تونس (خواطر) : ارتفعت عائدات صادرت التمور في تونس، التي تعد أول مصدّر للتمور في العالم، بشكل غير مسبوق عام 2009 لتبلغ 213 مليون دينار تونسي (حوالي 165 مليون دولار أمريكي).



وأنتجت تونس خلال هذا العام 162 ألف طن من التمور صدّرت منها حوالي 70 ألف طن مقابل 145 ألف طن عام 2008 (صدّرت منها 61 ألف طن) و131 ألف طن عام 2007 (صدرت منها 59 ألف طن).

وسجلت إيرادات تصدير التمور التونسية ارتفاعا مستمرا خلال السنوات الأخيرة إذ مرت من 67 مليون دينار عام 2000 إلى 179 مليون دينار عام 2007 و188 مليون دينار عام 2008 قبل أن تجتاز العام الجاري ولأول مرة عتبة 200 مليون دينار (الدولار يساوي حوالي 3ر1 دينار).

وتحتل التمور المرتبة الثانية ضمن قائمة صادرات تونس الزراعية بعد زيت الزيتون، وتوفر 16 بالمئة من إجمالي عائدات تصدير المنتجات الزراعية. وتؤمّن تونس 30 بالمئة من حجم المبادلات التجارية العالمية للتمور وتروّج منتوجها في 61 بلدا بمختلف أنحاء العالم.



وكان التمر التونسي خلال شهر رمضان من الأعوام الأربعة الأخيرة الحاضر الوحيد في الأسواق العالمية نتيجة تقدم شهر الصيام عن موسم جني التمور. وتمكنت تونس من الانفراد بترويجه في هذه الفترة بفضل تخزينها كميات كبيرة منه في مراكز خزن مكيّفة لبيعها خصيصا خلال شهر رمضان. ويكثر طلب المسلمين على التمر خلال شهر رمضان -رغم ارتفاع أسعاره- إذ يفطر عليه الصائمون مع اللبن اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وتسعى تونس إلى رفع حجم صادراتها نحو الأسواق التقليدية (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا والمغرب..) والأسواق الفتيّة والواعدة التي دخلتها خلال السنوات الأخيرة (ماليزيا وأندونيسيا وروسيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة وموريتانيا وسنغافورة واليابان)

كما تسعى إلى اقتحام أسواق جديدة. وقد تم سنةعام 2009 ولأول مرة تصدير التمور التونسية إلى أذربيجان والهند

وتعتبر أسعار التمور البيولوجية، التي لا تستعمل في إنتاجها الأسمدة الكيماوية، والتمور منزوعة النوى من أرفع أسعار التمور التي تصدّرها تونس وصدرت البلاد العام الجاري حوالي ثلاثة آلاف طن من التمور البيولوجية تمّ توجيه أغلبها إلى السوق الألمانية وحوالي خمسة آلاف طن من التمور منزوعة النوى وقع ترويجها في اسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا.



أصبحت "دقلة النور" (صنف من أجواد أنواع التمور في العالم) علامة تجارية مميزة لتونس في الأسواق العالمية. وتعدّ تونس أول مصدّر عالمي لهذا الصنف من التمر وقد أنتجت منه 110 آلاف طن عام 2009. ورغم أن واحات النخيل التونسية تنتج نحو 120 نوعا من التمر فإن دقلة النور هي الأشهر والأكثر رواجا. ولا تكاد بقية الأنواع تعرف خارج مناطق الواحات لقلة إنتاجها مقارنة بدقلة النور أو لعدم وجود تقاليد لتسويقها ما دفع أصحاب الواحات إلى التوسّع في غراسة نخيل دقلة النور على حساب بقية الأصناف.

ويقصد بكلمة "دقلة" الإصبع لان شكل التمرة من هذا النوع شبيه بأصابع اليد. أما كلمة "النور" فأطلقت على الثمرة من أجل لونها الواقع بين البني والأصفر الذي يكاد يضيء. ويمكن مشاهدة نوى ثمرة دقلة النور بالعين المجردة من شدة صفاءها وشفافيتها. وقد أنتجت واحات محافظة قبلّي (500 كلم جنوب العاصمة تونس) عام 2009 أكبر كمية من دقلة النور (أكثر من 77 ألف طن) تليها واحات محافظة توزر (450 كلم جنوب العاصمة) بحوالي 13 ألف طن. أكثر من 5 ملايين نخلة موزّعة على 40 ألف هكتار في صحراء تونس و يقدّر العدد الاجمالي لأشجار النخيل في تونس بنحو 5ر5 ملايين نخلة منها نحو 5ر3 ملايين من نوع دقلة النور. ويمكن أن يصل إنتاج النخلة الواحدة من التمر إلى مئة كيلوجرام في السنة



