اهــــ(الأحداث)ــــم

• تداول خسارة 78.41 نقطة عند 12,093.35 • دونالد ترامب رئيساً امريكياً • 18 طائرة إغاثية سعودية للبنان • قاذفات B52 تحوم شرقنا الأوسط • قصف: طهران كرج خوزستان إيلام قم وشیراز • نزع اسلحة احزاب ايران مطلب • متى تضرب إيران اختها ؟!!! • الغرب وازِمة اقتصادية
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    افتراضي سوق عكاظ وريادة بني عامر (بحث أ. فهيد الفراعنه السبيعي)

    عكاظ•
    عكاظ في العهد الجاهلي:
    عكاظ أعظم أسواق العرب في الجاهلية، بل هي السوق التجارية الكبرى لعامة أهل الجزيرة العربية ، يحمل إليها من كل بلد تجارته وصناعته كما يحمل إليها أدبه .
    لم تكن أسواق العرب بالمستوى نفسه بل كان لسوق عكاظ منزلة ممتازة بينها، ويليها في هذه المنزلة سوقا مجنة وذي المجاز (1).
    وكانت سوق عكاظ تقام في أول ذي القعدة من كل عام وتستمر حتى العشرين منه ، إذ تبدأ سوق مجنة فيرتحل إليها الناس وهي أقرب من مكة ، فإذا أهل ذو الحجة ارتحل الناس إلى ذي المجاز قرب عرفة وبقوا فيها حتى يوم التروية فيبدأ الحج وكان وضع السوق في الجاهلية عبارة عن صحراء مستوية تنصب فيها القباب(2 ) ( الخيام) خلال انعقاد السوق لعلية القوم والمحكمين.
    • عكاظ في العهد الإسلامي:
    إن ارتباط سوق عكاظ بالإسلام يعود إلى المراحل الأولى لبداية الدعوة الإسلامية وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق عكاظ في صباه محارباً ومتسوقاً ثم بعد نزول الوحي عليه داعياً إلى الله( 3)ذ مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يحضر فيها مواسم أسواق عكاظ ومجنة وذي المجاز يتبع فيها الحاج يدعوهم إلى الإسلام .
    هذا الارتباط المبكر للرسول صلى الله عليه وسلم بسوق عكاظ في المراحل الأولى لنشر الدعوة الاسلامية ينم عن الدور الذي كانت تلعبه السوق بوصفها مكاناً تلتقي فيه القبائل العربية من مختلف أنحاء الجزيرة للتبادل التجاري ولعقد الندوات الأدبية هذه السوق بدأ دورها في الاضمحلال مع بداية انتشار الإسلام بين القبائل العربية خاصة قبائل هوازن وثقيف ، هذا الاضمحلال ارتبط بالجانب الأدبي للسوق وبما كان يلقى في هذه السوق من شعر التفاخر والتماجد .
    أما الجانب التجاري فقد استمر خلال العصر الإسلامي حتى نهاية الفترة الأموية كما تشير إلى ذلك المصادر التاريخية فالسوق لم تزل قائمة إلى أن خربت ونهبت على أيدي الخوارج الحرورية سنة 129هـ(4 )
    • عكاظ في المصادر المتقدمة:
    قال الأصمعي: [ عكاظ نخل في وادٍ بينه وبين الطائف ليلة، وبينه وبين مكة ثلاث ليال، وبه كانت تقوم سوق العرب بموضع يقال له الأثيداء من عكاظ وبه كانت أيام الفجار وكانت هناك صخور يطوفون بها ويحجون إليها(5 )] أ.هـ
    وقال الأزرقي: [ وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء في عمل الطائف على بريد منها وهي سوق لقيس عيلان وثقيف وأرضها لنصر ] أ.هـ
    وقال ابن اسحاق( 6) : [ أنها في ما بين نخلة والطائف إلى بلد يقال لها الفتق بضم الفاء والمثناة بعدها قاف] ، وذكر الهمداني(7 ) أن الفتق – خربت وإنك إا صليت وأنت في الفتق وقع الطائف بينك وبين مكة وبينها وبين المناقب مرحلة.
    وقال الهمداني : [ عكاظ بمعكد هوازن وهو سوق العرب القديمة وهو لبني هلال اليوم ...
    قُرَّان وشرب مكانان من أرض عكاظ وهذه المواضع من الجرداء ويضرب على مشرق هذه المواضع جبل حضن من المحجة على يوم وكسر ثم ضرب الناس من قُرَّان و شرب ذات اليسار فعلوا رأس السّراة وهي المناقب وانحدروا فيها] أ.هـ.
    وقال أبو عبيد البكري: [ عُكَاظ بضم أوله وفتح ثانيه وبالظاء المعجمة صحراء مستوية لا علم فيها ولا جبل إلا ما كان فيها من الأنصاب التي كانت بها في الجاهلية وبها دماء الإبل كالأرحاء العظام ، وكانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً لمكة في الجاهلية وعكاظ على دعوة من ماء يقال لها " بقعاء " بئر لا تنكف واتخذت سوقاً بعد عام الفيل بخمس عشرة سنة وتركت عام خروج الحرورية مع المختار بن عوف سنة 129هـ ... إلخ.
    قال عرّام السلمي( 8) ": [ والقفا جبل لبني هلال حذاء جبل (عِن) وحذاؤه جبل يقال له (بس) , في أصله ماء يقال لها: ( بقعاء) لبني هلال وهي بئر كثيرة الماء ليس عليها زرع وحذاؤها أخرى يقال لها (الخدود) وعكاظ منها دعوة ].
    قال الشاعر :
    فقالوا هلاليون جئنا من أرضنـا
    إلى حاجة جبنا لها الليل مدرعـا


    وقالوا خرجنا من " القفا " وجنوبه
    و " عُن " فهم القلب أن يتصدعـا
    وقال : ابن خلدون(9 ) :[ ومن أعمال الطائف سوق عكاظ والعرج وعكاظ حجز بين اليمن والحجاز].
    وقال: الهمداني(10 ) ": وكان عكاظ في وسط أرض قيس عيلان " وقال " عكاظ بمعكد هوازن وهو سوق العرب القديمة لبني هلال اليوم.
    وقال: ابن حبيب في معرض حديثه عن يوم شمطة(11 ) " فاعتزل بهم ( بلعاء بن قيس ) إلي جبل يقال له رخم لبني هلال اليوم.
    ويقول حمد الجاسر : [ دخم الجبل الذي لجأت إليه بنو كنانة يوم شمطة لا يبعد أن يكون – هو الجبل المسمى في عهدنا " بالصالح " بقرب قرية العرب لعدوان ].
    وقال ابن خميس(12 ): [ جبال الصالح ] طرفها من الجنوب يقال له " جبل العقرب " وهو لابن عثمان من عدوان عنده " قرية العقرب" بها نخيلات وعين جارية.. وجبال الصالح هذه (تشرف على وادي شرب ) ويضيف ابن خميس وهو على قمة جبل الخلص وقد جعل منها نقطة ارتكاز لجولته في عكاظ قال: ( فتشاهد من جبلك هذا الذي تحته هضيبة صغيرة تدعى في العرف "نصلة " أو " رخيمة" تسمى "الشظفاء" أدنى ما يكون لجبلنا الذي نقتعد رأسه جنوبية وحولها قبور وأنصاب ومنها بنية مرتفعة على قبر يقال له قبر أحمد صاحب المبعوث يعظم قديماً عند أهل هذه الناحية . ويعتقد ابن خميس أن هذه الرخيمة ( الشظفاء) أنها ما يعرف قديما بشمطة مجهولة المكان الآن...
    وقال: أبو الفرج الأصبهاني في حديثه عن اليوم الثاني من أيام الفجار(13 ) فلما إستحر القتل بهم, قال أبو مساحق بلعاء بن قيس لقومه: الحقوا برخم (جبل) ففعلوا وانهزم الناس " .
    وقال البكري: عن يوم شمطة(14 ) " يوم لهوازن علي كنانة وقريش ولم يقتل من قريش أحد يذكر واعتزلت بكر بن عبد مناة ابن كنانة إلي جبل يقال له ( دخم) فلم يقتل منهم أحد والجبل الذي سماه البكري دخماً هو نفس الجبل الذي سماه الأصفهاني وابن حبيب رخماً.
    ويروي أن المواضع التي وقعت فيها أيام عكاظ الأربعة وهي عكاظ نفسها أوقريب منها وهي : شمطة , والعبلاء , وشرب والحريرة , والتعرف علي هذه الأماكن يمدنا بدلالة قوية علي موقع سوق عكاظ الذي كانت قبائل العرب تجتمع فيه كل عام ويتفاخرون فيها ويحضرها شعراؤهم ويتناشدون ما أحدثوا من الشعر ثم يتفرقون ويقيمون فيه لمدة شهر , فيذكر أبو عبيدة(15 ) " أنه كان بعكاظ أربعة أيام :يوم شمطة , ويوم العبلاء , ويوم شرب , ويوم حريرة , وكلها من عكاظ .
    وقال السهيلي(16 ) " : وكانت الفجارات في العرب أربعة ذكرهن المسعودي وآخرهن فجار البرَّاض ( بقتله عتبة الرحال بن جعفربن كلاب ) قال: وكان القتال فيه أربعة أيام , يوم شمطة , ويوم العبلاء وهما من عكاظ ...
    وقال : الاصفهاني(17 ) " فسبقت هوازن قريشاً فنزلت شمطة من عكاظ .... والتقوا على قرن الحول بالعبلاء وهو موضع قريب من عكاظ ..... ثم اليوم الخامس وهو يوم الحريرة وهي حرة إلي جانب عكاظ ".
    وقال " البكري(18 ) " : ثم التقت الأحياء المذكورة علي رأس الحول , وهو اليوم الرابع من يوم نخلة التقوا بشرب من عكاظ, ثم التقوا علي رأس الحول بالحريرة , وهي حرة إلي جنب عكاظ مما يلي مهب الجنوب وقال : ابن حبيب(19 ) " فنزلت هوازن شمطة من عكاظ " وقال أيضاً : والتقوا بالعبلاء وهو أعبل إلي جنب عكاظ ...... فالتقوا بشرب من عكاظ ..... الحريرة وهي حرة إلي جنب عكاظ مما يلي جنوبها ثم تقبل تريد مكه من مهب الصبا حتى تقع دوين قرن ".
    وقال ياقوت الحموي:[ والعبلاء علم على صخرة بيضاء بجانب عكاظ ...
    قلت: ولعل تلك الصخرة البيضاء التي ذكرها ياقوت هي ما دعاها عمر بن أبي ربيعة باسم المروة من عكاظ .
    هـاج فـؤادي مَحْضـرٌ
    بـذي عكـاظ مقـفـر

