اعلن الدفاع المدني في بيان أن خطر حادث تسرب الغازات الكيماوية بالمدينة الصناعية الاولى شرق الدمام بالمنطقة الشرقية قد انخفض بنسبة 70 بالمائة بالاحياء المحيطة لمنطقة الحدث. وأوضح البيان الذي ارسل بواسطة رسائل نصية الى سكان مدينة الدمام وما جاورها بأنه سيتم اخبارهم بمستجدات الحادث على مدار الساعة. وكان الدفاع المدني قد نصح في وقت سابق سكان الاحياء المجاورة للصناعية الاولى اخلاء منازلهم لمدة يومين كاجراء احترازي
وقد استجاب عدد قليل من سكان الأحياء المحيطة بالمدينة الصناعية الأولى في الدمام لدعوة الدفاع المدني لإخلاء مساكنهم لمدة 48 ساعة، نتيجة تسرب غاز الإيبوكس جراء خطأ فني في أحد المصانع، فيما رجحت مصادر أن خسائر المصانع في المدينة الصناعية تفوق 700 مليون ريال نتيجة توقف العمل. وتوقع الدفاع المدني أن يستمر بقاء الغاز المتسرب في أجواء المنطقة المحيطة بالمدينة الصناعية 48 ساعة، وهي المدة التي سيتم بعدها السماح بإعادة العمل في المدينة الصناعية.
وكانت مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية قد دعت في الساعات الأولى من صباح أمس سكان الأحياء القاطنين في محيط الصناعية الأولى على بعد كيلو مترين إلى إخلاء مساكنهم لمدة 48 ساعة. وقال لـ«الاقتصادية» العميد عبد الله الخشمان مساعد مدير المديرية العامة للدفاع المدني في المنطقة الشرقية، إن عمليات الدفاع المدني تلقت أمس الأول بلاغا عند الساعة السادسة والنصف يشير إلى حدوث تسرب غازات من أحد المصانع في الصناعية الأولى, مضيفا أنه وبناء على البلاغ باشرت 20 فرقة من الدفاع المدني موقع الحادثة. وأوضح أنه تم اكتشاف تسرب أبخرة وغازات من أحد الخزانات التابعة للمصنع, نتيجة تفاعل مواد كيميائية من ضمنها غاز النتيروجين والهيدروحين, والفنيل فورمال هاي ونتج عنه مادة إيبوكس التي تستخدم كمادة عازلة لتصنيع الأسلاك الكهربائية, موضحا أن التسرب نتج عن خطأ فني على أثره حدث تفاعل تسبب في ارتفاع درجة الحرارة والضغط في الخزان, ما أدى إلى تصاعد هذه الأبخرة وتسربها.
وبين الخشمان أن الدفاع المدني قام على أثر هذه الحادثة التي لم ينتج عنها حريق، بعملية إخلاء كامل للمدينة الصناعية في الدمام, وهي الدائرة الخطيرة الحمراء, ومنع الاقتراب منها, وتحديد منطقة أخرى كدائرة ثانية تبعد كيلو مترين من منطقة الحادثة, مبينا أنه تم على أثرها تبليغ إدارة التعليم والكليات لتعليق الدراسة، إضافة إلى تحديد سبعة أحياء ضمن الدائرة الثانية.
300 ألف رسالة نصية
ولفت الخشمان إلى أنه تم إرسال أكثر من 300 ألف رسالة نصية على الهواتف النقالة من خلال تحديد الأحياء التي يصل إليها ضرر هذا التسرب, لافتا إلى أن الوضع تحت المراقبة حتى تنتهي عملية التفاعل الكيميائي للكمية الموجودة داخل الخزان. وكشف عن أن إصابة 13 شخصا باختناق وضيق في التنفس تلقوا على إثره العلاج اللازم وخرجوا جميعا من المستشفيات، في حين ما زالت طفلة رضيعة تحت الملاحظة, مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من بعد الأشخاص عن المنطقة المحظورة، إلا أنهم تعرضوا للإصابة. وأكد الخشمان أن كثافة الأبخرة قلت مساء أمس, مبينا أن السيطرة النهائية متعلقة بانتهاء عملية التفاعل التي تعتمد على الكمية المخزنة التي تقدر بـ 11 ألف جالون من المواد الكيميائية السائلة. وأضاف أنه تمت الاستعانة بفريق استشاري من أرامكو السعودية، إضافة إلى تشكيل لجنة من الخبراء تضم مختصين من الدفاع المدني وعدد من شركات البتروكيماويات، للتأكد من سلامة المنطقة وخلوها من الغاز. وأشار الخشمان إلى أن التحذير المبدئي جاء لـ 15 حيا في الدمام ثم قلص إلى سبعة أحياء, بسبب أنها من الأحياء غير الآمنة, مشيرا إلى أنه تم استنفار 20 فرقة من بينها أربعة فرق متخصصة في المواد الخطرة الكيميائية والصناعية من الدمام والجبيل وفرق الإنقاذ والإسعاف وفرق التطهير والرصد , وفرق أخرى تجولت في الأحياء المصنفة ضمن منطقة الخطر.
