الإقتصادية - عبد العزيز العليوي : بحلول عام 2015 سيكون المطور العقاري الحكومي "هيئة المدن الصناعية" قادرًا على مد السوق الصناعي بـ160 مليون متر مربع، مطورة وجاهزة للبناء، ومع التوجه الحكومي لتحفيز الاستثمار الصناعي فإن المطور العقاري الخاص، يسير بخطى بطئية وأكثر ثقلًا من السابق، فخلال عامين لم يستطع جميع المطورين العقاريين في السعودية سوى الانتهاء من تطوير مخطط صناعي واحد في الرياض واثنين في الدمام مساحاتها جميعًا لا تتعدى ثلاثة ملايين متر مربع.


الاقتصادية تسلط الضوء على دور القطاع الخاص في تطوير المخططات والمدن الصناعية (1 من 2)

"الاقتصادية" سلطت الضوء على هذا النوع من التطوير الذي يلقى إقبالاً ضعيفًا من المستثمر والمطور العقاري، خاصة أن الاستثمار فيه يشكل إضافة حقيقة للاقتصاد الوطني، ويساهم في زيادة حجم الناتج المحلي وتوزيع مصادر الدخل القومي.

مستثمرون ومختصون أرجعوا ضعف استثمار "المطور العقاري" في المنتجات الصناعية إلى محدودية الأراضي الصناعية في المدن ذات الكثافة السكانية، وعدم اهتمام المطور العقاري بهذا النوع من الاستثمار ولطبيعة ما يتطلبه من كفاءات تطويرية لا تقوم بها إلا الكيانات العقارية القادرة على خلق مشاريع ذات بعد صناعي متكامل.

المطورون العقاريون كشفوا عن أن 90 في المائة من إجمالي الأراضي الصناعية المباشرة في المخططات الصناعية ذات استخدامات صناعية خفيفة، وأن المستودعات هي أفضل أنواع الاستثمار في الخدمات المساندة للاستثمار الصناعي، واصفين المشاريع الصناعية المتكاملة بأنها مستقبل الاستثمار في التطوير الصناعي، في مقابل الصناعات الثقيلة ذات المخاطرة العالية.

المطور العقاري والمنتج الصناعي

الشيباني

في البداية؛ يؤكد عبد العزيز الشيباني الرئيس التنفيذي للشركة الأولى للتطوير العقاري، أن الاستثمار في قطاع التطوير العقاري الصناعي يلعب دورًا حيويًا في نمو الاقتصاد الوطني وفي تطوير أدوات الناتج المحلي، حيث يمثل الإنتاج الصناعي 40 في المائة من الإنتاج الاقتصادي لدولة قوية اقتصاديًا بحجم الصين، فالطلب على الأراضي الصناعية حقيقي وفي تصاعد خلال السنوات الماضية، ما يتطلب من المطورين العقاريين توفير الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الصناعية، وهيئة المدن الصناعية تقوم بدور كبير في سبيل تحقيق ذلك من خلال مشاريعها المتنوعة في كل مدن المملكة.

وأوضح الشيباني أن مساهمة القطاع الخاص في تطوير المخططات والمدن الصناعية لا تزال في حدود ضيقة، ودون حجم الطلب المتوقع، مرجعًا ذلك إلى عاملين؛ الأول: إغفال المطورين العقاريين لهذا النوع، واتجاههم إلى تنفيذ مشاريع سكنية وأبراج مكتبية.

والثاني: لطبيعة هذا المنتج، حيث إن تخطيط المدن الصناعية يحتاج إلى رؤية مختلفة ودراسة متأنية لحاجات القطاع الصناعي المتنوعة ولاستخداماته المتعددة ولشرائحه المتباينة، وهذه تتطلب أدوات قد لا تتوافر للمطورين الفرديين وإنما لكيانات عقارية قادرة.

مؤكدًا أن على المستثمر العقاري أن يعمل جاهدًا لتنويع استثماراته العقارية بما يخدم متطلبات المجتمع والتنمية معًا، وبما يحقق له الربح المادي أيضًا، خاصة مع وجود مساحات شاسعة من الأراضي الخام المخصصة للاستخدام الصناعي، غير مستغلة ولم يتم البدء بتطويرها حتى الآن.

دعم حكومي للتنمية الصناعية

الدخيل

ويتفق معه الدكتور رائد الدخيل الرئيس التنفيذي لشركة موطن العقارية أن قطاع الصناعة يمثل إحدى الركائز الأساسية للناتج المحلي في المملكة، مشيرًا إلى أن الدولة تهدف من خلال خطط هيئة المدن الصناعية إلى زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، حيث قدمت الدعم لهذا القطاع من خلال هيئة المدن الصناعية، ومن خلال صندوق التنمية الصناعي، ومن خلال تسهيلات أخرى، كما قدم الصناعيون كأفراد وبالغرفة التجارية دعوات إلى التوسع في تقديم منتجات عقارية متكاملة لخدمة أهدافهم.

