واشنطن - سيوارت / وارين ستروبيل (رويترز) - أبلغ مسؤولون أمريكيون رويترز أن الولايات المتحدة قررت تقييد الدعم العسكري للحملة التي تقودها السعودية في اليمن بسبب مخاوف بشأن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى المدنيين كما ستعلق مبيعات أسلحة مزمعة للمملكة.
وستعدل الولايات المتحدة أيضا عمليات التدريب المستقبلية لسلاح الجو السعودي لتركز على تحسين عمليات الاستهداف السعودية وهي مصدر قلق مستمر لواشنطن.
ويعكس القرار الإحباط الشديد داخل إدارة الرئيس باراك أوباما بشأن ممارسات السعودية في الحرب الأهلية المستمرة منذ 20 شهرا في اليمن والتي قتل فيها أكثر من عشرة آلاف شخص واندلعت أزمة إنسانية تشمل نقصا مزمنا في الطعام في البلد.
تتمة ...
وقد يزيد ذلك القرار من توتر العلاقات بين واشنطن والرياض في الأيام المتبقية من إدارة أوباما ويضع تساؤلات حول العلاقات الأمريكية السورية قبل أن تتولى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير كانون الأول.
وتدخل تحالف عسكري تقوده السعودية في الحرب الأهلية في اليمن في مارس آذار 2015 وشن آلاف الغارات الجوية التي تستهدف حركة الحوثيين المتحالفة مع إيران.
وتقول جماعات حقوقية إن الهجمات على مستشفيات ومدارس وأسواق ومصانع ربما تصل إلى حد جرائم الحرب. ونفت السعودية الهجمات أو تحدثت عن وجود مقاتلين في المناطق المستهدفة وتقول إنها تحاول الحد من سقوط ضحايا من المدنيين.
وقال مسؤول بإدارة أوباما رفض الكشف عن هويته إن مشكلات "متكررة ومزمنة" في نظام الاستهداف السعودي كانت وراء القرار الأمريكي بوقف مبيعات أسلحة مستقبلية تشمل ذخائر دقيقة التوجيه.
وأضاف المسؤول "لقد قررنا ألا نمضي قدما في بعض المبيعات العسكرية الخارجية للذخائر التي تسقط من الجو والذخائر الدقيقة التوجيه."
وتابع "من الواضح أن هذا انعكاس مباشر لمخاوفنا بشأن الضربات السعودية التي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين." وأكد مسؤول ثان قرار تعليق مبيعات أسلحة معينة.
ورفض المسؤولان الخوض في التفاصيل. لكن حالة معينة جرى تعليقها تشمل فيما يبدو بيع أنظمة توجيه بمئات الملايين من الدولارات من صنع شركة ريثيون التي تحول القنابل غير دقيقة التوجيه إلى ذخائر دقيقة التوجيه يمكن أن تصيب أهدافها بدقة.
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة قررت من ناحية أخرى زيادة الجهود المبذولة لمعالجة مخاوف سعودية قائمة منذ فترة طويلة وذلك من خلال زيادة التركيز على أمن الحدود. وتعرضت المملكة لهجمات عبر الحدود من الحوثيين.
وأضاف المسؤول "لقد قدموا طلبا قويا جدا لزيادة تبادل معلومات المخابرات وتلقي المزيد من الدعم لحدودهم."
ولم يصدر تعليق على الفور من مسؤولي السفارة السعودية.
وأطلق البيت الأبيض مراجعة للمساعدة الأمريكية لقوات التحالف التي تقودها السعودية بعدما قصفت طائرات مشيعين في جنازة بالعاصمة صنعاء في أكتوبر تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 140 شخصا وفقا لأحد تقديرات الأمم المتحدة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أغسطس آب إن قوات التحالف التي تقودها السعودية تتحمل حوالي 60 في المئة من مسؤولية مقتل 3800 مدني منذ مارس آذار 2015.
وانتقدت جماعات لحقوق الإنسان الولايات المتحدة لدعم المجهود الحربي السعودي عن طريق بيع أسلحة للمملكة وتزويد طائرات التحالف بالوقود. وتقول الولايات المتحدة إنها لم تقر أو تختر الأهداف السعودية في اليمن.
وقالت سماح حديد من منظمة العفو الدولية في بيروت "هذا التحرك يقل كثيرا عن اللازم لإنهاء إراقة دماء المدنيين وتخفيف المعاناة في اليمن."
