جورج كرزم - افاق : قدمت هذه الورقة في المؤتمر الفلسطيني الثاني للتوعية والتعليم البيئي الذي نظمه مركز التعليم البيئي في بيت لحم (19–20 كانون أول، 2011)، والذي حمل عنوان "المسؤولية البيئية للشباب".
حديقة عضوية تمتاز بالتربة الخصبة والتنوع النباتي وتدوير المخلفات الزراعية إلى سماد طبيعي
يتميز المجتمع الفلسطيني في الأرض المحتلة عام 1967 في كونه مجتمعا استهلاكيا يشتري معظم طعامه من إسرائيل والخارج، بما في ذلك الغذاء الاستراتيجي؛ ما يعني أننا نفتقر الى الأمن الغذائي، وبالتالي السيادة على غذائنا. وهنا بالذات يكمن السبب الأساسي في تبعيتنا للخارج. وافتقارنا للسيادة على غذائنا يعني أيضا افتقارنا للأمن الوطني الذي لا يمكننا توفيره ما دامت إسرائيل والاقتصاديات الخارجية تتحكم في عملية إطعامنا أو تجويعنا.
كما أن استباحة احتكارات الغذاء الإسرائيلية والأجنبية للسوق الفلسطيني تتسبب في آثار بيئية وصحية مدمرة، من ناحية التنوع الحيوي والصحة العامة للمجتمع الفلسطيني بسبب إغراق السوق الفلسطيني بالمحاصيل المعدلة وراثيا، وبخاصة المنتجات الغذائية الأساسية، كالقمح والذرة وغيرهما في ظل غياب الرقابة الفلسطينية الرسمية، علما أن السلطة الفلسطينية تفتقر تماما إلى السيادة على الواردات التي تتدفق إلى السوق الفلسطيني من خلال القنوات والموانئ الإسرائيلية.
لقد تآكلت، لدى أجيالنا الفلسطينية الشابة، المعارف الخاصة بالممارسات الزراعية التقليدية. وفي ذات الوقت، تسببت الزراعات الكيماوية الأحادية والمدخلات الخارجية المرتفعة (وبخاصة في المناطق المروية) وأصناف البذور الغريبة (أو المهجنة) التي حلت مكان البذور البلدية، في تآكل التنوع والتداخل اللذين سادا أنماط الإنتاج السابقة، وبالتالي اختلت ميكانيزمات السيطرة البيولوجية والإيكولوجية الطبيعية على الآقات الزراعية، الأمر الذي أدى إلى هجوم آفات زراعية جديدة وكثيرة لم نعرفها قبل سنوات قليلة خلت، وتفاقم استخدام الكيماويات الزراعية وتلاشت تقريبا طرق تخصيب التربة التقليدية الطبيعية الناجحة.
إن سيطرة إسرائيل التي تعمل على فرض إرادتها بالقوة علينا، واستمرار الخلل البنيوي العميق في العلاقة الاقتصادية الاسرائيلية-الفلسطينية الناتج أصلا عن انعدام التكافؤ السيادي والسياسي والاقتصادي والتنموي بين الطرفين، سوف يبقى العائق الأساسي أمام أية تنمية حقيقية، وتحديدا التنمية الزراعية التي تضمن الأمن الغذائي للناس. وهذا الوضع يجعل من المستحيل القيام بعملية تغيير جذرية للواقع الاقتصادي - الاجتماعي الراهن. لهذا فان ما نحتاجه هو بداية عملية تغيير داخلية تؤدي، في المحصلة، الى تغيير المعايير الراهنة. ويتطلب ذلك أولا هدم وإعادة بناء المؤسسات والبنى التي خلقها الاحتلال، ويواصل من خلالها، التحكم في مواردنا ويعبث بشؤوننا بشتى الطرق.
وفي ذات السياق التغييري، لا بد من أن تتغير معاييرنا المتعلقة ببعض المفاهيم الاقتصادية، بحيث لا يكون، على سبيل المثال، أساس "النمو" الاقتصادي مجرد توسيع الأسواق الخارجية (زيادة الطلب الخارجي) لصالح زيادة أرباح حفنة من "رجال الأعمال"، بل لا بد من إعادة توجيه الاستثمارات الفلسطينية والعربية إلى القطاعات البيئية المنتجة وعلى رأسها الأرض والزراعة المتنوعة، إذ ليس من مصلحة "المانحين" الاستثمار فيهما، لأن "إسرائيل" تمنعهم من ذلك، حتى لا يتركز إنتاج الاحتياجات الأساسية للناس في إطار اقتصاد الصمود الذي يهمه كثافة العمل وليس كثافة الرأسمال التي لا تضمن سوى تشغيل جزء هزيل من قوة العمل العاطلة، وتتسبب بمزيد من التدهور البيئي وتآكل التربة وتقلص التنوع الحيوي والوراثي.
