الرياض - محمد القحطاني (واس) : نجح مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات المساندة للتربية الخاصة التابع لوزارة التعليم في غضون خمسة أشهر من تدشينه في مساعدة أكثر من 11 ألف طفل وطفلة يعانون من صعوبات جسديّة أو ذهنية حالت دون التحاقهم مع نظرائهم العاديين في مدارس التعليم العام، متفوقًا على بقية المراكز المماثلة له في العالم من خلال تقديمه برامج علاجية للأطفال المستفيدين جمعت أساليبها العلمية ما بين الخدمات التأهيلية والتعليمية في آن واحد، وحقّقت لهم أعلى مستويات التعايش الطبيعي مع أسرهم ومجتمعهم.



ويعد مركز الأمير سلطان للخدمات المساندة واحدًا من شواهد الانجازات الحضارية التي تفتخر بها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -، إذ انطلقت جهوده في شهر شعبان الماضي برؤية طموحة ترنوا إلى أن يكون مركزًا تأهيليًا وبحثيًا متميزًا لعلاج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم بأساليب علمية حديثة لا تعزل التأهيل عن التعليم كما هو معمول به في العديد من المراكز المتخصصة في ذلك المجال.

ويستوعب المركز وفقا لخططه الإستراتيجية (15000 طفل سنويًا) لعلاجهم عبر أكثر من 100 ألف جلسة متابعة تمر بمراحل مختلفة تُعنى مضامينها بالتشخيص، والتربية الخاصة، والعلاج الطبيعي، والتأهيل الوظيفي، والتأهيل السمعي والنفسي.

ولتسليط الضوء أكثر على هذا المركز، زار فريق "واس" مقرّه الكائن في حي الروابي بشرق الرياض، وشاهدوا على أرض الواقع المبنى النموذجي له، وما يضمّه من تجهيزات طبية وتأهيلية متقدّمة أسهمت بفضل الله تعالى في نجاح الخطط العلاجية للمستفيدين منه من أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدّه الكثير من المختصين من خارج المملكة خاصة من دول أوروبا المركز الفريد من نوعه بالعالم في أسلوبه العلاجي الحديث الذي مزج ما بين الخدمات التأهيلية والتعليمية للطفل، وسعى معظمهم لنقل تجربة المركز إلى بلدانهم.

وينهض بعمل المركز كوادر سعودية متخصّصة في مجالات : العلاج النفسي، والاجتماعي، والتأهيلي، والتربوي، بالإضافة إلى الكادر الإداري، يعملون كخلية نحل نشطة من أجل استقبال أكثر من 300 طفل وطفلة يأتون للمركز لتلقي العلاج المناسب لهم وفق خطة علاجيّة متكاملة يتم وضعها لكل طفل بحسب نوع كل حالة، وتمر بعدة مراحل تبدأ من المركز وتنتهي بأسرة الطفل.



وفي إطار هذه الخطة العلاجية التي اطلعت عليها "واس" يعمل المختصون على تقييم وتشخيص حالة الطفل، ومتابعة وضعه الصحي ما بين وجوده في المركز ومع الأسرة، فضلا عن تقديم العلاج الوظيفي له بتطوير مهاراته الحياتية وتمكينه من القيام بالمهام والنشاطات اليومية في محيطه، ثم تشخيص المشكلات والاضطرابات النمائية والعصبية والعضلية له عن طريق العلاج الطبيعي.

ويدخل في إطار هذه الخطة، علاج النطق والتخاطب لتعزيز مهارات التواصل من خلال استخدام اللغة المباشرة، والإيماءات، والصور، وتقييم وتشخيص الاضطرابات العقلية والنفسية للطفل وعلاجها، بينما يقوم الأخصائي الاجتماعي بجمع كل البيانات المتعلقة بحالة أسرة الطفل، وحالته داخل محيط الأسرة.

ولا يقف عمل المركز إلى هنا، بل يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال مساعدة الوالدين على النظر لطفلهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة موضوعية، وفهم احتياجاته، وما يمكن أن يكون عليه سلوكه في المستقبل والتأقلم معه دون حزن أو ألم، ليصبحوا أفراداً يعملون على أكمل وجه من أجل مساعدة أطفالهم على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم ضمن توافقهم الأسري.

كما يتم تقييم وتدريب الطفل على مهارات ما قبل انضمامه للمدرسة، وتقديم استشارات تعليمية للأسرة وُمعلم الصف، في مجال احتياجاته في البيئة التعليمية التي يدرس فيها، واستخدام العلاج الترفيهي، مع تحديد الاستراتيجيات والأنشطة الهادفة لتنمية حواسه أو التي تناسب إعاقته، وتقييم ما يطرأ على نموه المعرفي، والوجداني، والحركي، واللغوي، والاجتماعي، فضلا عن تعديل ما يمكن بما يتناسب مع حالته.

