الطائف (واس) جمعت جغرافية محافظة تربة -
إحدى محافظات منطقة مكة المكرمة الشرقية- بين نخيلها وجبالها وأوديتها وسهولها وهضابها، التاريخ والحضارة والتراث والآثار، وتشرّبت أرضها عبق الماضي الذي تحدث عنه المؤرخ والمثقف والقاص والراوي وتغنى بها الشاعر؛ وليحظ الزائر والسائح والمستكشف عند وصوله العديد من الأماكن التي حفلت بالأحداث والشواهد التاريخية الصامدة إلى وقتنا الحاضر.
وكالة الأنباء السعودية "واس" تجوّلت بعدسات مصوريها في وادي كراء شرق بلدة تربة، الذي يحتضن إحدى أُول الهجر؛ هجرة بن غنام، التي يفصلها عن العلاوة "
صبر الحرة" الممتد بين الواديين، حيث شرع أهلها في إعمارها قديماً، ونقلوا إليها فسايل النخيل، ووضع جذور غرسها الآباء والأجداد، وتمتد هجرة بن غنام من حدود دعيمر جنوباً إلى طريق البريقاء، حيث تجذب الزائر مشاطي النخيل المحيطة بها.
وفي سياقٍ متصل وعلى أطراف الوادي، بُنيت بعض الحصون التي مازال بعضها قائماً حيث تعد من نوع التراث وآخر من الآثار المتبقية شاهد عيان إلى وقتنا الراهن، حيث استخدم في بنائها الطين والحجر.
كما يلحظ الزائر لمحافظة تربة القصر الكبير القديم للأمير حمد بن عبد الله بن محي البقمي -
منصوب الدولة السعودية الأولى وزوج غالية البقمية-، الذي بناه على قمة تلٍ شمالي تربة في عام 1212 للهجرة، يحدّه شرقاً وادي تربة وبعض المزارع، وغرباً وادي السليم (
وادي ريحان)، وتم بناؤه من الطين الحر، وأسقفه من جذوع النخل والأثل؛ ويتكوّن القصر من 43 غرفة وبه مسجد وبوسطه ساحة كبيرة بها مربط للخيل ومخازن للمؤونة، ويحيط بهذا القصر سور مرتفع له بوابة شرقية تجاه المزارع، وبه مواضع خاصة للمدافع القديمة التي أرسلها الإمام عبد الله بن سعود، دعماً لأهالي المنطقة في ذلك الزمان،
وتحتضن محافظة تربة وادي كراء أطول الأودية التي ترفد وادي تربة، وفي أعلاه
جبل عيسان، القريب من الباحة، حيث يأخذ هذا الوادي اتجاهه نحو الشرق في تعرجات ومضائق ومكاظم تحبس الماء، فإذا كان بجوار عقيق غامد أخذ اتجاهه نحو الشمال في أرض تتخللها جبال وحرار، تكتنفه بعد ذلك حرّة من جهتيه الشرقية والغربية، حتى يلتقي بوادي تربة على بعد 12 كم شمال المدينة، ويزيّن هذا الوادي في غربه قطعة من الحرة السوداء على هيئة مثلث ضلعة الواديين "
كراء وتربة"، وقاعدته جنوب الحرة، وله روافد أخرى أكثرها ينحدر منها كالحرة.
ويتصف الوادي بضيق المجرى وعمقه، ولا يعرف الاتساع إلا في ثلاثة مواضع هي:
• الحشرج في ديار غامد،
• الجاوة في وسط الوادي في ديار البقوم،
• الرضم على بعد 15كم جنوبي شرقي بلدة تربة،
وفي أسفل الوادي بمحاذاة بلدة تربة آثار زراعية أهمها الآبار العادية، وبعض النقوش المعبرة عن حياة البادية، رُسمت فيها أنواع الحيوانات والطيور التي عاشت في محافظة تربة.
وأكد أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الطائف د.
مترك السبيعي، في حديثه لوكالة الأنباء السعودية، أن محافظة تربة تجسّد نموذجاً لتاريخ الأمجاد التي سطّرت البطولات والتضحيات منذ زمن الدولة السعودية الأولى وحتى عهد موّحد المملكة العربية السعودية وباني نهضتنا الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -
رحمه الله-، فجبالها وحصونها وأوديتها؛
شاهد على إنسان هذا المكان آنذاك، فــ
هجرة ابن غنام المنسوبة لأحد رجال الملك عبد العزيز "
محمد بن سعد بن غنام"، تطوف بنا هذه الهجرة اليوم كأنموذجٍ حيّ لأحداث تربة الكبيرة سنوات توحيد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -
رحمه الله- مناطق الحجاز منذ العام 1337هـ 1919م مروراً بتربة وما جاورها، وعندما نغوص قليلاً في تاريخنا الوطني نجد قصور بنيّ محييّ أمراء تربة زمن الدولة السعودية الأولى، وأطلال عليّة غالية البقمية -
الوجه المشرف للمرأة السعودية الوطنية المخلصة-، مستذكرين بهذه الأسماء البطولات والتضحيات من أبناء هذه الأرض المباركة ولاءً وانتماءً ودفاعاً عن كل شبر منها في وجه كل معتدٍ.
تم تصويب (13) خطأ، منها:
استقلال ( - . ) وشرك لفظ الجلالة (الله)
مواقع النشر