بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن عمّي, وأحبُّ النّاس إليّ, - خولة بنت ثعلبة
خولة بنت ثعلبة
هي خولة بنت مالك، من بني عمرو بن عوف، وهم من أشراف يثرب وأغنيائهم,. وقد أسهَمَ بنو عمرو بن عوف في ضيافة المسلمين في المدينة المنورة بعد هجرتهم من مكة المكرمة.
وكانت خولة على قِسْطٍ من الحسن والبهاء, لَفَتَ إليها الأنظار, فرَغِب فيها كثير من شباب "يثرب", وودُّوا الاقتران بها, إلى أن كانت من نصيب أحد أبناء عُمومتها, وهو"أوس بن الصّامت"، رضي الله عنه، شقيق عبادة بن الصامت رضى الله عنه، وهو من سادات الأنصار.
عاشت خولة مع أوسٍ حياة هانئة، وكان يُصيب بيتها ما يُصيب البيوت من اختلاف، إلى أن زاد الشقاق بينها وبين زوجها في أحد الأيام، حتى عَرَف به كل المسلمين إلى يوم القيامة..
فقد دخل أوس ذات يوم الدّار على "خولة"، وهو في حالة من حالات صَرَعٍ كان يُصيبه, فأسمعها كلاماً جارحاً قاسياً, فاحتملته, وسكتت, لكنّه اشتدّ في التّقريع واللوم, فأجابته على قوله, إذ لم تعد تطيق السّكوت, فثار ثورة هائلة, وأعنفَ في الرّدِّ والكلام ومدّ يده ليصفعها, ويضربها, فدفَعتهَ عنها, فسقط أرضاً, فقام "أوس" من سقطته, وقال في غضب شديد: أنت عليّ كظهر أُمّي. وهذه عبارة كانت عند العرب في جاهليّتهم تعني الطّلاق, أي أنت محرّمة عليّ حُرمةَ أُمّي.
لم تدري خولة ماذا تفعل،, فقرّرت أن تذهب لسؤال الرّسول صلى الله عليه وسلم، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في دار عائشة رضي الله عنها، فقالت: يا رسول الله، إنّ أوساً منِّي مَن قد عرفتَ, أبو ولدي, وابن عمّي, وأحبُّ النّاس إليّ, وقد عرفتَ ما يُصيبه من اللّمم, وعجْزَ مقدرتِه, وضعفَ قوّتِه... وقد قال كلمة, والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً, قال: أنتِ عليّ كظهر أُمّي. فقال الرّسول صلى الله عليه وسلم: "ما أراك إلاّ قد حَرُمتِ عليه".
تأثّرت خولة, وراحت تُجادل رسول الله فيما حدث, وفيما قاله أوس، فلما انتهت من جدالها، توجّهت إلى الله بلسان ضارع, وقلب خاشع, وقالت:- اللهم إنّي أشكو إليك شِدّة وجدي, وما شقّ عليّ من فراقه, اللهمّ أنزل على لسان نبيّك ما يكون لنا فيه فَرجٌ..
وتُحَدِّثنا أم المؤمنين"عائشة" رضي الله عنها, عن ذلك فتقول: لقد بكيتُ وبكى من كان معنا من أهل البيت, رحمةً لها, ورقّةً عليها, وبينما هي كذلك بين يدي الرّسول تُكلِّمه, نزل الوحي على النبي عليه السلام، وكانت عائشة تعرف ذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يغطُّ في رأسِهِ, ويتربّدَ وجهه, ويجدُ برداً في ثناياه, فقالت عائشة رضى الله عنها:- يا "خولة" إنّه لينزل عليه, ما هو إلا فيك (أي ما أظنّ أنّه إلاّ فيكِ). فقالت خولة رضى الله عنها:- اللهم خيراًَ، فإنني لم أبْغِ من نبيّك صلى الله عليه وسلم إلا خيراً. وتابعت عائشة رضي الله عنها , قالت: فما سُرِّيَ عن الرّسول حتّى ظننتُ أن نفْسَها (أي خولة) تخرُجُ فَرَقاً (أي خوفاً) من أن تنزل الفُرقة. فسُرّي عن رسول الله وهو يبتسم, فقال: يا خولة... قالت: لبّيك.. ونهضت قائمةً, فَرَحاً بتبسُّم الرّسول صلى الله عليه وسلّم, فقال: لقد أنزل الله فيكما قرآناً، ثمّ تلا قوله تعالى:- { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } (المجادلة:1). ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: مُريهِ إن يُعتِق رقبة. فقالت: أيُّ رقبة؟؟ والله ما يجد رقبةً، وما لهُ خادمٌ غيري. فقال صلى الله عليه وسلم: مُريهِ فليصم شهرين متتابعين. فقالت: والله يا رسول الله ما يقدر على ذلك, إنّه ليشرب الماء في اليوم كذا وكذا مرّة, قد ذهب بصرُه مع ضعف بدنِه. فقال صلى الله عليه وسلم: فمريه فليطعم ستّين مسكيناً. قالت: وأنّى له هذا؟. قال صلى الله عليه وسلم: فمريه فليأتِ أُمّ المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وَسْق تمراً (والوَسْقُ: ستون صاعاً أو حمل بعير) فيتصدّق به على ستّين مسكيناً.
عندها عادت خولة إلى منزلها منشرحة الصّدر مسروره، إلى اسرتها فى جو من الألفة والتراحم، وهو الوضع الصحيح للأسرة المسلمة ,,,والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواقع النشر