وفي ذلك الجانب، قال المدير التنفيذي للخدمات الطبية لمركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات المساندة للتربية الخاصة محمد بن عبد الكريم الخلف: إنه لضمان فاعلية الخطة العلاجية للطفل، يسعى المركز إلى تكثيف التعاون بين أسرة الطفل وفريق عمل المركز، وملاحظة مراحل تطور العلاج، مبينًا أنهم يعملون ضمن خطتهم العلاجية على جعل الطفل ينخرط في أجواء حياتية تحاكي الواقع لتهيئته نفسيًا لممارسة حياته في المجتمع بشكل طبيعي.

وأفاد أن المركز قدّم مُنذ تدشينه حتى الآن خدمات علاجية ونفسيه لـ (11542طفلاً وطفلة) تتراوح أعمارهم ما بين 3 أعوام إلى 13 عامًا، وذلك عبر جلسات خاصة في التخصّصات : الطبية، والنفسية، والاجتماعية، والتأهيلية والتربوية قدّر عددها بـ ( 66935 جلسة).



ويعد مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات المساندة للتربية الخاصة النواة الأولى لـ 15 مركزًا مماثلا له سيتم إنشاؤها - بإذن الله تعالى - في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، بحسب قول معالي وزير التعليم الدكتور عزام بن حمد الدخيّل في تصريحه الصحفي الذي أدلى به خلال تدشينه المركز في شهر شعبان الماضي.

وأسهم المركز عبر برامجه العلاجية المختلفة المخصصة لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعانون من : فرط الحركة، أو التوحد، أو متلازمة داون، بالإضافة إلى البرامج التثقيفية التي يقدمها إلى أسرهم، بشكل كبير في مساعدة الأطفال المستفيدين من خدماته في الاندماج مع نظرائهم العاديين بشكل سلس خاصة في المدارس، إلى جانب اندماجهم مع أسرهم وذويهم بشكل طبيعي.

ويلفت نظر الزائر للمركز الشاب ممدوح العنزي الذي يبلغ من العمر 26 عامًا ويعاني من "متلازمة داون" حيث يؤدي مهامًا إدارية وإنسانية في المركز بابتسامة مفعمة بالنشاط والحيوية لاتفارق محياه على مدار اليوم وهو يستقبل الزوار والمراجعين.

وعبّر العنزي الذي التقاه فريق "واس" عن سعادته بالعمل مع زملائه بمركز الأمير سلطان للخدمات المساندة للتربية الخاصة، مبينًا أن عمله في المركز جعله يتحوّل من شخص بسيط تُحيط به نظرة الشفقة من أسرته ومجتمعه إلى شخص واثق الخطى، مُنتج في حياته، مثبتًا لنظرائه أن الإعاقة مهما كان نوعها لاتقف - بعون الله تعالى - حائلاً أمام الأمل في الحياة.

وأشاد المدير العام لمركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات المساندة للتربية الخاصة الدكتور هشام بن محمد الحيدري، بأداء الشاب ممدوح العنزي الوظيفي، مؤكدًا أنه من أبرز الموظفين العاملين في المركز، ويتمتع بدماثة خُلق عالية جعلته محبوبًا من الجميع.



وعن مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات المساندة للتربية الخاصة قال الدكتور الحيدري: إن إنشاء المركز أتى في إطار اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - بذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة ودعمهم عن طريق مختلف قطاعات الدولة في جميع المجالات.

وأفاد أنهم يهتمون بطرق علاجهم بأهالي الأطفال المستفيدين من خدمات المركز خاصة الأمهات من خلال تعليمهم، وتدريبهم، وإرشادهم بكيفية التعامل مع الطفل للتخفيف من معاناتهم ودعمهم نفسياً، مفيدًا أن برامج تدريب الأمهات يعنى بتسليط الضوء على تدريبهن بما يمكن تقديمه للطفل المصاب، وكيفية تعليمه وتدريبه والتعامل معه سواء داخل المنزل أو خارجه، بالإضافة إلى كيفية متابعة حالته في المدرسة.

وأشار إلى أن من أهم أركان العلاج التأهيلي المقدم للطفل الذي يُقدم له من أسرته، لذا حرصوا في المركز على إعداد برامج خاصة بالأمهات أو مقدمي الرعاية للأطفال، وورش عمل مختلفة، لجعل حياتهن أسهل مع أطفالهن يشارك فيها اسبوعيًا أكثر من 25 من الأمهات، يطلعون خلالها على طرق التعامل مع أطفال : فرط الحركة، ومتلازمة داون، واضطراب التوحد، وكيفية مساعدتهم على استخدام دورات المياه، ومفهوم التدخل الحسي لديهم.

وذكر أن المركز يقدم خدماته بالتعاون مع مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية لدعم مدارس وزارة التعليم والكادر التربوي العاملين فيها إلى جانب دعم أسر الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفع مستوى الوعي في المجتمع عن أساليب الوقاية من الإعاقات والتخفيف من حدتها من خلال الحملات التثقيفية المستمرة التي يقوم بها المركز.

















إعداد : محمد القحطاني - تصوير : سليمان العوض