وقال الدكتور الدخيل: "نحن في شركات التطوير العقاري ندعم جهود هيئة المدن الصناعية لتوفير مدن صناعية متكاملة تخدم أهداف الصناعيين في مناطق الطلب الأكثر"، لافتًا إلى أن شركات التطوير العقاري ينبغي أن تقوم بدورها في تحقيق أهداف الدولة، وأن يظل القطاع الصناعي أحد الروافد الرئيسة في الناتج الوطني.

المشاريع المتكاملة

وعَدَّ التعلم من التجارب السابقة سواءً محلية أو عالمية والتطوير المستمر بأنهما سرا نجاح المطور، مشيرًا إلى أن هناك عدة مستجدات يمكن للمطور القيام بها، مثل طرح مشاريع صناعية متكاملة، وخلق منتجات متنوعة تناسب كل الشرائح الصناعية كالمستودعات وسكن للعمال والموظفين ومناطق تجارية وخدمات (مساجد، ملاعب.. إلخ)، وكذلك هناك بعض الشبكات للبنية التحتية التي لا بد من التعامل معها مع تقدم الصناعات الحالية، مثل شبكات تدوير المياه الصناعية ومحطات معالجتها وشبكات الفايبر ابتكس وشبكات الاتصالات الحديثة.

التجمعات الصناعية

وعن جدوى إقامة تجمعات صناعية خاصة يقوم بتطويرها القطاع الخاص، يرى الرئيس التنفيذي لشركة موطن العقارية أنه يمكن لقطاع التطوير العقاري أن يتوجه للتخصص في تقديم منتجات تخدم القطاع الصناعي.

فيمكن التخصص في تطوير أراض صناعية ذات بنية تحتية تخدم صناعة معينة "مثل: تطوير الأراضي الصناعية المهيئة لإقامة صناعات مواد البناء أو الصناعات الغذائية"، كما يمكن تطوير الأراضي التي تخدم القطاع بصورة غير مباشرة كتطوير أراضي المستودعات أو سكن العمال، لذا نلاحظ أن هناك فرصة للتنوع في تقديم المنتجات العقارية التي تخدم القطاع الصناعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة.


القحطاني

لكن عبد الهادي القحطاني الرئيس التنفيذي لشركة عمار العقارية يرى أن التجمعات الصناعية تضيق شريحة المستثمرين الصناعيين المستفيدين، وقد تقلص حركة البيع وتؤدي إلى ربحية أقل وعزوف من المطور العقاري عن الاستثمار في مثل هذا النوع.

اشتراطات غير واقعية

وكشف القحطاني عن وجود صعوبات في الحصول على اعتماد تطوير المخططات الصناعية ضمن هيئة المدن الصناعية، مرجعًا ذلك إلى أن الهيئة قد تفرض على المستثمر الصناعي استخدامات محددة، مشيرًا إلى أن الهيئة في بعض اشتراطاتها غير واقعية، قال موضحًا: "إنها تشترط رسومًا سنوية على المستثمرين، فأصبح المستثمر مالكًا ومستأجرًا في الوقت نفسه"، مطالبًا إياها بضرورة تسهيل إجراءات اعتماد المخططات الخاصة، فضلاً عن تقديم الاستشارات والندوات والمؤتمرات وورش العمل لتثقيف وتوعية المطورين العقاريين والرفع من كفاءة قطاع التطوير الصناعي في المملكة.

ووصف القحطاني هيئة المدن الصناعية، بأنها مطور حكومي يؤدي جهدًا كبيرًا لتوفير مساحات هائلة من الأراضي الصناعية، وفق خطة جغرافية وزمنية متناسبة، لسد جانب من الاحتياج الصناعي في جميع مناطق المملكة، ويرى الرئيس التنفيذي لشركة عمار العقارية، أن على هيئة المدن الصناعية التركيز على الصناعات الثقيلة (ص3) والتجمعات الصناعية، وإعطاء المطور العقاري حريته في اختيار الاستخدامات الصناعية المجدية له استثماريًا، التي تأتي بالتأكيد وفقًا لاحتياج المنطقة والمستفيدين صناعيًا، على أن تقدم الهيئة بعد ذلك خدماتها للمستفيدين النهائيين.

المستودعات أسهل طرق الاستثمار

وعن سبب ارتفاع سعر الأراضي المخصصة للمستودعات في مقابل الصناعات الخفيفة، بَيَّنَ القحطاني أن الاستثمار في المستودعات أسهل طرق الاستثمار الصناعي، وهي تحقق عوائد استثمارية مجدية عندما يتم بناؤها وتأجيرها، وأضاف: "أسعار المنتجات الصناعية بشكل عام، أقل من السكني والتجاري، ولم ترتفع بشكل كبير، ومن ثَمَّ فإن فرص الاستثمار في هذا الوقت تحديدًا مجدية، خاصة في مدينة صناعية مثل الدمام في حاجة إلى مساحات أكبر لبناء منشآت صناعية جديدة".

