بسم الله الرحمن الرحيم
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/owner/LOCALS%7E1/Temp/moz-screenshot-2.jpg[/IMG]
عبدالله زقيل
استقوفتني آيات من كتاب الله تأملتها وأنزلتها على كارثة تسونامي جدة ، وهي آيات تدلنا على أن أقدار الله ليست شرا محضا ، بل فيها خير عظيم لمن تأمله حق التأمل .
فالله تعالى قال في سياق حادثة الإفك : " لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [ النور : 11 ]
وقال تعالى : " وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ " [ البقرة : 216 ] .
وقال تعالى : " فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً " [ النساء : 19 ] .
فمصيبة تسونامي جدة هي شر بالنسبة للمخلوقين ، ولكن فيها من الخير الكثير بالنسبة لحكمة الله وإرادته ، ولذلك عند الدعاء نقول : " والشر ليس إليك " فالله منزه أن يخلق أو يريد أو يشاء شرا لا خير فيه بوجه من الوجوه كما هو اعتقاد أهل السنة والجماعة ؛ حاشا وكلا .
بالرغم من المآسي والآلام من فقدٍ للأرواح ، وهدمٍ للبيوت ، وذهابٍ للممتلكات ، وقصصٍ مبكيةٍ ، وصورٍ محزنةٍ في مصيبة تسونامي جدة - أسأل الله أن يعوض أهلها خيرا - إلا أنها حملت في طياتها خيرا كثيرا من ذلك :
أولا : من الخير في هذه المصيبة أن الله قدرها في وقت إجازة الأضحى وليس في وقت الدراسة ، فلكم أن تتخليوا لو حدثت في وقت الدراسة الرسمية ، كيف سيكون الحال والمآل ؟! .
ستكون الفاجعة أكبر ، والضحايا أكثر وخاصة من طلاب المدارس ، لكن الله لطف ، والحمد لله على كل حال !
ثانيا : فضحت هشاشة البنية التحتية في محافظة جدة بأمطار لم تمكث إلا ساعاتٍ معددوةً ، فأضحت شوارعها المسفلتة كقطع من البسكويت غمس في ماء ، وأنفاقها التي لم يمضِ على إنشائها إلا أشهرا قليلة بركاً كبيرة كالمُعدّة لبطولات السباحة العالمية ، وتصريفاتُ مياة الأمطار لا وجود لها أصلا فتحولت الشوارع إلى بحيرات مائية اختلطت بالطين وجثث الهاربين من الغرق ! كما ظهرت تلك الصورة الرمزية لطفلة صغيرة ميتة أخرجت من الطين يحق أن تسمى صورة طفلة " تسونامي جدة " !!
ثالثا : كشفت عمق أطناب الفساد المالي والإداري في جدة بالرغم من عدم تقصير الدولة في صرف مليارات الريالات من أجل " أرملة البحر " بوضعها الحالي ، لا " عروس البحر " ! ، فالسؤال المحير : " أين ذهبت تلك المليارات ؟! " !
رابعا : افتضاح أمر ما يسمى سخرية وتهكما " بحيرة المسك " ، وهي قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة - لاقدر الله - ، وخطرها من جهتين :
أحدهما : خطر بيئ على جدة بأسرها ، وقد علت أصواتُ أهل الاختصاص من ذلك الخطر ، وإلى هذه اللحظة تخرج تطمينات - على وزن " تخديرات " - من عدم خطرها البيئ .
ثانيا : خطر انفجارها - لا قدر الله - ، فلو انفجرت ستسبب كارثة أشد من الكارثة الحالية ! وخاصة من الأحياء القريبة منها !
ولا أدري لماذا لم تقم الجهة المعنية مشروعا من الميزانيات التي صُرفت على جدة لمعالجة تلك المياه للاستفادة منها في ري الزراعة والمساحات الخضراء كما هو معمول به في مناطق أخرى من المملكة ؟!
خامسا : انكشاف خطأ أمانة مدينة جدة لسماحها بالبناء في وسط مجاري الأودية والسيول فجاءت معظم الأضرار في الأراوح والممتلكات للسكانين فيها ، وتعجب من تصريحات بعض المسئولين في أمانة جدة من أن الخطأ يقع على الساكنين فيها ! .
والسؤال : من أولى بالخطأ أمانة جدة التي سمحت بالبناء في تلك الأودية ومجاري السيول حتى تكونت مدن بجميع المرافق أم من سكنوا وأعطوا تصريحات بالسكنى ؟!
سادسا : جاء مرسوم خادم الحرمين الشريفين قوي اللهجة في جميع نقاطه ، تشعر الجميع أن خادم الحرمين الشريفين غير راضٍ عن الوضع سواء من جهة تأثره بالمشهد فأمر حفظه الله بصرف مليون ريال لكل من مات في الكارثة .
أو من جهة المقصرين فيه للتحقيق معهم عن طريق اللجنة التي أمر بها .
سابعا : لم ولن أستغرب أو أفاجأ بالتلون في مواقف بعض الكُتّاب في الصحف المحلية ، فبالأمس رمى بعض رؤساء التحرير والكُتّاب الكارثة على ظهر المواطن ، وآخرون أصدروا صك براءة لأمين أمانة جدة ! .
وبعد قرارات خادم الحرمين الشريفين التي لم يحمّل فيها المواطن والمقيم أي تبعية أو تهمة بل كان نصيرا لهم تلون أولئك الكتاب 180 درجة ، وأصبحوا يهللون ويباركون ويناصرون المواطن !
ولا شك أنه هذا هو النفاق والتلون الذي ينبغي الحذر منه ، نسأل الله أن يطهر قلوبنا من النفاق .
مواقع النشر