إصابة 2 من الدفاع المدني
من جانبه المقدم منصور الدوسري الناطق الإعلامي في الدفاع المدني في المنطقة الشرقية إنه سيتم رفع إيقاف العمل في المدينة الصناعية الأولى بعد 48 ساعة، حيث إنه الوقت المتوقع لخلو المنطقة من التسرب بالكامل، وأكد الدوسري إصابة رجلين من الدفاع المدني بضيق في التنفس, مشيرا إلى أنهم تلقوا العلاج اللازم وغادروا المستشفى على الفور.
تعليق الدارسة في 51 مدرسة
وعلى الصعيد ذاته قال الدكتور عبد الرحمن المديرس مدير إدارة التربية والتعليم في الشرقية, إنه تقرر تعليق الدراسة في الأحياء السبعة رسميا حسب التعليمات التي وصلتهم من إدارة الدفاع المدني عن حدوث تسرب غازات كيميائية, مشيرا إلى أنه تمت مخاطبة جميع مديري المدارس فجر أمس لتعليق الدراسة. في المقابل أكد فهد العنزي الناطق الإعلامي في تعليم الشرقية أنه تم تعليق الدراسة في 51 مدرسة للبنين والبنات في الأحياء السبعة, موضحا أن لدى جميع مديري ومديرات المدارس في الأحياء الأخرى صلاحية تعليق الدراسة خارج الأحياء الخطرة متى دعت الحاجة إليها. 6 حالات اشتباه من جهته، أكد سامي السليمان مدير العلاقات العامة في المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية أن ست حالات راجعت مجمع الدمام الطبي ومستشفى الولادة والأطفال في الدمام أمس وقد غادرت المستشفى بعد تلقي العلاج اللازم، ولم تسجل أي حالات أخرى، فيما لم يثبت أن الحالات التي راجعت المستشفى كانت بسبب تسرب الغاز. وبين السليمان أن أربع حالات كانت في مستشفى الولادة والأطفال وحالتين في مجمع الدمام الطبي " يشتبه " بأن تكون قد تعرضت لاستنشاق الغاز المتسرب. وأكد أن هناك تنسيقا بين مستشفى الولادة والأطفال ومركز السموم، وذلك من خلال تحويل بعض العينات لمراجعين تم الاشتباه في حالاتهم إلى مركز السموم من أجل معرفة مكونات الغاز وآلية التعامل الطبي الأمثل معه من قبل قسم الطوارئ في المستشفى. وقال السليمان إن الأعراض تكون عبارة عن سعال وضيق في التنفس ويتم إعطاؤهم جلسات أكسجين، إضافة إلى موسع للشعب الهوائية إذا استدعت الحالة.
كما أن أقسام الطوارئ في مستشفى الولادة والأطفال وبقية المستشفيات اتخذت كافة الوسائل الاحتياطية لاستقبال أي حالة قد يكون مشتبه بتعرضها إلى الغاز، مشيرا إلى أن عدد المراجعين لقسم الطوارئ في مستشفى الولادة والأطفال في الدمام بلغ 260 حالة منذ عصر الثلاثاء وحتى أمس الأربعاء وهو المعدل الطبيعي خلال هذه الفترة من العام. من جانبه، قال الدكتور فارس العنزي الإخصائي في قسم علوم المختبرات الطبية في كلية العلوم الطبية التطبيقية, إنه إذا تكونت المادة من أول أكسيد الكربون فقد يتحد مع الدم ويتسبب في آثار سامة من خلال تقليصه لنسبة الأوكسجين في الدم داخل الجسم, لافتا إلى أنه في حالة التعرض المباشر لابد من مراجعة المراكز الصحية للتأكد من عدم تعرضهم لهذا الغاز, نتيجة لما قد يسببه من اضطرابات صحية.
