8000 ريال لإجهاض النطف المحرمة في الخفاء
جنين تم إجهاضه في شهور الحمل الأولى
أبها: سامية البريدي
رغم تجريم الإجهاض إلا بدواع طبية فإن أطباء مخالفين يقومون بهذه العمليات سرا لإخفاء الخطيئة مقابل مبالغ مالية قد تصل إلى 8000 ريال.
وشدد مختصون على ضرورة إعادة النظر في آليات صرف الأدوية المساعدة على الإجهاض وبخاصة أقراص البروستين، حيث إن سهولة صرفها تدفع ببعض الأطباء إلى المساعدة في هذه الجريمة.
في هذا الشأن قالت أخصائية النساء والولادة الدكتورة عبير الكيلاني إن أقراص البروستين كانت تباع في السابق في الصيدليات ولا تصرف إلا بتوقيع الطبيب، أما الآن فهي متاحة لدى الطبيب وبإمكانه صرفها للحامل إن أراد. مؤكدة أنه طلب منها كثيرا إجراء عمليات إجهاض لنطف محرمة لكنها رفضت.
--------------------------------------------------------------------------------
رغم تجريم المملكة للإجهاض إلا بدواع طبية وبضوابط قانونية محددة، فإن أطباء مخالفين يعمدون إلى إجراء هذه العمليات سرا، ويستعينون في ذلك بالتزوير من خلال ترتيبات معينة للتخفي عن أعين القانون أو إخفاء خطيئة المرأة، كدخول المرأة باسم مريضة أخرى، وتسجيل عملية أخرى مزيفة في الأوراق، ويدفع البعض مقابل ذلك آلاف الريالات.
وكانت هذه العمليات في السابق تتم في مستشفيات خاصة، ثم امتدت إلى عيادات مصغرة استحدثها بعض ضعاف النفوس وقد تمت الإطاحة ببعضها خلال الحملات الأمنية الأخيرة.
وقد أشار تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية حول الإجهاض في العالم إلى أن على حكومات دول العالم الثالث خاصة العربية والإسلامية تفكر بجد في كيفية الوقاية من " الإجهاض " باعتباره يشكل خطرا حقيقيا يهدد صحة المرأة، ونظرا لأن البلاد العربية والإسلامية لها وضعها الخاص المستمد من الشريعة الإسلامية، فإن ما هو مسموح في الغرب ممنوع بقوة الشرع في البلاد الإسلامية.
وفي كل مرة يسعى الباحثون الاجتماعيون للحصول على أرقام حول عدد حالات الإجهاض، لكنهم يواجهون دائما بعدم وجود أرقام حقيقية حول الإجهاض، وإن وجدت فإنها غير متوفرة. هذا ما تقوله الجهات المختصة لمن أراد أن يستفسر عن هذه الظاهرة في أي دولة.
وقد تطور الطب في السنوات الأخيرة، وبسبب هذا التطور أصبح أمر الإجهاض سهلا، فبإمكان الزوج أن يذهب بزوجته ـ أو بإمكان المرأة أن تذهب بنفسها ـ إلى الطبيب أو الطبيبة، وخلال دقائق تكون قد أنزلت ما في بطنها.
حادثة اغتصاب
ذكرت (و. س) من الرياض حكاية أختها قائلة "تعرضت أختي لحادثة اغتصاب، ومن هذه الحادثة حملت سفاحا، وخافت أختي إخبار والدي، فقررت أن تتفق مع ممرضة نعرفها في مستشفى معروف، على أن تجهض حملها بدون علم أحد، حيث إن أختي مطلقة، وبعد أن علمت الممرضة بقصتها، قررت مساعدتها، فاتفقت مع زوجها، وهما يعملان معا في المستشفى، وأدخلت أختي المستشفى على أنها شقيقتها وباسم مزور، وأخذت الممرضة وزوجها مقابلا ماديا نتيجة هذه المغامرة، وأدخلت أختي المستشفى سرا وبدون طلب أي إثباتات، وأعطيت إبرة تساعد على إجهاض الحمل بسرعة، وقد كتب في ملف أختي بأنها حصل لها نزيف وهي حامل وسقط جنينها، وأجريت لها عملية الإجهاض".