    حتـى إذا مـا وازنــوا
    المـروة حيـن ائتمـروا

    قيـل انزلـوا فعرسـوا
    من ليلكم وانشمروا(20 )
    وقال الهمداني(21 ) " : قرن وشرب مكانان من أرض عكاظ
    . ويمكن القول أن عكاظ تقع في أرض فسيحة شرقي شمال الطائف علي بعد 35- 40 كيلا وهي على طريق حاج اليمن إلى قرن المنازل ويضرب علي مشرق هذه المواضع جبل حضن وتتوسط المواضع التي سبق ذكرها من المصادر المتقدمة على طريق حاج اليمن المتجه إلي قرن المنازل ( السيل الكبير ) وقد أصاب عرام السلمي في وصفها ووصف الأعلام المحيطة بها.....
    • أيام العرب التي دارت في عكاظ:
    ذكر أبو عبيدةالبكري:أنه كان بعكاظ أربعة أيام – يوم شمطة ، ويوم العبلاء ، ويوم شرب(22 ) ، ويوم الحريرة(23 ) وهي كلها من عكاظ.
    فشمطة والعبلاء وهما من عكاظ وهو أول يوم اجتمعت به قريش وحلفاؤها من بني كنانة وهوازن بعد يوم نخلة وقد سبقت هوازن قريشاً فنزلت شمطة دون المسيل – ( مسيل وادي عكاظ ) وكان يوم شمطة(24 ) لهوازن على قريش وكنانة واعتزلت بكر بن مناة بن كنانة إلى جبل يقال له دخم فلم يقتل منهم أحد.
    قال خداش بن زهير العامري:
    أبلغ إن مررت به هشاما
    وعبد الله أبلغ والوليـدا


    بأنا يوم شمطة قد أقمنـا
    عمود المجد إن له عمودا
    ثم بعده يوم العبلاء- والعبلاء جنوبي عكاظ – وشماله وادي شرب ووادي قُرَّان ، وشرقاً صحراء ركبة وضلع الأخلص.
    وكان يوم العبلاء أيضاً لهوازن على قريش وكنانة
    قال خداش بن زهير العامري:
    ألم يبلغـك أنـا جدعنـا
    لدى العبلاء خِنْدف بالقباد؟

    ضربناهم ببطن عكاظ حتى
    تولوا طالعين مع النجـاد
    أنظر قوله : ضربناهم ببطن عكاظ مما يدل على أن العبلاء قرب عكاظ بل أنها قرب التقاء وادي الأخيضر ( عكاظ قديماً) بوادي شرب.
    ثم بعد ذلك يوم شرب من أرض عكاظ وفيه انهزمت قيس ومنها هوازن.
    قال بلعاء بن قيس:
    إن عكاظ ماؤنا فخلـوه
    وذو المجاز بعدُ لن تحلوه
    وانهزمت قيس كلها إلا بني نصر فإنها صبرت مع ثقيف وذلك أن عكاظاً بلدهم ولهم فيه نخل وأموال ولكنهم انهزموا أخيراً فقال أمية بن الأسكر الكناني:
    ألا سائل هوازن يوم لاقـوا
    فوارس من كنانـة معلمينـا

    لدى شربٍ وقد جاشوا وجشنا
    فأوعب في النفير بنوا أبينـا
    ثم كان بعد ذلك يوم الحريرة وهي حرة إلى جنب عكاظ مما يلي مهب الجنوب فكان لهوازن على قريش وكنانة – وهو يوم الحرة قال ياقوت: [ العبلاء: إسم علم لصخرة بيضاء إلى جنب عكاظ(25 ) ] أ.هـ.
    وقد ذكر ابن بليهد نقلاً عن عرام ابن الأصبغ السُّلَمي : [ .. وإذا كنت في عكاظ طلعت عليك الشمس على حرة سوداء وبها عبيلات بيض كان العرب يطوفون بها في جاهليتهم وينحرون عندها(26 ) ] أ.هـ.
    وأضاف الشيخ ابن بليهد قوله:
    [ ومن كل ذلك ثبت عندي أن موضع عكاظ- يبعد عن مطار الحوية مسافة( 10كم) عشرة كيلومترات تقريباً من الجهة الشرقية منه وعن الطائف مقدار (40كم ) أربعين كيلومتر وذلك عند المكان الذي يلتقي فيه الواديان شرب ووادي الأخيضر شرقيّه ماء يقال له المبعوث عند الحرة السوداء وجنوبيه أكمة(27 ) بيضاء يقال لها العبلاء من العهد الجاهلي إلى هذا العهد ، وشماليه هو الحد الفاصل بين وادي شرب ووادي قران المعروفين بهذين الاسمين إلى هذا العهد ] .
    وله أيضا :
    [ فأما التحديد الصحيح الذي هو صادر عن معرفة ويقين فهو الذي ذكرته في أول هذه العبارة فمن أراد أن يقف برجله ويرى الآثار الدارسة والأطلال البالية فليذهب إلى هناك كما ذهبت إليها ورأيتها بعيني ووقفت على حقيقتها فأنا لم أذكر تحديد هذا السوق إلا مستنداً على أسانيد صحيحة ]. أ.هـ.
    وقال الشيخ حمد الجاسر في خلاصة بحث له مطول عن سوق عكاظ:
    [ .. أن جميع الأوصاف المتقدمة تنطبق إنطباقاً تاماً على الأرض الواسعة الواقعة شرقي الطائف بميل نحو الشمال خارج سلسلة الجبال المطيفة به – وتبعد تلك الأرض عن الطائف (35كم ) خمسة وثلاثون كيلومتراً تقريباً – يحدها غرباً جبال بلاد عدوان ( العقرب، شرب ، العبيلاء) وجنوباً أبرق العبيلاء وضلع الخلص ، وشرقاً صحراء ركبة وشمالاً طرف ركبة والجبال الواقعة شرق وادي قران وتشمل هذه الأرض – وادي الأخيضر – وهو المعروف في العهد القديم باسم وادي عكاظ – ووادي شرب حينما يفيضان في صحراء ركبة ويخرجان من الجبال وما بينهما من الأرض وما يتصل بهما من طرف ركبة ] أ.هـ.
    وقال حمد الجاسر: [ ولي بحث حددت فيه موقع عكاظ ، مطبوع في رسالة وخلاصته : أنه يقع جنوبي الطائف بمسافة تبلغ بضعة عشر كيلا عند التقاء أودية الطائف ومفيضها في طرف سهل ركبة يمر به الآن طريق السيارات إلى نجد.. أ.هـ ] (28 )
    قال الشيخ ابن خميس(29 ) :
    [ رأينا من مجموع هذه الأقوال المتقدمة التي هي الخلاصة لما قيل في تحديد موقع سوق عكاظ قديما وحديثاً – ومن دراستي للمنطقة دراسة دقيقة أقف بقدمي وأرى بعيني وأستعين بخبير ثبت من سكان المنطقة أختاره لي سعادة الشهم المفضال عبد العزيز بن فهد بن معمر أمير الطائف حيث قضيت سحابة يوم كامل هنالك أستعرض أقوال العلماء وأطبقها على واقع الأرض وأحاول تضييق دائرة التحديد حتى خرجت بما يلي :
    في متسع(30 ) من الأرض يحده من الجنوب ملتقى وادي شرب بوادي العرج ( الأخيضر ) والعبلاء ومن الغرب جبال الصالح وجبال مدسوس ومدفع وادي المهيد ومن الشمال الشظفا والخلص ومشرفة وماء المبعوث ومن الشرق الدار السوداء والحرة.. وفيما بين هذه الأعلام يقع سوق عكاظ وهي تشكل شكلاً مستطيلاً لا يتجاوز طوله من الجنوب إلى الشمال أربعة أكيال (4كم ) ومن الغرب إلى الشرق كيلين ( 2كم ) وهذا التحديد يدخل الأنصاب الحجارة المنصوبة التي تدعى الآن ( بالمرزَّز ) كما أن هذه المنطقة هي مدفع ثلاثة أودية العرج و شرب و المهيد...
    قال: وهذا التحديد لا يخرج تقريباً عما حدده الأستاذان ابن بليهد والجاسر إلا أنه أضيق دائرة مما حدداه... ]
    الاسم والتاريخ والتجارة والثقافة والشعر والأدب
    عن ذلك قال الشيخ ابن خميس : [ وعكاظ أعظم معرض في جزيرة العرب للتجارة والصناعة والفن – وأعظم مؤتمر للرأي والسياسة والاجتماع وأكبر منتدى للشعر والخطابة ولبلاغة .. ولم تبلغ المعارض الدولية اليوم على ما بها من تنسيق وتنظيم وابتكار .. ما بلغه سوق عكاظ من حيث كثرة الرواد وتعدد الأهداف واستيعاب القبائل وحرارة اللقاء .. يلتقي فيه اليمني والعراقي والعماني والشامي بالنجدي والحجازي والهَجَري .. وتؤمه تجارة الفرس والأحباش وغيرهما من الأمم فتجد لطيمة كسرى مجالا تنفق فيه هنالك كما تعرض به بضائع العراق وهجر وبصرى وعدن وبلاد الشام .. البرود والأُدم وأنواع الطيب والسلاح والحرير والحذاء والزيوت والزبيب والسيوف والرماح والحلل والخيل ، ونجائب الإبل..
    تقبل القوافل إليه محملة بأجمل ما تنتجه الجهة المقبلة منها إن تجارة أو صناعة أو زراعة .. وتعود محملة بما لا يوجد في جهتها بعد عرضه وتسويقه بعكاظ وتكون بين القبائل العربية وجيرانها مصارمة ومنافرة وحروب وثارات .. وتقبل كل قبيلة تحمل مشاكلها وتهيئ حجتها وتعد العدة لمقارعة الحجة بالحجة وكسر حدة الخصم ..
    وتخرج كل قبيلة أو زعيم على عادة من عادات العرب أو سنة من سننهم فتسمع منتديات عكاظ ما أتته هذه القبيلة أو هذا الزعيم .. فيكون الحكم عليها قاسيا وتُحملها الأمم المشتركة في عكاظ عار الدهر فتبوء به خزيا مخلدا...ويضطلع بالحكم في هذا وذلك وسواهما من مشاكل سياسية أو اجتماعية حكماء اتفق العرب على تحكيمهم وجعلوا قولهم الفصل وحكمهم العدل.
    وكان بين أولئك حكيم العرب " قس بن ساعدة الإيادي "
    وقف على جمل أورق وتضام الناس حوله وجعل يقول فيهم:
    [ أيها الناس اسمعوا وعوا
    من عاش مات
    ومن مات فات
    وكل ما هو آت آت
    ليل داج
    ونهار ساج
    وسماء ذات أبراج
    ونجوم تزهر
    وبحار تزخر
    وجبال مرساة
    وأرض مدحاة
    وأنهار مجراة
    إن في السماء لخبراً
    وإن في الأرض لعبرا
    ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون؟!
    أرضوا بالمقام فأقاموا
    أم تركوا فناموا؟
    يقسم قس بالله قسما لا إثم فيه : إن لله دينا هو أرضى لكم وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه إنكم لتأتون من الأمر منكرا:
    في الذاهبيـن الأوليـن
    من القرون لنا بصائـر