أمين الشاويش في مزرعته التي يربي فيها الأغنام والدواجن والأرانب
تدفق رأس المال وتدويره داخل البلد
وفي ظل وجودنا تحت احتلال استيطاني عسكري اقتلاعي يمارس سياسات الحصار والتجويع بشكل منظم ومنهجي، فإن الأولوية هي لضمان تحقيق الأمن الغذائي الفعلي لأوسع الشرائح الشعبية وليس لصالح شريحة تجارية هامشية من التجار والوكلاء. ولا يتحقق ذلك إلا من خلال تغطية احتياجاتنا الغذائية الأساسية والاستراتيجية من إنتاجنا المحلي المتحرر من التبعية لمدخلات الإنتاج الصهيونية التي يتحكم بها الاحتلال وشركاته. وهذا يتطلب حراكاً شبابيا، يُشَجَّع من خلاله الشباب الفلسطيني والمزارعون على العودة إلى الزراعات البلدية والعضوية التي تتميز مدخلاتها بأنها محلية، سواء على مستوى السماد البلدي المحلي أو السماد الأخضر أو الحيوانات أو الأيدي العاملة أو البذور البلدية غير الصناعية، أو العلاجات الزراعية الطبيعية والعضوية المشتقة من الموارد والنباتات المحلية. وهذا التوجه الإنتاجي الغذائي الاستراتيجي، يضمن بقاء وتدفق الثروة ورأس المال وتدويرهما داخل بلدنا؛ لأن الاعتماد على المستلزمات الزراعية التي يعيد المزارعون إنتاجها بأنفسهم محليا، يكون في إطار نفس دائرة الإنتاج والاستهلاك المحلية. وهذا يعني الاعتماد على الذات وتحقيق الاستقلال والأمن الغذائيين وطنيا.
وإجمالا، هناك غياب في التوجه نحو استخدام الموارد والإمكانيات المحلية وتغييب للممارسات والتجارب والمعارف الزراعية المحلية التي اكتسبها وطورها مزارعونا القدامى، فضلا عن عدم الاهتمام بالمحاصيل والبذور البلدية. إن تطوير العملية الزراعية استنادا إلى الموارد والإمكانيات والممارسات والتجارب والمعارف الزراعية المحلية، يعد لب مفهوم الزراعة العضوية. واعتبار الزراعة العضوية بأنها "زراعة التقنيات العالية" كما كتب بعضهم، يعد مغالطة علمية، لأن تمام العكس هو الصحيح. حيث أن الزراعة المستندة إلى الكيماويات تحديدا، هي التي تعد ذات كثافة رأسمالية مرتفعة. بينما تقنيات واستراتيجيات المكافحة غير الكيماوية للآفات والأمراض الزراعية، تحتاج إلى المعرفة الواسعة والعمالة والمهارة والخبرة البشرية، أكثر من حاجتها إلى الرأسمال والتقنيات العالية، بمعنى أنها كثيفة المعرفة والعمل.
التعامل مع مفاهيم الزراعة العضوية في السياق الاقتصادي-السياسي الفلسطيني، لا بد أن يكون مبنيا على تجاربنا ومعارفنا وتقاليدنا الزراعية الطبيعية والبلدية غير الكيماوية، بحيث نراكم على هذه التجارب والمعارف ونطورها ونعممها.