وتروي (ز. ق) (ممرضة في مستشفى بجازان) واقعة مرت بها خلال عملها وقالت "قدمت للمستشفى الذي أعمل به فتاة حامل وقد أجهضت نفسها، وأدخلت المستشفى على أنها حامل، وأجريت لها عملية قيصرية وأخرج الجنين، وبعدها علمنا أن حملها كان بسبب جريمة الزنا، وأحيلت الفتاة وقتها إلى القضاء الشرعي للنظر بها شرعا بناء على طلب الطبيب الذي أجرى العملية بدون علمه أي شيء عن حملها".
الإجهاض لدواع طبية
وعن وجود عمليات للإجهاض في المستشفيات الحكومية أو الخاصة بشكل عام والمنطقة بشكل خاص من عدمه قال لـ"الوطن" مدير إدارة الإعلام الصحي والعلاقات العامة بصحة عسير سعيد بن عبد الله النقير " لايسمح بإجراء عمليات الإجهاض إذا كان الحمل شرعيا، سواء كان هذا الطلب من الزوج أو الزوجة، إلا إذا كان المبرر الطبي الصريح يستوجب ذلك، ويعتبر ذلك جزءا من خطة علاجية تكون صحة الأم العامل الأساسي لذلك، وأيضا بعد أن تجتمع لجنة طبية تقرر ذلك، كما أنه لا يسمح بأي حال من الأحوال إجراء أي عملية إجهاض لحمل ناتج عن نطفة محرمة".
وعما يقال حول صرف دواء يساعد على الإجهاض وهو معروف في الصيدليات " بأقراص البورستين " قال النقير" لا يسمح نظاما بصرف أي دواء يؤدي إلى حدوث إجهاض دون أمر الطبيب المختص، ويكون ذلك ضمن خطة علاجية تتطلبها صحة الأم، وعلى مسؤولية الطبيب المعالج واللجنة الطبية التي تقر ذلك، ولا يصرف هذا الدواء إلا بموافقة الطبيب وتوقيعه، وقد شدد على الصيدليات بهذا الأمر".
ممنوعات وضرورات الإجهاض
وعن الناحية الدينية في عمليات الإجهاض يقول عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور محمد النجيمي الذي أعد بحثا في هذا الموضوع، "الإجهاض له حالات في ذلك، فهو إما أن يكون باختيار الزوجين أو أحدهما أو أنه ضرورة، أو يكون بسبب عملية اغتصاب، فإن كانت الحالة الأولى أي رغبة ليس فيها ضرورة، فإنه يجوز عند الحنابلة قبل أربعين يوما، وعند الشافعية قبل 82 يوما، لأنه لم يتخلق بعد، وعند المالكية وعدد من علماء الحنابلة لا يجوز مطلقا، بما أنه ليس هناك ضرورة أو حاجة لذلك، وهذا هو الراجح في الغالب، أما إن كان لضرورة بأن تكون المرأة ممنوعة من الحمل، أو مريضة بضغط أو سكر أو أمراض منعها الأطباء من الحمل، أو فضلوا عدم الحمل، فإنه يجوز الإسقاط قبل 82 يوما، حيث إنه لم يتخلق بعد، أما لو تخلق ولكن لم ينفخ فيه الروح، وقال الأطباء إنهم بين أمرين لا ثالث لهما. إما أن تجهض أو تبقى حاملا وينفخ فيه الروح، ويكون خطراً على أمه كثيراً، فإنه يجوز الإجهاض قبل أربعه أشهر، لكن كل هذه الأمور لابد أن تكون بتقرير وتأكيد من إدارة الإفتاء وصدور فتوى بذلك، ولا تؤخذ القرارات من المستشفيات، فإن قرار المجمع الفقهي يلزم المستشفيات بأنه لابد أن تبلغ عن هذه الحالات قبل البدء في الإجهاض ".