    لما رأيت موارداً للموت
    ليـس لهـا مـصـادر

    ورأيت قومـي نحوهـا
    يمضي الأكابر والأصاغر

    لا يرجع الماضي إلـيَّ
    ولا من الباقيـن غابـر

    أيقنت أنـي لا محالـة
    حيث صار القوم صائـر
    وكان من المجتمعين حوله غلام يسمع ويعي ما يقول – هذا الغلام هو محمد صلى الله عليه وسلم قال بعد أربعين سنة من هذا المشهد لوفد إياد وقد جاؤا يبايعونه على الإسلام ( كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل له أورق وهو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أجدني أحفظه فقال رجل من القوم أنا أحفظه يا رسول الله ، فتلاه عليه فلما انتهى قال النبي صلى الله عليه وسلم [ يرحم الله قساً إني لأرجو أن يبعث يوم القيامة أمة وحده ]
    ولم يكن العرب يحرصون على شئ أكثر مما يحرصون على البيان ولم يكن الفخر لديهم أعظم من أن يكون في القبيلة لسان يشيد شعره بمفاخرها ويتغنى بمآثرها وينشر ذكرها ويرفع قدرها .. وتقتعد عن طريق شعره قمة الفخر والسؤدد والمجد..وركزت أمة العرب فخرها في لسانها فجاءت عن طريقه بالمعجزات ..
    وتضرب قبة أدمٍ بهذا السوق يتربع بها نابغة بني ذبيان حكما أول لينتظم حوله عقد الشعراء من كافة القبائل يعرضون عليه حصاد عامهم ذلك مما هذبته القرائح وأبدعته الأفكار.. فيصدرون عن حكم صيْرف يصنف الشعر وينقده ويضعه حيث تكون منزلته ... ويزدحم شداة الشعر ومريدوه حول قبته الحمراء يتبارون في عرض تجاربهم الشعرية وينتظرون القول لمن تصدر له التهنئة بالشاعرية المقبلة انطلاقاً من قصيدته المعروضة ليتناقل أهل عكاظ الخبر بأن القبيلة الفلانية نبغ بها شاعر فتذهب هذه تقيم الولائم وتتبادل التهاني وتجعل من ابنها الفائز في عكاظ علماً ترمقه الأبصار وتحتضنه القلوب..
    التعديل الأخير تم بواسطة عز المجاهيم ; August 30th, 2009 الساعة 19:35

  2. #2

    افتراضي

    وخلص الشيخ ابن خميس إلى القول :
    [ ولم يكن هذا المجتمع العظيم ليفوت صاحب الرسالة(31 ) عليه الصلاة والسلام بل قصده يتخول الناس بالموعظة ويدعوهم إلى ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة ويلقى زعيم كل قبيلة أو ذي شأن فيها بالتبشير والتحذير والوعد بشرف الدنيا وجزاء الآخرة فيلقى ما يلقى من عنت وصدود وتنكر لما أتى به فيحمل نفسه على الصبر ويروضها على الأناة.. وكما كان سوق عكاظ معرضا للتجارة ومؤتمراً للسياسة والرأي والاجتماع ومنتدى للأدب ومجمعاً للغة .. وكلها خلال حميدة مفيدة فكذلك هو مبعث منافرة وزناد حرب تحفزها العادات الجاهلية وتثيرها العصبيات لتلقح بحروب لا تخبو نارها ولا يهدأ أوارها فكانت بعكاظ أيام الفجار وسميت بالفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم التي يحترمها العرب ولا يتقاتلون فيها هذه الحروب وقعت بين كنانة وقريش من جهة وبين قيس ومنها هوازن من جهة أخرى وذلك لأسباب وقصص يطول شرحها.
    وإلى بعض أشعارهم:
    قال أبو ذؤيب الهذلي :
    إذا بُني القباب على عكاظٍ
    وقام البيع واجتمع الألوف
    وبين أمية بن خلف الخزاعي وحسان بن ثابت مهاجاة قال فيها أمية :
    ألا مبلـغ حسـان عـنـي
    مغلغلة تدب إلـى عكـاظٍ؟


    أليس أبوك فينا كـان قينـاً
    لدى القينات فسلاً في الحفاظ


    يمانيـا يظـل يشـد كيـراً
    وينفخ دائماً لهـب الشـواظ
    فأجابه حسان :
    أتاني عن أميـة زور قـولٍ
    وما هو بالمغيب بذي حفاظِ