إن التركيز على التصنيع الزراعي وزيادة الإنتاج الغذائي البلدي والعضوي وتنويعه وحمايته، يضمن التأسيس لاقتصاد المقاومة في مواجهة سياسات الحصار والخنق والتجويع الصهيونية، فضلا عن تحسين مستوى معيشة أهل الريف إجمالا؛ الأمر الذي سيخلق دورة اقتصادية تؤدي إلى توسيع سوق الصناعة المحلية وبلورة صناعات جديدة، بما في ذلك إنتاج بعض التجهيزات الزراعية الصغيرة وإصلاحها؛ ما سيسهم في خلق فرص عمل جديدة ودائمة في القطاعات الإنتاجية الصديقة للبيئة. بمعنى أن التصنيع لا بد أن يكون منسجما مع عملية ربط الاستراتيجية الزراعية بالتنمية الصناعية، انطلاقا من الإمكانيات المتوفرة بحيث تبنى هذه العملية على أساس تكاملي مع الأقطار العربية المجاورة. وسيتطلب هذا التوجه الإنتاجي الاستراتيجي خدمات توعية وإرشاد وبرامج تدريبية مناسبة.
يضاف إلى ذلك، تشجيع وتحفيز التوجه الشبابي والطلابي نحو تنفيذ وتعميم مبادرات وابتكارات بيئية تصب مباشرة في صميم اقتصاد المقاومة، وتقلل بالتالي تبعيتنا للاحتلال وتخفض استهلاكنا لسلعه غير الغذائية، والمُصَنَّعَة من موارد غير متجددة، مثل الطاقة الكهربائية الكربونية التي تشترى من الاحتلال، ووقود التدفئة والتبريد ووقود السيارات الذي نشتريه من الصهاينة (كاالبنزين والسولر). فلا بد إذن، من تحفيز المبادرات الشبابية المنسجمة مع البيئة مثل إنتاج الكهرباء المنزلية للإنارة والتسخين والتدفئة والتبريد من مصادر طبيعية متجددة (الخلايا الشمسية، الرياح، طاقة الوضع والجاذبية لموج البحر في غزة مثلا)، وتوليد غاز الميثان للاستعمال المنزلي من النفايات العضوية، وغير ذلك من التقنيات البيئية المعززة لوضعنا البيئي والداعمة للتوجه الاقتصادي المقاوم!
وفي ظل الواقع الإستعماري الاستيطاني، فإن الاقتصاد الفلسطيني الوحيد الممكن والواقعي الذي يحقق السيادة الفلسطينية الفعلية على الغذاء، هو الاقتصاد الوطني الشعبي المقاوم الذي يوفر مقومات الصمود الإقتصادي والمعيشي الضروري لمواجهة الإحتلال. ويستند نموذج اقتصاد المقاومة على تدعيم البنية الإنتاجية الزراعية والصناعية الوطنية الشعبية المتمحورة داخليا في السوق المحلي، والتي تنتج الإحتياجات الأساسية للشرائح الشعبية، وبالتالي تحررنا من التحكم الصهيوني في عملية إطعامنا وتجويعنا من خلال إطلاق العنان للحريات والمبادرات الشعبية والشبابية المعتمدة على الذات والمشاريع الإنتاجية العامة والتكامل القطاعي، والنشاطات الزراعية غير الرسمية التي تتميز بالتنوع الإنتاجي وتوفر الأمن الغذائي للناس. وعمليا، يشكل هذا التوجه مدخلا واقعيا وممكنا لفك الارتباط بين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصاد الاسرائيلي. وفي المحصلة، يعني اقتصاد المقاومة تشجيع وتنمية ثقافة الإنتاج والإدخار كبديل لثقافة الاستهلاك والإلحاق المهيمنة حاليا على شبابنا في مختلف المستويات.
ومن منظور تنموي استراتيجي، يبقى الاستثمار في مشاريع إنتاجية زراعية بيئية ومتحررة من الأوساخ الكيماوية، ومقللة من تبعيتنا للأجنبي، ومعززة لاعتمادنا على الذات، ولو بشكل جزئي، أفضل ألف مرة من التشبث بالطروحات والسياسات الاقتصادية والزراعية التي سادت وطغت قبل انتفاضة الأقصى وثبت إفلاسها، حيث عملت ولا تزال تعمل على تشويه الاقتصاد الفلسطيني وتثبيت وتعميق عملية إلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي.