130 مصنعا توقف نشاطها من جهتها
أكدت شركة الشرق الأوسط الهندسية المحدودة MEELSA في بيان صحفي أنها تعمل بصورة فعالة على معالجة الوضع في منشآتها في الدمام، مشيرة إلى أنها تعمل بالتعاون مع فرق الطوارئ والسلطات السعودية المعنية، وأكدت أنها تتخذ كافة الإجراءات الممكنة لضمان سلامة وأمن المجتمع. ورجحت مصادر صناعية أن يؤدي توقف نشاط أكثر من 130 مصنعا في المدينة الصناعية الأولى في الدمام إلى تكبدها خسائر مالية تفوق 700 مليون ريال في اليوم الواحد، إضافة إلى عدم تمكنها من الالتزام بعقودها تجاه عملائها، وفي هذا الصدد أكد لـ«الاقتصادية» عبد الرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية أن إيقاف العمل في المدينة الصناعية الأولى في الدمام سيتسبب في خسائر مالية كبيرة للمصانع الموجودة في المدينة, موضحا أن هذه المصانع لديها خطوط إنتاج يومية نظير التزامها بعقود مع عملائها، لافتا إلى أن هذا التوقف سيضرها كثيرا. وأضاف الراشد أن سلامة العاملين في المدينة هي ما دعت الجهات المسؤولة إلى اتخاذ قرار الإيقاف الذي يعتبر الأهم بالدرجة الأولى, مضيفا أن المصانع قادرة على تعويض خسائرها. وأشار الراشد إلى أنه ينبغي التأكد من توافر وسائل السلامة اللازمة لمواجهة مثل هذه الحوادث التي تكون المصانع عرضة لها نظرا لطبيعة عملها, مشيرا إلى أن هناك معايير عالمية لوسائل السلامة اللازمة الواجب توفرها في المصانع. يشار إلى أن المدينة الصناعية الأولى في الدمام تضم 130 مصنعا, يشتمل إنتاجها على صناعة المواد الغذائية والأثاث والورق والطباعة, وصناعة المواد الكيماوية ومنتجات البلاستيك، إضافة إلى منتجات الأسمنت والرخام, الألمنيوم والمنتجات المعدنية, والأجهزة الكهربائية والمواد العازلة, إضافة إلى إنتاج بعض قطع غيار السيارات.
بوليصات تأمين على حوادث التسرب
أوضح عماد الدين الحسيني العضو المنتدب لشركة الوسطاء السعوديين للتأمين ووفقا لـ«الاقتصادية» أن تأمين حوادث التسرب يسمى المسؤولية تجاه الغير بمعنى تعويض الطرف الثالث, حيث إن المصانع التي تقوم بالتأمين تجاه الغير نتيجة الأخطار الطارئة، التي قد تتسبب في الخراب والإصابات والوفيات يعتمد على البوليصة التأمينية, موضحا أن طلب التأمين يختلف من مصنع إلى مصنع، حيث إن هناك مصانع تطلب الحد الأعلى وهناك مصانع أخرى تطلب الحد الأدنى.
ما هو " الإيبوكس " ؟
استبعد خبير في الكيمياء أن يكون التسرب الذي حدث في الدمام عبارة عن تسرب غاز النيتروجين والهيدروجين ونسبة من الكربون ليشكل خليطا يدعى مادة "الإيبوكس" كما ورد في بيان الدفاع المدني في المنطقة الشرقية. وقال الدكتور نوري حسن أستاذ الكيمياء في جامعة الملك فهد، أن الأيبوكس عبارة عن بوليمرات على شكل حبيبات صلبة صغيرة الحجم يتم صهرها لتشكل مادة سائلة ثم يتم استخدامها لتغليف الكابلات الكهربائية، ولكي ينتج أبخرة لابد من تعرضه لحرارة شديدة أو أن يتفاعل مع مادة أخرى نتيجة لأخطاء في التخزين، مشيرا إلى أن الأبخرة الناتجة عن احتراق الإيبوكس تشكل خطورة كونها أبخرة سامة أو مسرطنة، مضيفا أنه بالنسبة للفورمالدهايد فهي مادة عضوية تكون في حالة صلبة أو سائلة وهي خطرة عند التعامل معها، ولكنها لا تطلق أبخرة بشكل خطر إلا في حالة الاحتراق أو التحلل الحراري الكيميائي، مبينا أنه لتقييم الوضع بدقة لا بد من إجراء تحاليل للأجواء ودراسة مصدر الغازات المتسربة.
خطاء بشرية وراء التسربات
أكد عضو هيئة التدريس ورئيس قسم الفيزياء «سابقا» في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالدمام الدكتور علي الشكري أن معظم الغازات الموجودة حاليا في المصانع في السعودية غير قاتلة عند تسربها أما نسبة القاتل منها فقليلة وتوجد خارج النطاق العمراني. لافتا إلى أن مثل هذه التسربات تقف وراءها أخطاء بشرية وهي تحدث في جميع أنحاء العالم.