    سأنشر ما حييت لهم كلاماً
    ينشر في المجامع من عكاظِ
    ومن الأمثال السائرة في الشعر :
    فإنك ضحَّاك إلى كل صاحب
    وأنطق من قس غداة عكاظها
    وقال المخبل مفتخراً:
    ليالي سَعْد في عكاظ يسوقهـا
    له كل شرق من عكاظ ومغرب
    قال ابن خميس :
    [ أما بداية هذه السوق فللعلماء بها أقوال كثيرة لا تخلوا كلها من مقال إلا أن المرجح أنها بدأت في القرن الخامس الميلادي ويرى صاحب كتاب " أسواق العرب " الأستاذ سعيد الأفغاني أنها قد عمرت أكثر من قرنين ونصف وقد ظلت هذه السوق مستمرة بعد ظهور الإسلام إلى ظهور الخوارج الحروريى مع المختار بن عوف حيث نهبوها سنة 129هـ ومن ثم توقفت إلى هذا العهد].
    أيام الفجار و حروب عكاظ في (بلاد قيس عيلان)
    الفجار : اربعة أفجرة وكلها بسوق عكاظ . فالفجار الأول كان بين كنانة وهوازن ولم يقع بين الحيين قتال في ها اليوم وأما الفجار الثاني فقد كان بين قريش وهوازن ووقع بين القوم فيه قتال ودماء يسيرة فحملها حرب ابن أمية وأصلح بينهم وأما الفجار الثالث فقد كان بين كنانة وهوازن ولم يقع بينهم قتال في هذا اليوم – وأما الفجار الرابع فقد كان بين قريش وكنانة كلها وبين هوازن وهذا الأخير هو الذي كانت فيه الوقعة العظمى وهو خمسة ايام : يوم نخلة ، ويوم شمطة، ويوم العبلاء ، ويوم شرب، ويوم الحريرة ، وسميت هذه كلها بأيام الفجار لأنها كانت في الأشهر الحرم وهي الشهور التي يحرمونها ففجروا فيها فلذلك سميت فجاراً (32 )
    قال: أبو عبيدة(33 ): أيام الفجار(34 ) عّدة وهذا أولها بين كنانة وهوازن, وكان الذي هاجه أن بدر بن معشر أحد بني غفار.. من كنانة جعل له مجلس بسوق عكاظ, وكان حدثاً منيعاً في نفسه, فقام في المجلس وقام على رأسة قائم وأنشأ يقول:
    نحن بنو مدركة بـن خنـدف
    ومن يكونوا قومـة يغطـرف

    من يطعنوا في عينه لم يطرف
    كأنهم لجـة بحـر مسـدف
    قال: ومد رجلة وقال: أنا أعز العرب فمن زعم أنة أعز مني فليضربها بالسيف ، فضربها الأحيمر بن مازن أحد بني دهمان بن نصر بن معاوية فأندرها من الركبة وقال: " خذها إليك أيها المخندف " وهو ماسك سيفه وقام أيضا رجل من هوازن فقال:
    نحن بنو دهمان ذو التغطرف
    بحرُ بحورٍ زاخر لم يُنـزف

    نحن ضربنا ركبة المخنـد
    فإذ مدها في أشهر المُعَـرَّف
    فتحاور الحيان عند ذلك حتى كاد أن يكون بينهما الدماء, ثم تراجعوا..
    الفجار الثاني
    كان الفجار الثاني بين قريش وهوازن, وكان الذي هاجه أن فتية من قريش قعدوا إلى امرأة من بني عامر بن صعصعة, وضيئة حسانة بسوق عكاظ, وقالوا: بل أطاف بها شباب من بني كنانة وعليها برقع وهي في درع وهي فضل (في ثوب واحد) فأعجبهم مارأوا من هيئتها, فسألوها أن تسفر عن وجهها. فأبت عليهم.
    فأتى أحدهم من خلفها فشد دبر درعها بشوكة إلى ظهرها, وهي لا تدري فلما قامت تقلص الدرع عن دبرها. فضحكوا وقالوا: منعتنا النظر إلي وجهها فقد رأينا دبرها.
    فصاحت يا آل عامر فثاروا وحملوا السلاح وحملتة كنانة و اقتتلوا قتالاً شديداً ووقعت بينهم دماء فتوسط حرب بن أمية و أحتمل دماء القوم وأرضى بني عامر من مثلة صاحبهم.
    الفجار الثالث(35 )
    والفجار الثالث بين كنانة وهوازن ، وكان الذي أهاجه أن رجلاً من بني كنانة علية ديْن لرجل من بني نصر بن معاوية, فأعدم الكناني فوافى النصري بسوق عكاظ بقُرد فأوقفه بسوق عكاظ , وقال: من يبيعني مثل هذا بمالي على فلان؟ حتى أكثر ذلك.
    وإنما أراد النصري تعييرا للكناني وقومه فمر به رجل من كنانة فضرب القرد بسيفه فقتله . فهتف النصري يالهوازن , وهتف الكناني: يالكنانة. فتهايج الناس حتى كاد أن يكون بينهم قتال, ثم رأوا الخطب يسيراً فتراجعوا.
    قال: أبوعبيدة: فهذه الأيام تسمى فجاراً لأنها كانت في الأشهر الحرم وهي الشهور التي يحرمون فيها القتال ففجروا فيها فلذلك سميت فجاراً, وهذه يقال لها: أيام الفجار الأول
    الفجار الآخر(36 )
    يوم "نخلة"
    وكانت أول أيامه: يوم "نخلة" وهو أعظمها جميعاً, وهو بين قريش وكنانة كلها, وبين هوازن, والذي هاجها البراض الكناني- بقتلة عروة(37) الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. فأبت هوازن أن تقتل بعروة - البرَّاض , لأن عروه سيد هوازن, والبراض خليع من بني كنانة, أرادوا أن يقتلوا به سيداً من قريش .. وهذه الحروب كانت قبل مبعث النبي "صلى الله علية وسلم" بست وعشرين سنة.
    وقد شهدها النبي "صلى الله علية وسلم" .....وهو إبن أربع عشرة سنة مع أعمامة ينبل معهم ويناولهم النبل.... وكانت العرب, إذا قدمت عكاظ دفعت أسلحتها إلى إبن جدعان حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم, ثم يردها عليهم إذا ظعنوا وكان سيداً حكيماً مثرياً من المال- فجاء قريش خبر البرَّاض وقتله عروة وأخبروا حرب بن أمية, وهشاماً والوليد بن المغيرة – فجاء حرب إلى عبدالله بن جدعان- فقال: له: احتبس قبلك سلاح هوازن. فقال له إبن جدعان: أبالغدر تأمرني ياحرب! والله لو أعلم أنة لا يبقى منها سيف إلا ضربت به , ولا رمح إلا طعنت به ما أمسكت منها شيء .. ولكن لكم مائة درع - ومائة رمح- ومائة سيف في مالي تستعينون بها. ثم صاح أبن جدعان في الناس قائلاً : من كان له قبلي سلاح فليأخذه , فأخذ الناس أسلحتهم .
    وبعث إبن جدعان , وحرب بن أمية, وهشام, والوليد, إلى أبي براء - عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة- قائلين له [ إنه بعد خروجنا حدث حرب، وقد خفنا تفاقم الأمر, فلا تنكروا خروجنا, وساروا راجعين إلى مكة] فلما كان آخر النهار بلغ أبا براء عامر بن مالك بن جعفر قتل البرَّاض عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب.
    فقال: أبو براء – خدعني حرب وإبن جدعان, وركب فيمن حضر عكاظ من هوازن في أثر القوم, فأدركوهم "بنخلة" فاقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم, وجن الليل عليهم فكفوا – ونادى الأدرم بن شعيب أحد بني عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة, يامعشر قريش, ميعاد مابيننا هذه الليلة من العام المقبل بعكاظ,يا معشر قريش إنا نعاهد الله ألا نبطل دم عروة الرحال أبداً أو نقتل منكم به عظيما. وكان يومئذ رؤساء قريش , حرب بن أمية , وإبن جدعان , وهشام بن المغيرة , وكان رؤساء قيس هو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب (ملاعب الاسنة) على بني عامر, وكدام بن عمير على فهم وعدوان ومسعود بن سهم على ثقيف, وسبيع بن ربيعة النصري, على بني نصر بن معاوية, والصمه بن الحارث وهو أخو دريد بن الصمه, علي بني جشم . وكانت راية قريش مع حرب بن أمية وهي راية قصي التي يقال لها العقاب. ونادى رجل من بني عامر :
    لقد وعدنا قريش وهي كارهة
    بأن نجئ إلى ضرب رعابيـل
    وفي يوم نخلة(37 ) هُزمت قريش فقال: خداش بن زهير العامري:
    ياشدة مـا شددنـا غيـر كاذبـة
    على سُخينة لولا الليـل والحـرم

    إذ يتقينـا هشـام بالوليـد ولـو
    أنا ثقِفْنا هِشامـاً شالـت الخـدم

    لمـا رأو خيلنـا تزجـي أوائلهـا
    زرق الأسنة في أطرافهـا السهـم

    بين الأراك وبين المـرج تبطحهـمأ
    و بطن مر فأخفوا الجرس وأكتتموا

    فإن سمعتم بجيش سالـك سرفـاً
    آساد غيل حمـى أشبالهـا الأجـم
    إلى قوله:
    ولولا شلالاً وعظم الخيل لاحقة
    كما تخب إلى أوطانهـا النعـم