جهاز توليد الكهرباء من موج البحر الذي ابتكره علي موسى حيث تم إنارة مصباح من الطاقة الكهربائية المتولدة
وقد ثبت في بلد كبلدنا، "متخلف" تنمويا ورازح تحت الاحتلال الاستيطاني وفقير بالموارد الطبيعية، أن لا مجال ولا مستقبل للحديث عن تنمية اقتصادية زراعية سوى في إطار اقتصاد إنتاجي متمحور داخليا ومتحرر من التبعية للمدخلات الخارجية الإسرائيلية؛ أي اقتصاد مقاوم للاحتلال. وهذا ما نعنيه بالضبط، في السياق الفلسطيني، بالزراعة العضوية (أو البلدية) المتداخلة والمتنوعة والبيئية التي توفر الاحتياجات الغذائية الأساسية النظيفة للناس، بحيث نتحرر من رحمة الاقتصاد والسوق الإسرائيليين، وبالتالي نحقق السيادة الغذائية للناس، الأمر الذي يعد شكلا أساسيا من أشكال السيادة السياسية.
وخلاصة القول، إن البديل للسياسات والممارسات الاقتصادية-الزراعية والصناعية المهيمنة حاليا، والتي لا تعمل إلا على تعميق تبعيتنا وانعدام أمننا الغذائي، يتمثل في اتباع استراتيجية إنتاجية تستند إلى مواردنا وتجاربنا وتقاليدنا الإنتاجية المحلية الغنية وتطويرها أولا، وإنتاجنا الغذاء بهدف استهلاكه محليا (وبخاصة مع التزايد السكاني المتواصل) ثانياً، وإعادة التدوير المحلي للرأسمال ثالثاً. وبالتأكيد، لا يمكن، من خلال الزراعة الكيماوية والممارسات المعادية للبيئة الفلسطينية، أن تتحقق مثل هذه الاستراتيجية الإنتاجية المقاومة.
مثال الزراعة المدعومة شبابيا (شعبيا)
وفي سياق الاستراتيجية الإنتاجية المقاومة، يمكننا تشجيع أصدقائنا ومعارفنا وأقاربنا في المدن على شراء الخضار والفاكهة مباشرة من المزارعين الشباب البلديين (أو العضويين) في مزارعهم وحقولهم. وبإمكان مجموعات شبابية طليعية من هؤلاء المزارعين إقامة شبكات تسويق ودكاكين خاصة بهم في المدن والبلدات والقرى والمخيمات بحيث يسوقون فيها منتجاتهم الطبيعية والعضوية.
ولضمان إنتاج زراعي نظيف صحيا وبيئيا، بإمكان مجموعات من المستهلكين تنظيم عملية مقايضة المال بالمنتجات الزراعية مع مزارعين بلديين - عضويين من الملاكين أو الذين يتعاملون بالمزارعة، أو مع مزرعة معينة في المدينة. ويوجد حاليا، في بعض البلدان، نماذج عملية لمشاريع إنتاجية تعرف بالزراعة المدعومة مجتمعيا أو "الزراعة بالحماية الشعبية". وفي مثل هذه المشاريع المجتمعية المكونة من منتِج زراعي (أو أكثر) ومجموعة من المستهلكين (وقد تكون في أغلب الأحيان مجموعة من الأسر الشبابية في القرية أو المدينة)، يدفع المستهلك سلفا للمنتِج في بداية الموسم مبلغا ماليا محددا، لدعمه في عملية الإنتاج بمختلف مراحلها. وفي المقابل، يحصل المستهلك على نسبة معينة من الإنتاج. ويمتلك المستهلك رأيا مقرِرا في ما سيُزرع.
وفي عام 2003، خاضت مثل هذه التجربة نحو 17 أسرة فلسطينية، من بينها أسرة مؤلف هذه الورقة؛ ومعظم هذه الأسر عبارة عن أسر شابة في محافظة رام الله والبيرة، حيث ارتبطت تلك الأسر بشكل مباشر مع مزارع عضوي من البيرة، يمارس الزراعة البلدية وتربية الماعز والخراف والدجاج. وتميز إنتاج المزارع العضوي بكونه نظيفا وخاليا من الكيماويات الزراعية. وقد كان يزود مجموعة العائلات بتشكيلة منوعة من الخضراوات والفاكهة، فضلا عن الحليب والجبنة البلدية والبيض البلدي ولحم الخروف.
