في بريك لين في لندن - منطقة مكتظة بمحلات السوبر ماركت البنغلاديشية، والمباني القديمة، ومحلات الخبز ومقاهي الهبستر - هناك ثلاثة فنانين يقومون بإعداد معرض هائل من الشرق الأوسط، إنها عملية صعبة التركيب. فهناك سجاد فارسي تنبثق منه مجسمات لمدن ومباني شاهقة، ونظام صوتي مكون من 90 وحدة مكبر صوتي، وحواجز لطرق وهمية، وكرة أرضية دوارة، ولعبة مسابقات جماعية. كما سيتم نصب خيمة تخدم الزوار كمكتبة، بالإضافة إلى عرض لفيديو من قبل فنانين مقرهما دبي، تتغير أحداثه بتغير حركة المشاهد.
المعرض، الذي تديره حافة الصحراء أو Edge of Arabia، والذي تم تسميته COMETOGETHER#، تقديرا لكل من شبكات التواصل الاجتماعي والتجمعات في الحياة الواقعية، (حيث علامة الـ # ترمز للتواصل عبر تويتر والمواقع الاجتماعية الأخرى، كما أن عبارة come together تعني اجتمعوا أو تعاضدوا وربما ترمز لأحد أغاني الفرقة الإنجليزية الشهيرة ذا بيتلز والتي كانت تدعو للاجتماع على السلام عبر رسالة الفن)، من الجيد أنه اتخذ من بريك لين مسرحا له، فهو الشارع الذي كان موطنا لمجتمعات المهاجرين لما يقارب 400 سنة. ستيفن ستابلتون، منظم المعرض وأحد مؤسسي حافة الصحراء، يشير إلى أنه خارج موقع المعرض هناك وكالة سفر متخصصة في رحلات الحج بالإضافة إلى المطاعم المغربية ومتجر للموسيقى الجزائرية.
"إنه مكان صحي لخلق هذا النوع من اللقاء"، كما يقول. وأضاف، "في السنوات العشر الماضية، مع أحداث 11 سبتمبر والحرب على العراق، كان هناك الكثير من التنافر [بين الشرق والغرب]، ولكن كان هناك في المقابل الكثير من التقارب. والعنف كان محفز للكثير من الناس للبدء بالحديث والنقاشات. إنها فعلا تعتبر لحظة مثيرة للاهتمام."
إنه حريص على استقطاب السكان المحليين لحضور المعرض، وخاصة أولئك غير المعتادين على رؤية الفن المعاصر، وخصوصا المسلمين. "لدينا فرصة لتوفير منصة هاهنا للأصوات المعتدلة من أنحاء العالم الإسلامي، حيث لدينا هنا بعض المجموعات الأكثر محافظة في لندن،" كما يقول. وأضاف "اعتقد أنها فرصة جيدة حقا أن نرى فنانين تقدميين ومنفتحين من مكان مثل المملكة العربية السعودية."
كما أنهم متطورون من الناحية التكنولوجية. فمثلا الفنانة لاريسا صنصور والتي ولدت في القدس واستقرت في لندن وسبق وأن أقامت معارض فردية في باريس وكوبنهاجين، ستقوم بعرض فيلمها: اكسودس الفضاء (أو الخروج للفضاء)، وهو إعادة صياغة لفيلم المخرج الكبير ستانلي كوبريك: 1001: أوديسا الفضاء. حيث يصور فيلمها نصب العلم الفلسطيني على سطح القمر، وتم تصويره باستخدام تقنية عالية الجودة، كما تم ترشيحه لفئة الفيلم القصير في مهرجان دبي السينمائي الدولي في عام 2009.
هناك رمزية في الفيلم تشير فيه الهجرات إلى كل من فلسطين والتوراة. تقول صنصور، "الفيلم يهدف إلى تقديم صورة سلسة وقوية للهوية الفلسطينية، صورة لا يراها الكثيرون عادة."
كما سيتم عرض فيديو آخر في المعرض من عمل أحمد ماطر، وهو الشريك المؤسس الآخر في حافة الصحراء، والذي سعى كل من المتحف البريطاني ومتحف مقاطعة لوس أنجلس للفنون باقتناء بعض أعماله. يتم عرض الفيديو عبر أربع شاشات، والذي يستعرض التطور السريع لمكة المكرمة إلى مدينة شاهقة المباني تشع بإضاءة النيون. (يمكن معاينة مقطع من الفيديو في الأسفل.)