    ولت بهم كل مخضار ململمـة
    كأنهـا لِقْـوة يحتتهـا ضـرم

    قد قرت العين إذا يدعون خيلهم
    لكي تكر وفي آذانهـا صمـم
    وهذا غاية في التعبير وفي وصف شدة الحرب حتى صار الأخ يفتدي نفسه بأخيه.
    يوم شمطة
    ثم كان اليوم الثاني من الفجار الآخر هو يوم شمطة(39 ),موضع نزلت به كنانة بعد عام من يوم نخلة وقد جمعت كنانة قُريشها وعبد منافها والأحابيش(40 ) ومن لحق بهم من أسد بن خزيمة وغيرهم وأعطت قريش رؤوس القبائل أسلحة تامة وأداة ..
    وجمعت هوازن و سليم جموعها وأحلافها غير بني كلاب وبني كعب فإنهما لم يحضرا من الفجار غير يوم نخلة, فأجتمعوا بشمطة من عكاظ في الأيام التي تواعدوا فيها على قرن الحول, وعلى كل قبيلة من قريش وكنانة سيدها وكذلك على قبائل قيس عيلان, غير أن أمر كنانة كلها إلى حرب بن أمية, و أمر هوازن كلها إلى مسعود بن متعب الثقفي.. وكان على عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وحلفائهم من بني جسر بن محارب: سلمة بن شعل- أحد بني البكاء, ومعه هوذة أحد بني عامر بن ربيعة وعلى بني هلال بن عامر بن صعصعة: ربيعة بن أبي ظبيان بن ربيعة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر – الهلالي
    قال: وقد سبقت هوازن قريشاً فنزلت شمطة من عكاظ دون المسيل وأقبلت قريش فنزلت دون المسيل (بطن الوادي(41 ) )وكانت هوازن من وراء المسيل، وزحف بعضهم إلى بعض فكانت الدائرة في أول النهار لكنانة على هوازن حتى كان آخر النهار فتداعت هوازن, وصابرت و أنقشعت كنانة فاستًّحر القتل فيهم فقُتل منهم تحت رايتهم مائة رجل, وقيل ثمانون , ولم يقتل من قريش يومئذ أحد يذكر فكان يوم شمطة على كنانة.
    قال: أبن حبيب في معرض حديثة عن يوم شمطة-قال: فاعتزل بهم "بلعاء بن قيس" إلى جبل يقال له: رخم.
    وقال: أبو الفرج الأصبهاني في حديثه عن يوم شمطة- "فلما إستَّحر القتل بهم قال: أبو مساحق بلعاء بن قيس لقومه – إلحقوا برخم- جبل- ففعلوا و أنهزم الناس.
    وفي ذلك يقول خِداش بن زهير العامري:
    فابلغ إن عرضت به هشامـاً
    وعبـدالله أبلـغ والولـيـدا

    أولئك إن يكن في الناس خير
    فإن لديهـم حسبـاً وجـودا

    هم خير المعاشر من قريـش
    وأوردهـا إذا قدحـت زنـودا

    بأنا يوم شمطـة قـد أقمنـا
    عمود المجد إن لـه عمـودا

    جلبنا الخيل ساهمـة إليهـم
    عوابس يدرعن النقـع قـودا

    فبتنا نعقـد السيمـا وباتـوا
    وقلنا أصبحوا الأنس الجديـدا

    فجاءوا عارضاً برداً وجئنـا
    كما أضرمت في الغاب الوقودا

    ونادوا يا لعمـرو لا تفـروا
    فقلنـا لا فـرار ولا صـدودا
    قوله: نعقد السيما- أي العلامات.
    فعاركنا الكمـاة وعاركونـا
    عراك النمر عاركت الأسودا

    فولوا نضرب الهامات منهم
    بما انتهكوا المحارم والحدودا

    تركن بطن شمطة من علاء
    كأن خلالها مِعْـزىً شريـدا

    ولم أرى مثلهم هُزموا وفلوا
    ولا كَذِيَادنـا عُنُقـاً مـذودا
    قوله: عُنُقاً مذودا- أي القطعة من المال.
    وقوله: يالعمرو- يعني: عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (قوم خِدَاش بن زهيرالأدنين- وهم أخوال كعب وكلاب أبناء ربيعة بن عامر بن صعصعة، و أبناء عمومتهم الأدنين – وبلادهم وادي تربة إلى رملتهم ( رملة بني كلاب – عرق سبيع حاليا ) والحرة الواقعة فيما بين وادي تربة ووادي رنية يساكنون بطون من بني هلال بن عامر بن صعصعة, وبطون من الضباب من بني كلاب(42 ) .
    التعديل الأخير تم بواسطة عز المجاهيم ; August 30th, 2009 الساعة 20:05

  3. #3

    افتراضي

    يوم العبلاء(43 )
    كان يوم العبلاء هو اليوم الثالث من أيام الفجار الآخر حيث جمع القوم بعضهم لبعض والتقوا بالعبلاء وهو موضع قريب من عكاظ والرؤساء هم يومئذ علي ما كانوا عليه يوم شمطة فاقتتلوا اقتتالا شديدا فانهزمت كنانة , فقال : خداش بن زهير في ذلك :-
    الـم يبلغـك بالعبـلاء أنـا
    ضربنا خندفاً حتـي استقـادا


    نبني بالمنـازل عـز قيسـاً
    وودوا لو تسيخ مـن البـلادا


    ضربناهم ببطن عكـاظ حتـى
    تولوا طالعيـن مـع النجـادا


    فقدتكـم ولحظـكـم إليـنـا
    ببطن عكاظ كالإبل الغداد( 44)


    وقال ايضاً :

    الم يبلغك مالاقت قريش
    وحي بني كنانة إذ أثيروا


    دهمناهم بأرعن مُكْفَهِرٍّ
    فظل لنا بعقوتهم زئيـر


    نُقوِّم مارِن الخَطِّي فيهم
    يجئ علي اسنتنا الجرير
    وفي هذا اليوم قتل العوام بن خويلد , والد الزبير بن العوام قتله مرة بن متعب الثقفي .
    فقال رجل من ثقيف :

    منا الذي ترك العوام منجدلاً
    تنتابه الطير لحماً بين أحجارِ


    يوم شرب
    فالتقوا علي قرن الحول في الثالث من أيام عكاظ فالتقوا " بشرب – وهي من أرض عكاظ - " ولم يكن بينهم يومٌ أعظم(45 ) منه ، والرؤساء على هؤلاء و أؤلئك الذين ذكرنا ، وقد كان لهوازن علي كنانة يومان متواليان هما يوم شمطة ويوم العبلاء – وفي هذا اليوم ( يوم شرب ) حميت قريش وكنانة ، وصابرت بنو مخزوم وبنو بكر, فانهزمت هوازن وقُتِلَت قتلاً ذريعاً.
    فقال في ذلك جذل الطعان :

    جاءت هوازن إرسـالا وإخوتهـا
    بنوسليم فهابوا الموت أنصرفـوا

    فاستقبلوا بضرب فـض جمعهـم
    مثل الحريق فما عاجوا ولا عطفوا

    وقال بلعاء بن قيس يومئذ :

    إن عكاظ ماؤنا فخلـوه
    وذا المجاز بعد أن تحلوه
    قال : ضرار بن الخطاب الفهري في هزيمة هوازن يوم شرب.
    ألم تسأل الناس عن شأننا
    ولم يُنْبِ بالأَمْر كالَخابـرِ

    غداة عكاظ إذا استكملـت
    هوازن في لفها الحاضـر

    وجاءت سليم تهز القنـا
    على كل سلهبة ضامـر
    إلي قوله :
    ففرت سليم ولم يصبـروا
    وطارت شعاعاً بنو عامـر

    وفرت ثقيف إلي لاتها(46 )
    بمنقلب الخائـب الخاسـر
    وقال أمية ابن الأسكر الكناني:
    ألا سائل هوازن يوم لاقـوا
    فوارس من كنانة معلمينـا

    لدى شرب ود جاشوا وجشنا
    فأوعب في النفير بنو أبينـا
    يوم الحريرة(47 )
    ثم كان اليوم الخامس , وهو:يوم الحريرة ، [ فإنهم التقوا عند رأس الحول بالحريرة] وهو أخر أيامهم في حرب الفجار، وهي : حرة إلي جانب عكاظ، والرؤساء على هؤلاء هم الذين كانوا في سائر الأيام ...فاقتتلوا قتالاً شديداً كان شؤماً على قريش وأحلافها , فانهزمت كنانة , وقتل يومئذ أبو سفيان بن أميه أخو حرب بن أميه وثمانية نفر من كنانة قتلهم عثمان بن أسيد بن مالك من بني عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة , وقَتَلَ ورقاء بن الحارث أحد بني عمرو بن عامر خمسة نفر من بني كنانة [ أبا كنف ، وابنيّ إياس ، وعمرا ، وابن أيوب ] وكان يوماً لهوازن فخره ونصره..
    وقال شاعرهم: خداش بن زهير العامري في ذلك :