وأضاف الدكتور النجيمي أنه لو كانت الحالة الثالثة بأن كان الحمل نتيجة اغتصاب، فإنه يجوز للمغتصبة إجهاض الجنين، مادام أنه لم يتخلق، فذلك جائز حتى لو تخلق ولم تنفخ فيه الروح، لأنه نتيجة اغتصاب، وهذا ما أخذه مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وأكثر المفتين، وهذا كان بعد غزو الكويت من قبل النظام العراقي، لأن المرأة لا يمكنها أن ترى ولدا نتيجة حدوث اغتصاب لها، وهذا يزيد من حالتها النفسية، أما لو نفخت فيه الروح، فانه يحرم إجهاضها، لأنه يعتبر نفسا، ويحرم الاعتداء عليه فيعتبر بذلك اعتداء على نفس".
وبين الدكتور النجيمي أنه لو كان الحمل بسبب علاقة غير شرعية وبرغبتها، فإنه لا يجوز أن تجهض، ويجب على الطبيب أن يتحرى هذا الأمر، وألا يساعدها على الإجهاض، ولكن قد تجد المرأة وسيلة للإجهاض بدون الطبيب، ومع ذلك لا يجوز لها، ولابد أن يقام عليها الحد إن فعلت ذلك، ولكن لو فعلت ذلك بنفسها الأفضل أن تتخذ أفضل الضررين بأن يكون قبل أربعه أشهر قبل ما تنفخ فيه الروح"، أما عن استخدام المرأة أقراص وحبوب الإجهاض قال إن ذلك لا يجوز ومن فعلت ذلك بعد 82 يوما فكأنها قتلت نفسا.
حالات طبيعية وحالات جنائية
وقالت أخصائية نساء وولادة بمركز الأركان بأبها الدكتورة عبير الكيلاني "عملية الإجهاض تختلف أنواعها، كما تختلف إن كانت طبيعية أم جنائية، فأما إن كان الإجهاض طبيعيا، فله أسباب كثيرة، إما بسبب وفاة الجنين في بطن الأم، أو وجود عيب خلقي في الرحم أو تشوه في الحمل أو الجنين، أو نقص في هرمون تثبيت الحمل، ففي هذه الحالات تجهض المرأة وينزل الجنين من نفسه بدون تدخل أي طبيب أو الأم، وهناك حالات إجهاض ممنوعة، وتعتبر جنائية كإجهاض نتيجة اغتصاب، أو طلب من الزوجة، فغالبا الزوجة تطلب إجهاض الجنين وليس الزوج، عندما تكون غير راغبة في الحمل".
وعن العقاب المتخذ من إدارة المستشفى أو الصحة فيمن يقوم بعمل هذه العمليات أضافت الدكتورة الكيلاني أن العقاب المتخذ هو فصله من العمل، بسبب عمله المحرم، ولكن بعد فترة قرابة السنتين أو الثلاث يمكن أن يعود مرة أخرى للمهنة.
وأكدت الدكتورة الكيلاني أن هذه العمليات تجرى في السر في السعودية، ولكن في سوريا هناك أشخاص معروفون لدى العامة يقومون بهذه الأمور، وليست ممنوعة لدينا"
وقالت الكيلاني "لقد طلب مني كثيرا إجراء عمليات إجهاض سواء من قبل الزوجة أو بسبب نطفة محرمة، لكنني أرفض تماما إجراء مثل هذه العمليات، إضافة إلى أنه في المركز لدينا ممنوع فعل ذلك، وليس لدينا إمكانيات لها".
وعن إعطاء أقراص البروستين للمرأة الحامل للإجهاض قالت " كانت في السابق تباع في الصيدليات فتصرف بتوقيع من الطبيب، أما الآن أصبحت هذه الأقراص لدى طبيب النساء والولادة، فهو يصرفها بنفسه للمريضة إن أراد".
مشيرة إلى أن تكلفة عمليات الإجهاض في سوريا تصل إلى 100 ألف ليرة (7200) ريال سعودي أو تزيد قليلاً.