وتمسح واحات النخيل التونسية (المنتجة للتمور) حوالي 40 ألف هكتار تتوزّع بين 25 ألف هكتار واحات فتيّة و15 ألف هكتار واحات قديمة. وقد وضعت الحكومة برنامجا للتوسع في غراسات النخيل وتشبيب الواحات القديمة. وتوجد أهم غابات النخيل في محافظة قبلّي التي تضم وحدها أكثر من مليوني نخلة موزعة على 25 ألف هكتار ثم محافظة توزر التي تستأثر بمليون و350 ألف نخلة موزعة على حوالي 8500 هكتار ثم تأتي محافظات أخرى اقل أهمية مثل قابس وقفصة وتطاوين. ورغم ندرة المياه وقلة الإمطار في الجنوب التونسي، تستهلك النخلة المنتجة للتمور كميات كبيرة من المياه ما حدا بالسكان إلى القول بأن (النخلة) "رأسها في السماء وجذورها في الماء".

وللاستفادة من كميات المياه الكبيرة التي يقع استعمالها لريّ النخيل أصبح سكان الواحات التونسية يعتمدون ما يعرف بزراعة "الطوابق الثلاثة". ويتمثّل الطابق الأول في غراسات النخيل والثاني في الأشجار المثمرة الأقل طولا من النخلة (التين والرمان والخوخ والمشمش..) ويشمل الثالث زراعة الخضر (الفلفل والطماطم والملوخية والبصل..). وستشرع الحكومة التونسية بداية من 2010 في تنفيذ المرحلة الثانية من "مشروع تحسين التصرف في مياه واحات الجنوب" الذي يشمل ثلاث محافظات هي توزر وقبلي وقابس. وتمثّل الآبار العميقة التي حفرتها الدولة وعيون الماء الطبيعية المصدر الرئيسي للمياه في الواحات التي تقلّ فيها التساقطات المطريّة.

توظيف موسم جني التمور لتنشيط السياحة الصحراوية ، ويبدأ موسم جني التمور عادة في تشرين أول/ أكتوبر من كل عام وينتهي أواخر شهر كانون أول/ ديسمبر لكنه قد يتقدّم أو يتأخر بتقدّم أو تأخر نضج الثمار. وتصادف هذه الفترة ذروة موسم السياحة الصحراوية في تونس ، وخلال هذه الفترة، تنظم الحكومة التي تعمل على جعل موسم جني التمور رافدا للسياحة الصحراوية عدة مهرجانات في الواحات أشهرها "المهرجان الوطني لجني التمور بقبلّي" و"المهرجان الدولي للواحات بتوزر".

وينتظم مهرجان قبلي من 19 إلى 21 كانون أول /ديسمبر الجاري ومهرجان توزر من 26 إلى 29 من نفس الشهر. ويعرّف المهرجانان في أجواء احتفالية ومن خلال معارض وفقرات ثقافية وترفيهية مختلفة بحياة سكان الواحات التونسية

وفتح مستثمر سياحي تونسي في تشرين ثان/ نوفمبر الماضي "متحف النخلة" بمسلك سياحي في "واحة توزر القديمة" لتعريف السياح بتاريخ النخلة ومواقع انتشارها ووظائفها الدينية والثقافية وفوائدها الغذائية. ويعرّف المتحف السياح ،من خلال ورشات حيّة ، بالأنشطة الزراعية داخل الواحة وبأصناف التمور التي تنتجها إضافة إلى الحرف التقليدية المشتقة من النخيل كنجارة خشب النخيل والسعف.

ويقول مؤرخون إن النخلة ظهرت منذ أكثر من ستة ألاف سنة في مصر وبلاد ما بين النهرين وأنها انتقلت إلى المغرب العربي بعد الفتح الإسلامي.

ويعتقد أن أول شتلات النخيل نبتت في هذه المنطقة بفضل نوى التمر الذي كان الحجّاج المغاربة يلقون به في طريق العودة إلى بلدانهم بعد أكل التمور التي جلبوها معهم من الجزيرة العربية

للإطلاع أكثر شنشوف رابط