بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته
( مداهنة السلطة ، عندما يكون السكوت من ذهب)
من منهجنا نحن أهل السنة والجماعة عدم إعطاء العصمة للخلفاء مهما قدموا للإسلام من انتصارات أو مهما كانت محاسنهم إلا أنهم يقعون في الخطأ ، وبعض الخطأ فادح ، ولكن المصيبة تكون أعظم عندما يكون أهل النفاق أقرب ، وقد أخطأ هارون الرشيد مرتين مرة بتقريب ( البرامكة ) منه ، وإحداها تصديقه لبعض المنافقين وإن كانت النفس تضعف أحيانا ، فالقصة التي سآتي بها قرأتها في مكتبة مدرسة في مدينة رابغ عندما كنت مدرسا بها وأمين مكتبة والكتاب كان من إصدارات ( وزارة المعارف السعودية) وزارة التربية والتعليم حاليا والقصة تقول :
أن الخليفة هارون الرشيد كان يمازح زوجته ، وبعض الروايات قالت أنه كان عكس ذلك أي أنه خلاف بينهما ، فقال لها : أنت طالق لو لم أكن من أهل الجنة ، ثم وعندما حان مايطلبه الزوج من زوجته امتنعت عنه وقالت أنت قد طلقت ، فندم الرشيد ، ونادى العلماء إلى مجلسه حتى يرون له حلا لهذه الفعلة التي نطقها .
جاء العلماء واجتمعوا في مجلسة فأخبرهم عما حدث ليلة ذاك ، فاحتاروا ولم يجدوا له مخرجا ، فصرفهم ولم يتبقى منهم غير عالم واحد ! فنظر إليه هارون الرشيد مندهشا كيف أنه لم يغادر مثل بقية من استجلبهم ، فجاء ذلك الرجل إلى الرشيد وسأله سؤال داهية قائلا : يا أمير المؤمنين هل أنت ممن يخاف الله ، فتعجب مرة أخرى وقال : ويحك ومن ياف الله إلم يخفه أمير المؤمنين ( يقصد أنه أولى الناس بمخافة الله لأنه خليفة) فتبسم ذلك العالم وقال له : إذن فهي جنتان والله يا أمير المؤمنين وليست جنة واحدة ، فاندهش أخرى وقال له وكيف ذلك ، أردف العالم أولم تقرأ يا أمير المؤمنين قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ففرح الخليفة بإيجاد مخرج لما كاد أن يفرق بينه وبين اهله ، وغتيان ذلك الرجل بمالم يأتِ به زملائه وأجزل له الجوائز ،
وجد له مخرجا لم يكن يحلم به الخليفة وقد أصبحت له جنتان وليست جنة على الرغم من أن ذلك في علم الغيب ، ولكن شرعنة الباطل ونفاق بعض العلماء وغيرهم من العامة خوفًا أو طمعا هو ما يجلب للأمة البلاء العظيم ، فقد عرف ذلك الرجل مكان أكل الكتف فأتى بما لم تأتِ به الأوائل في إباحة مافعله الخليفة ، وإن كان المثال بسيطا إلا أنه يحمل في جعبته الكثير من العبر فنجد أن البعض يحلل حراما ويحرم حلالا لصاحب السلطة كائنا من كان مديره في العمل ملكا أميرا ئيس جمهورية ، فما دام المؤتمن غير أمين في النصيحة والعالم يرتجف خوفا من كلمة ربما تجعله يهوي في العذاب المهين إلا أننا نجد مثالا للقدوة في أحمد بن حنبل العالم الجليل الذي سجن وعُذب في قضية (خلق القرآن) وصبر ولم يقرّ بما أراده الخليفة العباسي ابن هارون الرشيد المأمون الذي اعتقد برأي المعتزلة حول خلق القرآن إنما صبر واحتسب ، كذلك ابن تيمية الشيخ الجليل الذي سُجن ولم يغير موقفه .
فمازلت أقول إما أن يقول العالم أو الرجل المسلم العادي كلمة الحق أو يسكت دون أن يعرض مصداقيته وثقة الناس فيه للاهتزاز ، أو أن يجعل النفاق بشرعنة الباطل لأجل حفنة من الأموال أو طمعا في منصب أو نيل للرضا هو هدفه مما يقول أو أو حتى ربما يدين الله به والله أعلم مافي نفسه ، ولو تغير الوضع لوجدته نفسه هو هو قد غير موقفه رأسا على عقب ليتناسب وآخر المستجدات .
مع احترامي للناضجين
أبو فيصل إبراهيم
مواقع النشر