الوطن
(( التعليق ))
لاحول ولاقوة إلا بالله
من فرط تفريطنا في أمور ديننا ودنيانا والجرأة على حدود الله وتجنب نواهييه وبفعل سيئات أعمالنا وشرور أنفسنا انحبست عنا الأمطار إلا اليسير منها وما عسانا أن نتذكر ونتعض به ولكننا لاهين في معاصينا
سادرين في غينا فماذا ننتظر بعد انحباس المطر والإحتباس الحراري وكثرة العواصف الترابية ومؤشرات الزلازل في بعض أنحاء البلاد وكثرة التعامل بالربا وظلم بعضنا بعضا وأكل أموال بعضنا وقلة التناصح بيننا ونفوروتقريع المنصوح من الناصح ماذا ننتظر بعدأن أصبحنا نقتل الأجنة في غائض الأرحام متناسين قوله تعالى
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ }الإسراء33
اللهم لاتجعلنا ممن قلت فيهم
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }الأعراف133
وممن قلت فيهم
{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }النحل112
جاء هذا الخبر في جريدة الوطن يوم السبت وجاء اليوم أيضا
------------------------
اختصاصيون يجيزون إجهاض المغتصبة من باب الضرورات وسد الذرائع
هادي اليامي
رأى مختصون شرعيون جواز إجهاض الحمل الناتج عن الاغتصاب من باب الضرورات التي تبيح المحظورات وسد الذرائع، باعتبار أن المغتصبة لا ترغب في وجود هذا الطفل الذي تريد إجهاضه قبل أن يأتي إلى الحياة، لانعكاس عدم الرغبة فيه على نفسيتها إذا استمر حتى وُلد، مما يجعله ناقمًا على الحياة.
وتواصلا مع ما طرحناه في الحلقة السابقة من قضية الإجهاض.. تحدث اختصاصيون في أمراض النساء والتوليد والشريعة والطب الشرعي والقانون عن الحالات الطبية والضرورات الشرعية والصحية والقانونية التي يتم فيها الإجهاض، وتناولوا في حديثهم الحمل الناتج عن الاغتصاب وطرق التعامل معه، وطرق الكشف على المغتصبة، وما يسمى بسيكولوجية المرأة المغتصبة، ويعرف الإجهاض بإلقاء حمل ناقص الخلق بغير تمام، سواء من المرأة أو من غيرها، وهو بهذا المعني يوافق اصطلاح الفقهاء في تعريف الإجهاض ولا يخرج عنه، وكثيرا ما يعبر الفقهاء وغيرهم عن الإجهاض بكلمة إسقاط، أو كلمة طرح أو إلقاء.
أما عمليات الإجهاض المتعمد، فهي تحدث لأسباب كثيرة، وهي عمليات ممنوعة نظاميا ومحكومة تبعا لمجمع الفقه الإسلامي، ومن بعض أسباب الإجهاض المتعمد التي تلجأ لها النساء لأسباب مختلفة، تناول الأدوية من حبوب وحقن يمنع صرفها للمرأة الحامل لمساعدتها على الإجهاض أي الإجهاض الكيماوي.
ومن الظواهر التي أسفر عنها التحلل الأخلاقيّ وضعف الوازع الدينيّ أو انعدامه لدى البعض أن أكثر حالات الإجهاض التي تتم في عصرنا تكون بقصد التستر على فاحشة، وقد حَدَا هذا ببعض الأطباء في بعض الدول إلى التخصص في مجال الإجهاض، وتم تجهيز أوكار تحتوي أدوات طبية لعمليات الإجهاض بعيدا عن الرقيب، وبعضُ من يتكسبون بذلك يعلم أحدهم علم اليقين أنه يقترف جريمة.
ويرى بعض هؤلاء أن الإجهاض ضرورة في الكثير من الحالات، واستشهدوا على هذه الضرورة بحالات تم فيها الحمل نتيجة الاغتصاب أو اقتراف الزنا بالمحارم، أو زواج المرأة بمن كذب عليها وغرر بها ونحو ذلك!
تجارة بصحة النساء
من جهة صحية ترى الطبيبة والمستشارة الاجتماعية الدكتورة ليلى الأحدب أن الإجهاض المحرَّض induced abortion غير محبذ من الناحية الصحية, وأن تحريض الإجهاض يتم باستخدام أدوية تساعد على فتح عنق الرحم وقذف الجنين خارج الأعضاء التناسلية للأم, لكن كثيراً ما يُلجأ للتدخل الجراحي في حال احتباس بقايا جنينية، كما في الإجهاض الناقص أو غير الكامل incomplete abortion، وقد يجري بعض الأطباء عملية توسيع عنق الرحم وتجريف الرحم لإنهاء الحمل من البداية، خاصة إذا كان أقل من شهرين, وكل ذلك له عواقبه من حيث حدوث النزف أو ثقب الرحم, خاصة مع الأيدي غير الخبيرة.
