برلين - علاء جمعة (دويتشه ﭭيله) : الجدل الذي أثاره المسجد الليبرالي في برلين، والسماح بالصلاة المختلطة بين الرجال والنساء، قد يعود مجددا، بعد الإعلان عن قرب افتتاح مسجد ليبرالي آخر في فرايبورغ. DW عربية حاورت القائمين على مشروع المسجد الجديد.
مسجد ليبرالي في برلين تصلي فيه النساء بلا حجاب
بعد افتتاح مسجد ليبرالي في برلين، والجدل الكبير الذي أثاره هذا المسجد بين مؤيد ومعارض، يتم التخطيط الآن لافتتاح مسجد آخر في مدينة فرايبورغ الألمانية في ولاية بادن فورتيمبيرغ. وكان المسجد الليبرالي في برلين قد حصد ردود فعل مؤيدة ومعارضة، إلا أن مؤسسات إسلامية رفيعة مثل الأزهر والمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا انتقدا هذا المشروع، حيث وصفه الأزهر بأن الصلاة فيه غير صحيحة، نظرا لأن الصلاة المختلطة وصلاة المرأة دون حجاب، تتنافى مع قواعد الإسلام.
كذلك انتقد أحمد عويمر المتحدث الإعلامي باسم المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا في حوار مع DW عربية هذا المشروع واصفا بأن الأفكار التي يبني عليها الليبراليون اجتهاداتهم، هي أمور أباحها الإسلام للضرورة، وتمثل الاستثناء وليس الأصل، متسائلا كيف أن مجرد تقدم النساء على الرجال في المسجد تجعل من الآخر ليبراليا؟
وللاطلاع على ماهية المسجد الجديد، والأهداف التي ينادي بها، والذي تتضافر الجهود من أجل افتتاحه ، حاورت DW عربية رئيس المبادرة عبد الحكيم ورغي وهو أيضا رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة فرايبورغ التعليمية (PH).
DW:
ما سبب تأسيس هذا المسجد الليبرالي في فرايبورغ خاصة أنه يأتي بعد تأسيس المسجد الليبرالي في برلين؟
ورغي: نحن نعيش في الغرب، في التحديد بألمانيا، ونسعى إلى تاسيس إسلام أوروبي معتدل، لا يدعو إلى التطرف، والغاء الاخر، وليس سلطويا يصادر حرية الآخرين كما هو الحال في بعض الدول العربية. هو إسلام يحترم نفسه ويحترم الآخر بغض النظر عن انتمائه، لذا علينا التواصل والتعلم من الآخر. فيما يخص هذا المسجد، منذ فترة والإسلام الليبرالي ينتقد الاسلام المحافظ الذي أوجد تطرف والغاء للاخر، ولا يهتم بواقع المسلمين اليوم خاصة في اوروبا. هؤلاء المحافظون ما يزالون يعيشون بذهنية القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، فمن خلال انتقادنا لهذه المساجد المحافظة، نريد التأكيد أن ممثليها لا يخدمون مصالح وتطلعات المسلمين بل تسعى الى تحقيق أجندة دول إقليمية مثل تركيا أو السعودية.
عبد الحكيم ورغي رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة فرايبورغ التعليمية (PH)
هل هو امتداد لنفس فكرة المسجد الليبرالي في برلين، أم هنالك أمور تميز هذا المسجد الجديد؟
هو امتداد لنفس الفكرة، فأنا عضو مؤسس للمسجد الليبرالي في برلين، ووجود هذا المسجد قريبا في فرايبورغ، هو من أجل نشر هذه الفكرة وإتاحتها للجميع. هدفنا أن نؤكد على احترام الإنسان، نحن نعود بالإسلام إلى فترة بدايته الممثل بالاسلام الذي لم يكن فيه حاضرا الانشقاقات السياسية والفرق المذهبية. أنه اسلام النبع في اصوله الصافية من المصالح السياسية والتعصبات المذهبية.انه اسلام انساني قائم على احترام الفرد واحترام المرأة.
هذا يعني أن الصلاة المختلطة، وصلاة النساء، وإمامة المرأة ستطبق أيضا في هذا المسجد؟
نعم، هذا صحيح، نحن لا نرى أي فرق بين رجل وإمرأة، فهما متساويان في الحقوق والواجبات. ولا ننظر إلى المرأة من منظور جنسي ضيق، المرأة لها امكانية الاختيار ان تصلي بحجابها او بدونه. أثناء إفتتاح مسجد برلين، حضر إلى المسجد فتيات محجبات، وصلين جنبا الى جنب مع أخريات غير محجبات. الصلاة علاقة فردية بين الإنسان والله، وكذلك الدين. نحن لا تختزل المرأة في بنيتها الجنسية، المرأة لها الحق أن تصلي كما تريد، تستطيع أن تصلي أيضا بخمار. كما أنها تستطيع أن تخطب وتئم الصلاة اذا توفرت فيها شروط ذلك. وندعو إلى إسلام إنساني يحترم الجميع ويؤكد على حريات الافراد.