    لقد بلوكم فأبلوكـم بلاءَهـم
    يوم الحريرة ضرباً غير تكذيب

    إن توعدوني فإني لابنُ عمِّكم
    وقد أصابوكم منهم بشؤبـوب

    وإن ورقاء قد أردى أبا كنفِ
    وابني إياس وعمراً وابن أيوب

    وإن عثمان قد أردى ثمانيـة
    منكم وانتم على خُبْرٍ وتجريب
    وقال : خداش بن زهير :
    إني من النفر المحمـر أعينهـم
    أهل السوام وأهل الصخر واللوب

    الطاعنين نحور الخيـل مقبلـة
    بكل سمراء لم تعلب ومعلـوب

    وقد بلوتـم فأبلوكـم بلائهـم
    يوم الحريرة ضرباً غير مكذوب

    لاقتهم منهـم آسـاد ملحمـة
    ليسو بزارعة عـوج العراقيـب

    فالآن إن تقبلوا نأخـذ نحوركـم
    وإن تباهوا فإني غيـر مغلـوب
    مسمى عكاظ
    يروى أن إسم عكاظ في البداية أطلق على ماء في واد- فاتسعوا في التسمية حتى شملت ذلك الوادي – المعروف في عهدنا بأسم "الأخيضر"(49 ) والذي يلتقي مع وادي شرب قرب العبلاء والأحجار المنصوبة في أرض الأثيداء الآن وكانت تُربة الوادي ملائمة لزراعة النخيل, ولأن السوق من هذا الموضع هو أهم نقطة فيه ولأن السوق يحضره عدد كثير لا يستوعبهم الوادي فاضطروا إلى أن يضربوا أقبيتهم على جنباته ويتوسعون في رقعة السوق كلما زاد العدد فشمل إسم عكاظ محل تلك الأقبية مهما بلغ إتساع تلك الأقبية وتباعدها عن بعضها.
    أهل عكـــاظ
    يرى أكثر المؤرخين أن عكاظاً لقيس عيلان وهي في وسط بلادهم(50 ) وديارهم.. وهوازن أشد القبائل القيسية إلتصاقاَ بهذا السوق- ونجد أن بني نصر من هوازن في قصة حروب الفجار – وعندما انهزمت هوازن يوم العبلاء بقيت بني نصر ودافعت وصبرت مع ثقيف.. ثم أنهزموا أخيراَ – وذلك لأن عكاظ لهم فيه نخل وأموال, وتشاركهم فية ثقيف وقد أورد البكري ما يؤيد ذلك, وأورد الهمداني(51 ) أن عكاظ في عهده لبني هلال بن عامر بن صعصعه..
    هيمنة بني عامر على عكاظ:
    إن لم يكن سوق عكاظ تحت الهمينةالعامرية فإنه يبدو قريبا منها والشواهد على ذلك هي: مجئ سادة قريش لعامر بن مالك (ملاعب الأسنة) في قصة مقتل عروة الرحال – وخدعة حرب بن أمية وقريش له في ذلك الاسئذان- إذ قسم عامر ألا تنزل كنانة وقريش عكاظ أبداً كما يدلنا على ذلك أيضاً : أن عبد الله بن جدعان كان طرد مائة ناقة لكلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فأرسل كلاب بن ربيعة إلى قريش : [( إن سفيهكم أغار على إبل كلاب بن ربيعة فطرد مائة ناقة فليس لكم أن تشهدوا عكاظ – ولي لديكم وترة) وكانت عكاظ في وسط أرض قيس عيلان.
    قال ابن جدعان : " وإن قريشاً ائتمرت بقتلي لئلا أجني عليهم الجرائر فيطلبوني بسبي وهم تجار لل يستغنون عن بلد"
    وفي الماضي أرسلت هوازن لقريش إنذاراً تشعرها فيه أنه لا يمكنها شهود عكاظ حتى يؤدوا المائة الناقة التي أخذها أبن جدعان يوم كان فاتكا أول حياته من إبل كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعه, ونص الإشعار أو الإنذار ( إن سفيهكم أغار على إبل كلاب بن ربيعة فطرد مائة ناقة فليس لكم أن تشهدوا عكاظ – ولي لديكم وترة(52 ))
    سوق عكاظ في وسط أرض قيس عيلان
    وقال : أبو محمد : حدثني أبو عبدالله الأيلي عن ابن لهيعة أنه قال : آخر مال الحرث بن مضاض الجرهمي – أصابه عبدالله بن جدعان التيمي القرشي .... بالمغارة المذكورة(53 ) .
    قال حدثني مكحول عن أبي صالح عن عبيد بن شرية الجرهمي ( وكان عبيد معمر أدرك حرب داحس(54 ) وبلغ أيام معاوية بن أبي سفيان في الإسلام وكان مسامرا له ) قال عبيد : جمع الحجيج بمكة عبدالله بن جدعان وكان واسع المال كثير المعروف وجوادا فاجتمع عنده وجوه العرب في داره على مائدة فقلنا له : ماكان أصل مالك يا عبدالله قال : نعم كنت صعلوكا من صعاليك قريش فبينما أنا كذلك إذ أتاني عامر البراض أخو بني كنانة فقال لي : ألا لا أبعثك قصيا يا عبدالله –قال قلت نعم ، قال : لي أن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن . نزل بعراعر منا ‘لى أسرائه فركبت فرس وسرت أنا ومالك البراض بن عامر فطردنا مائة ناقة حتى ألقيناها بالطائف .
    فأرسل كلاب بن ربيعة إلى قريش : أن سفيهكم أغار علىّ فطرد مائة ناقة – فليس لكم أن تشهدوا سوق عكاظ ولي لديكم وترة وكانت سوق عكاظ في وسط أرض قيس عيلان وأن قريشا ائتمرت بقتلي لئلا أجني عليهم الجرائر فيطلبون بسببي وهم تجار لا يستغنون عن بلد .
    فلما أتيت منزلي بالطائف قيل لي : أن قبائل قريش قد ائتمرت بقتلك فانج بنفسك .
    فأخذت زادي ومزادي وخرجت هاربا مع الصباح إلى ( دوحة الزيتون ) هاربا مستبسلا للقتل فلم أزل أهرب وأطلب موضعا أختفي فيه والقوم في طلبي حتى أتيت إلى حجر ضيق على حجر بينهما خلل يدخل فيه النحيف متجانفا فدخلت وأدخلت زادي ومزادي ثم هال على السرب ثم قلت لنفسي موتي ها هنا في هذا السرب أحب إلي من أن يقتلني قومي فيشمت عدو ويحزن حبيب وأترك لقومي ذحلا في قريش فسرت هاربا ملحا حتى دخلت دار عظيمة فيها بيت وفي وسط البيت جوهر وياقوت ولجين وعقيان وفيها أربعة أسرّة على كل سرير رجل قاعد وعلى رأسه لوح من رخام مكتوب بالمسند فقرأت الألواح فأصبت فيها أن أهل الألواح – الحرث بن مضاض الجرهمي الذي سلب قومه تابوت بني اسرائيل حيث قصدوا مكة وهو التابوت الذي ذكره الله في كتابه : ( وفيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة فأجمعت جُرهم وعدنان وطسم وجديس والعمالقة وجميع العرب والتقوا ببني اسرائيل لقتالهم فهزموهم إلى بيت المقدس وأخذوا التابوت على بني إسرائيل وله حديث يطول " انظر وهب بن منبه في " تيجان الملوك "(55 ).
    قال عبدالله بن جدعان : فأقمت في ذلك البيت خمسة(56 ) أيام آكل من زادي وأشرب من مزادي حتى أيست قريش مني فخرجت ليلا وأخرجت ما أصبت من المال وأخذت الالواح خيفة من قريش يكون لي عندهم براءة ثم بلغت منزلي ثم أخذت جملا وخرجت إلى ذي الحليفة ليلا فلما كان الصباح أتت سيارة يريدون مدين فسرت معهم لا يدرون من أنا ولا ما معي حتى أتيت مصر فبعت ما معي فأصبت مالا جليلا فنزلت ينبع على البراض أخي بني كنانة فقصصت عليه قصتي مع قريش فقال لي أن هناك خمسين ناقة فاجعل أنت مثلها فنسير إلى كلاب ابن ربيعة فقلت له لا أنا قد وسع الله في رزقي ولكن اشتر لي مائة ناقة فاشتراها وسقتها أنا وهو حتى أتينا كلابا فأرسلنا إلى إبنه جعفر بن كلاب فدفعنا إليه النوق ثم تبعنا كلاب في بيته وهو شيخ كبير فقلت له : لا تموت هزالا فلما أتانا إبنه قال : ارجعوا بالرحب والسعة والسلامة . فرجعنا إلى سوق عكاظ وانصرفت مع قومي إلى مكة فلما ظهر بعض مالي وثبوا علىّ وقالوا : غدرت فأعلمتهم بما كان من المغارة وأخرجت لهم الألواح فأرسلوا معي خويلد بن أسد بن عبدالمعزى وهو أبوخديجة –زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ووهب بن عبد مناف الزهري وهو جد لنبي صلى الله عليه وسلم أبو آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسارو معي وسرت بالألواح ورددت كل شيء إلى مكانه وخرجنا وأعتمرنا على حجر عظيم فسددن الخلل لئلا يكون القبر ملعبة للسفهاء واستطرد وهب بن منبه في القصة(57 ).. إلخ
    على كل حال فإن قبيلة هوازن على إطلاقها تشمل(58 ) بني عامر بن صعصعة - ومنهم بني هلال وبني كلاب - و ثقيف وبني نصر وبني جشم وكل المسميات الأخرى المعروفة في هوازن وقال: أبو براء ملاعب الأسنة, حينما غدرت به قريش ولم تخبره عن قتل البراض الكناني ( عروة الرحال بن عتبة بن جعفر) قال: غدرت(59) قريش وخدعني حرب بن أمية, والله لاتنزل كنانة عكاظ أبداً).
    الأمن في عكاظ
    رغم مابين العرب في الجاهلية من ثارات وأحقاد ورغم أن بعض الفرسان يحضر هذا السوق للتعرف على غرمائه- ومع ذلك فإن الأمن يسود عكاظ.. فيرى المتسوق من له عليه ثأر أو من كان يتحين الفرص ليجده فلا يتعرض له بسوء مادامت السوق قائمة(60) في أيامها المعروفة وبلغ الأمن بسوق عكاظ مبلغاً جعل العرب يأخذون معهم أموالهم وأولادهم ونسائهم(61) .
    قال: أبو عبيدة " وكانت الفرسان إذا كان أيام عكاظ في الشهر الحرام أمن بعضهم بعضاً " وكان من عادة العرب أن تضع أسلحتها إذا وردت عكاظ عند رجل مأمون مثل: عبدالله بن جدعان فتبقى عنده أسلحة الناس حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم فيردها عليهم إذا ظعنوا وقد ضرب إبن جدعان مثلاً فذاً في أمانته وصدقه – لما كان من أمر البراض الكناني, وقتله عروه الرحال بن عتبة بن جعفر دون علم هوازن في أيام قيام السوق وقد علمت قريش به – فقال: حرب بن أمية لعبدالله بن جدعان " إحتبس سلاح هوازن.
    فقال: بن جدعان " أبالغدر تأمرني يا حرب؟ فو الله لو أعلم أنه لا يبقى فيها سيف إلا ضُربت به أو رمح إلا طُعنت به ما مسكت منها شيء ، ولكن لكم مائة سيف ومائة رمح من مالي تستعينون بها" ثم صاح "إبن جدعان في الناس من كان له قبلي سلاح فليأخذه" فأخذ الناس أسلحتهم(62) ..
    وفي عكاظ تجري بعض المنافرات بين مشاهير العرب والفرسان والشعراء .. وكان عامر بن الطفيل(63 ) بن مالك بن جعفر بن كلاب أحد فرسان قيس قد نافر يزيد بن عبد المَدان رئيس مذحج بشأن الزواج من ابنة أمية بن الأسكر وكذلك منافرة عامر بن الطفيل مع علقمة بن علاثة وكليهما من جعفر بن كلاب, وهذا عامر بن الطفيل يرسل منادياً إلى سوق عكاظ – فينادي " هل من راجل فأحمله أو جائع فأطعمه أو خائف فأمنه(64 ) ونداء عامر على إطلاقه يشمل كل محتاج إلى ركوب أو طعام أو أمن سواء كان شريفاً أو غير شريف(65 ) ولا تخلوا المنافرات من أبيات يرجز بها المنافر في ثنايا منافرته كما في منافرة يزيد بن عبد المدان وعامر بن الطفيل(66 ) وكذا منافرة علقمة بن علاثه وعامر بن الطفيل...
    التعديل الأخير تم بواسطة عز المجاهيم ; August 30th, 2009 الساعة 20:22