وهناك نماذج معينة من المشاريع المجتمعية التي تزود المستهلكين بالخضار والفاكهة العضوية، فضلا عن كمية غير محددة من البيض البلدي، وقد يشارك هؤلاء في ملكية بقرة أو أكثر ضمن المشروع، بحيث يستفيد من حليبها البلدي وغير المعالج كلا الطرفين (المستهلكون والمنتجون) على حد سواء. وقد تختلف آليات العمل والإنتاج من مشروع لآخر، ولكن في معظم الحالات يدفع المستهلك رسما محددا في بداية الموسم لمشاركة المنتِج في المخاطرة أو في الثروة الإنتاجية. وليس بالضرورة أن تكون المشاركة مالية دائما، فقد يساهم المستهلك من خلال عمله بالمشروع، سواء بالفلاحة أو بالحصاد أو بالتوزيع. وقد يكون المستهلك نفسه منتجا لمنتجات بلدية لا ينتجها المشروع الذي ينتمي إليه، وبالتالي قد تكون مساهمته، كليا أو جزئيا، عبارة عن مقايضة بعض منتجاته بمنتجات أخرى في المشروع. وتعد الزراعة المدعومة مجتمعيا أسلوبا فعالا لتسويق المنتجات العضوية (أو البلدية) في مواقع الاستهلاك بالمدن أو بالمخيمات الفلسطينية. وعادة ما يتم نقل منتجات المشروع أو التعاونية إلى نقطة تجميع متفق عليها (مثلا: بيت أحد الأعضاء) حيث يتم من هناك إعادة توزيعها محليا. وتحل هذه العملية مكان سلسلة المتاجر الكبيرة وأسعارها المرتفعة (بسبب تكاليف التغليف والنقل والتسويق وغيرها) وتدعم المزارع البلدي الصغير، بحيث تمنحه استقلالية أكبر عن إملاءات السوق والتجار، وتضمن عمليا تزويد المستهلك مباشرة بالغذاء العضوي الطازج ذي الجودة العالية.
سوق شراكة للمنتجات الخالية من الكيماويات في رام الله
"شراكة": سوق بيئي بلدي في رام الله *
قبل سنة ونصف تقريباً، بادرت مجموعة شبابية في رام الله، لطرح فكرة العودة إلى الطبيعة، ومحاربة المنتوجات الغذائية المشبعة بالمواد الكيماوية، والترويج لفكرة الاعتماد على الذات، ومقاطعة السلع الإسرائيلية، والتمتع بأكل صحي ونظيف.
ويلتقي الباعة والزبائن في سوق صغير وسط رام الله، وتحديدا في حديقة مدرسة الفرندز، وذلك في كل يوم سبت أسبوعيا، فيما اختار أصحاب المبادرة إطلاق اسم "شراكة" على ذلك السوق، وهو العنوان ذاته الذي اختاره ناشطون ومهتمون بالبيئة.
واتصل أعضاء "شراكة" بمزارعين ينتهجون نمط الإنتاج البلدي في بلدات رام الله وقراها، ويبتعدون عن استخدام المواد الكيماوية، لعرض بضاعتهم في السوق، لتمكين المتسوقين من شراء ما يحتاجونه في الموسم، ولكي يستمعوا في نفس الوقت لهموم ومشاكل الفلاحين.
وصار عدد المهتمين بالسوق كبيرا. وأخذ أصحاب المبادرة يسجلون أسماء المتطوعين، ويحددون رغبات الزبائن، وينسقون مع المزارعين للحضور إلى حديقة مدرسة الفرندز، للتمتع بتسوق آمن. فكل ما يعرض لا تدخل الكيماويات فيه، ويتم التأكد من ذلك من خلال زيارات ميدانية للمزارعين الذين قرروا الاستمرار في عرض ما يحصدونه من ثمار. ويشرح شباب "شراكة" للناس أهمية الفكرة، والأهداف من وراء إطلاقها، أو أسباب الدعوة للانضمام إليها، للعودة إلى جذورنا، ومصادقة البيئة.
وأطلقت "شراكة" موقعا عبر "الفيس بوك"، سرعان ما انضم إليه مئات الزوار، أخذوا ينشرون الفكرة، ويستعدون للمشاركة في أية فرصة لمعرض صديق للبيئة، مثلما فعلوا في مهرجانات "الزيت والزيتون"، وسوق الحَرَجِة الذي كانت تنظمه بلدية رام الله.
* هذا الجزء مأخوذ عن تقرير صحفي لعبد الباسط خلف ("آفاق البيئة والتنمية"، تشرين ثاني 2011، العدد 40).
مواقع النشر