة قمرية.
الرئيس درس في إيران
وربما كانت حاجة الدولة الفقيرة لأي مساعدات خارجية في غياب الدعم العربي هو السبب وراء قبول سامبي بالوجود الإيراني لمساندة شعبه الفقير الذي يعاني مشكلات اقتصادية خانقة ويحتاج لأبسط مقومات الحياة, إلا أن بعض القمريين ومنهم معارضون لحكم سامبي يرون الأمر بشكل آخر ويتهمونه بالتعاطف مع إيران التي درس فيها علوما دينية في فترة سابقة.
ورحلة الرئيس لتلقي العلم في الخارج مرت بأربع دول كان أولاها السعودية للدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قبل أن تقوم السلطات السعودية بإلغاء منحته التعليمية وتطالبه بالعودة لوطنه. والأسباب التي دفعت السلطات السعودية لهذا الإجراء غير واضحة بشكل رسمي, ولكن مصادر قريبة من الرئيس وعليمة بما حدث هناك أكدت أن تغيبه عن الدروس بشكل غير مقبول كان وراء القرار.
وبدلا من أن يعود سامبي إلي الوطن توجه إلي العاصمة الكينية نيروبي ثم إلي السودان لاستكمال الدراسة هناك لمدة لم تزد علي العام تلقي بعدها منحة للدراسة في إيران. وذهب معه إلي إيران مواطن قمري آخر يدعي أمان, وحين اكتشف رفيقه أن الدروس التي يتلقونها هناك تخالف المذهب الشافعي رفض الاستمرار في الدراسة وعاد لوطنه, ولكن سامبي استمر لمدة3 سنوات عاد بعدها لجزيرة أنجوان القمرية, ليمارس نشاطا في الدعوة الدينية داخل منزله, إلي جانب نشاط اقتصادي جعله من كبار رجال الأعمال في جزيرته, وليلقبه أهالي الجزيرة بآية الله سامبي. ويقول الرئيس إنه كان رافضا اللقب في البداية ثم رأي أنه لا ضير من ورائه فقبل به.
ثورة رجال الدين
أثارت بعض الأنشطة التي يقوم بها المركز الثقافي الإيراني غضب رجال الدين في جزر القمر بعد أن لمحوا فيها محاولات لنشر المذهب الشيعي في البلاد. وفي شهر فبراير2007 اجتمع ستون من علماء السنة في العاصمة موروني ودعوا إلي حظر ممارسة الشعائر الشيعية في الجزر. جاء هذا الاجتماع بعد أيام من إحياء بعض القمريين, للمرة الأولي في جزر القمر, ذكري مقتل الإمام الحسين في يوم عاشوراء بشكل علني.
وطالب هؤلاء العلماء الذين تجمعوا في مدرسة قرآنية في موروني وعلي رأسهم قاضي قضاة العاصمة سعيد محمد جيلاني بطرد الأجانب الذين يساعدون علي نشر المذهب الشيعي في جزر القمر. وطالبوا الرئيس سامبي بحماية الشعائر السنية, إلا أن القرار السيادي كان بالإبقاء علي المركز الثقافي والحد من نشاطه بما لا يثير حفيظة المعترضين.
ولا يزال رجال الدين السنيين في جزر القمر ينظرون بتوجس لأنشطة المؤسسات الإيرانية العاملة علي أرض الدولة غير مقتنعين بأن الأهداف الحقيقية إنسانية بحتة وبعيدة عن نشر المذهب الشيعي في البلاد.
هل اعتنق المذهب الشيعي؟
يري كثير من الأوساط السياسية في جزر القمر أن علاقة الرئيس سامبي بإيران تتجاوز التعاطف والاحترام المتبادل ويتهمونه باعتناق المذهب الشيعي سرا مستعينا بمبدأ التقية الشيعي الذي يسمح بإظهار ما يخالف الحقيقة إذا ما كانت هناك ضرورة لذلك. ويؤكد أحد القمريين, ممن أقاموا في دولة الإمارات العربية لفترة من الزمن, أن الرئيس أقام لفترة في دبي وكان يؤدي الصلوات في المسجد الشيعي( الحسينية) المواجه للمستشفي الإيراني بمنطقة الجميرا.