  4. #4

    افتراضي

    الخاتمة

    بعد دراسة موقع سوق عكاظ في المصادر المختلفة من قديمة وحديثة وخاصة أقوال علمائنا الثلاثة الكبار [ ابن بليهد ، وحمد الجاسر ، وابن خميس ] وهؤلاء أجادوا في تقريب تحديد موقع سوق عكاظ إلا أن منهم من توسع في تحديده ومنهم من جعله أضيق من ذلك واللافت للنظر أن اختلاف الشيخ حمد الجاسر في تحديده مع تحديد الشيخ ابن خميس خاصة في نقطة جبل الخلص فبينما يقول حمد الجاسر أن ضلع الخلص يحد عكاظ من الجنوب بينما يقول ابن خميس أنه يحده من الشمال ضلع الخلص والقلعة التي بجانبه المسماة " مشرفة " وبالقرب من هذا الخلص والقلعة نحو الجنوب توجد هضيبة ذكرها ابن خميس أنها تدعى في العرف "نصلة" أو " رخيمة " تسمى " الشظفاء" وأنها ملاصقة لمكان عكاظ وقال ولعلها ما يعرف قديما " بشمطة" مجهولة المكان الآن. أ.هـ
    لهذا نرى أن الموضع الذي ركز عليه الشيخ ابن خميس " الخلص" وما حوله هو مركز سوق عكاظ وما حوله من المواضع تابع له في المسميات القديمة والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.
    المراجع:
    1.بلاد العرب للحسن الأصفهاني
    2.المجاز بين اليمامة والحجاز لعبدالله بن خميس
    3.مجلة العرب
    4.أسواق العرب في الجاهلية والإسلام لسعيد الأفغاني
    5.سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام لناصر الرشيد
    6.صفة جزيرة العرب للحسن الهمداني
    7.صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار لابن بليهد
    8.أسماء جبال تهامة لعرام السلمي
    9.الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني
    10.معجم البلدان لياقوت الحموي
    11.معجم ما استعجم للبكري
    12.العقد الفريد لابن عبد ربه
    13.سوق عكاظ في التاريخ والأدب إعداد لجنة اللآثار التاريخية في الطائف .
    14.نهاية الآرب للنويري
    الهوامش :
    1 - عبد العزيز مزروع الأزهري، بحث عن سوق عكاظ
    2 - البكري،" معجم ما استعجم"
    3- ناصر سعد الرشيد ، " سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام ص 44
    4 - انظر : د. خليل ابراهيم المعيقل ، دراسة لآثار موقع عكاظ ، الدارة .
    5 - عبد الله بن محمد بن خميس" المجاز بين اليمامة والحجاز " ص 239.
    6- خزانة الأدب ج4 ص 360
    7- لغدة الأصفهاني ، "بلاد العرب" ، ص 31
    8 - أسماء جبال تهامة ( نوادر المحفوظات ) 2/ 440
    9 - تاريخ بن خلدون : 2 / 614
    10 - "الإكليل ": 8 / 184
    11-"المنمق " : 212
    12 - ابن خميس ، المجاز بين اليمامة والحجاز ص 234
    13 -"الأغاني " 19 / 78
    14 -"معجم ما استعجم " 3 / 961
    15 -" نفس المصدر "
    16 -"البداية والنهاية " 2 / 29
    17 -" الأغاني " 19 / 77 – 80
    18 - معجم ما استعجم " 3 / 961/ 912
    19 -" المنمق " 28/ 213
    20 - أبو الفرج الأصبهاني ، الأغاني ، ج2 ص813
    21 - الهمداني ، " صفة جزيرة العرب" 265.
    22 - في العقد الفريد ذكر يوم شرب ولكن صاحب كتاب " الأغاني " 25/8757 قال عنه أنه يوم عكاظ وقال ابن بليهد " صحيح الأخبار " 2/211 – عكاظ يقع في ملتقى وادي شرب بوادي الأخيضر – وادي عكاظ قديماً-
    23 - قال ابن بليهد في " صحيح الأخبار ": وهذه الحريرة هي التي ذكر عرام السلمي أنها تطلع عليها الشمس إذا كنت بعكاظ.
    24- " الأغاني " 25/8766 و " العقد الفريد " 5/256
    25 - " صحيح الأخبار " ج 2 ص 211 و 212 " والمجاز بين اليماة والحجاز " ص 240 و 241
    26 - وهذا القول ليس في رسالة عرام .. أنظر المجاز بين اليمامة والحجاز ص 232
    27 - " العقد الفريد " ج 5 ص 257 . والأغاني ج 25 ص 8771 ويوم العبلاء وبعده يوم شرب – أنظر كتاب أسواق العرب ص 155 لسعيد الأفغاني.
    28 - بلاد العرب للغدة الأصفهاني ص 31 تحقيق حمد الجاسر والدكتور صالح العلي- وقوله جنوب الطائف قد يقون خطأ مطبعي فهو دائماً يقول شمال شرق الطائف.
    29 - " المجاز بين اليمامة والحجاز" ص 241.
    30 - " المجاز بين اليمامة والحجاز" ص 242 وما بعده.
    31 - وعكاظ التي شهدها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صبي ستمع إلى قس بن ساعدة وهو يخطب ، وشهدها وهو صبي أيضا يناول أعمامه السهام يوم الفجار ، وشهدها بعد مبعثه يعرض رسالته على قبائل العرب .... وأقرها بعد أن ظهر الإسلام وطبق أنحاء الأرض واستمرت في عهود الإسلام الزاهرة .. هذه السوق التي تخدم اقتصاد الأمة وتنميه وتلتقي بها أفكار العرب و أراؤهم وتقوم بها سوق الشعر والأدب ويحافظ بها على كيان الضاد ..
    هذه السوق جديرة بأن تحيا في مهد العرب ومهوى أفئدتهم ومنطلق فخرهم ومجدهم وركيزة تاريخهم جديرة أن نحييها على نحو يتواءم وما نضطلع به من مسئولية وما نحن سائرون فيه من منطلق تجاه أمتنا ووطنا وتاريخنا] أ.هـ
    32 - انظر تفاصيل هذه الوقائع وأسبابها في العقد الفريد ج3 ص 86 ( فجار الرجل ، وفجار المرأة ، وفجار القرد ، وفجار البراض إلى أن قال: ( وكانت بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان في الجاهلية.
    33 -"العقد الفريد" 5/251-لأبن عبد ربة الأندلسي.
    34 -"الاغاني" 25/8756.
    35 - العقد الفريد" 5/251/252/253.
    36-"الاغاني" 25/8759
    37- هو (عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. سيد هوازن في عهده وأمة نفيرة بنت أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة. فقال: لبيد بن ربيعة الجعفري: يحض على الطلب بدمه.
    فأبلغ إن عرضت بني كلاب
    وأخوال القتيل بني هـلال