وأضافت أن الطبيب قد ينصح بإجهاض الحامل في حال كون الجنين ميتاً, كذلك ينصح به في حال شكّل الحمل خطورة على صحة الأم، أو وجود تشوهات في الجنين تعيق حياته الطبيعية, لكن عموماً اكتشاف التشوهات الكبيرة في الجنين غير ممكن إلا بعد تقدم الحمل، حين يصبح الإجهاض مستحيلا أحياناً, ولا بد من إجراء عملية شق البطن "قيصرية" لتوليد جنين غير طبيعي, وكل ذلك له محاذيره ومخاطره، لذلك يجب أن يكون التخلص من الجنين مقيداً برأي أكثر من طبيب أو طبيبة من الأخصائيين التابعين لإدارة حكومية, كي لا يتحوّل الإجهاض إلى تجارة بصحة النساء.
إجهاض المغتصبة
وتضيف الدكتورة الأحدب " ما يسري على الحامل من زوجها لا يسري على امرأة حملت من اغتصاب؛ لذا أؤيد فتوى الأزهر الذي أباح إجهاض المغتصبة، لأن وجود طفل في حياة المرأة من رجل تبغضه بسبب فظاعة الجريمة التي وقعت عليها يؤدي إلى كرهها للطفل نفسه, لذلك فإن فتوى الأزهر تجيز للمغتصبة الإجهاض، ولا تجبرها على ذلك؛ فهي حرة في الاحتفاظ به إن كانت تستطيع رعايته بمحبة, والغاية من هذه الفتوى ألا يُظلم الطفل من قبل والدته أو من قبل المجتمع الذي يعتبره "ابن حرام"..
وعن الآثار النفسية التي تتعرض لها المرأة التي حملت نتيجة اغتصاب قالت "بما أن الحمل حصل نتيجة الزنا بالإكراه, فهذا يشكل عواقب نفسية خطيرة على المرأة، لأنه انتهاك لآدميتها بفعل حيواني تماماً, إذ إن الفعل الجنسي بين الزوجين غايته التواصل وليس فقط التناسل, كما ورد في قوله تعالى في القرآن الكريم (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة, إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) "الروم:21"، فالعلاقة الجنسية المؤدية إلى السكينة بين الزوجين هي آية من آيات الله يجدر التفكر بها, لأنها تزيد المودة وتعمّق الرحمة, أما إذا تمت خارج إطار المودة والرحمة، فهي لن تزيد المرأة إلا نفورا من زوجها, فكيف إذا كانت مجبرة على القيام بالفعل الجنسي مع من هو ليس زوجها أصلا؟!"
وأوضحت الدكتورة الأحدب أن الآراء الفقهية المبيحة للإجهاض اختلفت بسبب وجود حديثين شريفين، فهناك حديث يبين نفخ الروح في اليوم الأربعين من الحمل، وحديث آخر يوضح أن نفخ الروح يحصل في اليوم 120 للحمل, وعلى الحديث الأول اعتمد فقهاء الشام، فأباحوا الإجهاض قبل 40 يوماً، بينما اعتبره الدكتور محمد سعيد البوطي أحد علماء الشريعة مكروهاً كراهة تنزيهية, لأن الجنين قبل نفخ الروح هو بمثابة خلايا حية فقط كالخلايا النباتية، فلا أحد يعتبر قاطع الزهرة آثماً مثلا؛ وأما فقهاء مصر فقد اعتمدوا على الحديث الثاني, ولذلك أباحوا الإجهاض حتى نهاية الشهر الرابع للحمل.