ويؤكد اعتناق الرئيس المذهب الشيعي موقع إليكتروني علي شبكة الإنترنت تابع للشيعة, والفقرة التالية أنقلها حرفيا عن هذا الموقع: ويعتبر سامبي أحد أبرز رجال الدين الأجانب من القارة الإفريقية ممن تتلمذوا علي يد المرجع الديني سماحة آية الله العظمي السيد محمد تقي المدرسي( دام ظله) طوال سنوات في حوزة الإمام القائم( عج) وذلك بعد أن استبصر علي يد سماحته وانتقل من المذهب السني إلي مذهب أهل البيت عليهم السلام وتحول بذلك إلي مبلغ كبير للتشيع في جزر القمر.
ولفظ عج الذي ورد في الفقرة السابقة يعني عجل الله فرجه الشريف وهو دعاء شيعي يأتي دائما تاليا لذكر الإمام الغائب الذي اختفي منذ أكثر من1150 عاما ويتوقعون عودته في يوم من الأيام ليملأ الأرض عدلا.
والأسباب التي تدعو المعارضين لاتهام الرئيس بالتعاطف مع إيران, وربما التشيع, كثيرة.. أولها طريقة لباسه قريبة الشبه برجال الدين الإيرانيين, ثانيا اهتمامه الشخصي بالعلاقات مع إيران حتي إنه عين قريبا له سفيرا لبلاده في طهران. وأخيرا إشرافه بشكل شخصي علي الأنشطة الإيرانية في بلاده حتي إن المركز الطبي الإيراني بدأ نشاطه دون اللجوء لوزارة الصحة للحصول علي ترخيص أو موافقة. وقد أكد لي أحد المسئولين عن لجنة إمداد الإمام الخميني ـ التقيت به مصادفة في مطار موروني ـ أن قدومهم للبلاد كان بطلب مباشر من الرئيس أحمد عبدالله سامبي.
ولكن الرئيس القمري يرفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلا ويؤكد دائما, وفي مناسبات عدة, أنه من أتباع المذهب الشافعي مثل غالبية القمريين, وإن كان محبا لآل البيت. والله أعلم بما في الصدور.
أنجوان.. المحطة القادمة
لا يقتصر نشاط لجنة إمداد الإمام الخميني علي جزيرة القمر الكبري فقط حيث تقع العاصمة, وإنما يقوم المسئولون عن اللجنة بزيارات دورية لجزيرة موهيلي ويخططون لتوسيع نشاطها بشكل كبير في جزيرة أنجوان, كما أكد أحد المسئولين عن اللجنة, خلال الفترة القادمة.
ويؤكد المؤرخون القمريون أن جزيرة أنجوان, حيث ينوي الإيرانيون التوسع مستقبلا, كانت تاريخيا معقلا للفكر الشيعي قبل سقوط البلاد في قبضة الاستعمار الفرنسي. ويقول المؤرخون إن جماعة من مدينة شيراز الإيرانية أتت إلي الجزيرة منذ عدة قرون واتخذتها موطنا قبل أن تحدث صدامات بينهم وبين أهل الجزيرة الأصليين انتهت بانتصار الشيرازيين وهجرة المنهزمين لمناطق أخري. ولعل الاهتمام الإيراني بالجزيرة مرجعه الرغبة في إحياء الوجود الشيعي هناك مرة ثانية.
الحقيقة التي لا تقبل الشك هنا هي أن إيران لديها اهتمام خاص بجزر القمر ولديها من المؤسسات والأنشطة علي أرض الدولة العربية الإفريقية الصغيرة ما يؤكد هذا الاهتمام. وبصرف النظر عن الأسباب التي دعت ذلك, وما إذا كان الرئيس سامبي متعاطفا مع إيران أم تربطه بها علاقات تتجاوز المشاعر الطيبة فإن علي العرب أن يقرروا موقفهم من هذا الأمر وهل يقبلون به أم لا؟
وفي كل الأحوال فإن وجود سفارة واحدة فقط لدولة عربية هي ليبيا غير مقبول ولابد من زيادة الوجود العربي هناك بافتتاح مزيد من البعثات الدبلوماسية المقيمة في العاصمة موروني.
ولابد من نظرة اهتمام بالأحوال الاقتصادية لهذه الدولة الفقيرة التي لا تزيد ميزانيتها السنوية علي70 مليون دولار, ومن المؤكد أن إقامة عدد من المشروعات الاقتصادية هناك, إضافة لبعض المساعدات, يعد ضرورة لعلاج مشكلة لا تزال في المهد قبل أن تستفحل لتصبح نقطة جديدة من نقط التوتر العربي ـ الإيراني لسنا في حاجة إليها.
منقول من انا المسلم
مواقع النشر