القاهرة - لينا مصري (رويترز) - يعمل اللاجئ السوري أحمد الخطيب وابنه البالغ من العمر 16 عاما سائقين لعربة توكتوك صغيرة في القاهرة، لكن هذا لا يكفي للوفاء بأعباء الأسرة.
وتقول منظمات خيرية إن الإصلاحات الاقتصادية القاسية وارتفاع الأسعار يؤثران بشكل بالغ للغاية على اللاجئين والمهاجرين في مصر.
والمعونات التي تقدمها الجمعيات الخيرية هي الطريقة الوحيدة التي تساعد الخطيب على سداد إيجار المكان الذي تعيش فيه الأسرة. كما يستعير بعض النقود من أصدقائه.
وتساءل الرجل ”منين بدي اسده (الدين)؟“
ووفقا لبيانات غير منشورة، اطلعت عليها رويترز، ومستمدة من مسح أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشمل أكثر من 100 ألف سوري فإن أكثر من 77 بالمئة من الأسر السورية في مصر كانت تعاني من الديون في 2017 ارتفاعا من 73 بالمئة في العام السابق له.
وكانت ما يقرب من 93 بالمئة من الأسر عاجزة عن سداد الديون ارتفاعا من 81 بالمئة في 2016 وهو العام الذي حررت فيه مصر سعر صرف الجنيه في إطار اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي.
وعدد اللاجئين في مصر أقل بكثير من الأردن ولبنان وتركيا وهي الدول التي ذهب إليها أغلب اللاجئين الفارين من الحرب السورية. لكن اللاجئين وطالبي اللجوء المقيمين في مصر يعيشون وسط المصريين وليس في مخيمات، ومن لا يملك فيهم وسائل إعاشة يعاني بشكل مباشر من المصاعب الاقتصادية.
وعدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر حوالي 250 ألف شخص، وأكثر من نصفهم سوريون.
ويعاني الخطيب (58 عاما) من عدة أمراض من بينها التهاب البروستاتا لكنه لا يستطيع توفير نفقات العلاج. ويقول إنه يتناول في العادة وجبة واحدة يوميا لتقليل النفقات.
*
إجراءات تقشفية
أظهرت بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن وصول اللاجئين وطالبي اللجوء تزايد بشكل كبير وبلغت نسبة الزيادة المسجلة 25 بالمئة تقريبا خلال العامين الماضيين.
ومنذ 2016، منعت مصر أعدادا كبيرة من المهاجرين واللاجئين من السفر إلى أوروبا بزوارق في إطار جهود نالت إشادة الاتحاد الأوروبي. لكن هذا، إلى جانب زيادة أعداد القادمين، ترك الكثيرين منهم يعيشون في بعض من أفقر المناطق في مصر.
ولم يتسن الاتصال على الفور بالهيئة العامة للاستعلامات المصرية للحصول على تعليق لكن مصر قالت في السابق إن تعامل البلاد مع اللاجئين نموذجي لأن بمقدورهم الحصول على خدمات مثل الرعاية الصحية دون تمييز فضلا عن أنهم يعيشون بحرية وسط المواطنين المصريين.
ولم تتسبب الإصلاحات الاقتصادية في تصعيب المعيشة على السوريين وحدهم. وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن طلبات الحصول على مساعدات للسكن والعلاج والعودة بدأت تتزايد في يونيو حزيران ووصلت إلى أكثر من المثلين منذ سبتمبر أيلول. وأغلب هذه الطلبات يقدمها سودانيون وإثيوبيون.
وقال لوران دي بوك رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في مصر ”نعتقد أن هذا أحد تبعات الإصلاحات الاقتصادية وخفض دعم الوقود، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار السلع الأساسية“.
وأضاف أن الإجراءات التقشفية جعلت أصحاب العقارات أكثر تشددا في تحصيل الإيجارات. وأشار إلى أن المهاجرين يعملون بشكل رئيسي في القطاع غير الرسمي وينظر لهم بعض المصريين الفقراء على أنهم منافسون لهم.
وعندما فرت هالة بكداش من القصف في بلدها سوريا وأتت مع أطفالها إلى مصر عام 2012، كانت تكاليف المعيشة في بلدها الجديد يسيرة.
لكن الأم البالغة من العمر 32 عاما قالت إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال العامين الماضيين وزادت مصاريف الأسرة إلى مثليها.
وأضافت بكداش، التي تعمل لساعات طويلة في التدريس، أنها لا تستطيع توفير مصاريف تجديد جواز سفرها المنتهية صلاحيته وهو ما يعني أنها لا تستطيع تجديد إقامتها في مصر أيضا وتعرضها لغرامة لا تعرف كيف ستسددها.
لكنها لا تريد العودة إلى سوريا التي قد يواجه زوجها فيها خطر التجنيد.
وقالت ”العمارة اللي كنا قاعدين فيها في سوريا وبيتنا نزلت (انهارت).. وحتى محلنا راح“.
مواقع النشر