وتضيف الدكتورة الأحدب "أعتقد الطب يستطيع حلّ هذا الخلاف, لأننا نستطيع رؤية دقات قلب الجنين بجهاز الألتراسوند "الأشعة فوق الصوتية" في الأسبوع السادس للحمل، والذي يعادل 42 يوماً, كما أننا نرى حركة الجنين بعد ذلك بشهر أو أقل، رغم أن الأم لا تشعر بها، وأرى أن ألا يباح الإجهاض بعد الأربعين يوماً إلا في حالات الضرورة, ولا مخرج من ذلك إلا بقواعد فقهية أصولية مثل "الضرورات تبيح المحظورات" و"الضرورات تقدر بقدرها" و"الضرر يزال" و"لا ضرر ولا ضرار", ويدخل في الضرر والضرار حدوث الحمل بعد الاغتصاب؛ ومع ذلك فإن اكتشاف الحمل الناجم عن الاغتصاب بشكل مبكّر أفضل من تركه حتى يكتمل، ثم اللجوء إلى الإجهاض, والله أعلم".
أصحاب الاختصاص
من جهة أخرى يرى المشرف على مركز الطب الشرعي بالرياض الدكتور سعيد غرم الله الغامدي بأنه لم يمر على المركز حالات من هذا النوع، مع العلم بوجود ذلك، وليس هذا من أعمال المركز، وبين بأنه من المفترض عدم المجازفة في الأمر والذهاب عند القرار إلى أصحاب الاختصاص من أطباء النساء والولادة، فهناك حالات تتجاوز 99% لا يعلم المركز عنها، ويتم العثور على المواليد في بعض الأحيان في أماكن المهملات والشوارع وغيرها.
وأضاف بأن هناك حالات إجهاض تحصل بإدخال أجهزة معينة وبطرق غير صحية قد تسبب نزيفا أو تجرثم، بالإضافة لأخذ جرعات من الحبوب بقصد الإجهاض، وتكون عواقبها أشد ضررا.
كشف حالات الاغتصاب
وعن وسائل كشف حالات الاغتصاب أوضح الدكتور الغامدي بأن المركز لديه القدرة على اكتشاف حالة الاغتصاب من عدمه، لاسيما وهناك الكثير من الفتيات يقمن بالادعاء بأن ذلك حصل نتيجة اغتصاب، وعندما تحال إلى الطبيب يكتشف غير ذلك، مشيرا إلى أن المركز يكشف على الحالة لإثبات الاغتصاب، ويوصي بفحص الحمل الناتج عن الاغتصاب، وتتم متابعة الحالة من قبل طبيب النساء والولادة.
وأضاف الدكتور الغامدي بأن اكتشاف الحالة يكون من مهارات الطبيب، وهناك علامات منها غشاء البكارة وبعض الآثار التي توحي بالاغتصاب مثل الكدمات وغيرها، وهناك حالات تتم بها ممارسات جنسية خارجية وتحصل كثيرا، وتتم خارجيا مع سلامة غشاء البكارة، وهنا لا يمكن كشف حالة الاغتصاب من عدمه، وأضاف بأنه يمكن من خلال الفحص الكشف عن الحالة شريطة أن يكون ذلك خلال اليومين الأولين، أو بقاء المرأة بدون غسل لهذه المواقع حتى يتم التأكد من ذلك.
وأشار الدكتور الغامدي إلى ضرورة السرعة في فحص النساء، وتحويل المطلوب الكشف عليها مباشرة إلى المركز, حيث إن مضي فترة زمنية طويلة نسبياً على وقت الاعتداء يتسبب في التئام الجروح العامة والموضعية، وضياع الأدلة المادية بصورة قد يصعب على الأطباء إثبات ماهيتها الأولى، وبذلك تضيع معها حقوق جميع الأطراف المعنيين بالقضية.
النظام يحظر الإجهاض
فيما يرى المحامي هادي علي اليامي أن نظام ممارسة مهنة الطب البشري وطب الأسنان الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 21/2/1409 يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة إنقاذ حياتها, ومع ذلك يجوز الإجهاض إذا لم يكن الحمل قد أتم أربعة أشهر، وثبت بصورة أكيدة أن استمراره يهدد صحة الأم بضرر جسيم، ويتم إثبات هذا الأمر بقرار من لجنة طبية تشكل طبقا للشروط والأوضاع التي يحددها النظام، وأن يكون ذلك وفق ظروف وضوابط شرعية معينة، حتى تقنن مثل هذه الأمور، وحتى لا يصبح الأمر فوضى، والباب مفتوحا على مصراعيه لمزاولة مثل ذلك.