وأشارت الجماعات الحقوقية إلى استمرار عمليات إعادة تزويد طائرات التحالف بالوقود والتي قال مسؤول في إدارة أوباما إنها "لن تمس في الوقت الحالي."
وأضاف "لن نقترب من هذا الأمر في الوقت الحالي. مرة أخرى.. يمكن أن تستمر المراجعة وأن يتخذ الناس قرارا مختلفا في الأسابيع المقبلة."
وقال عضو مجلس النواب تيد ليو وهو ديمقراطي من كاليفورنيا ومؤيد رئيسي في الكونجرس لتعليق التعاون الأمريكي مع التحالف الذي تقوده السعودية إنه شعر بالسعادة لأن إدارة أوباما تحركت لوقف بعض مبيعات الأسلحة لكنه شعر أيضا بأنها لم تفعل ما يكفي.
وأضاف "من الغريب جدا أنها مستمرة في إعادة تزويد المقاتلات السعودية التي تسقط القنابل على المدنيين في اليمن."
المخلوع عند حطام قصره في صنعاء اليمن
* قنابل ذكية وقنابل غبية
يمثل قرار وقف بيع الأسلحة للسعوديين ارتدادا للإدارة التي ظل مسؤولوها يجادلون طويلا بأن التزويد بما يطلق عليه "الأسلحة الذكية" ساعد في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
بل إن إدارة أوباما دفعت جيشها في العام الماضي لإرسال ذخائر موجهة بدقة من مخزونه الخاص لتعويض الانخفاض في الإمدادات لقوات التحالف التي تقودها السعودية حسبما ذكر مصدر مقرب من الحكومة السعودية.
لكن في نهاية المطاف لم تقنع وجهة النظر هذه إدارة أوباما خلال المراجعة التي تقوم بها والتي قال المسؤول الأول إنها لا تزال مستمرة.
وقال المسؤول "الأمر لا يتعلق بمدى ذكاء أو غباء القنابل وإنما بعدم اختيار الأهداف الصحيحة. والمثال على ذلك... الجنازة."
وحدثت الغارات الجوية التي استهدفت الجنازة بعد تلقي قوات التحالف التي تقودها السعودية معلومات غير صحيحة من قيادات عسكرية يمنية تفيد بوجود قادة حوثيين مسلحين في المنطقة وذلك حسبما ذكرت هيئة تحقيق شكلتها قوات التحالف في أكتوبر تشرين الأول.
وكانت رويترز قد ذكرت في وقت سابق أن الولايات المتحدة قدمت للسعوديين قوائم مفصلة للمواقع التي يجب تجنب قصفها في مسعى للحد من الخسائر في صفوف المدنيين. لكن طائرات التحالف الذي تقوده السعودية ضربت هدفا واحدا على الأقل في تلك القائمة.
* الولايات المتحدة لا تزال تبيع هليكوبتر
في وقت سابق من هذا العام قلص الجيش الأمريكي عدد أفراده المكلفين بالتنسيق مع الحملة الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية إلى ستة أشخاص بعدما كان العدد 45 فردا في ذروة التعاون.
وقال المسؤول "يجري تعديل مسؤولياتهم وتقييدها بحيث يكونون أقل مشاركة في بعض العمليات الهجومية في اليمن."
ونشرت رويترز هذا العام تقريرا عن مخاوف بعض المسؤولين الأمريكيين من احتمال توريط الولايات المتحدة في انتهاكات سعودية محتملة لقوانين الحرب.
ويرى بعض المسؤولين أن توفير الولايات المتحدة الوقود والدعم اللوجيستي للقوة الجوية السعودية -بشكل يفوق حتى مبيعات الأسلحة- ينطوي على مخاطرة بجعل الولايات المتحدة طرفا في الصراع في اليمن بموجب القانون الدولي.
وفي مايو أيار علقت واشنطن مبيعات الذخائر العنقودية إلى الرياض وهي الذخائر التي تطلق عشرات القنابل الصغيرة وتعتبر ذات خطورة بالغة ولا سيما على المدنيين.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن خطط لبيع طائرات شحن هليكوبتر طراز شينوك (سي.إتش-47إف) ومعدات وخدمات تدريب ودعم مرتبطة بها للسعودية مقابل 3.51 مليار دولار. وقال مسؤولون أمريكيون إن هذه الطائرات ستساعد السعودية في الدفاع عن حدودها وليس القيام بعمليات هجومية في اليمن.
مواقع النشر