جنيف/بيروت (رويترز) - بدأت الجولة الثانية من محادثات السلام السورية بداية متعثرة يوم الاثنين مع التقاء الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي بطرفي الصراع كل على حدة بعدما اصابت انتهاكات لوقف محلي لاطلاق النار وهجوم شنه مقاتلون اسلاميون جهوده بانتكاسة.
وكان الابراهيمي طلب من الوفدين قبل المحادثات ان يلتزما اولا بمناقشة انهاء القتال وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية.
وقال وفد الحكومة انه يجب الاتفاق اولا على محاربة "الارهاب" - وهو التعبير الذي نصف به الانتفاضة - في علامة أخرى لا تنذر بخير لجهود الابراهيمي الذي ألغى مؤتمرا صحفيا كان يعتزم عقده.
وخلال الجولة الأولى من المحادثات حاول الابراهيمي التغلب على عدم الثقة المتبادل بالتركيز على الاتفاق على هدنة لمدينة واحدة وهي حمص.
وبدأ وقف اطلاق النار لمدة ثلاثة ايام يوم الجمعة ويوم السبت تعرض موظفو الاغاثة لاطلاق النار وهم يجلون المدنيين من المدينة.
وقال الهلال الاحمر العربي السوري إن 450 شخصا اخرين أجلوا يوم الاثنين ووصل بذلك العدد الإجمالي لمن غادروا المدينة بعد ان ظلوا ما يزيد على العام تحت حصار القوات الحكومية الى نحو 1100 شخص وقالت الامم المتحدة ان وقف اطلاق النار سيمدد حتى اخر يوم الاربعاء.
وشدد برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة على حجم مشكلة المحاصرين في سوريا وقال "المدينة القديمة في حمص مجرد واحد من بين 40 تجمعا سكنيا محاصرا في سوريا. ففي الاجمال حرم ربع مليون شخص من المساعدة الانسانية لاشهر."
ومنيت محاولات صياغة مشروع قرار لمجلس الامن الدولي يزيد امكانية توصيل المساعدات الانسانية في سوريا بانتكاسة في نيويورك عندما امتنعت روسيا والصين عن حضور المفاوضات في رفض لجهود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وجاء في رسالة من الابراهيمي سلمها للوفدين في مطلع الاسبوع ان الجولة الجديدة تهدف إلى التصدي لقضايا وقف العنف وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية ووضع خطط لاستمرارية مؤسسات الدولة والمصالحة الوطنية.
وتضمنت الرسالة النداء "هل يتمكن الطرفان القادمان إلى جنيف ابتداء من يوم 10 فبراير شباط المقبل من المساهمة ولو بالشيء القليل في تخفيف مظاهر العنف بوقف استعمال بعض أنواع الاسلحة والتوصل إلى وقف القتال في بعض الاماكن ولو لمدة قليلة وفتح الطرق أمام قوافل الاغاثة إلى كل محتاج خاصة في الاماكن المحاصرة؟"
مدنيون يحملون امتعتهم خلال مغادرتهم المنطقة المحاصرة في حمص -
رويترز
وتقول المعارضة ان هيئة الحكم الانتقالية يجب ان يستبعد منها الرئيس بشار الاسد بينما تقول الحكومة انها لن تناقش تركه للسلطة.
وأدى الانقسام في المجتمع الدولي حول الصراع الى ترسيخ هذين الموقفين. وفي محاولة واضحة للتغلب على ذلك قالت الامم المتحدة ان الابراهيمي سيجتمع مع مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا يوم الجمعة.
وقال وفد المعارضة انه سلم الابراهيمي رأيه في الشكل الذي يجب ان تكون عليه هيئة الحكم الانتقالية وقدم إفادات شهود عيان قال انها تكشف عن أن الجيش السوري اطلق النار على قافلة الاغاثة في حمص. وتقول الحكومة إن مقاتلي المعارضة هم الذين أطلقوا النار.
وذكرت المعارضة ايضا ان هناك تصعيدا في استخدام الحكومة "للبراميل المتفجرة" التي تسقطها من طائرات الهليكوبتر. واضافت ان اكثر من 1800 سوري قتلوا في القصف بهذه البراميل الاسبوع الماضي ونصفهم في الاجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب.
