د. إبراهيم بن صالح الدوسري - الاقتصادية : تسير أكثر من 35 شركة متداولة بالسوق المالية السعودية (تمثل 23 في المائة من شركات السوق) نحو خطر الإيقاف من التداول أو الانقضاء والإنهاء والتصفية بموجب نظام الشركات المساهمة السعودية. ويبلغ رأسمال هذه الشركات المتداولة ما يزيد على 69 مليار ريال، فقدت منه 38 في المائة بنهاية عام 2011م، بعد خسارتها أكثر من 10 في المائة فقط في العام نفسه. أي أنها قد فقدت ما يزيد على 26 مليار ريال منذ تأسيس هذه الشركات.
الخطر يقترب من نصف شركات «التأمين»
641654_203242.jpg
تواجه عديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية الإيقاف من التداول أو الانقضاء والإنهاء والتصفية بموجب نظام الشركات المساهمة السعودية
وتحتل شركات قطاع التأمين النسبة الكبرى من عدد الشركات المهددة، بـ 15 شركة تمثل 50 في المائة من شركات قطاع التأمين.
وينص نظام الشركات المساهمة، بحسب المادة (148) على أنه ''إذا بلغت خسائر شركة المساهمة ثلاثة أرباع رأس المال، وجب على أعضاء مجلس الادارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المعين في نظامها.
وإذا أهمل أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية أو إذا تعذر على هذه الجمعية إصدار قرار في الموضوع، جاز لكل ذي مصلحة أن يطلب حل الشركة''.
لقد سبق لهيئة السوق إيقاف تداول عدد من الشركات المدرجة بالسوق المالية السعودية، كسهم الباحة في 2005، وذلك بسبب عدم التزام الشركة بقواعد التسجيل والإدراج الصادرة من الهيئة، وسهم شركة بيشة، منذ مطلع عام 2007م ولم يعد حتى الآن، وسهم شركة أنعام ''المكيرش سابقا'' التي تأسست في عام 1995م بمليار و200 مليون ريال، وعادت إلى التداول بـ 109 ملايين ريال فقط، وسهم شركة عذيب التي تأسست في عام 2009 برأسمال مليار ريال، ولم يبق منه حتى عام 2011 سوى 46 مليون ريال!! . وعادت إلى التداول في الأسبوع الماضي.
وعلى خطى هذه الشركات تسير شركة زين التي تأسست بـ 14 مليار ريال في عام 2008، ولم يبق منه حتى نهاية 2011 سوى ثلاثة مليارات ريال فقط.
وكذلك شركة أسيج التي تأسست بـ 100 مليون ريال في عام 2007 ، ولم يبق منه حتى عام 2011 سوى 25 مليون ريال بعد هلاك ثلاثة أرباع الرأسمال في أقل من خمس سنوات.
ويلي ''زين'' و''أسيج'' في الخسائر سهم شركة الأهلية للتأمين التي تأسست في عام 2007م، خسرت خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 67 في المائة من رأسمالها حتى نهاية عام 2011 م. ويتبع ''الأهلية'' في ترتيب الشركات الخاسرة، شركة ثمار التي تأسست في عام 1987م براسمال 100 مليون ريال، وقد خسرت منه حتى نهاية 2011 ما يزيد على 63 في المائة منه حتى نهاية العام الماضي.
ومن الشركات التي انضمت أخيرا إلى قائمة الشركات المهددة سهم شركة المعجل التي فقدت في الربع الرابع من عام 2011 ما يزيد على مليار ريال، لتصل خسارة السهم في عام 2011 إلى 7.68 ريال، وتفقد على أثر ذلك أكثر من 70 في المائة من رأسمالها البالغ مليارا و250 مليون ريال، بعد أن كانت شركة رابحة لديها أكثر من 2.5 في المائة من رأس المال كاحتياطي نظامي. وتبلغ القيمة الدفترية لسهم شركة المعجل حاليا أربعة ريالات، أي أن المتبقي من رأسمال الشركة بعد خسارة الربع الرابع هو 40 في المائة.
يذكر أن هناك شركات فقدت ما يقارب الـ 40 في المائة من رأسمالها وتتجه نحو خسارة الـ 50 في المائة بناء على النتائج المالية المحققة في السنوات الثلاث الأخيرة، ومن هذه الشركات سهم ''سند للتأمين'' التي فقدت 46.5 في المائة من رأسمالها، وسهم ''السعودية الهندية للتأمين'' التي فقدت 49 في المائة من رأسمالها، وسهم شركة تكافل الراجحي التي فقدت 45.4 في المائة من رأسمالها، وسهم ''وقاية للتكافل'' التي فقدت 42 في المائة من رأسمالها.
إن خروج هذه المليارات من السوق المالية خطر يهدد اقتصاد الوطن، الذي كلفت أكثر من جهة بحمايته، ومنها هيئة السوق المالية السعودية.
إن توجيه مدخرات الأفراد نحو قنوات استثمارية عالية المخاطرة، كتلك الشركات التي تتنافس في خسائرها، من الأمور التي يجب تداركها بالوعي والتوجيه.
فالمتداول المستثمر في تلك الشركات عليه أن يدرك أن الاسثتمار المالي هو استثمار عالي العوائد، ولكنه وقبل كل شيء عالي المخاطرة، وإن كان أمله على مال يتضاعف، فعليه توديع رأسماله فقد لا يره.
أما تهاون المتداولين في حضور جمعيات هذه الشركات، التي تعقد بعد كل ميزانية، والتي يتم فيها إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة، وإقرار القوائم، وغير ذلك، هذا التهاون لا شك مشجع لأعضاء مجالس الإدارة على التمادي في التساهل في إدارة أموال المساهمين.
أما إلقاء التهم على هيئة السوق من بعض المتداولين، فباعتقادي أنها حيلة العاجز، لا سيما أن الهيئة قد فتحت عبر موقعها ''تداول'' التصويت الإلكتروني عبر ''تداولاتي''.
كما أنها، أي الهيئة، ليست موكلة عن المساهمين في حضور الجمعيات العمومية العادية وغير العادية.
أما دور هيئة السوق المالية، فهو في ضرورة حماية المساهمين والمتداولين، وقد حققت في ذلك نجاحا في مدة قياسية، لم تتعد السنوات العشر، هي عمر هيئة السوق المالية السعودية.
وما يؤمل من الهيئة، هو النظر في استمرار الشركات التي تزيد خسارتها على أكثر من 25 في المائة (القيمة الدفترية أقل من 7.5 ريال) في التداول، وضرورة إشعار الملاك والمساهمين ومن يدير تلك الشركات بخطر الإيقاف من التداول، إذا لم يثبت أعضاء مجالسها كفاءتهم، وقدرتهم على إدارة أموال الوطن والمواطنين بكفاءة وفاعلية.
أما الموافقة على زيادة رأسمال شركة خاسرة كما رأينا في ''الأسماك'' و''الأهلي للتكافل'' وما ''عذيب'' عنهم بيعيد، فباعتقادي أن ذلك أمر يتمنى كل ذي لب من الهيئة إعادة النظر فيه، وأذكر هنا مقولة للملك فيصل، رحمه الله رحمة واسعة ''إن تجربة المجرب من السفه''.
إن الحفاظ على اقتصاد الوطن مسؤولية مشتركة بين المواطن الواعي، والمنظم الراعي، والجميع مسؤول عن ذلك، وإذا أهملت المسؤولية، فقد يواجه الوطن مشكلة في التمويل والمدخرات التي قد تتسرب، كما تسربت الآبار الجوفية في زراعات غير اقتصادية .
مواقع النشر