كما تتبع سارة العبدلي موضوع مماثل حول التحول الذي تعيشه مكة المكرمة. سارة العبدلي كونت اسما لها عبر رش لوحات إرشادية باستخدام الاستنسل في شوارع جدة وخاصة في "البلد"، حيث تشير هذه اللوحات إلى اتجاه مكة، لكن بدل من استفراد الرمز التقليدي لمكة وهو الكعبة للوحة جعلت مجموعة من المباني الشاهقة تحتل نصيب الأسد وابقت الكعبة على طرف سلسلة المباني حيث تظهر صغيرة لا تكاد ترى مقابل ناطحات السحاب.
في مقابلة لها مع سي ان ان في وقت سابق من هذا العام، قالت إن الناس قاموا بالتقاط صور من العمل في شوارع جدة ومشاركتها عبر الفيسبوك وتويتر. وهذا يوضح دور الشبكات الاجتماعية في تحويل مفوهم استخدام الفن. قضت سارة الأسبوع الذي يسبق افتتاح معرض COMETOGETHER# في العمل على جرافيتي جديد على الجدران الداخلية لساحة المعرض.
يقول ستابلتون، "هناك فنانون من أمثال سارة العبدلي والتي تبلغ 23 عاما هم جزء من ثقافة جديدة مرتبطة بالانترنت، حيث تقضي القاعدة بتعلم الأشياء على شبكة الانترنت ومشاركة آراءهم في المنتديات والمواقع المختلفة. والمعرض يرغب في الاعتراف بوسيلة التواصل هذه، لأن التكنولوجيا تمحو جميع هذه الحدود، والتصنيفات، والأفكار التي هي من صنع الإنسان مثل "العالم العربي" و "الخليج". واعتقد أنه سيخلق جيل مختلف تماما."
ثنائي يمثل دولة الإمارات العربية المتحدة
يقوم بتمثيل الإمارات كل من هلا علي ولنشن چي، وهما اثنين من المقيمين في دبي اللذان تعاونا على مشروع فيديو باسم "وليمة تقريبا"، هذا الفيديو متصل بأجهزة استشعار للحركة بحيث تتغير أحداث الفيلم كلما اقترب المشاهد من الشاشة.
هلا علي، وهي من مواليد المملكة العربية السعودية، نشأت في المملكة المتحدة، وتدرس حاليا في الشارقة، تشعر بسعادة غامرة أن تتشارك جنبا إلى جنب في معرض يضم "عمالقة من العالم العربي" كما أسمتهم. كما ستقوم باستعراض الشعر العامي باللغة الإنجليزية الذي يعتمد على الأسلوب وثقل وقع الكلمة في ليلة الافتتاح. بالإضافة إلى عرض عملها المشترك الذي يصور رسوما متحركة لشخصيات نمطية للعرب يجتمعون حول وليمة عجل وأرز، ولكنهم يصبحون أكثر حذرا باقتراب المتفرجين للعمل فيتركون الوليمة في نهاية المطاف. هذا العمل ينقد تشخيص الإعلام للعرب، كما تقول. "الفكرة التي نريد إيصالها هي أنه باقتراب المشاهد لهم تتضح لهم أحكامهم المسبقة التي أطلقوها على بعض والتحيزات فيما بينهم." وسوف تلقي هلا شعرها في الشارقة ودبي وأبوظبي في وقت لاحق هذا العام.
حافة الصحراء: نبذة تاريخية
2003: ستيفن ستابلتون يجول الشرق الأوسط مع أصدقائه الفنانين، يقيم معهم المعارض. يلتقي بعبد الناصر غارم وأحمد ماطر في المملكة العربية السعودية اللذان تخرجا من قرية المفتاحة، وقرروا في وقت لاحق إنشاء حافة الصحراء، وهي مؤسسة اجتماعية تعزز الروابط بين الفنانين في الشرق الأوسط وبقية العالم.
2008: المعرض الأول لحافة الصحراء في كلية الدراسات الأفريقية والشرقية في لندن.
2009-10: أقيمت المعارض في كل من برلين واسطنبول والبندقية والرياض
2011: تعود حافة الصحراء إلى بينالي البندقية في العام نفسه كجناح وطني جديد يمثل المملكة العربية السعودية. تم إقامة معرض في مكان مهجور من مركز دبي المالي العالمي ليتزامن مع معرض آرت دبي.
2012: إقامة معرض في جدة باسم: نحن في حاجة إلى الحديث، وتم وصفه في صحيفة الفن باسم "المعرض الأكثر طموحا للفن السعودي المعاصر في المملكة العربية السعودية إلى الآن."
• يمتد COMETOGETHER# من 7 أكتوبر وحتى 28 أكتوبر، www.edgeofarabia.com
---
ترجمة بتصرف لمقال نشر في صحيفة ذا نشونال بتاريخ 7 أكتوبر 2012
مواقع النشر