وقال المتحدث باسم المعارضة لؤي الصافي للصحفيين بعد لقاء الوفد بالابراهيمي انه ليس من المقبول ان يرسل النظام وفده الى محادثات السلام بينما يقتل شعبه في سوريا مشددا على ضرورة توقف ذلك.
وقال عضو كبير في المعارضة يوم الاثنين ان ممثلين لجماعات مقاتلة في الداخل انضموا الى الوفد للمرة الاولى لكن تحالف الجبهة الاسلامية وهو اكبر فصائل المعارضة المسلحة في سوريا ليس ممثلا.
ونددت جماعات اسلامية قوية بوفد المعارضة وأغلب أعضائه ساسة مقيمون في الخارج وصفتهم بأنهم خونة وهو ما يقوض اي احتمال لإحلال سلام دائم.
ويعتزم الابراهيمي مواصلة لقاء الجانبين كل على حدة في جنيف على مدى اليومين أو الايام الثلاثة المقبلة املا في تحسين اجواء المحادثات ويهدف الى الاستمرار اسبوعا ثانيا ينصب التركيز فيه على استمرارية مؤسسات الدولة والمصالحة.
وقال دبلوماسي من الشرق الاوسط ان الابراهيمي ينبغي ان يتفادى التعثر في التفاصيل قائلا ان ذلك افاد الاسد في الجولة الاولى من المحادثات بخصوص حمص.
وأضاف "أفضل سبيل للمضي قدما بالنسبة الى الابراهيمي هو ان يشكل لجانا للتصدي لوقف اطلاق النار والقضايا الانسانية مع ابقاء تركيز الوفدين على القضايا السياسية الكبرى."
وحث وفد الحكومة السورية الإبراهيمي على ادانة هجوم شنه اسلاميون يوم الاحد قالت دمشق انه قتل 42 شخصا في بلدة معان في وسط سوريا وتقطنها اغلبية من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد.
وقال وفد الحكومة في وثيقة سلمت إلى الإبراهيمي واطلعت عليها رويترز ان انهاء الحصار ومكافحة الارهاب والزام الدول التي تدعمه بالتوقف عن ذلك هي القضية الاولى التي يجب الاتفاق عليها لتمهيد السبيل للشروع في العملية السياسية.
واستولى مقاتلون اسلاميون ليسوا ممثلين في المحادثات على قرية في محافظة حماه بوسط سوريا يوم الأحد لمحاولة قطع طرق الامداد من دمشق الى الشمال.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن عدد القتلى 41 من بينهم 21 مدنيا والعشرون الاخرون من افراد قوات الدفاع الوطني الموالية للأسد.
لكن الحكومة قالت إن معظم القتلى نساء واطفال واتهمت المقاتلين بارتكاب مذبحة عشية استئناف محادثات السلام في جنيف.
وقال نشطاء ومقاتلون يوم الإثنين إن جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المنشقة عن تنظيم القاعدة سحبت قواتها من محافظة دير الزور الغنية بالنفط في شرق سوريا بعد أيام من القتال الشرس مع منافسيها.
ووحدت جماعات المعارضة الاسلامية وبعض وحدات المعارضة المدنية جهودها لمحاربة جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام التي تقاتلها من أجل السيطرة على أراض أو لخلافات فكرية.
والدولة الإسلامية في العراق والشام التي تضم في صفوفها كثيرا من المقاتلين الأجانب جماعة صغيرة لكنها قوة قتالية شديدة البأس في مناطق سيطرة المعارضة. وقد استعدت عليها كثيرا من المدنيين ونشطاء المعارضة لفرضها أحكاما قاسية كقطع الرأس على المعارضين لها في المناطق التي تسيطر عليها.
وبدأت الأزمة السورية بانتفاضة شعبية مناهضة لحكم الأسد تحولت إلى صراع مسلح بعد أن قمعت قوات الأمن المتظاهرين. ثم تطور الوضع الى حرب أهلية قتل فيها أكثر من مئة ألف شخص وهجر الملايين من ديارهم وأدت إلى زعزعة الاستقرار في دول مجاورة.
وقال دبلوماسي غربي ان الحكومة لم تظهر التزاما يذكر بالمحادثات. واضاف "حمص لا تشجع. هم (الحكومة) لا يبذلون جهدا كبيرا."
لكن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قال ان الحكومة تتبع نهجا بناء للغاية.
مواقع النشر