لمحة من الصلاة في المسجد الليبرالي في برلين.
أثار المسجد الليبرالي انتقادات واسعة، وتم إنتقاد هذه الفكرة من الأزهر ووزارة الشؤون الدينية في تركيا ومن جمعيات دينية في ألمانيا، وأكدوا أن أئمة المرأة لا تجوز، فكيف تردون على ذلك؟
الأزهر يتدخل في دول أخرى، ويحاول أن يحدد من يصلي وكيف نصلي، هذا نوع من التخويف الذي نرفضه.
ليس هناك أي دليل في القرآن والسنة أن الإمامة لا تصح للمرأة هناك قصة للصحابية ام ورقة بنت عبد الله ابن الحارثي، امر لها الرسول بمؤذنا وكلفها إمامة صلاة اهلها، أول من أشار إلى تحريم إمامة المرأة هو الشافعي دون الاستناد الى نص صريح من القران او السنة. لكن كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد يؤكد أن الموضوع مختلف حوله. اما كتاب الفتوحات المكية للشيخ الكبير ابن عربي في الجزء الثاني يجيز إمامة المرأة فيقول: "فمن الناس من اجاز إمامة المراة على الاطلاق بالرجال والنساء وبه اقول. ومنهم من منع إمامتها على الاطلاق. ومنهم من اجاز إمامتها بالنساء دون الرجال". ان غياب دليل النص يدعو الى توظيف العقل في الامور الدنيوية للمسلمين، لانهم اعلم بها.
البعض انتقد تجاور النساء والرجال في الصلاة؟
لا يوجد مانع شرعي من تجاور النساء والرجال بالصلاة ، لكن من يرفض ذلك يختصر المراة في اطار جنسي محض. والدليل على ذلك الحج أو العمرة، يوجد نساء يصلين في بعض الحالات جنبا الى جنب او أمام الرجال. نحن علينا أن نعتمد على القرآن والسنة، لا يخفى عليك ان هنالك احاديث موضوعة لاسباب سياسية واجتماعية خدمت جهات معينة وهي منافية لتعاليم القران، هذه الاحاديث اصبحت اليوم تنافس القران وعليها يعتمد لتبرير قضايا دينية لا تمت بصلة بقرأن القرن السابع ميلادي.
قلت بأنك لا تؤمن بالجانب الدعوي للإسلام؟
ان الاسلام ليس سوى اركان خمسة، والعمل الصالح والعدل والاحسان للاخر. نريد العودة لهذا الاسلام كمسلمين ومحاولة تجديده اعتمادا على روح العصر الذي نعيش فيه. انها سنة الله في خلقه تعدد الالسن والشعوب والديانات وان اختلفت الديانات ايمانا في المنهج لكن هدفها الوصول الى التقرب من الله. نحن لا نؤمن بالجانب التبشيري للاسلام لأننا لسنا ممثلين لسلطة الله على الارض، وليست وظيفتي أن أدعوا أي شخص للاسلام، ولا أملك مفاتيح الجنة، وهذه الأمور لا يعلمها إلا الله ويجزي الانسان اعتمادا على ايمانه وبما فعل. نحن نؤمن باختلاف الطرق لكن الهدف واحد، الفهم الحرفي للنص القرآني يؤدي إلى التطرف والى الغاء الاخر، بالإضافة إلى أمور أخرى بالتأكيد.
ومتى يتم الإنتهاء من هذا المسجد؟
لقد قطعنا شوطا كبيرا،هناك العديد من الإخوة من إيران وأفغانستان الذين يودون الإنضمام للمشروع، ما زلنا نبحث عن مكان مناسب والمستقبل يبشر بالخير.
وهل ستكررون تجربة مسجد في كنيسة كما هو مطبق في برلين؟
إن وجدنا هنا في فرايبورغ مكانا في كنيسة فما هو المانع، نحن لا نصلي في الكنيسة، نحن نصلي في غرفة بداخل الكنيسة أو بجوارها، الله موجود في كل مكان.
أجرى الحوار: علاء جمعة
أبرز مساجد العاصمة الألمانية برلين
على غرار نموذج هندي : يوجد أقدم مسجد في ألمانيا في حي فيلمرسدورف البرليني محاطا بالعديد من المباني السكنية. افتتح مسجد الطائفة الأحمدية عام 1928 وقام بتصميمه المصمم المعماري الألماني كارل أوغوست هيرمان مستوحيا التصميم من تاج محل بالهند.
