السلام عليكم
" لاشك أن هناك هجمة شرسة على ثوابت الأمة وما أكثر الثوابت المهددة سواءً أكانت أصولاً عقدية كالولاء والبراء، أو أخلاقية سلوكية، أو اقتصادية تجارية، أو سياسية حكمية وصدق الله العظيم القائل: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، [البقرة: 217].
ولا شك كذلك في أن تلك الهجمة أثرت في بعض المصابين بالداء العضال؛ هشاشة الاعتقاد، فلا عجب أن تجد بعض هؤلاء يوالي أعداء الله ويحارب أولياءه، وينكر الجهاد أو بعضه، ويصم أهل المنهج الحق من المسلمين الطيبين بالتطرف والإرهاب المذموم.
لذا سأتجاوز ذلك إلى طرح جملة من الأسباب المعينة على الثبات على الثوابت التي يمكر لها صباحاً ومساء، وسوف أسردها بشكل مجمل إذا البسط لايتسع له مثل هذا المقام فمنها:
1-القناعة الراسخة بالثوابت التي يدين الله بها.
2-سلامة الأصول والمنطلقات التي يبني عليها ثوابته, وبخاصة في العقيدة.
3-والالتزام بالمقاصد العامة والكليات التي جاءت بها الشريعة, والبعد عن الشذوذ والغرائب.
4-الوضوح والبيان والبعد عن المجملات والعمومات وتحديد الأهداف بموضوعية وصفاء ونقاء.
5-الاعتدال والواقعية الوسطية والتوازن فلا إفراط وتفريط ولا غلو ولا جفاء.
6-التلازم بين القول والعمل, والانسجام بين الظاهر والباطن.
7-التيسير وسعة الأفق, والبعد عن التشديد والتنطع (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، [البقرة: 185]، "إنما بعثتم ميسرين"، "يسرا ولا تعسرا", "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق".
8-البعد عن التبعية والتقليد والحزبية والتعصب, وبناء الفرد منطلقاته على علم راسخ وأصول معتبرة وأركان صلبة والأخذ بالاجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد بشروطه المعتبرة.
9-مراعاة الزمان والمكان والأحوال والقدرة على التجدد والتجديد دون ابتداع أو تحريف.
10-التقوى والورع والصدق ومجاهدة النفس والبعد عن التأويل والأهواء والفتن ما ظهر منها وما بطن.
11-المراجعة المستمرة والتقويم المطرد ومحاسبة النفس والقوة في الرجوع إلى الحق مع الحكمة في ذلك والإفادة من نصح الآخرين وملحوظاتهم. وكذلك الرجوع إلى الراسخين في العلم والتلقي عنهم والإفادة منهم.
12-التدارس والتشاور والتعاون مع أصحاب الاختصاص والشأن من المعروفين بسلامة المنهج قبل الإقدام على أي أمر ذي بال.
13-الإفادة من سير السابقين ودراسة أسباب ثباتهم كحال كثير من الأئمة والمجددين.
14-دراسة الأخطاء التي وقع فيها الآخرون ومن أصيبت ثوابتهم من أجل تجنبها وتلافيها والبدء من حيث انتهى الآخرون.
15-تصور عقبات طريق الثبات وما يكتنفه من شدة وعناء والأخذ بالأسباب الشرعية لتجنبها والخلاص منها وتلافيها.
16-دراسة فقه الجماهير والأسلوب الأمثل للتعامل مع القوى المؤثرة كالسلطة والعلماء والقرناء والاتباع حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها.
17-الاستعداد للتضحية في سبيل المبادئ والأهداف ورفض المساومات مع الصبر والتحمل طال الزمن أو قصر.
18-قوة الصلة بالله والالتجاء إليه وسؤاله الهداية والتوفيق والسداد فقد قال الله "يا عبادي استهدوني أهدكم" مع الاستعانة بالعبادة على مشقات الطريق (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)، [البقرة: 45]، وكثرة الدعاء والاستغفار آناء الليل وأطراف النهار."
مواقع النشر