وأضاف اليامي بأن هناك حالات لا يسمح الوضع الصحي للمرأة بالحمل، فهنا يبقى الأمر للطب، وينصح الأطباء بالإجهاض في مثل هذه الظروف مراعاة لأوضاع الأم الصحية، أما عدا ذلك في حالات الاغتصاب وغيرها، فليس هناك رأى واضح للأمر. بل الأمر برمته يبقى لأصحاب الرأي من العلماء والفقهاء، والرأي الشرعي هو صاحب القرار في مثل ذلك.
وأشار اليامي إلى أن مساعدة الطبيب لإجهاض الحامل خلاف ما ورد يعتبر محرما من الناحية الشرعية، ويوجب عندها إحالة الأمر للشرع لاتخاذ الإجراءات المتعلقة بذلك، كونه ارتكب جرما بقتل نفس من غير وجه حق، ومثل هذا الأمر لا يتم إعطاء الرأي بالتفصيل فيه إلا بعد الحصول على رأي العلماء والشرع.
سد الذرائع
ومن جهة شرعية تحدث لـ"الوطن" الأستاذ في المعهد العالي للقضاء الدكتور محمد جبر الألفي، وبين أنه كان له رأي حول إجهاض المغتصبة سبق وتحدث عنه عندما اغتصب عراقيون كويتيات أثناء حرب الخليج، وقال "من الناحية الشرعية لا يجوز الإجهاض إذا وصل الجنين إلى مرحلة نفخ الروح، ولا نقاش في ذلك نهائيا، ولكن نحن ننظر للأمر من جهة أخرى، وهي مرحلة سد الذرائع، وهي الحفاظ على مصلحة الطفل نفسه، إذا نزل ولم يجد من يرعاه، فنحن ننظر لهذه المسائل على أنها من المسوغات الشرعية التي تجعل لا مانع من الإجهاض في هذه الحالة، وذلك قياسا على الإجهاض إذا كانت هناك خطورة على حياة الأم، ولكن ننظر هنا للخطورة على حياة الطفل.. كيف يعيش؟، ومن يتقبله إلى آخر ذلك".
خطورة معينة
وأضاف الدكتور الألفي أنه لا يجوز إسقاط الطفل بعد 120 يوما إلا في حالة محددة وهي إذا كان هناك خطورة معينة على حياة الأم، وحددها اثنان من الأطباء العدول وغير ذلك فلا يوجد فتوى في هذا.
وأشار إلى أن الأم هي التي يقع الاغتصاب عليها، فلاحقّ هنا للأب في الاعتراض، وهي التي تحمل، وهي التي لا تريد أن ترى الطفل، وهي بذلك التي تقدر ما إذا كان هناك من يرفق على الطفل أو أنه سيترك ويهمل، ويلقى في الشارع، ويصبح عنصرا للفساد وإلى آخره، لذا فالأمر متروك للأم، وهي التي تقدر إذا كان وجود الطفل ضررا، ويسمح لها للضرورة بالإجهاض بعد 120 يوما، مع ملاحظة أساسية وهي أن الإجهاض بعد 120 يوما فيه خطر كبير على حياة الأم، وأي طبيب يقوم بعملية الإجهاض سيقول إن هناك خطورة كبيرة. بل وقد يلزم بكتابة تعهد بعدم مسؤوليته في ذلك، نظراً لخطورة الموقف والنتائج التي قد تحدث بعد ذلك.
وأوضح الدكتور الألفي بأن عملية الاغتصاب لها علامات ودلائل، فالمغتصبة يكون في حالتها مقاومة على الأقل وعلامات واضحة أو شكوى مقدمة من قبلها.
وعن إجهاض الحامل من المحارم قال " غالبا ما يكشف الحمل قبل نفخ الروح أي قبل الأربعة أشهر، وبذلك يمكن اكتشاف الحمل في الشهر الأول أو الثاني بمجرد انقطاع الدم، وهناك وسائل طبية أخرى قد تكشف الحمل. بل إن بعضها في الشهر الثاني تحدد المولود ذكرا أم أنثى سليما أم مريضا، وذلك بمعنى أن الحمل يتم كشفه من وقت مبكر، لذا فلا مانع من الإجهاض في هذه الحالة".
مواقع النشر