خطب ومحاضرات باللغة الألمانية : بالرغم من الحروف العربية التي تزين المسجد من الداخل إلا أن جميع الخطب والمحاضرات تعقد هنا باللغة الألمانية. شهد هذا المسجد في عام 1934 عقد قران أول زوجين ألمانيين اعتنقا الإسلام.
مسجد في قائمة المباني التراثية : ترك الزمان آثاره على مبنى مسجد الطائفة الأحمدية الذي تضرر بشدة خلال الحرب العالمية الثانية. وتعرض المسجد للقصف من الجيش السوفيتي بعد أن تحصن فيه جنود ألمان. جرى ترميم المبنى بعد الحرب بمساعدة قوات التحالف وتبرعات خارجية. انضم المسجد في عام 1993 لقائمة المباني التراثية.
الجمع بين المعمار الإسلامي والغربي : مسجد خديجة في حي هاينرسدورف يوجد في حوزة الطائفة الأحمدية أيضا، ويجمع المسجد بين فنون المعمار الإسلامية والغربية. يبلغ طول مئذنة المسجد 12.5 مترا.
افتتاح مصحوب باحتجاجات : جاء افتتاح هذا المسجد عام 2008 مصحوبا باحتجاجات قوية لكن إمام المسجد آنذاك عبدالباسط طارق استطاع كسب الثقة من خلال عمله وفقا لمبدأ "المحبة للجميع" كما حصل المسجد على دعم من مبادرة محلية للانفتاح على الآخر.
بساطة في البناء : تخلت المهندسة المعمارية موباشارا إلياس عن الزينة الملفتة للنظر واعتمدت على البساطة. تتسع الغرف السفلى للمبنى لنحو 250 شخصا كما يتوفر على جزء منفصل للنساء.
مسجد ومركز ثقافي : يلعب مسجد شيتليك في حي نويكولن البرليني دور المركز الثقافي أيضا. يتسع المسجد لنحو 1500 شخص وكان ضمن الأماكن التي اختار الرئيس الألماني يواخيم غاوك زيارتها رسميا خريف عام 2012 عقب توليه منصب رئيس البلاد.
مدفن إسلامي : بني المسجد في ثمانينات القرن الماضي بجانب مدفن شيتليك الإسلامي ثم شهد عمليات توسعة كبيرة لاحقا. كان ملك بروسيا فيلهيلم الأول قد أعطى قطعة الأرض الخاصة بالمدفن للجالية التركية عام 1866. واليوم يشهد المدفن مراسم العزاء فقط أما الدفن فيتم في مدافن أخرى داخل ألمانيا كما يتم نقل بعض الجثث لتدفن في الوطن الأم.
تبادل ثقافي : يحاول مسجد شيتليك التواصل مع غير المسلمين من خلال دورات تعريفية يومية داخل المسجد بالإضافة للحلقات النقاشية العامة حول مواضيع لها صلة بالإسلام. تتعرف مجموعات الزوار التي تشارك في هذه الدورات التعريفية على المسجد من الداخل وعلى المبادئ الأساسية للإسلام.
مركز إسلامي : من الصعب التعرف على المسجد من الخارج للوهلة الأولى إذ أن المبنى متناسق تماما مع شكل المباني المجاورة له. مسجد عمر بن الخطاب في قلب منطقة كرويتسبرغ هو جزء من مركز إسلامي. يضم المبنى بجانب أماكن الصلاة ، محلات تجارية متنوعة بالإضافة إلى مركز لتحفيظ القرآن.
مكان مميز للوضوء : يتميز المكان المخصص للوضوء في قبو المركز بالفخامة والتصميم الجميل. يمكن هنا القيام بالوضوء قبل الصعود للأماكن المخصصة للصلاة.
مسلمون من كل مكان : تتسع ساحة الصلاة هنا لنحو ألف شخص. غالبية رواد المسجد من أصحاب الأصول التركية لكن مسلمين من العرب والأفارقة والبوسنيين يحضرون للصلاة هنا أيضا. خطبة الجمعة في المسجد باللغة العربية مصحوبة بترجمة للألمانية والتركية من خلال شاشتين مثبتتين على الجدران.
قبة خضراء : تطبيقا لقوانين البناء في برلين تمت زراعة سقف قبة المسجد في القبو الخلفي إذ تحتم القوانين وجود سقف مزروع في هذا الجزء من المبنى. وللمسجد قبة زجاجية في الجهة الأمامية.
الكاتب: تيل شتريتسل / ماكس تساندر / ابتسام فوزي
مواقع النشر