تغنى به الشعراء قديما وحديثا، ويترقب ظهوره أبناء البادية والحاضرة على حد سواء، فالبادية تقول ''إذا ظهر سهيل لا تأمن السيل بالليل'' مستبشرة بإقبال موسم ممطر فيما تقول الحاضرة إذا طلع سهيل، تلمس التمر بالليل كناية عن ظهور التمور في النخيل بكثرة.
يقول العرب إن تكاثر التمر في النخل دلالة واضحة على خروج نجم سهيل
وبحسب حساب الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق عضو الاتحاد العربي للفضاء، فإن 20 آب (أغسطس) الحالي هو أول موسم سهيل على حساب الزعاق، ومدته 35 يوماً وهو أول مواسم السنة السهيلية وهي سنة شمسية عدد أيامها 365 يوماً موزعة على فصول ومواسم السنة.
ويقول الزعاق نجم سهيل أقوى شعاعاً من الشمس بنحو 15 ألف مرة، وقطره يكبر عن قطر الشمس بنحو 65 مرة، ويعتبر من النجوم الجنوبية ومن أهم وألمع نجوم السماء وثاني ألمع نجم بعد الشعرى اليمانية، ومن النجوم الفردية المنعزلة العملاقة في مجرة ''درب التبانة'' ويبعد عنا مسافة 300 سنة ضوئية وأول ما يشاهد في جنوب المملكة أما شمال المملكة فلا يشاهد إلا في أواخر شهر آب (أغسطس) الجاري وتحديداً في منتصف شهر شوال قبيل شروق الشمس في الجهة الجنوبية في الليالي التي يغيب فيها البدر، وتستمر رؤيته حتى أواخر شهر نيسان (أبريل)، حيث يختفي ويعود مرة أخرى في آب (أغسطس)، وظهوره بداية التغير الفصلي وانتهاء ريح السموم، ودليل على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة، حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساءً، ويطول الليل والظل، ويقصر النهار، وأحيانا تهب فيه الرياح الشمالية الباردة التي تخفف من رياح السموم على صحاري نجد. وأرجع الباحث الفلكي الزعاق السبب الرئيس لتغير الطقس للأفضل هو زيادة ميلان أشعة الشمس كثيراً في موسمه وليس للنجم ذاته، فالشمس في هذا الوقت تميل نحو الجنوب، ويزداد اقترابها من خط الأفق يوماً بعد يوم، حيث يكون ارتفاعها عن الأفق 71 درجة عند طلوع سهيل، مقارنة بـ 84 درجة في منتصف حزيران (يونيو)، مما يجعل أشعتها أقل حرارة، ويكون متوسط درجات الحرارة العظمى 45 درجة والصغرى 25 درجة مئوية. وهو لا يظهر في أوربا بأكملها وشمال الولايات المتحدة وتركيا وأقصى شمال العراق، بل إنه ابتداء من خط عرض 38 شمالاً لا يشاهد بتاتاً لحجب تحدب سطح الأرض لرؤيته، وكلما اتجهنا جنوباً ازدادت فرصة مشاهدته لوقوعه في الجزء الجنوبي من خط الاستواء.
وأضاف الزعاق أن ''سهيل'' من النجوم المهمة التي تستخدم في الملاحة قديماً، حيث يعتبره بعض الملاحين كنجم القطب الجنوبي، وما زالت مركبات الفضاء الأمريكية التي تتجه إلى الفضاء الخارجي داخل المجموعة الشمسية تستخدمه بغرض الملاحة واستدلال الطريق وتجهز له كاميرا لمراقبته. ويقول العامة (إذا طلع سهيل لا تامن السيل وتلمس التمر بالليل ويبرد آخر الليل) ويعني ذلك بداية سقوط الأمطار ولكنها بشكل نادر جداً وبداية لكثرة الرطب ولطافة الجو. وظهور ''سهيل'' يستدل به الصقارون على بدء موسم الصيد، ويهتم به عرب البادية لأنهم سكان صحراء قاحلة وجافة، فبطلوعه بداية للانفتاح الفصلي بعد معاناتهم الشديدة من أشعة الشمس ولفح الهواء الساخن حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ، وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجياً، ويصاحب ذلك تغييرات طبيعية حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية، وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية.
وظهور ''سهيل'' يقترن بحوادث يراها الناس حيث يفيء الظل بعد أن كان معدوماً خلال فصل الصيف ويبدأ طول الليل وقصر النهار فيبرد آخر الليل وتهب ريح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن.
وتميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف.
وهو بداية موسم الرطب الجديد، وانتهاء ادخار التمر الحويل، وتحس المواشي بالراحة فتدر اللبن، وتختلط فيه جميع الطيور المهاجرة.
ومن مقاييس كبار السن قولهم: إذا قمت تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس فاعرف أن سهيلاً ظهر. من مقاييسهم كذلك على دخوله أن الأشجار الكبيرة والصغيرة تخضر من ناحية الجنوب، علماً بأن موسم سهيل مخيف للمزارعين وخاصة أصحاب النخيل لأنه من المحتمل أن تسقط فيه الأمطار، وهي في هذا الوقت من الزمان مؤثرة جداً في التمر وتفسده، لذا يقولون ..لا دخل سهيل لا تمن السيل.
وبداية مشاهدة نجم سهيل بالأبصار بكل جلاء ووضوح تبدأ من نهاية الثلث الثاني من شوال. علما بأن هناك نجم يظهر قبل ''سهيل'' ويشبهه فيظن بعض الناس أنه ''سهيل''، وهذا النجم يسمى ''المحلف'' لذلك يقول العامة (سهيل مكذب الحساب) لأن بعض الناس يظن أن المحلف ''سهيل'' فيحلف بذلك فإذا ظهر تبين ''سهيل'' الأصلي من المزيف.
المصدر : الإقتصادية - محمد الحربي من بريدة
مواقع النشر