    بأن الوافد الرحال أضحـى
    مقيماً عند تيمن ذي ظلال
    أنظر" الاغاني" 25/8762-ط-دار الشعب- القاهرة.
    38 -"العقد الفريد" 5/255. و "الأغاني" 25/8759.
    39-"العقد الفريد) 5/256. و"الأغاني" 25/8766.
    40 - الأحابيش : سموا كذلك لأنهم تحالفوا بالله أنهم على يد غيرهم ما سجا ليل وما وضح نهار وما رسا حبيش وهو جبل بأسفل مكة. وهم بنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناة وبنو المصلق من خزاعة كانوا تحالفوا مع قريش.
    41-قال صاحب الأغاني – وجعل حرب بن أمية بني كنانة في بطن الوادي وقال لهم : " لا تبرحوا مكانكم ولو أبيحت قريش وكانت هوازن وراء المسيل ولما استَّحرَ القتل في قريش ورأى ذلك بنو الحارث بن كنانة – وهم في بطن الوادي مالوا إلى قريش وتركو مكانهم فلم استَّحرَ القتل بهم قال أبو مساحق بلعاء بن قيس لقومه الحقوا برخم ( الجبل المعروف ) ففعلوا وانهزم الناس.
    42 - أنظر "بلاد العرب" ص109.
    43 - انظر : العقد الفريد وكتاب الأغاني :
    وقال : ياقوت الحمودي : ( العبلاء أسم علم لصخرة بيضاء إلي جانب عكاظ)
    وقال : ابن بليهد في صحيح الاخبار ( ومن كل ثبت عندي موضع عكاظ – يبعد عن مطار الحوية مسافة عشر كيلومترات تقريباً من الجهه الشرقية منه , وعن الطائف مقدار 40 كيلومتر . وذلك في المكان الذي يلتقي فيه الواديان وادي شرب ووادي الاخيضر شرقي ماء المبعوث عند الحرة السوداء وجنوبيه أكمه بيضاء يقالوا لها العبلاء من العهد الجاهلي إلي هذا العهد , وشماليه هو الحد الفاصل بين وادي شرب ووادي قران المعروفين بهذين الاسمين إلي هذا العهد .
    وخلص الجاسر إلي أن موقع عكاظ في الأرض الواسعة الواقعة شرق الطائف تقريباً, بميل نحو الشمال خارج سلسلة الجبال المطيفة به وتبعد تلك الأرض عن الطائف 35 كيلومتر تقريباً يحدها غرباً جبال بلاد عدوان ( العقرب – شرب - العبيلاء )وجنوباً ابرق العبيلاء وضلع الخلص , وشرقاً صحراء ركبة ، وشمالاً طرف ركبة والجبال الواقعة شرقاً وادي قرن وتشمل هذه الأرض وادي الاخيضر ( وهو المعروف في العهد القديم بأسم وادي عكاظ) ووادي شرب حينما يفيضان بالصحراء يتصلان بصحراء ركبة انظر( المجاز بين اليمامة والحجاز )عبد الله بن محمد بن خميس .
    44 - هذا البيت في كتاب الامتاع والمؤانسة ج1 ص 231 وفي لسان العرب[ عدمتكم ونظرتكم إلينا... ]
    45- العقد الفريد " 5/ 257, وكتاب الأغاني " 25/ 8771/ 8772"
    قال الأصبهاني :" وخشيت قريش أن يجري عليها ما جري يوم العبلاء , فقيد حرب , وسفيان , وأبو سفيان بنو أمية بن عبد شمس أنفسهم وقالوا : لانبرح حتي نموت مكاننا , وكان على أبي سفيان يومئذ درعان قد ظاهر بينهما – وزعم أبو عمرو ابن العلاء أن أبا سفيان بن أميه خاصة قيد نفسه – فسمي هؤلاء الثلاثة يومئذ العنابس , وهي الأُسْدُ واحدها: عنبسه، فاقتتل الناس قتالاً شديداً وثبت الفريقان حتي همت بنو بكر بن عبد مناة وسائر بطون كنانة بالهرب , وكانت بنو مخزوم تلي بني كنانة فحافظت حفاظاً شديداً..... وتحاجزوا واقتتلوا قتالاً شديداً, وحملت قريش وكنانة علي قيس من كل وجه فانهزمت قيس كلها إلا بني نصر فإنهم صبروا ثم هربت بنو نصر وثبت بنو دُهْمان فلم يغنوا شيئاً فأنهزموا وإنهزمت قيس ..إلخ
    وفي ذلك قال : أميه بن الاسكر الكناني:
    ألا سائل هوازن يوم لاقـوا
    فوارس من كنانـة معلمينـا


    لدى شرب وقد جاشوا وجشنا
    فأوعب في النفير بنو أبينـا
    46 - اللات : صنم .
    47-أنظر العقد الفريد 5/ 258, وكتاب الأغاني , 25/ 8776 وما بعد ....
    ويوم الحريرة كان آخر أيام حرب الفجار الآخر – قال: أبو عبيدة :ثم تداعى الناس إلي السلم علي أن يذروا الفضل , ويتعاهدوا , ويتواثقوا .... اهـ
    أنظر العقد الفريد " 5 /260 .
    48 - مروج الذهب ، ج2 ص 67
    49 - وادي الاخيضر هو المعروف قديماً بوادي عكاظ- قاله الشيخ حمد الجاسر- أنظر "المجازين اليمامة والحجاز" ص241.
    50 - "الإكليل"8/184.
    51 -"الأكليل"8/184.
    52 -"الأكليل"8/184.
    53- الإكليل ج8 ص 161 وفيه قال وجدت مغارة فيها قبور ملوك جرهم – بموضع قريب بمكة المكرمة تسمى ( دوحة الزيتون ) كان قد أصابه قديما إياد بن نزار بن معد بن عدنان – واستوقر منه وقر جمله جوهرا ومالا ولم يقدر أن يأخذ شيئا منه غير ذلك ، فخرج ورد طبق المغارة على حاله الأول ولما كان بعد دهر طويل أصابه عبدالله بن جدعان القرشي قبيل الإسلام ... انظر ( مختصر البشر ) القسطنطينية 1286 ج1 ص 77 والبلادري ص 50 ، وكتاب الاشتقاق ص 78 وعن مضاض الجرهمي انظر الطبري ج10 ص675 ، ومروج الذهب ج3 ص 95
    54- " الأغاني " ج 7 ص 150 ج16 ص 24 وما بعدها .
    55- ص 179 ، والإكليل " ج8 ص 163"
    56 - وقيل خمس أعوام الإكليل نفسه ج8 ص 165 ..( آكل من زادي وأشرب من مزادتي – المزادة " القربة "الأغاني )
    57 - انظر الدميري – ج1 ص 157 – 158 . وكتاب التيجان .
    58 -"صفة جزيرة العرب"265. و"سوق عكاظ"28 د/ناصر الرشيد.
    59 -" الاكليل " 8/184، و" الكامل في التاريخ " 1/592
    60 -"سوق عكاظ" ص30.
    61-"الفاخر"275. و "الكامل في التاريخ" 1/590.
    62 -"الاغاني"19/79.
    63 - "الاغاني"10/145/146.
    64 -" الدرة الفاخرة " ، 1/333، ومجمع الأمثال 20/86.
    65- سوق عكاظ"ص90.
    66 - نفس المصدر
    التعديل الأخير تم بواسطة عز المجاهيم ; August 30th, 2009 الساعة 20:29

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اعضاء شرف نادي الهلال
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى منتدى اندية الألعاب اليدوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: March 24th, 2009, 13:03

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا