السلام عليكم
الحمد ُللهِ الذي أرسلَ رسولَهُ بالهدى ودينِ الحقِ لِيُظْهرهُ على الدِّين كُلِّهِ ولو كَرهَ المشركونَ ، والصلاة والسلام على سيد البشرية محمد بن عبد الله ، بلَّغ الرِّسالةَ ، وأدَّى الأمانةَ ، ونَصَحَ الأُمَّةَ ،وجاهدَ في اللهِ حَقَّ الجهادِ حتى أتاهُ اليقينُ ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ الأطهارِ ، الأئمةِ الأبرارِ ، وعلى منْ تَبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين أمَّا بعدُ :
أيُّها الإخوة الكرام : كُلُّ أُمَّةٍ تُفاخِرُ بعظمائِها ومُقَدَّمِيها ، وتُحْيِي ذِكْراهم وتَنْشُرُ مَآثِرَهُم ، وتتناقلُ أقوالَهُم وحكمهم ، وتُعْلِي قَدْرَهُم ومكانتهم .
ونحنُ أُمَّةُ الإسلامِ أكْرَمنا اللهُ ومنَّ علينا بأعظمِ رجلٍ عرفتهُ البشريةُ ، وسَطَّرَ التَّاريخُ سيرتَهُ ، أَزْكَى وأطْهرُ مخلوقٍ على وجْهِ الأرضِ ، خيرُ منْ وَطِئَ الثَّرَى ، الصَّادقُ الأمينُ ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ، صلَّى اللهُ عليك يا رسولَ اللهِ عددَ أنفاسِ المخلوقاتِ ، وعددَ ورقِ الأشجارِ ، وعددَ قَطْرِ الأَنْهارِ ، وعددَ ما أشرقَ عليهِ النَّهارُ .
أُمَّةَ محمدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ : هنيئاً لكم العِزَّ والشَّرفَ والوِسامَ ، فأنتم أتباعُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، أتباعُ النَِّبيِّ العظيمِ والرَّسولِ الكريمِ ، صاحبِ القلبِ الرحيم ، كانت خديجةُ بنتُ خويلد رضي الله عنها تقول عن زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كلا وَاللّهِ لا يُخْزيكَ اللّهُ أبَداً،إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحَمِ، وَتَصْدُقُ الْحَديثَ،وَتُؤَدِّي الأمانَةَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ عَلى نَوَائِبِ الْحَقِّ ) .
تراهُ إذا ما جِئْــتَهُ مُتَهَلِّلاً *** كأنَّك تُعطيهِ الَّذي أنتَ سائِلُهُ
تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفَّ حتى لَوَ نَّهُ *** ثَنَاها لِقَبْضٍ لَمْ تُطِعْهُ أنامِلُهُ
ولوْ لَمْ يَكُنْ في كَفِّهِ غيرَ روحِهِ *** لجَادَ بِهَا فلْيَتَّقِ اللهَ سـائِلُهُ
أُمَّةَ الإسلامِ: محمدٌ صلى الله عليه وسلم : أَحبَّهُ كُلُّ شَيْءٍ في الوجودِ : الإنسِ والجِنِّ ، الحيوانِ والجمادِ .
أما الإنسان : فقد سَطَّرَ لنا التَّاريخُ بطولاتِ عجيبةِ في تسارعِ أصحابهِ رضوانُ اللهِ عليهم في الدِّفاعِ عنهُ بكُلِّ ما يستطيعونَ ، فَدَوْهُ بآبائهِم وأمهاتِهم وأبنائِهم وأموالِهم ، ضَّحُوا بكُلِّ غالٍ نفيسٍ حتى وصلَ بِهم الحالُ أنَّهم لا يَتمنَّوْنَ أنْ يُصابَ بأيِّ كَدَرٍ ولا أذى ، لَمَّا أُسِرَ أحدُ أصحابهِ منْ قِبلِ المشركينَ قالُوا لهُ : (أَتُحِبُّ أنَّ محمداً مكانِكَ وأنَّكَ في أهلكَ ؟ فقالَ : واللهِ ما أُحِبُّ أنَّ محمداً الآنَ في مكانهَ الَّذي هُوَ فيهِ تُصيبهُ شوكةٌ تُؤذيه وأنَّي جالسٌ في أهلي ) قالها وهو يُعْرَضُ على الموتِ ، وماتَ شهيداً رَضِيَ اللهُ عنهُ ، ويومَ أُحُدٍ يقومُ أحدُ أصحابهِ ويجعلُ جسدهُ تُرْسَاً يَقِي بهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم منْ سهامِ المشركينَ فدخلتْ السِّهامُ في ظهرهِ وهُوَ يقولُ نَحْري دونَ نحركَ يارسولَ اللهِ، وَصَدْري دونَ صدركَ ، والسِّيرةُ مليئةٌ بأخبارِ مُحِبِّيهِ منْ أصحابهِ الذينَ طَبَّقُوا أقْوالهُم بِفِعَالهِم .
وأمَّا الجِنُّ فقد ذَكَرَ بعضُ أهلِ السِّيرِ أنَّ الجِنَّ كانتْ تقتلُ منْ يَسُبُّ الرَّسولَ منْ كُفَّارِ الِجنِّ .
وأمَّا الحيوانُ فهذا( جملٌ يلجأُ إلى النَِّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْكُو مالِكَهُ، وعيناهُ تدمعانِ، فمسحَ عليهِ صلى الله عليه وسلم فَسَكَنَ وانتصرَ لهُ من مالِكِهِ الَّذي آذاه) .
وأمَّا الجمادُ فقد كانَ النَِّبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ إلى جِذْعِ نخلةٍ قبلَ أنْ يتخذَ مِنبراً ، ولما اتخذَ المنبرَ وتركَ الجِذْعَ حَنَّ هذا الجذعُ وبكى وأَصْدرَ صوتاً كصوتِ الصَّبي الصَّغيرِ فوضعَ النَِّبيُّ يدهُ عليه فسَكَنَ ، وفي روايةٍ أنَّهُ ضَمَّهُ إليهِ .
أُمَّةُ الإسلامِ :إنَّ الأقلامَ تعجزُ أنْ تُوفِيَ محمداً صلى الله عليه وسلم حقهُ منَ البيانِ والثَّناءِ والاحترامِ والتَّوقيرِ والإكرامِ ،وإنَّ البيانَ ليعجزُ عنْ إشباعِ السَّامعِ بكُلِّ جوانبِ العظمةِ والرِّفعةِ والعِزَّةِ في حياتهِ صلى الله عليه وسلم .
اللهم احشرنا في زمرة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدً ، والحمد الله رب العالمين.
مواقع النشر