04e96b2432819e.jpg
وقال شكري لـ«شمس» إن غاز النتروجين ليس خطيرا على الإنسان أما الهيدروجين فهو غاز سريع الاشتعال بينما هناك أضرار مؤقتة لغاز ثاني أكسيد الكربون ومنها تسببه في احمرار العيون وسيلان الدموع كما أنه يسبب حرقة خفيفة في الأنف بسبب ملامسته للمادة السائلة بها كما يسبب أيضا حرارة في الحلق وضيقا في التنفس وحموضة في الفم وهذه عادة ما تكون في الأماكن القريبة من التسرب أما البعيدة فقد لا يشعر الإنسان بتلك التأثيرات. أما مدير لجنة الجبيل للطوارئ «جماعة» ناصر السبيعي فأكد بدوره قلة المواد أو الغازات السامة في المصانع ومنها مادتا «الأمونيا» و«الكلورين»، لكنه دعا الدفاع المدني للتعرف عليها وتحديد نسبتها ونسبة العمل عليها ونسبة تخزينها الشهري والتعرف كذلك ما إذا كانت أجهزة إنذار ضد هذه التسربات.
نقل المنطقة ليس حلا.. والتعويض من حق المتضررين
اعتبر صناعيون بالمنطقة الشرقية أن نقل المنطقة الصناعية الأولى خارج النطاق العمراني ليس حلا، وأن الحل يكمن في تطبيق أنظمة السلامة العالمية خاصة وأن معظم مصانع المنطقة لا تشكل أي خطر على البيئة باعتبارها صناعات تحويلية. وقال رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية سلمان الجشي: الوقاية من هذه التسربات الغازية لن يحدث إلا إذا كانت هناك أنظمة سلامة عالمية مطبقة. مشيرا إلى أن نقل المنطقة ليس منطقيا «ألمانيا أكثر الدول تشددا في المعايير البيئية لكن بها مصانع وسط المناطق السكنية».
بدوره قدر نائب رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية عبدالله الصانع الخسائر المادية التي لحقت بالمصانع بمئات الملايين جراء تعطيل العمل بالمنطقة الصناعية «ليس من السهل إيقاف مصانع عن الإنتاج ليوم كامل». وأشار إلى أن نسبة المصانع التي لها علاقة بالصناعات الكيميائية بالمنطقة لا تتجاوز 5 % من عدد المصانع التي تبلغ ما بين 250ـ260 مصنعا. وجدد رفضه لفكرة نقل المنطقة الصناعية خارج النطاق العمراني «كصناعيين غالبية المصانع في الصناعية الأولى لا تشكل أي ضرر على البيئة، ويمكن نقل المصانع التي يمكن أن تسبب مشكلات فقط».
إلى ذلك أكد المستشار القانوني عضو لجنة حماية البيئة أحمد المحيميد لـ«شمس» أن إنشاء المصانع داخل المدن السكنية مخالف للأنظمة ومن حق المتضررين إقامة دعوى تعويض ضد المصنع الذي تسرب منه الغاز أمام المحكمة الإدارية «ديوان المظالم» وهي الجهة المختصة بالنظر في قضايا البيئة وفقا للنظام العام لحماية البيئة الصادر عام 1422هـ الذي ألزم المصانع باتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة والحد من تأثيراتها ووضع خطة طوارئ عند حدوث أي كارثة بيئية.
تأثيرات سالبة متوقعة للتسرب
أكد الخبير البيئي الدكتور سعيد القرني أن تسرب الغاز الذي وقع ستكون له تأثيرات بيئية وصحية وبيئية على الإنسان والحيوان والنباتات، اعتمادا على نسبة التسرب الحاصلة.
وقال لـ«شمس» إن وجود المصانع داخل النطاق العمراني يعتبر بحد ذاته خطرا كبيرا على الإنسان، نظرا لحجم التلوث الذي يخلفه والذي قد ينتج عنه كوارث بيئية خطيرة جدا. منتقدا عدم وجود تخطيط مسبق لوضع المصانع وما ستكون عليه في المستقبل. ولفت إلى أن المعلومات الأولى تشير إلى أن الغازات المتسربة هي غازات النيتروجين والهيدروجين ونسبة قليلة من الكربون، التي تعتبر خاملة ونشطة ولها تأثيرات سلبية على الحياة، نتيجة الاستنشاق، الذي قد يؤدي إلى أمراض في الجهاز التنفسي أو العصبي أو الدماغ.
مواقع النشر