السلامة البيئية

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة عمار العقارية، إلى ضرورة إبعاد المصانع التي تستخدم مواد كيميائية أو مشعة عن المناطق السكنية بمساحة كافية، والتأكد من صلاحيتها بشكل دوري، والتزامها ضوابط السلامة البيئية، خاصة بعد حادثة التسرب الكيميائي في أحد مصانع الدمام قبل عدة أسابيع، مؤكدًا أن عددًا كبيرًا من مصانع المدينة الصناعية الأولى في الدمام تجاوزت عمرها الافتراضي المحدد بـ30 سنة.

صعوبات كبيرة

القاضي

من جانبه؛ يؤكد عمر القاضي الرئيس التنفيذي لشركة إنجاز العقارية أن على شركات التطوير العقاري دورًا كبيرًا وحيويًا في التطوير العقاري الصناعي، فالمنتجات التي يمكن للقطاع العقاري القيام بها هي تجهيز المواقع بخدماتها كافة، وبناء المناطق المساندة وإدارتها وتسويقها، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن وجود صعوبات كبيرة تحد من تطوير الأراضي الصناعية، فملكية الأرض يجب أن تكون واضحة، كما أن الاستثمار ينطلق أولاً بشراء الأرض، ومن الصعب حاليًا وجود أراض صناعية مناسبة للتطوير الصناعي، فضلاً عن ارتفاع أسعارها، كما أن تحديد استخدامات الأراضي بأن تكون للصناعات الخفيفة أو الثقيلة لا يمكن مناقشته مع هيئة المدن الصناعية قبل شراء الأرض الخام.

الصناعات الخفيفة والثقيلة

وكشف عن أن 90 في المائة من المخططات المطورة من القطاع الخاصة موجهة لاستخدام الصناعات الخفيفة ص2، مرجعًا ذلك إلى سهولة إجراءات اعتمادها من قبل أمانات المدن، لكنه أكد أن كثرتها بهذا الشكل تقلص من تعدد المنتجات الصناعية المباشرة التي يعمل على تطويرها القطاع الخاص، في حين يرى أن المخاطرة عالية في الاستثمار في الصناعات الثقيلة، بسبب الخدمات التي يتطلبها تزويد الأراضي الصناعية بها من كهرباء وغاز إلخ، كما أن مدة تنفيذ المشروع المحددة من الهيئة تشكل تحديًا إضافيًا.

منافسة عالمية في جذب الاستثمارات

ويشير القاضي إلى أن القطاع الصناعي يحظى بمنافسة حامية بين دول العالم التي تعمل جميعها في مضمار جذب الاستثمارات الصناعية العالمية وتحفيز الاستثمار المحلي، مشيرًا إلى أنه قطاع شمولي يتم تحفيزه عادة من خلال تشجيع الحكومات لخطط وأهداف اقتصادية محددة، لافتًا إلى أن تنامي اهتمام الحكومات بالصناعة يأتي في إطار ما للصناعة من دور فاعل في تناقص الواردات وتزايد الصادرات وتوظيف أبناء البلد ومنث ثَمَّ زيادة الدخل القومي.

تطوير البيئة الاستثمارية

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة إنجاز العقارية أن تطوير الأراضي الصناعية هو أبسط ما يمكن عمله في هذا الجانب، ولكن التحدي يكمن في تطوير البيئة الاستثمارية وسهولة الحركة وفتح أسواق التصدير وتشجيع الاستثمار الأجنبي ووضع المقاييس وتوفير التمويل والطاقة وإشراك الجامعات عن طريق البحوث وتطوير الإنتاج.

وعن تقييمه تجربة المخططات الصناعية، قال القاضي هي تجربة ناجحة في السابق، لكن يوجد عزوف عنها في الوقت الحالي، مرجعًا أهم أسباب هذا العزوف إلى محدودية الأراضي الصالحة للمدن الصناعية أو التي تتسم بموقع استراتيجي، فضلا عن ارتفاع أسعارها بدرجة كبيرة. وخاصة في المدن الرئيسة.

تصنيف المنشآت ذات الخطورة

العضيب

من جانبه؛ أكد جار الله العضيب الرئيس التنفيذي لشركة نجوم السلام للاستثمار والتطوير العقاري، أن المجمعات السكنية في المدن الصناعية مهمة وذات جدوى استثماري خاصة إذا أخذنا في الحسبان الأعداد الكبيرة من العمالة التي تعمل في المدن الصناعية، والتي يقدر عددها بعشرات الآلاف.

وأضاف: لا بد من تهيئة البنية التحتية أولًا لإقامة المخططات الصناعية، بإدخال الطرق والإنارة وشبكات الاتصالات، والصرق الصحي، لتسهيل إقامة مصانع نموذجية وعصرية، مشيرًا إلى أن الاستخدام الصناعي الأكثر حاجة في الوقت الراهن هي المستودعات التجارية، ومستودعات تخزين الأدوية، والورش الصناعية المتكاملة، مطالبًا بضرورة أن تقوم وزارة الصناعة بتصنيف المنشآت الصناعية ذات الخطورة وإبعادها عن الأحياء السكنية، وقال إن كثيرا من الشركات الصناعية لم تعطِ المطور العقاري الفرصة في تجهيز البنية التحتية اللازمة له، وأنها تعتمد على نفسها في تطوير البنية التحتية لمنشآتها.